بحث طويل عن أسماء الخيل بنات الريح ..؟؟

بحث طويل عن أسماء الخيل بنات الريح ..؟؟

السلام عليكم
الخيل لها مكانة مميزة في أدب العرب
كثرت صفاتها وقيلت فيها القصائد
يقول الرحالة البريطاني بلغريف
في كتابه :

"رحلة سنة في الجزيرة العربية":

إن مظهر ومنظر الخيول العربية
يبرر كل ما قيل حول شهرتها
وأثمانها والأشعار التي نظمت
في مدحها وتقديرها..

بنات الريح
يطلق بدو جزيرة العرب
على خيولهم الأصيلة المسميات التالية:

"بنات الهواء"

"بنات الريح"

"شاربات الريح"

ويزعمون أنها مخلوقات من الهواء
أو من الريح
ولهذا الزعم أساس تاريخي
حيث تذكر كتب التراث العربي القديم
ان الله خلقها من الريح
هكذا يقول العرب الأقدمون..

ويظهر ان لرشاقة الفرس وسرعتها
عندما تهذب "تركض"
علاقة بهذه التسميات.

فالبدوي عندما يشاهد الفرص الأصيلة
وهي تعدو (تهذب) مسرعة
يقول الكلمات التالية:

"بنت الهواء تسابق الريح"
ويقصد ببنت الهواء الفرس.

قال أحد الفرسان هذا الحداء:
"أبي ليا صاح الصياح
وتحيزموا فرسانها

اركب على بنت الرياح
يطرب لها خيالها".

ويقول الشاعر العربي الجاهلي
في وصف الفرس:

"ومقربة يشقر في النقع كمتها
ويخضر حينا كلما بلها الرشح

تطير بلا ريش إلى كل صيحة
وتسبح في البر الذي ما به سبح..

وتقول الرحالة البريطانية
الليدي آن بلنت في كتابها
"رحلة إلى نجد"

حيث زارت حايل عام 1880
وقابلت الأمير
محمد بن عبدالله بن علي بن رشيد
(ت 1315 ه¯ / 1897م)

وفي عودتنا سارت الخيل
تعدو بنا عدواً مبهجاً
يرافقنا بدويان تعلمنا منهما
إحدى أغاني الحرب لشمر
وكانا يمتطيان فرسين رشيقين صغيرين.

وسجلت لنا أغنيتهما
وهي من نوع الحداء على الخيل

وهي كالآتي:
"ما ماريد انا ركب الذلول
لو زينوا لي شدادها

أريد انا حمرا شنوف
حمرا سريع أورادها"

يقول الحادي في البيت الأول:
لا أريد ركوب الناقة الذلول

ولو كان شدادها الذي
يجلس عليه الراكب مزيناً وجميلاً ومريحاً.

وفي البيت الثاني يقول:
أريد فرساً حمراء شنوفاً
سريعة السير والانقضاض.
و أورادها ( إيرادها )
انحدارها بسرعة فائقة.

و"الفرس الشنوف":
هي الفرس التي تشنف برأسها
أي تلفه إلى الوراء يمنة أو يسرة
وقد تجعله في حضن راكبها
عند سحب عنانها أو رسنها.

المقلدات
أطلق العرب الأقدمون والحاليون
على جيادهم ونسائهم العربية الأصيلة..

اسم "المقلدات"
فهم يقلدون أصائل الخيل والنساء
قلائداً من الذهب والأحجار الكريمة النفيسة
ويعلقون عليها الرقى والتمائم والتعاويذ
خوفاً عليها من عين الحسود.

يقول الشاعر العربي القديم:
"نعقد في الجيد عليها الرقى
من خيفة الأنفس والحاسد"

ويقول الشاعر الشعبي العربي المعاصر هذا البيت من الحداء مفتخراً
بأن لجة "قرقعة" البراشم "الأجراس" المعلقة في جيد مهرته
تسوى كوبان "الرجل الردي" وناقته التي يركبها.. يقول:

"لجة براشم مهرتي
تسوى كوبان وناقته"
ويقول الشاعر العربي الجاهلي:
"وقعقعة اللجان برأس مهري
أحب إلي مما تأمريني..

قاضي المقلدات
ومعظم قبائل عرب اليوم في شبه جزيرة العرب يطلقون على
قاضي النساء والخيل اسم "قاضي المقلدات" أو "عارفة المقلدات"
وهو أعلى درجات القضاء في أعراف البادية..

فكل القضايا والمنازعات المشكلات التي تخص الخيل والنساء
تحول إليه ليبت فيها, وفي بعض القبائل يكون هذا القاضي
من أكابر شيوخ القبيلة, توارثت أسرته هذه المهمة عبر تتابع السنين
وتخصصت بكل ما يتعلق بها من أمور.

المقَّربات
ويسمي العرب أصائل خيلهم ب¯"المقربات"
فهي قريبة من البيوت لا تغيب
عن أبصارهم أبداً.

وأهل البيت كلهم في خدمة الفرس, فهي تشرب من حليب الإبل.
وإذا وردت الفرس لتشرب الماء من حوض أحدهم فإنه لا يطردها,
فالذي يطردها عن الشرب من حوض رديء أصل.
والخيل ترعى قريبة من البيوت على عكس الإبل التي يكون
مرعاها بعيداً جداً وعلى مسافة أيام من قطين العرب..

حديد الفرس
وفي الليل يربط البدوي فرسه قريبة من بيته, حيث يضع بيديها حديدة ذات قفل يشتريها من مدن الحواضر أو من صناع القبيلة. فيقال للفرس في هذه الحالة "محددة". ثم يأتي بسلسلة حديد طويلة يربط أحد طرفيها بحديدة يدي الفرس, والطرف الثاني يربطه بوتد أو عروة حبل "الأخية" والأخية هي حفرة تحفر داخل ربعة البيت يغرس بها وتد من الحديد معقوف الرأس أو جرم من الخشب مثقوب أعلاه أو يدفن بها طرف حبل بحيث يصير كالعروة.

وينطق البدو "الأخية" ب¯"خيه" أو "غيه" لأنهم يتثاقلون الهمزة. و"الفرس المحددة" عندما ترفع عنها السلسلة وتبقيها في حديدها يمكن لها أن تمشي بحركة بطيئة وتعذر (ترعى) حول البيت, والحديد جاء في أمثالهم "فلان يركبها محددة" أو "فلان يركب الفرس بحديدها" يضرب بالشخص الجاهل الذي لا يميز الأمور. فهو كمن يركب الفرس وهي مقيدة بحديدها.

ونقتطف هذا البيت من قصيدة طويلة مشهورة للفارس الشاعر شيخ قبيلة العجمان راكان بن فلاح بن مانع بن حثلين (ت 1310 ه¯ / 1892م) يصف فيها حالة الرجل الذي أضاع مفتاح حديد فرسه, في وقت كان بأمس الحاجة إليه ليفتح به حديد فرسه حتى يمتطيها ويرد غارة الأعداء المغيرين على مضارب قبيلته.. يقول:
تكافخن ما بينهم شهب الأذيال
ومن ضيع المفتاح واعزتي له"

قلنا بأنها سميت ب¯"المقربات" لأنها دائماً قريبة من بيوتهم ولا تغيب
عن أبصارهم. يقول الشاعر الجاهلي:

"وللمقربات عدو حين نحضرها
وغارة تستثير النقع في رهج"
ويقول صاحب الخيل الشهير والفارس المقدام زيد بن مهلهل الطائي المسمى ب¯"زيد الخيل" الذي أدرك الإسلام فسماه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بـ"زيد الخير"..

يقول في فرسه الهطال:
"أقرب مربط الهطال مني
أرى حرباً تلقح عن حيال
أواسيه بعروة إن شتونا
وأوثره على أم العيال"

حجال ومطالق قوائم الخيل"
يحب العرب منذ الجاهلية - والجاهلية لفظة مجازية لا تعني الجهل وإنما تعني العرب قبل الإسلام - إلى اليوم, الفرس محجلة القوائم الثلاث مطلقة اليد أو الرجل اليمنى - أي ليس فيها تحجيل - وتزداد جمالاً وفألاً حسناً إذا كان في جبهتها غرة بيضاء مستطيلة (سيالة) تشرب معها يقول الشاعر البدوي المعاصر واصفاً فرسه الشقراء:

"شقرا رباع بقصته سياله
محجل ثلاثة ومطلقه يمناها
خيالة الفارس ليا أرخى له احباله
خمسة عشر باع مجامح أخطاها"
ويكرهون الفرس محجله الثلاث قوائم مطلقة اليد أو الرجل اليسرى.

وجاء في الحديث النبوي الشريف: "إن أعددت فرساً فأعده أدهم أقرح محجل الثلاث مطلق اليمين". وجاء في الحديث الشريف أيضاً: "خير الخيل الأدهم الأقرح المحجل الأرثم - الأغر - طلق اليد اليمنى".

ويكرهون من خيولهم المشكلة - أي ذات الشكال - وهو تحجيل الأرجل الخلفية فقط, أو تحجيل احدى الرجلين الخلفيتين فقط. فمعنى "الشكال" عندهم هو حجال "بياض" الرجلين الخلفيتين كليهما أو إحداهما. وأيضاً إذا كان البياض في اليد اليمنى والرجل اليسرى أو اليد اليسرى والرجل اليمنى سمي عندئذ "مشكولاً" - فالتشكيل لا يزول إلا ببياض ثلاث قوائم.

وبعضهم يكره محجلة اليد اليسرى فقط أو محجلة الرجل اليسرى فقط. ومازالت هذه الكلمات الخاصة بحجال وطلاق قوائم الخيل سائدة ومعروفة عند عرب اليوم مثلما كانت عند أجدادهم.
أما لون الخيل المفضل عندهم فهو "اللون الأدهم" ويليه "اللون الكميت" - الأشقر والأحمر بدرجاته المختلفة - ثم تأتي بقية الألوان. ويزداد جمال الفرس والحصان عندما تكون بجبهته "غرة بيضاء" وكلما استطالت هذه الغرة البيضاء وأصبحت "سيالة" فهي مرغوبة ومحببة جداً لنفوسهم ويقول العرب الأواخر والأوائل في وصف الغرة الطويلة التي تصل إلى شفة الفرس العليا: "سيالتها أو غرتها تشرب معها" أي أن الفرس عندما تكرع بالماء لتشرب منه فإن غرتها "سيالتها" تصل إلى الماء.

وعندما نقول: إن الفرس ذات الشكال أو مطلقة القائمة اليسرى مكروهة, فليس معنى ذلك انتقاص من قيمتها, فقيمتها الحقيقية الكبرى تكمن في كرامة أصلها وحسن تربيتها, وهي أغلى وأنفس شيء يفتخر العربي بالحصول عليه, بغض النظر عن مواصفات الجمال والكره التي تزين جسمها.

اشتقاقات لغوية
الخيل من الخيلاء: ذكرت معاجم وقواميس اللغة العربية ان اسم "الخيل"
مشتق من "الخيلاء" لأنها تمشي بزهو وكبرياء وشموخ.

من الفرس الفارس والفروسية:
ومن اسم "الفرس" اشتق العرب اسم "الفارس" و"الفروسية" وقرنوا هذه الكلمات "الفارس والفروسية" بالمعاني والأخلاق السامية النبيلة التي يتحلى بها فرسان العرب النبلاء الذين يمثلون الشهامة والكرامة والعفة والسمو التي ذكرتها كتب التاريخ عند كلامها عن أيام العرب وفتوحاتهم عبر كل العصور المتلاحقة.

الخيال من الخيل:
ومن اسم "الخيل" اشتق العرب اسم "الخيال" وهو صاحب الفرس وفارسها وجمعوا "الخيال" على "الخيالة" وهم الفرسان أصحاب الخيل الذين يعتلون صهواتها في أوقات الشدة عند الكر والفر, وفي أوقات الرخاء والراحة للتنقل بين مضارب العربان ونجوعها ويتصدرون بها السلف لقيادة جهامة العرب ومظهورها عند الظعن والتشديد. قال أحد فتيان البدو هذا الحداء مخاطباً والدته لتهتم بتربية مهرته:

"يا يمة بري مهرتي
واكبر وانا خيالها
واشري لها جلال حمر
ومزرج يبرى لها"

حصان نجيب وجمل نجيب:
جاء في قواميس اللغة: ان كلمة "نجيب" تطلق على الحصان او الجمل الكريم المعروف بأصالة نسبه وعتقه, تقول العرب قديما وحديثاً: "حصان نجيب" و"جمل نجيب" وكلمة "نجيب" في قواميس اللغة العربية تطلق على الحصان او الجمل الكريم عتيق النسب, واخذ اجدادنا العرب كلمة "نجيب" واطلقوها على البشر قاصدين بها نفس المعاني الكريمة المستخدمة في وصف الحصان والجمل.

فلان قوي الشكيمة:
تقول العرب قديما وحديثاً: "فلان قوي الشكيمة" اي ان فلان انف ابي لا ينقاد بسهولة, و"الشكيمة" بالاساس حديدة اللجام المعترضة في فم الحصان والتي يربط بها العنان للتحكم في حركة الحصان.

الحصان مستن... فهو نشيط:
يقول بدو اليوم والامس: "فلان جاءنا مستن او يستن" تقال هذه الكلمة للشخص الذي يتجه في طريقه ولا يرده احد واصل الكلمة تطلق على الخيل: يقال: "أستن او يستن الحصان" اي جرى في صحة ونشاط. و"الاستنان" للخيل هو النشاط والقوة.

الرجل جواد والحصان جواد:
ويطل العرب على الرجل السخي الكريم اسم "جواد" فيقولون:
"فلان رجل جواد" او "فلان من اجواد العرب" او "فلان من اجاويد العرب".

و"الجواد" هو الفرس أو الحصان العربي الأصيل الصريح النسب الذي يعطي كل ما عنده من قوة وبأس وسرعة لفارسه. وجاء اسم الحصان "الجواد" الأصيل من اسم الرجل "الجواد" الكريم.

يقول المعتمد البريطاني الليفتنانت كولونيل هرولد ريتشارد باتريك ديكسون (ت 1959) في كتابه "عرب الصحراء": "فالعربي يولي جياده وأفراسه كل الاهتمام, ولا أكون مبالغاً إذا قلت بأنها تحظى بالأفضلية على نسائه وأطفاله في الخيمة عندما يتعلق الأمر بمن سيموت جوعاً أولاً".

سياسة الدولة من سياسة الخيل:
أطلق العرب على مروض ومربي الخيول اسم "السائس" وبعضهم يتثاقل الهمزة فيقلبها ياء, فيوقل "السايس" بدلاً من "السائس" والكلمتان فصيحتان لا غبار عليهما, وجمعهما هو: "السياسة أو السواس". وجاء في كلامهم حول الرجل المتخصص في "سياسة الخيل" قولهم: "فلان سايس خيل ما عليه زود" أي أنه لا يزود ولا يعلو عليه أحد في مهنته. ومن "سياسة الخيل" استخدمنا المسميات التالية: "سياسة الدولة" و"الرجل السياسي" و"ساسة الدول".

زاد الراكب أم الخيل الأعوجيات:
ذكر محمد السائب الكليبي ان قوماً من الأزد كانوا أصهاراً لنبي الله سليمان بن داود (عليه السلام), وفدوا عليه من اليمن لزيارته ولما أرادوا الرجوع لبلادهم قالوا: يا نبي الله إن المسافة لأهلنا بعيدة فزودنا زاداً يبلغنا إلى ديارنا فأعطاهم فرساً من خيله الأصائل. وقال لهم: إذا نزلتم منزلاً فاحملوا عليها غلاماً واحتطبوا فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعامكم. فكانوا إذا نزلوا منزلاً ركبها أحدهم للقنص فلا يفلت منها أي طريدة تقع عينها عليها من ظبي أو بقر "مها" أو حمار وحشي حتى قدموا إلى بلادهم.

فقالوا: ما فرسنا هذه إلا زاد الراكب فسموها "زاد الراكب" ويقال إن أصل خيل العرب من هذه الفرس. وتحدر من ذرية هذه الفرس المهر المسمى "أعوج" لعوج في قوائمه, فهو مصاب بهذا التشوه الخلقي عند ولادته. و"أعوج" هو الجد الذي تناسلت منه ذراري الخيول العربية المسماة ب¯"الأعوجيات", لأن أعوج عندما كبر أصبح من نوادر الخيل وأصائل الفحول فشبى أكثر خيول العرب فأنجبت "الأعوجيات" و"العوجان".

وتقول بعض المراجع العربية إن عرب الجاهلية الأقدمين كانوا ينسبون خيولهم لآبائهم ثم فيما بعد نسبوها إلى أمهاتها مع ذكر آبائها تحصيناً لأصالتها وحفظاً لأنسابها, واستمرت مشجرات الخيل يذكر فيها الأم بالدرجة الأولى ثم الأب, واستمروا على هذا المنوال إلى يومنا الحاضر.

يقولون: هذه الفرس الحمدانية أبوها "المعنقي" وهذه الفرس الحمدانية الأخرى أبوها "الصقلاني". لاحظ ان الفرسين حمدانيتان, وهذا يعني ان والديتهما حمدانيتان, وجداتهن على طول عمود النسب الرأسي "حمدانيات". فهما منسوبتان إلى "مربط الخيل الحمدانية".

بينما والد الفرس الأولى من "مربط الخيل المعنقية" ووالد الفرس الثانية من "مربط الخيل الصقلاوية". فذرية الفرس تحمل نسب الأم فإذا كانت حمدانية تبقى ذريتها حمدانية بغض النظر عن الحصان الأصيل الذي يثيبها "ينزو عليها"..
ولكم تحيات
ماجد البلوي