أشجار المدينة المنورة عنوان للطبيعة والتاريخ .. والاحتطاب الجائر يهددها

إخبارية بلي

تنعم منطقة المدينة المنورة ومحافظاتها بالعديد من المواقع الطبيعية نتيجة تنوع تضاريسها وجغرافيتها التي تتشكل فيها السهول والهضاب المنخفضة والجبال والأودية والحرات البركانية مما جعلها تزخر بالعديد من أنواع النبات المعمر والنباتات الفصلية التي تنبت عقب مواسم المطر .
ومن الأنواع التي تشتهر بها المدينة المنورة رغم وجودها في بعض المناطق إلا أنها ليست بكثافتها بالمدينة المنورة شجرة “السمر” تلك الشجرة الشائكة ومنابتها في المواقع متوسطة الارتفاع وأقل من ذلك الإسناد والحزوم ,وبطون الأودية القديمة والسهول الساحلية .
والسمر شجرة عرفت بتحملها فترات الجفاف الطويلة، ذات الارتفاع الذي يصل إلى الـ 7 أمتار على ساق واحد أو أكثر تتفرع في الأفق على هيئة دائرية وهي بطيئة النمو جداً.
وتفرز هذه الشجرة سائلاً احمر يميل إلى السواد يشبه الدم من ساقها يستخدم علاجاً ومعقما للجروح وإزالة الثآليل، كما يستعمل في تجبير الكسور, وتنبت شجرة السمر أزهارا يتغذى عليها النحل فيجنى منها عسلا مشهوراً يسمونه (عسل السمرة) ويصنف ضمن أفضل أنواع العسل، ويستخدم كثيراً كعلاج لكثير من الأمراض.
وتعد أوراق وثمار السمر من المراعي الجيدة للإبل والغنم ويستعمل الناس أعواد السمر في بناء أسقف المنازل، وحطبها وقود جيد طويل التوقد قليل الدخان.
ومن الأشجار التي تشتهر بها سهول وهضاب وجبال المدينة شجرة “السَلَم” وهي شجرة أشبه بالقصب ذات شوك طوال وحاد، ويتراوح ارتفاعها عن الأرض بين 3-4 أمتار، على سيقان كثيرة تخرج من أصل واحد على نحو دائرة مخروطية الشكل أعوادها نحيلة شبة مستقيمة ملساء لا يزيد قطر أعظمها في الغالب على 12سم يكسوها أحيانا قشور رقيقة صفراء أوراقها ريشية قليلة.

وقد تكثر هذه الشجرة في جبال السراة والحجاز وفي بطون ألأودية والجبال, لكنها في المنابت العالية تكون في الغالب اصغر حجماً واقل ارتفاعاً ويستخدم لحا “السلمة” في دباغة الجلود ويستعمل خشبها وقوداً وترعى الإبل السلم وكذالك الماعز لما قرب من الأرض منها وهو من أفضل المراعي كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال “إن خير الماء الشبم , وخير المال الغنم , وخير المرعى الأراك والسلم ,إذا أخلف كان لجينا , وإذا سقط كان درينا , وإذا أكل كان لبينا “.
ومن الأشجار التي تشتهر بها المدينة شجرة الطلح ويطلق عليها شجر أم غيلان وهي أعظمها شوكاً وأصلبها عوداً وهي طويلة لها ظِل يستظل به الناس والإبل وورقها قليل لها أغصان طوال عظام تنادي السماء من طولها ولها شوك كثير و ساق عظيم لا تلتقي عليها يدا الرجل تتغذى منها الإبل ويجني منها النحل عسلاً.
وتكثر منابت هذه الشجرة في الأتربة الطينية الخصبة في بطون الأودية الواسعة وعلى ضفافها وفي الأراضي الزراعية المهجورة وقد تنبت في الحداب والإسناد الصخرية وتنبت في القمم الشعفية العالية ويصل ارتفاعها من 5-10م تنمو أغصانها في الغالب على نحو رأسي أزهارها بيضاء يعلوها صفرة قليلة كان الناس في أزمنة الجوع السالفة يأكلون ثمارها الغضة طازجة او مطبوخة ويأكلون أزهارها للتفكه وأوراقها غذاء جيد للإبل والغنم , كما يستخدم عود الطلح لصناعة الأبواب ويستخدم وقودا جيدا طويل التوقد قليل الدخان ويستفاد من أشواكها الحادة يضعونها سياجات على المزروعات وحظائر لأغنام.
وتفرز الطلحة صمغا كثيراً على جذع الشجرة وفروعها يصل طوله لنحو 10-15سم وعرضه نحو2-5سم يظهر بلون ابيض إلى أصفر شبه شفاف كان الناس يجمعونه وهو لا يزال طريا فيأكلونه والقليل منه يشبع وربما مصدرا للرزق ,وله استعمالات طبية وصناعية متعددة.
ومن الأشجار الأكثر شهرة بالمدينة شجرة الدوم وهي شجرة “المقل” لها خوص كخوص النخل , وتخرج أقناء كأقناء النخلة وثمارها المقل , وهي شجرة جميلة واسعة الانتشار فارعة الطول وارفة الظلال ويصل طول شجرة الدوم من 10-20م تقوم على جذع أسطواني ليفي يكسوه كالنخلة نتوءات من أصول أعناق الأوراق القديمة يتشعب إلى فروع ثنائية مستقيمة.

وتزهر شجرة الدوم في الربيع زمن إزهار النخل وأزهارها نجمية صغيرة صفراء تخرج ملتصقة بكثافة على نحو أربعة او خمسة رؤوس تلقحها الرياح وسرعان ما تتسقط ويتلوها ثمار بنية محمرة بيضاوية الشكل , وفي حجم زيتون صغيرة فلا تزال تنمو حتى تصير إلى حجم تفاحة صغيرة , ولون بني غامق , ثم بني مسود لامع عند تمام النضج ,وتبقى على الشجرة مدة طويلة وقد تظهر ثمار جديدة ولم تسقط ثمارها القديمة.
وتوجد شجرة الدوم على ضفاف الأودية الساحلية الرطبة المفضية إلى البحر الأحمر وتظهر على امتداد تلك الأودية وروافدها في مجموعات كبيرة , فتشكل إحراجا واسعة كما توجد جنوب غرب المدينة المنورة على ضفاف وادي العقيق في منطقة حمراء الأسد و في أودية الحناكية والصويدرة شرق المدينة المنورة ,وجنوب خيبر.
وينتفع الناس بجميع أجزائها , حيث تستخدم أخشابها لبناء الأكواخ وتسقيف البيوت ويصنع منها خلايا النحل، فيما يصنع من أليافها القفاف والزنابيل والسلال والأسرة الخشبية والمكانس والحبال والمهفات وسفر الطعام ,أما ثمرها فقد كان غذاء مهما لكثير من الناس, لا سيما خلال أزمنة الجوع الخالية، فضلا عن الاستخدامات الطبية.
ولشجرة الدومة ظل من أوسع الظلال وأبردها , يحبه لناس , ويتقون به حرارة الصيف , ووهج الشمس وتستظل تحته أيضا أغنامهم وسائر أنعامهم .
ومع ما تحمله هذه الأشجار من فوائد واستخدامات وتحملها لكافة العوامل الطبيعية التي تجعلها قادرة على مقاومة ظروف الجفاف وارتفاع وتدني درجات الحرارة , إلا أن من الملاحظ خلال الأعوام الماضية أن ظاهرة الاحتطاب الجائر أدت إلى تدهور الغطاء النباتي في المدينة المنورة بمعدلات سريعة وبالتالي إلى التصحر والتعرية الهوائية والمائية للتربة وتزايد معدلات زحف الرمال .
وبينت الدراسات الحديثة حجم التدهور السنوي للغطاء النباتي الشجري على مستوى المملكة نتيجة للاحتطاب حيث يقدر بنحو 3376 هكتارا عام 2002 ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 13712 هكتارا بحلول عام 2023 , فيما ساهم استخدام التقنيات الحديثة مثل المناشير الآلية واستخدام السيارات الرباعية الدفع في اتساع أضرار الاحتطاب الجائر لهدف تسويق الحطب من خلال أسواق أولية قريبة من مواقع ألاحتطاب أومن خلال منافذ تسويقية.

zz4

شارك هذا الموضوع
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version