قبيلة بلي تشكر قبيلة بني عطية في حادثة ماجد العطوي بقلم ماجد ساعد البلوي

اعتذار ….

مضى على حادثة ماجد العطوي ما يقارب أسبوع ولست ممن يأخرون البيان عن وقته بقدر ما كنت مشغولا جدا في مناسبات وأعمال خاصة بي ولا أخفي عليكم أمرا أن هذا البطل لم يغادر مخيلتي مطلقا جلست في مكتبتي مرارا وقرأت عدة مرات لكي اتشجع على الكتابة أو استنفر القلم لها ولكن أبت الذاكرة أن تسعفني بشيء
ثم حاولت مرة أخرى وصنعت قهوة وشاي وأوقدت النار فلم تزدني سوى سهرا وطربا لغير الكتابة

(فلسفة الكتّاب )

وأنتم تعلمون معشر الكتّاب أن الكتابة في موضوع ما أصعب ما يكون خاصةً أذا أراد الكاتب أن تسيح روحه مع ومشاعره ووجدانه فيما يكتب فقد تحضر الكتابة ولكن تغيب الروح واحيانا تحضر الروح وتعتذر الكتابة لوجود مايشغل عنها فمتى اجتمعت الكتابة والروح والسكون النفسي والهدوء الحسي وغياب مايشغل الفكر سوى الموضوع الذي تريد الكتابة عنه فهنا أنت على موعد مع أن ستغوص في أعماق المحيط ولن ترجع إلا بما يرضي ذائقة القارئ إن كنت متمكنناً

اعتراف …

ثم تراجعت عن الكتابة وقلت لعل في الأمر خيرة ولاداعي لقلمي
فماجد العطوي ترجم أقواله أفعال وأنتم معشر الكتّاب لاتجيدون سوى الكتابة تهويل المواضيع ، قلت في نفسي لا بأس

طلقة البداية …

ثم شاهدت البارحة تكريم قبيلة وابصة من بلي للبطل ماجد العطوي فشعرت أني امتلئت كلاما واتسعت مدارك فكري وهبط وحي الكتابة بسلام
ثم ضمني ضمه كادت تغوص أضلاعي بأحشائي فقلت اللهم لك الحمد والمنة على وصول جفافل الكَلِم وألوية الحروف لكي أزين بها قبيلة عاشت على عز رجالها وصنائع أبطالها و تعلت عرش البطولات وخاضت معارك المجد

قف …

أيها الساري والباحث عن أخبار القبائل
أنخ المطايا وارح الخيل وازح الهم واطرد الغم واقهر العناء فأنت في رياض رجال قبيلة بني عطية أهل الفداء والعطاء و ذوي الإحسان والضيفان وأولو والسيف والكيف

ومضة ..

عزيزي القارئ كيف اصف الجمال والكمال فيكفي فالسماء ملبدة بالغيوم والبحور زاخرة بالكنوز والؤلؤ والمرجان والمحيطات هائجة فكيف اتحدث عنهم وكيف افصح عن مدى جمال خلق هذه القبيلة ضاربة العروق بالشرف والشجاعة والمكارم الأخلاق …

البداية …

ولعلك تتنقل معي أخي القارىء في كل مكان من أقطار الدنيا وأنت تقرأ هذا المقال
لتغوص معي في موقف من مواقف تلك القبيلة التي مثّلها في ذلك اليوم الشيخ البطل الهمام الدرغام الأسد : أبو خطاب ماجد بن عبدالله السليمي العطوي

في يوم الأحد الموافق ١٤٤٠/٥/٢٣ هطلت أمطار غزيرة على مدينة تبوك شملت جنوب تبوك بثمانين كيلو متر قريب من قرية البديعة حيث ارتفع منسوب الأمطار وسالت معظم الأودية بها مما أطر المسافرين بالتوقف عن سيرهم وتم احتجازهم لمدة ساعات طويلة هناك
فبينما كان ماجد أبو الخطاب يتجول هناك وإذا به يرى عائلة عالقة بهم مركبتهم في وسط الوادي التي اكتنفته المياه الجارفة من كل مكان وأذا به يسمع صوت النجدة والفزعة تصدح من السيارة التي ستنقلب بعد لحظات فتنقلب أفراح تلك الأسرة بأكملها بموت محقق فالعائلة تحوي على أكثر من عشرة أفراد ما بين طلفة رضيعة عمرها ستين يوما وعائلهم يقارب السبعين عاما وبينهم ثلاثة نساء وأطفال وغلمان جميعهم لا يتقنون رياضة السباحة

ردة فعل …

فشاش راس ماجد ولد بني عطية وانتفض واعتذر من صديقه الذي معه فالموقف موقف فزعة ونخوة وشهامة رمى غترته وشمر عن ساقيه واستقبل زخات البرد وصفعات الرياح العاتية الباردة

يقول أبو العلاء المعري :

وجدتك أعطيت الشجاعة حقها   غداة لقيت الموت غير هيوب
إذا قرن الظن المصيب من الفتى   بتجربة جاء بعلم غيوب

عودة …
ثم وقف أبو خطاب أمام حافة السيل الذي يزبد ويرعد ويطغى فما إن وضع رجله إلا و إذ به يُقذ ويختل توازنه فيقع في السيل فيجرفه قليلا فتتداركه رحمة الرحيم سبحانه فيعد الكرة مرة أخرى
ليقف حيدرة على حافة الوادي لم يلتفت لزوجته ولم يتلهف على ابنائه الذين ينتظرونه بالبيت لم يشغله سوى الأطفال الرضع والنساء الهجع الوجلات فيصرخ صرخة أبو دجانه إما حياة او موت فلا نامت أعين الجبناء
سلام يا فزعة المضيوم يالحادي
من راس رجلٍ هل الفزعه يقدرها
تعبير عن بعض ما كنه لك افوادي
والمرجله والمروه بك نبشرها
فزعتك تسوى مفازيع ابن شدادي
عنتر ليا قيل يا عنتر تصدرها
انا اشهد انك على سلمن للاجدادي
هاك السلاله عسى تسقى مقابرها
والنار ما تستعر يا كودبزنادي
ون كان به ناس تجهلها نخبرها
والا الرماده رماد ولا انفخ ارمادي
منفخ رماده ولا اجاور مجاورها
والحر يظهر لهد بوقت الاهدادي
افعال الاحرار ورثن عن مذاخرها
يا جعل ما ينقد اهل الطيب نقادي
اقوال وفعال ثابتن مصادرها
محاولة …
فيتوجه مرة أخرى فتغوص رجله مرة أخرى فيطرح للمرة الثانية فالسيل جارف ومنسوب المياه بإزدياد والأودية المجاورة بدأت تصب في امتداد هذا الوادي فقام المرة الثالثة فزأر واستأسد ليقتحم السيل مرة أخرى فيدرك بعون الله مركبة العائلة فيهدأ من روعتهم ويبشرهم بأنهم ناجون بفضل الله ثم يطلب حِبلا لكي يسعف به العائلة فطرح عليه الحبل من بُعد فأمسك به ثم بدأ يخرج العائلة فردا فردا من السيارة إلى حافة شاطئ الوادي ثم يرجع مرة أخرى فيغامر حتى يصل ثم يخرج الآخر ثم الذي يليه ثم الذي يليه حتى أنقذ بفضل الله جميع الأسرة العالقة والتي تقدر بإحد عشرة فردا بعد لحظات يجرف السيل السيارة
النهاية …
شكرالله سعيك ورفع الله قدرك وحفظك المولى ومن تحب ياصاحب العزم والقدر
عَلى قدرِ أهْلِ العَزم تأتي العَزائِمُ
وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها
وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
هنا يضع ماجد سيفه ويطرح لامته ويسجد لله شكرا على أن كان سببا بعد توفيق الله في إنقاذ حياة تلك الأرواح
التي ستعيش مدى الحياة وهذا المعروف مرتكز في أعماقهم ساري في عروق دمائهم وسيتجدد هذا المعروف مع ابنائهم وأحفادهم وأفراد قبيلتهم
ومضة …
تعلمت من ماجد العطوي أنه إذا كان الشخص مصمماً على شيء فإن هذا يهزم الخوف و معرفة ما يجب فعله تلغي الخوف.
توضيح …
وبالمناسبة فالعائلة التي تم إنقاذها من قبل ماجد العطوي عائلة من قبيلة (بلي) القضاعية القحطانية
شكر وتقدير وعرفان …
بأسم شيخ مشايخ قبيلة ( بلي) الباشا : سليمان ابن رفادة البلوي وبأسم مشايخ بلي وأعيانها ومثقفيها ومفكريها وادبائها وشعرائها ورجالها نشكر قبيلة بني عطية مشايخ وأعيان والشكر موصول لصاحب السبق أبو خطاب على هذه البادرة الإنسانية التي لا تستغرب على أمثالكم ورجالكم
فتحية ملئها الحب والتقدير والاحترام
محبكم أبوهشام ماجد ساعد عليان أبوذراع الفاضلي البلوي
الكاتب والخطيب بجامع إسكان الأمن بمنطقة تبوك
حرر ضحى الاثنين الموافق ١٤٤٠/٥/٢٩

شارك هذا الموضوع
خطيب جامع إسكان الأمن بمنطقة تبوك ورئيس مجلس جمعية البر الخيرية بالفارعة
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version