المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة مع الخسوف والكسوف



عيد حمود
06-13-2011, 01:43 PM
الكسوف والخسوف

يحيى بن موسى الزهراني

الحمد لله الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، وأشهد أن لا إله إلا الله المنجي من عذاب النار وعذاب القبر ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما أشرقت شمس وأنار بدر . . أما بعد :
فقد خلق الله الليل والنهار والشمس والقمر لحكمة بالغة وغاية سامية ، فهم يسبحون الله تعالى لقوله تعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون } ( يس40 ) ، فالليل سكن وراحة واطمئنان والقمر نوره ، أما النهار فمعاش وكد وتعب ونصب والشمس ضياؤه ، ولهذا قال الله تعالى : { وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً } ( الفرقان47 ) ، والله تعالى حكيم عليم لا يخلق شيئاً عبثاً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنما خلق كل شيء لحكمة ، ومما خلق الله تعالى الشمس والقمر ، وهما آيتان من آيات الله تعالى خلقا من أجل مصلحة عامة أو خاصة وكل ذلك بتقدير الله عز وجل ، فقال جل من قائل سبحانه : { هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون } ( يونس5 ) ، وقال تعالى : { فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم } ( الأنعام96 ) ، يقول بن كثير في تفسير هذه الآية : [ والشمس والقمر حسباناً أي يجريان بحساب مقنن مقدر ، لا يتغير ولا يضطرب ، بل لكل منهما منازل يسلكها في الصيف والشتاء ، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولاً وقصراً ] انتهى . وقال بن سعدي في تفسير هذه الآية : [ والشمس والقمر حسباناً ، بهما تعرف الأزمنة والأوقات فتنضبط بذلك أوقات العبادات ، وآجال المعاملات ، ويعرف بها مدة ما مضى من الأوقات ] انتهى .

ومن حكمته الله تعالى أن جعل في تلك الآيتين العظيمتين ـ الشمس والقمر ـ جعل فيهما تخويفاً لعباده إذا طغوا وبغوا ، أن يراجعوا دينهم قبل أن يحل بهم عذاب ربهم ، ولهذا كان الكسوف والخسوف ظاهرتين غريبتين يخوف الله بهما عباده ، قال تعالى : { وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً } ( الإسراء59 ) . لذلك كان الدافع للكسوف والخسوف هو تخويف العباد ، وليس أموراً فلكية عادية طبيعية كما يصورها أعداء الملة والدين ليبعدوا المسلمين عن دينهم فتقسوا قلوبهم ولا يعد لديهم أي اهتمام بهذه الآية العظيمة ، حتى أن البعض منهم يفرح ويستبشر بوجود هاتين الآيتين ، ومنهم من يذهب إلى قمم الجبال وأعالي التلال ليشاهدوا ذلك الحدث العظيم بالمناظير والتلسكوبات ويغمرهم الفرح والسرور ، وغفلوا بل عميت عقولهم عن السبب الحقيقي لذلك ، فسبحان الله العظيم .
ومعلوم أن الكسوف والخسوف لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فالأمر أكبر من ذلك وأخطر ، فهي آيات من آيات الله تعالى الدالة على عظمته وجبروته وقوته ليخوف بها عباده حتى يتوبوا إلى بارئهم ويعودوا إلى دينهم .
فالواجب إذا رأى الناس ذلك أن يفزعوا خائفين وجلين ، ويتضرعوا إلى الله بالدعاء والتوبة والإنابة إليه ، وأن يكثروا من الصدقة والاستغفار وأعمال البر والخير ، والإحسان إلى الفقراء والمساكين ، ومساعدة اليتامى والأرامل ، وأن يهرعوا إلى الصلاة ، وهي صلاة غير مألوفة ، لم يألفها الناس ولم يعتادوها .

حال السلف والخلف مع صلاة الكسوف والخسوف :
كسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع وفزع معه المسلمون فزعاً شديداً ، وخرج عليه الصلاة والسلام مسرعاً إلى المصلى حتى أن رداءه سقط من عليه ولم يشعر به من شدة فزعه وخوفه وهول تلك الآية العظيمة ، وعندما وصل المصلى نادى مناد بالناس ( الصلاة جامعة ) ، فاجتمع الناس رجالاً ونساءً ، صغاراً وكباراً ، فصلى بهم صلاة غريبة لغرابة واقعتها ، والناس يصرخون ويبكون خوفاً من الله تعالى ، ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الصلاة الجنة والنار ورأى أموراً جساماً ، فرأى النار ، فقال : ما رأيت منظراً أفظع منها ـ اللهم أجرنا من النار ـ ثم بعد الصلاة خطب الناس خطبة بليغة وعظهم وذكرهم بربهم سبحانه .
أما حالنا اليوم مع الكسوف والخسوف فحال غريبة قد لا يمت للإسلام بصلة والعياذ بالله ، فكم وقع الكسوف والخسوف ، وكم صلينا تلك الصلاة ، ومع ذلك فالناس بل أكثرهم ما بين لهو ولعب ، ومشاهدة للحرام عبر القنوات والشاشات والمجلات ، وبين جلوس على الشوارع والأرصفة لسماع دندنة خبيثة محرمة ، وما بين نائمون لا هون غافلون وغارقون في بحر الذنوب والمعاصي ، فإذا رأوا تلك الآيات لم يحرك ذلك فيهم ساكناً ، فهل بعد هذه الغفلة من غفلة ، فهم سكارى وما هم بسكارى ، ألهتهم المغريات والملهيات ، فلا إله إلا الله .
وسبب ذلك ما أوقعه أعداء الدين في قلوب المسلمين ، من تهوين وتسهيل لأمر الكسوف والخسوف ، وأن ذلك أمر طبيعي يحدث كل عام ، وأن سببه ظاهر طبيعية لا خوف ولا قلق منها البتة ، حتى قست قلوب كثير من المسلمين فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، والصحيح غير ذلك إطلاقاً ، فالكسوف والخسوف كما أسلفنا آيتان من آيات الله تعالى يظهرهما لحكمة بالغة ، ليراجع الناس دينهم ويصحوا من غفلتهم ، فتم للأعداء ما أرادوا فتساهل الناس بأمر الكسوف والخسوف ، حتى لم يقبل على المساجد إلا كبار السن ومن كتب الله لهم الهداية والتوفيق ، أما الآخرون فهم غارقون في سباتهم وغفلتهم ولهوهم ولعبهم ، لا خوف ولا حياء من الله تعالى ، وهذه مخططات صهيونية نصرانية لابعاد المسلمين عن دينهم حتى يقعوا فريسة في حبائل الشيطان وأعوانه من الإنس ـ أعاذ الله المسلمين من ذلك وردهم إليه رداً جميلاً .
فأقول : أين هؤلاء الخلف عن أولئك السلف ؟ أين نحن عن خير القرون قرن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم عندما رأوا تلك الآية العظيمة هرعوا جميعاً إلى الصلاة وهم يبكون ويجأرون إلى الله بالصلاة والدعاء ، أين تلك الحال من حالنا بعض المسلمين اليوم الذين إذا رأوا تلك الآيات العظام هرعوا إلى الطرب والرقص واستعدوا مبكراً لرؤية الكسوف والخسوف ـ نعوذ بالله من الغفلة . موقع صيد الفوائج بتصرف

عبيرالورد
06-13-2011, 09:44 PM
جزاك الله خيرا

ابو البندري
06-14-2011, 10:39 AM
اجزل الله لكم المثوبه

آنفاس الفجر
06-14-2011, 03:02 PM
بآرك الله فيك آستاذ عيد
ولا يحرمك الاجر ان شاء الله
دمت بحفظ الله

اشراقة الدعوة
06-14-2011, 06:24 PM
جزاكم الله خيرا.

سعود عقيل بن مظهر السحيمي
06-14-2011, 06:59 PM
الله يجزاك خير على التذكير

طلال بن شليويح البلوي
06-14-2011, 08:30 PM
نسال الله ان يردنا جميعنا اليه ردآ جميلآ

وجزاك الله كل خير اخي وجعله في موازين حسناتك

سجى الليل
06-15-2011, 02:18 AM
جزاكم الله خيراً

موسى بن ربيع البلوي
06-15-2011, 03:21 AM
نسأل الله أن يرحمنا و يتجاوز عنا

الله لطفك يا رب

،

جزاك الله خيراً