المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو حكم أكل لحوم الخيل..؟؟



ماجد سليمان البلوي
10-20-2011, 12:29 PM
ما هو حكم أكل لحوم الخيل..؟؟


الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على و صحبه أجمعين و بعد:
ما هو حكم أكل لحم الخيل جمعت فيها أقوال أهل العلم..

-ذكر الخلاف في المسألة عموما:
قال النووي (شرح صحيح مسلم):
اختلف العلماء فى إباحة لحوم الخيل فمذهب الشافعى والجمهور من السلف والخلف أنه مباح لا كراهة فيه وبه قال عبد الله بن الزبير وفضالة بن عبيد وأنس بن مالك وأسماء بنت أبى بكر وسويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصرى وإبراهيم النخعى وحماد بن سليمان وأحمد واسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وداود وجماهير المحدثين وغيرهم وكرهها طائفة منهم بن عباس والحكم ومالك وأبو حنيفة قال أبو حنيفة يأثم بأكله ولا يسمى حراما
-ذكر الخلاف بالتفصيل مع نقل أقوال أهل العلم:
اختلف أهل العلم في حكم أكل لحم الخيل على ثلاث مذاهب:
المذهب الأول:
الجواز: اختاره من الصحابة عبد الله بن الزبير و أسماء وهو مذهب الشافعي و أحمد و محمد و أبو يوسف وابن حبيب من المالكية و إسحاق و الظاهرية غيرهم من أهل العلم.
قال الشافعي (الأم):كل ما لزمه اسم الخيل من العراب والمقاريف والبراذين، فأكلها حلال.
قال ابن قدامة المقدسي (الكافي): الحيوان ثلاثة أقسام : أهلي فيباح منه بهيمة الأنعام لقول الله تعالى : { أحلت لكم بهيمة الأنعام } والخيل كلها
قال ابن الهمام (الفتح القدير) :( وَيُكْرَهُ لَحْمُ الْفَرَسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ .
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ.
المذهب الثاني:
الكراهة ذهب إليه الأوزاعي و أبو عبيد وهو قول لمالك ورواية عن أبي حنيفة
قال ابن عبد البر (الكافي في فقه أهل المدينة): ولا تؤكل الخيل عند مالك كراهية لا تحريما
المذهب الثالث:
التحريم وهو مذهب ابن عباس و قول لأبي حنيفة وهو المعتمد من مذهب مالك.
قال الموصلي الحنفي (الإختيار): ولا يحل أكل كل ذي ناب من السباع ولا ذي مخلب من الطير، ولا تحل الحمر الأهلية ولا البغال ولا الخيل.هـ
قلت: إلا أن فقهاء المذهب اختلفوا هل الكراهة التي أطلقها أبو حنيفة كراهة تنزيه أو كراهة تحريم
قال البابرتي الحنفي (العناية شرح الهداية):
وَقَوْلُهُ ( وَالْأَوَّلُ ) يَعْنِي كَوْنَ الْكَرَاهَةِ لِلتَّحْرِيمِ ( أَصَحُّ ) لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ : إذَا قُلْت فِي شَيْءٍ أَكْرَهُهُ فَمَا رَأْيُك فِيهِ ؟ قَالَ التَّحْرِيمُ وَمَبْنَى اخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى اخْتِلَافِ اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ : رَخَّصَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا يُعْجِبُنِي أَكْلُهُ ، وَهَذَا يُلَوِّحُ إلَى التَّنْزِيهِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُهُ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ عَلَى مَا رَوَيْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (الرسالة): ونهى عليه السلام عن أكل كل ذي ناب من السباع، وعن أكل لحوم الحمر الاهلية ودخل مدخلها لحوم الخيل والبغال لقول الله تبارك وتعالى: * (لتركبوها وزينة) * (النحل: 8)
قال الخرشي المالكي (شرح مختصر الخليل): وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ أَكْلِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَأَمَّا الْخَيْلُ فَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ
أدلة من ذهب إلى جوزا أكل لحوم الخيل:
-الدليل الأول:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ (رواه مسلم و غيره)
وفي رواية البخاري (ورخص في لحوم الخيل)
و في رواية لمسلم عن أَبي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ وَنَهَانَا النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْحِمَارِ الأَهْلِىِّ.
-الدليل الثاني:
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَكَلْنَاهُ. (رواه مسلم و ابن ماجة)
و لفظ ابن ماجة:نحرنا فرسا فأكلنا من لحمه على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم .
قال الصنعاني (سبل السلام): والحديث دليل على حل أكل لحم الخيل .... لأن الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم علم ذلك وقرره كيف وقد قالت إنه أكل منه أهله صلى الله عليه وسلم
قال ابن دقيق العيد (إحكام الأحكام) :يستدل بهذين الحديثين من يرى جواز أكل الخيل
-الدليل الثالث:
البراءة الأصلية و حيث أنه لم يثبت أي دليل شرعي في تحريم أكل لحم الخيل يبقى الاصل في ذلك هو الحل
قال الشيخ يوسف الجديع (تيسير علم أصول الفقه):
(الأصلُ في الأشياءِ الإباحَةُ)، فكلُّ شيءٍ مباحٌ ما لم يرِدْ دليلٌ ينقلهُ من تلكَ الإباحةِ إلى غيرهَا من الأحكامِ التَّكليفيَّة، فلا يُدَّعى وجوبٌ أو استحبابٌ أو تحريمٌ أو كراهَةٌ إلاَّ بدليلٍ ناقلٍ إليها من الإباحةِ.
وهذا أصلٌ استُفيدَ من نصوصٍ صريحةٍ في الكتابِ والسُّنَّةِ، وهو مناسبٌ للمعقولِ الصَّريح، فإنَّ من أعظمِ مقاصدِ التَّشريعِ: رفع الحرجِ، والإباحةُ تخييرٌ، ورفعُ الحرج ثابتٌ بها، بخلافِ ما هوَ مطلوبُ الفعلِ أو التَّركِ، فإنَّ المكلَّف محتاجٌ إلى تكلُّفِ القيامِ به ممَّا تحصلُ له به المشقَّةُ، والأشياءُ لا حصرَ لها، فإنْ عُلِّقتْ بغيرِ الإباحَةِ من الأحكامِ التَّكليفيَّةِ لزمَ منها تكليفٌ غيرُ مُتناهٍ، وهذا لا يتناسبُ معَ قُدرةِ المكلَّفٍِ، ومعَ الرَّحمةِ بهِ.هـ
و قد دل الكتاب و السنة على هذه القاعدة من ذلك قوله تعالى:{ وَقَدْ فَصلَّ لكُمْ ماحَرَّم عليْكُم } [ الأنعام : 119 ]
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 21/536 ) : والتفصيل التبيين ، فبين أنه بين المحرمات ، فما لم يبين تحريمه فليس بمحرم ، وما ليس بمحرم فهو حلال ، إذ ليس إلا حلال أو حرام .هـ
وقال تعالى: { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [الأعراف: 32]
وقال: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } [البقرة: 29]
قال تعالى :}قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ (145)
قال السمرقندي (بحر العلوم):ما لم يبيّن تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية.هـ
قلت:كل ما دل الدليل على حرمته سواء في هذه الآية أو غيرها فهو حرام و ما دون ذلك فهو مباح أخذا بظاهر هذه الآية.
و المبيحون للحم الخيل يقولون أنه لم يثبت في تحريمها شيء, فيبقى الأصل وهو الحل.
أدلة من ذهب إلى كراهة و تحريم أكل لحم الخيل
الدليل الأول:
قوله تعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } [ النحل : 8 ]
قال السرخسي (المبسوط):
فَقَدْ مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَنْفَعَةِ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فِي الْخَيْلِ ،وَلَوْ كَانَ مَأْكُولًا لَكَانَ الْأَوْلَى بَيَانَ مَنْفَعَةِ الْأَكْلِ ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ وُجُوهِ الْمَنْفَعَةِ ، وَبِهِ بَقَاءُ النُّفُوسِ ، وَلَا يَلِيقُ بِحِكْمَةِ الْحَكِيمِ تَرْكُ أَعْظَمِ وُجُوهِ الْمَنْفَعَةِ عِنْدَ إظْهَارِ الْمِنَّةِ وَذِكْرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْأَنْعَامِ ذَكَرَ الْأَكْلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } وَلِأَنَّهُ ضَمَّ الْخَيْلَ إلَى الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فِي الذِّكْرِ دُونَ الْأَنْعَامِ ، وَالْقُرْآنُ فِي الذِّكْرِ دَلِيلُ الْقُرْآنِ فِي الْحُكْمِ
الدليل الثاني:
عن خالد بن الوليد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع ( رواه النسائي و أبو داود)
قال شمس الحق آبادي (عون المعبود): والحديث ضعيف ضعفه أحمد والبخاري وموسى بن هارون والدارقطني والخطابي وبن عبد البر وعبد الحق وآخرون.
قلت:
و من المعلوم أن النهي إذا أطلق فهو يفيد التحريم,أما من ذهب إلى الكراهة فقد جمع بين هذا الحديث و حديث جابر و أسماء في الإباحة و قالوا أن النهي هنا للكراهة.
الدليل الثالث :القياس
قالوا أن الخيل ذو حافر مثله مثل البغل و الحمار و بالتالي يحرم لحمه كما يحرم لحم الحمير و البغال.
و قالوا أيضا أن الخيل يرهب به العدو كالآدمي و يستحق السهم من الغنيمة فلا يؤكل لحمه كرامة له مثل الآدمي
قال السرخسي (المبسوط): ثُمَّ الْخَيْلُ تُشْبِهُ الْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ذُو حَافِرٍ أَهْلِيٍّ بِخِلَافِ الْأَنْعَامِ ، فَإِنَّهَا ذَوَاتُ خُفٍّ لَا ذَوَاتُ حَوَافِرَ
قال السرخسي (المبسوط): وَمَنْ قَالَ : الْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ لَا لِلتَّحْرِيمِ قَالَ : إنَّ الْفَرَسَ كَالْآدَمِيِّ مِنْ وَجْهٍ ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْصُلُ إرْهَابُ الْعَدُوِّ بِهِ ، وَيَسْتَحِقُّ السَّهْمَ مِنْ الْغَنِيمَةِ ، وَالْآدَمِيُّ غَيْرُ مَأْكُولٍ لِكَرَامَتِهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ ، وَالْخَيْلُ كَذَلِكَ كُرِهَ أَكْلُهَا عَلَى طَرِيقِ التَّنْزِيهِ لِمَعْنَى الْكَرَامَةِ
الراجح من الأقوال:
بعد أن عرضنا مجمل أدلة كل مذهب يتبين لنا و الله أعلم صحة المذهب الأول القائل بإباحة أكل لحم الخيل,و ذلك لثبوت أحاديث صحيحة صريحة في جواز ذلك كما أنه لم يثبت أي حديث في كراهية أو تحريم ذلك .و سنرد على الأدلة التي أوردها المخالفون في المسألة.
مناقشة أدلة المخالفين
الرد على استدلالهم بالآية:
قال تعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } [ النحل : 8 ]
أولا:
الآية ليس فيها ذكر للإباحة و لا للتحريم و عدم ذكر الأكل ليس دليلا على عدم الجواز كما هو معلوم
قال ابن حزم (المحلى):
وَأَمَّا الآيَةُ: فَلاَ ذِكْرَ فِيهَا لِلأَكْلِ لاَ بِإِبَاحَةٍ، وَلاَ بِتَحْرِيمٍ, فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا, وَلاَ ذَكَرَ فِيهَا أَيْضًا الْبَيْعَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَرِّمُوهُ لأََنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الآيَةِ
ثانيا:
قال النووي (المجموع):
(وأما) الجواب عن الآية الكريمة التى احتج بها الآخرون فهو ما أجاب الخطابى وأصحابنا وغيرهم ان ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتهما مقصورة على ذلك وإنما خص هذان بالذكر لانهما معظم المقصود من الخيل كقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) فذكر اللحم لانه معظم المقصود وقد أجمع المسلمون علي تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه قالوا ولهذا سكت عن حمل الاثقال عن الخيل مع قوله تعالى في الانعام (وتحمل أثقالكم) ولم يلزم من هذا تحريم حمل الاثقال علي الخيل .هـ
و إليكم كلام الصنعاني رحمه الله في ذكر وجوه الإستدلال بالآية على تحريم أكل الخيل و الرد عليها
قال الصنعاني (سبل السلام):
وتقدير الاستدلال بالآية بوجوه الأول أن العلة المنصوصة تقتضي الحصر فإباحة أكلها خلاف ظاهر الآية وأجيب عنه بأن كون العلة منصوصة لا يقتضي الحصر فيها فلا تفيد الحصر في الركوب والزينة فإنه ينتفع بها في غيرهما اتفاقا وإنما نص عليهما لكونهما أغلب ما يطلب ولو سلم الحصر لامتنع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير ولا قائل به الثاني: من وجوه دلالة الآية على تحريم الأكل عطف البغال والحمير فإنه دال على اشتراكهما معها في حكم التحريم فمن أفرد حكمهما عن حكم ما عطف عليه احتاج إلى دليل وأجيب عنه بأن هذا من باب دلالة الاقتران وهي ضعيفة
الثالث: من وجوه دلالة الآية أنها سيقت للامتنان فلو كانت مما يؤكل لكان الامتنان به أكثر لأنه يتعلق ببقاء البنية والحكيم لا يمتن بأدنى النعم ويترك أعلاها سيما وقد امتن بالأكل فيما ذكر قبلها وأجيب بأنه تعالى خص الامتنان بالركوب لأنه غالب ما ينتفع بالخيل فيه عند العرب فخوطبوا بما عرفوه وألفوه كما خوطبوا في الأنعام بالأكل وحمل الأثقال لأنه كان أكثر انتفاعهم بها لذلك فاقتصر في كل من الصنفين بأغلب ما ينتفع به فيه
الرابع: من وجوه دلالة الآية لو أبيح أكلها لفاتت المنفعة التي امتن بها وهي الركوب والزينة وأجيب عنه بأنه لو لزم من الإذن في أكلها أن تفنى للزم مثله في البقر ونحوها مما أبيح أكله ووقع الامتنان به لمنفعة أخرى
ثالثا:
قد ثبتت أحاديث صحيحة في إباحة أكل الخيل لا مجال لتأويلها و لا الطعن فيها,فكيف لنا أن نترك أحاديث النبي المعصوم عليه الصلاة و السلام و نأخذ بأفهامكم و تأويلاتكم؟
فالأحاديث صريحة بالإباحة أم الآية فهي غير صريحة بالتحريم.
رابعا:
هذه الآية مكية و تحليل أكل الخيل كان في غزوة خيبر أي بعد الهجرة فالحكم قد نسخ من التحريم إلى الإباحة ( هذا الأمر على سبيل التنزل.)
قال الشوكاني عن الآية (السيل الجرار): مكية بالاتفاق وتحليل الخيل كان بعد الهجرة فلو فرضنا أن فيها دلالة كما زعموا لكانت منسوخة بأدلة التحليل.
قال الصنعاني (سبل السلام): وقد أجيب عن الاستدلال بالآية بجواب إجمالي وهو أن آية النحل مكية اتفاقا والإذن في أكل الخيل كان بعد الهجرة من مكة بأكثر من ست سنين
-الرد على استدلاهم بالحديث:
عن خالد بن الوليد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع ( رواه النسائي و أبو داود)
قلت:هذا الحديث ضعيف لا حجة فيه و إليك بيان ذلك
قال النووي (المجموع): واتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم على أنه حديث ضعيف وقال بعضهم هو منسوخ روى الدارقطني والبيهقي باسنادهما عن موسى بن هرون الحمال الحافظ قال هذا حديث ضعيف قال لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه إلا بجده وقال البخاري هذا الحديث فيه نظر وقال البيهقي هذا اسناد مضطرب ومع اضطرابه هو مخالف لاحاديث الثقاة يعنى في إباحة لحم الخيل وقال الخطابى في اسناده نظر قال وصالح بن يحيى بن المقدام عن أبيه عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض وقال أبو داود هذا الحديث منسوخ وقال النسائي حديث الاباحة أصح قال ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا لان قوله في الحديث الصحيح أذن في لحوم الخيل دليل على ذلك قال النسائي ولا أعلم رواة غير نفيه
قال البغوي (تفسير): وإسناده ضعيف
قال ابن قدامة (المغني): وحديث خالد ليس له إسناد جيد قاله أحمد قال وفيه رجلان لا يعرفان يرويه ثور عن رجل ليس بمعروف وقال لا ندع أحاديثنا لمثل هذا الحديث المنكر
قال ابن عبد البر (التمهيد): وهذا حديث لا تقوم به حجة لضعف إسناده
قلت فبعد كلام هؤلاء الأئمة النقاد يجوز لنا الأخذ بهذا الحديث؟
-الرد على استدلالهم بالقياس:
يكفي في رد استدلالهم بالقياس أن نقول أن قياسهم فاسد لأنه مقابل نص و مثل هذا الدليل يعلم بطلانه صغار طلبة العلم مثلي, إذ كيف ينتهض للاحتجاج بقياس مقابل نص صحيح صريح؟
قال الدكتور الجيزاني حين ذكره لشروط القياس (معالم أصول الفقه): الشرط الرابع: ألا يكون حكم الفرع منصوصًا عليه بنص مخالف لحكم الأصل، إذ القياس يكون حينئذ على خلاف النص وهو باطل
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في ذكر شروط القياس (الأصول من علم الأصول): أن لا يصادم دليلاً أقوى منه، فلا اعتبار بقياس يصادم النص أو الإجماع أو أقوال الصحابة إذا قلنا: قول الصحابي حجة، ويسمى القياس المصادم لما ذكر: "فاسد الاعتبار".
و في الرد على استدلالهم بالقياس يقول الماوردي (الحاوي الكبير):
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْقِيَاسَيْنِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمَا يَدْفَعَانِ النَّصَّ فَأُطْرِحَا .
وَالثَّانِي : أَنَّ الْعُرْفَ لَمَّا جَرَى بِأَكْلِ الْخَيْلِ ، وَلَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِأَكْلِ الْآدَمِيِّينَ وَالْحَمِيرِ فَافْتَرَقَا فِي الْحُكْمِ ، وَامْتَنَعَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ .
و قال ابن رشد (بداية المجتهد): وأما سبب اختلافهم في الخيل: فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث جابر، ومعارضة قياس الفرس على البغل والحمار له، لكن إباحة لحم الخيل نص في حديث جابر فلا ينبغي أن يعارض بقياس ولا بدليل خطاب.
أقوال بعض أهل العلم في إباحة لحم الخيل
قَالَ أَبُو دَاوُدَ (السنن): لاَ بَأْسَ بِلُحُومِ الْخَيْلِ
قال ابن حزم (المحلى): وَحَلاَلٌ أَكْلُ الْخَيْلِ
قال القرطبي (أحكام القرآن): الصحيح الذى يدل عليه النظر والخبر جواز أكل لحوم الخيل، وأن الآية والحديث لا حجة فيهما لازمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (الفتاوى): إذَا تَوَلَّدَ الْبَغْلُ بَيْنَ فَرَسٍ وَحِمَارِ وَحْشٍ أَوْ بَيْنَ أَتَانٍ وَحِصَانٍ جَازَ أَكْلُهُ وَهَكَذَا كُلُّ مُتَوَلِّدٍ بَيْنَ أَصْلَيْنِ مُبَاحَيْنِ ؛ وَإِنَّمَا حَرُمَ مَا تَوَلَّدَ مِنْ بَيْنِ حَلَالٍ وَحَرَامٍ " كَالْبَغْلِ " الَّذِي أَحَدُ أَبَوَيْهِ حِمَارٌ أَهْلِيٌّ و " كَالسَّبْعِ " الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الضَّبْعِ وَالذِّئْبِ " وَالْإِسْبَارِ " الْمُتَوَلِّدِ مِنْ بَيْنِ الذِّئْبِ وَالضِّبْعَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قال الشوكاني (سيل الجرار): لم يأت دليل يدل على تحريمها والأصل الحل لعموم قوله عزوجل: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ}
قال المباركفوي (تحفة الإحوذي): ولا شك أن القول بحل أكل لحوم الخيل من دون كراهة هو الحق لأحاديث الباب التي هي صحيحة صريحة في الخيل.
و الله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين..

تحيات
ماجد البلوي

راع البعارين
10-20-2011, 02:20 PM
شكرا لك على المعلومه

سالم مسلم حمدان البلوي
10-20-2011, 02:42 PM
الله يجزاك خير
اخوي الغالي