المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حدث في شهر ذي القعدة (اكتوبر) في التاريخ الاسلامي ..؟؟



ماجد سليمان البلوي
12-19-2011, 01:42 PM
حدث في شهر ذي القعدة (اكتوبر) في التاريخ الاسلامي ..؟؟


يوم الجمعة الدموي
5 من ذي الحجة 1407هـ ـ 31 يوليو 1987م


وهي الجمعة التي وقعت بها اضطرابات عنيفة بمكة البلد الحرام بسبب قيام الحجاج الشيعة الإيرانيين بمظاهرة ضخمة بالحرم أطلقوا عليها مظاهرة البراءة من المشركين، وكانت هذه المظاهرة واحدة من أساليب تصدير الثورة الخومينية للخارج وترويج مبادئها بدول الخليج خاصة، وكان الحجاج الإيرانيون الشيعة يحملون صورًا كبيرة للخوميني ويريدون إدخالها صحن الكعبة وإعلان الخوميني زعيمًا لكافة المسلمين في العالم.


وكانت الحكومة السعودية قد سمحت لهذه المظاهرة عدة مرات من قبل، ولكن لما تنامى لعلمها ما يخطط له الإيرانيون هذا العام، تصدت الشرطة السعودية للمظاهرة فوقعت اشتباكات دامية بين الطرفين، واتضح أن الإيرانيين يحملون أسلحة بيضاء معهم مما زاد من عدد الخسائر والتي بلغت 402 قتيل.



وفاة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور
6 من ذي الحجة 158هـ ـ 7 أكتوبر 775م


المؤسس الحقيقي للدولة العباسية وثاني خلفائها وأقوى رجالها، الطاغية في ثوب ناسك، والملك في حال زاهد، أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، الملقب بالمنصور، وُلد في صفر سنة 95 هـ بالحميمة من بلاد البلقاء بالشام، فنشأ محبًا للقرآن والعلم الشرعي وحضر مجالس العلماء وروى الحديث وأصبح من طلبة العلم الشرعي المعروفين في الشام، ولما بدأت أسرته تسعى للعمل الجاد من أجل قيام دولتهم وإسقاط دولة بني أمية، شد المأزر وشمَّر ساعد الجد واشترك بقوة في تشييد قواعد هذه الدولة، وقد بويع له بالخلافة بعد أخيه السفاح في ذي الحجة سنة 136هـ، فصار من أقوى من تولى هذا المنصب الخطير، وكان له جلالة ومهابة في القلوب والنفوس، كأنه الليث في مشيته، له عينان ثاقبتان كأنهما لسانان ناطقان.


لم يعرف المنصور لهوًا ولا لعبًا ولا راحة ولا تنعمًا، فلقد كان جادًا حازمًا زاهدًا في متاع الدنيا يرجع في الجملة إلى سلامة دين وصحة اعتقاد، كان يقسم يومه وليله لأمور الحكم وشئون الخلافة، ففي أول النهار يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والولايات والعزل والنظر في مصالح العامة، فإذا صلى الظهر دخل منزله واستراح إلى العصر، فإذا صلى العصر جلس لأهل بيته ونظر في مصالحهم الخاصة، فإذا صلى العشاء نظر في الكتب والرسائل الواردة من الآفاق إلى ثلث الليل، ثم ينام إلى الثلث الأخير، ثم يقوم إلى قيام الليل حتى صلاة الفجر فيخرج ويصلي بالناس ثم يجلس في إيوان الحكم.


واجه المنصور مواقف في غاية الصعوبة وشدائد وأهوالاً، فتصدى لها بحزمه وشدته وبطشه حتى كأنه لم يعرف العفو مطلقًا، فلقد خرج عليه عمه «عبد الله بن علي» في أول ولايته ودعا الناس لنفسه فضربه بأبي مسلم الخراساني، ثم قضى على أبي مسلم الذي كان يتعالى عليه ويحتقره أيام أخيه السفاح وكان المنصور لا ينساها أبدًا لأبي مسلم، ثم تصدى لحركة النفس الزكية «محمد بن عبد الله بن الحسن»، وبنى مدينة بغداد التي كانت إحدى عجائب الدنيا وقتها، ورغم الثورات المشتعلة ضده ليل نهار إلا إن الجهاد والغزو ما زال قائمًا ومستمرًا لم يتوقف أيام المنصور، وقد مات المنصور وهو في طريقه للحج في 6 من ذي الحجة سنة 158هـ ودفن بمكة.


والجدير بالذكر أن المنصور كان معنيًا بتتبع الزنادقة والملاحدة وقتلهم وتطهير البلاد منهم وقد أوصى خليفته المهدي بنفس الأمر فسار على درب أبيه ولعل ذلك من أعظم أعمال المنصور.



معركة تولوز
9 من ذي الحجة 102هـ ـ 9 يونية 721م


لم يكد المسلمون يستقرون في بلاد الأندلس بعد فتحها المبين سنة 92هـ حتى أخذت أصابع الفتنة تعبث بهذا الاستقرار، وأخذت العصبية القبلية والعرقية تنزغ بينهم، واشتعلت الصراعات الداخلية من ناحيتين: بين العرب والبربر من ناحية، وبين العرب قيسية ويمانية من ناحية أخرى، واضطربت الأوضاع بشدة حتى تولى الخليفة الراشد «عمر بن عبد العزيز» الأمر فعزل والي الأندلس «الحر بن عبد الرحمن الثقفي» والذي تسبب بسوء إدارته للبلاد لاشتداد الفتنة، وعيَّن رجلاً صالحًا هو «السمح بن مالك الخولاني» وجعل الأندلس ولاية مستقلة تابعة للخلافة مباشرة بعد أن كانت تابعة لولاية إفريقية.


كان السمح حاكمًا وافر الخبرة والحكمة والعقل فقبض على زمام الأمور بحزم ودهاء وهمة فقمع الفتن وأصلح الإدارة والجيش، ثم قرر «السمح» أن يوسِّع رقعة دولة الإسلام في الأندلس وذلك بمد الفتوحات الإسلامية لما بعد جبال البرانس أو ألبرت حيث جنوب فرنسا، وفي سنة 101هـ قاد السمح حملة عسكرية كبيرة افتتح بها جنوب فرنسا من ناحية الشرق وقضى على كل قوة اعترضت طريقه، وبعدها قرر مهاجمة مملكة «أكوتين» أو مملكة الفرنج الجنوبية وكانت مدينة «تولوز» هي أحصن مدن المملكة وقاعدتها، وكانت هذه المملكة ممتدة من نهر اللوار إلى جبل البرانس.


بعد أن افتتح المسلمون إقليم «سبتمانيا» أقاموا بها حكومة إسلامية وتركوا للنصارى حرية التحاكم إلى شرائعهم واكتفوا بالجزية، واتجهوا بعدها لمملكة «أكوتين»، وحاولت قبائل البشكنس منع تقدم المسلمين ولكنهم فشلوا رغم المقاومة الباسلة، وفي هذه الفترة قام الكونت «أودو» زعيم مملكة «أكوتين» بتجهيز جيش ضخم للتصدي للمسلمين وخرج به إلى ظاهر تولوز استعدادًا للمعركة.


وفي يوم 9 من ذي الحجة سنة 102هـ التقى الجيشان بظاهر تولوز في معركة عنيفة وكان المسلمون قد قلت أعدادهم بسبب المعارك الكثيرة والحاميات التي تركوها في المدن المفتوحة، ورغم هذه القلة كاد المسلمون أن يحققوا انتصارًا رائعًا لولا سقوط القائد البطل «السمح بن مالك» شهيدًا في أرض المعركة فاضطربت صفوف المسلمين واختل نظام الفرسان ووقعت الهزيمة بقدر الله وحده على صفوف المسلمين ولكن بعرف الحروب لا تعتبر هذه المعركة هزيمة للمسلمين بل غاية الأمر أنهم فشلوا في فتح «تولوز».


الانقلاب العسكري الثاني بتركيا
3 من ذي القعدة 1400هـ ـ 12 سبتمبر 1980م
في سنة 1392هـ ـ 1972م ظهر أول حزب إسلامي في تركيا العلمانية وذلك لأول مرة منذ سقوط الخلافة العثمانية، وهو حزب السلامة الوطني بزعامة نجم الدين أربكان، وقد استغل هذا الحزب الإسلامي حالة التعطش الشديد لدى الأتراك نحو الإسلام، وحقق نجاحًا كبيرًا في انتخابات سنة 1393هـ ـ 1973م وحصل على ثالث أعلى نسبة أصوات في المجلس النيابي، واشترك الحزب في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري، وأصبح نجم الدين أربكان نائبًا لرئيس الوزراء، وزادت شعبية حزب السلامة وارتفعت مكانته خاصة بعد الإنزال التركي على جزيرة قبرص، وترجمت هذه الشعبية في انتخابات سنة 1975م ـ 1395هـ؛ إذ حصل الحزب على ثاني أعلى نسبة أصوات في المجلس النيابي لأعتى النظم علمانية ومحاربة للإسلام.
وفي هذه الفترة برز أيضًا على الساحة التركية حزب الحركة الملية بزعامة «ألب أرسلان توكيس» وهو حزب قومي عنصري ولكن لا يعادي الإسلام بل يسكت عنه وربما يسايره أحيانًا، وكان هذا الحزب نشيطًا في أضنة ومرعش وله مليشيا عسكرية قوية تدعمه، وقد حقق هذا الحزب نجاحًا ملحوظًا في الانتخابات.
كانت الدوائر الاستعمارية من شرقية وغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة النفوذ الأول في تركيا تراقب هذه النشاطات الجديدة بعين التوجس والارتياب، خاصة مع التقارب الحادث بين حزب السلامة الوطني وحزب الحركة الملية، ومع زيادة شعبية الاتجاه الإسلامي بدأت المخاوف تتحول إلى هواجس وشيكة الحدوث، لذلك رأت أمريكا أن توقف هذا النشاط الإسلامي المتنامي بانقلاب عسكري يلغي ولو مؤقتًا شعار الحرية الذي ظهرت هذه الأحزاب من خلاله.
وفي يوم 3 من ذي القعدة 1400هـ 12 سبتمبر 1980م تحرَّك الجيش بقيادة رئيس الأركان كنعان إيفيرين فأعلن الأحكام العرفية وأسقط الحكومة، واستلم الجيش الأمر وحل الأحزاب كلها وإن كان المقصود في الأساس هو التيار الإسلامي الممثل في حزب السلامة.


مجزرة الخصاص
4 من ذي القعدة 1366هـ ـ 19 سبتمبر 1947م


وهي المجزرة القذرة التي قامت بها عصابات الهاجانا الصهيونية بحق أهل قرية الخصاص الواقعة في قضاء صفد في شمال فلسطين «السكان الفلسطينيون في هذا القضاء يمثلون 87% واليهود 13% » وقد أدت هذه المجزرة لمقتل 10 من سكانها وإجبار الباقي على الفرار منها وتركها خاوية للصهاينة المغتصبين.


وفاة السلطان المملوكي سيف الدين قلاوون
6 من ذي القعدة 689هـ ـ 11 نوفمبر 1290م


سابع سلاطين دولة المماليك البحرية، السلطان سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، الملقب بالملك المنصور، وأصله من قبيلة أوغلي القوقازية، جلب صغيرًا لبلاد الشام وكان مملوك الأمير علاء الدين أقسنقر العادلي وقد اشتراه بألف دينار فعُرف بالألفي، ثم اشتراه نجم الدين أيوب سلطان مصر فصار من يومها من ضمن المماليك البحرية، وقد زامل الظاهر بيبرس البندقداري في حرب الصليبيين في المنصورة وفارسكور أثناء الحملة الصليبية السابعة، كما رافق بيبرس في الهرب إلى الشام بعد مقتل أستاذهم فارس الدين أقطاي أيام عز الدين أيبك، ثم عاد واشترك في قتال المغول في عين جالوت، ولما تولى بيبرس سلطنة المماليك صار قلاوون أكبر أمرائه، وقد زوج ابنته من الابن الأكبر لبيبرس «بركة خان».


تولى سلطنة المماليك سنة 678هـ بعد عزل السلطان الطفل «بدر الدين سلامش» ابن بيبرس لعدم صلاحيته للمنصب الخطير، وقد واجه معارضات قوية من المماليك الظاهرية أتباع الظاهر بيبرس، ومن نائب دمشق الأمير سنقر الأشقر، الذي تحالف مع مغول فارس والعراق وتلقب بالملك الكامل وحشد الجيوش لمحاربة سيف الدين قلاوون، ولكن سيف الدين قضى على كل هذه التمردات والفتن، ثم تفرغ بعدها لمواجهة الخطر الصليبي والمغولي واستكمال المهمة التي كان بيبرس قد اضطلع بها من قبل.


ومن أعظم أعمال سيف الدين قلاوون هو معركة حمص الكبرى ضد المغول سنة 680هـ، حيث قاد المسلمين في معركة رهيبة ضد الغزو المغولي وانتصر عليهم انتصارًا عظيمًا من جنس عين جالوت كسر به شوكة التتار فترة طويلة، وفي نفس الوقت أقام قلاوون علاقات وثيقة مع مغول القبيلة الذهبية المسلمين، ولما أعلن حاكم مغول العراق وفارس أي ما تعرف بالدولة الإيلخانية تكودار بن هولاكو إسلامه سنة 682هـ أقام معه قلاوون علاقات مودة وصداقة.


أما على الجبهة الصليبية فلقد هادنهم قلاوون حتى يفرغ من أمر المغول، فلما انتصر عليهم في «حمص» بادر بالعمل ضد الصليبيين وكانوا متمركزين في إمارة طرابلس، ففتح حصن المرقب الذي كان بيد الفرسان الاستبارية وكان خط الدفاع الأول لطرابلس وذلك سنة 684هـ، ثم استولى على اللاذقية سنة 686هـ، ثم فتح طرابلس وبيروت وجبلة سنة 688هـ، ولم يبق للصليبيين أي مستوطنات إلا في عكا وصيدا، وقد أسرع من فيها بعقد معاهدة بشروط مهينة ومذلة لهم حفاظًا على وجودهم بالشام، ولكن سيف الدين قلاوون ما لبث أن قرر فتح عكا وطرد الصليبيين من بلاد الشام والإسلام للأبد، وأثناء استعداده وتحضيره لفتح عكا وافته المنية في 6 من ذي القعدة سنة 689هـ ـ 11 نوفمبر 1290م فحزن الناس عليه بشدة وتأسفوا على رحيله.


معركة ملازكرد الخالدة
7 من ذي القعدة 463هـ


هي واحدة من أشهر معارك الإسلام، وفصل باهر من فصول الصراع بين الإسلام والصليبية في العصور الوسطى، بل هي تمثل فاتحة العصور الوسطى، وأعظم انتصار حققه المسلمون على الصليبيين وأبعده أثرًا وأكثره قيمة وفاعلية، فمنذ أن خبت قوة الخلافة العباسية وتفككت أوصالها تحت أطماع أمراء وملوك الأطراف الذين استقلوا بما تحت أيديهم من أقاليم، بحيث إن الخلافة العباسية لم يبق لها سوى بغداد وما حولها، وما سوى ذلك خاضع لهذا الأمير أو ذاك السلطان وهكذا، منذ أن حدث هذا الضعف، والدولة البيزنطية الشرقية التي كانت تمثل الخصم التاريخي للخلافة الإسلامية قد استطاعت أن تدفع فتوحاتها ناحية بلاد الإسلام في منطقة الجزيرة الفراتية وشمال الشام، وأرغمت كثيرًا من أمراء المسلمين على دفع إتاوة لها نظير عدم التعرض لهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى ظهرت القوة الجديدة والفتية وهم «السلاجقة الأتراك» والذي جاء ظهورهم كسنة ربانية في مدافعة الباطل بالحق، واستطاع أول سلاطين هذه الدولة «طغرلبك» أن يحقق عدة انتصارات مؤثرة على البيزنطيين، أحدثت رجة شديدة بالأوساط الأوروبية عامة والبيزنطية خاصة، وتمثل ذلك في كثرة تغيير قياصرة بيزنطة خلال فترة وجيزة، وأخذ الأوربيون في التشكيك في قدرة بيزنطة على حماية النصرانية في أوروبا، وقد كانت من قبل تلقب بحامية حامي النصرانية.


ظلت الأوضاع الداخلية ببيزنطة مضطربة حتى ظهر القائد العسكري «رومانوس ديوجين» وقد نال شهرة كبيرة داخل المجتمع البيزنطي بعد أن حقق عدة انتصارات على بعض أمراء المسلمين في شمال الشام في الفترة من 461هـ ـ 463هـ، وكان السلاجقة خلال هذه الفترة منشغلين ببعض الفتن الداخلية، التي وقعت بعد وفاة طغرلبك وتنصيب ابن أخيه «ألب أرسلان» ومعناها بالتركية الأسد الباسل، واتجهت آمال البيزنطيين نحو «رومانوس» واختاروه قيصرًا عليهم ولقبوه «رومانوس الرابع»، وعلى الفور قرر «رومانوس الرابع» التحضير لعمل عسكري كبير وضخم ينهي به الوجود الإسلامي في منطقة آسيا الصغرى والجزيرة الفراتية، فهو يعلم أن الشعب البيزنطي قد انتخبه واختاره لكفاءته العسكرية، فهو قد جاء في هذه الفترة لقتال المسلمين وهذا الهدف كان الأجندة الوحيدة التي تم اختيار «رومانوس» من أجلها، وقد حشد «رومانوس» لهذه المعركة الفاصلة أربعمائة ألف مقاتل، جاء شطر كبير منهم من أوروبا الغربية، إضافة لعتاد حربي ضخم، وفي نية رومانوس اكتساح بلاد الإسلام كلها حتى بغداد عاصمة الخلافة، ومن شدة ثقته من النصر وزع ولاية الأقاليم التي سيفتحها على أمرائه، وهو طبعًا لا يعرف ما يخبئه له القدر المحتوم.


وصلت أخبار هذه الحملة الجرارة للسلطان «ألب أرسلان» وكان وقتها في مدينة «خوى» من أعمال أذربيجان، ولم يكن معه سوى خمسة عشر ألفًا من المقاتلين، وكان البيزنطيون قد اخترقوا قلب الأناضول ووصلوا إلى مدينة «ملازكرد» أو منازكرت، وهي مدينة حصينة على نهر «مرادسو» وهي مازالت قائمة حتى الآن بتركيا، فأسرع ألب أرسلان لوقف تقدم البيزنطيين، والتقت طلائع السلاجقة مع طلائع البيزنطيين وكانوا من القبائل الروسية، فانتصر المسلمون انتصارًا باهرًا، ولكن هذا النصر القوي لم يدفع القائد المحنك «ألب أرسلان» بالتعجيل في الصدام بجيشه الصغير مع حملة ضخمة بمثل هذا العدد، فأرسل في طلب هدنة من «رومانوس»، فظن «رومانوس» أن ألب أرسلان ما طلب الهدنة إلا من ضعف أو خوف، فرفض الهدنة وقال بكبر وصلف صليبي: «لا هدنة إلا في الري» وهي كلمة سيدفع ثمنها بهزيمة لم يسمع بمثلها في التاريخ، و«الري» هي عاصمة السلاجقة في خراسان.


عندما وصل هذا الرد لألب أرسلان أخذته حمية الإسلام وعزة المسلم وأنفته وقرر القتال رغم الفارق الضخم بين الطرفين، وعملاً بنصيحة العلماء والفقهاء المصاحبين لألب أرسلان، قرر ألب أرسلان أن يكون الصدام يوم الجمعة بعد الزوال في الساعة التي يكون الخطباء فيها على المنابر ويدعون للمجاهدين بالنصر، وفي يوم الجمعة 7 من ذي القعدة سنة 463هـ قام ألب أرسلان وصلى بالناس وبكى ودعا الله عز وجل طويلاً ولبس البياض وتكفن وتحنط وقال: «إن هزمت فإن ساحة الحرب تغدو قبري» ثم اندلع القتال الشامل بين الجيشين في معركة بكل المقاييس لا تصدق ولا يوجد بها نسبة خطأ في أن النصر لصالح البيزنطيين، ولكن كل هذه المقاييس ذهبت سدى أمام عزيمة وإيمان الفئة المؤمنة، ولجأ رومانوس للزحف بجيشه كله مرة واحدة ليسحق جيش السلاجقة، ولكنه فوجئ بالثبات العظيم للمسلمين، ولم تغرب شمس هذا اليوم إلا والمسلمون قد حققوا واحدًا من أعظم الانتصارات خلال عدة قرون، ووقع رومانوس نفسه في الأسر، فقام ألب أرسلان بتأنيبه على أفعاله وضربه بيده ثلاث مقارع، ويقال: إنه وضع قدمه على هامة «رومانوس» تحقيرًا وإذلالاً له، ثم عفا عنه بعد أن اشترط عليه عدم العودة لقتال المسلمين أبدًا.


كان لهذه المعركة نتائج خطيرة على الصعيد العالمي، بل هي أهم حدث في التاريخ العالمي خلال عدة قرون؛ إذ أدت الهزيمة المروعة للبيزنطيين لبداية انهيار الإمبراطورية القديمة، وفتحت الطريق أمام تدفق المسلمين السلاجقة إلى منطقة الأناضول وتأسيس سلطنة سلاجقة الروم هناك، أما أهم أثر لهذه المعركة فإنها كانت السبب المباشر لتحضير أوروبا الغربية للحملات الصليبية الشهيرة على بلاد الشام ومصر حيث أدرك البابا «جريجوري السابع» أن بيزنطة لم تعد السد المنيع أمام الانسياح الإسلامي على أوروبا، ومن ثم كان لابد من التحضير لعمل كبير لوقف الفتوحات الإسلامية على الجبهة الأوروبية، ومن ثم كانت الحملات الصليبية.


معركة ملدافيا
10 من ذي القعدة 1029هـ ـ 7 أكتوبر 1620م


بلغت الدولة العثمانية أقصى اتساعها في عهد سلطانها القوي سليمان القانوني، وبلغت أقصى العمق الأوروبي وشملت بولونيا «بولندا» وملدافيا وولاشيا «روسيا سابقًا» وترانسلفانيا «شمال رومانيا»، وهذه الدولة الكبيرة مترامية الأطراف تحتاج لقبضة قوية ضابطة لهذا الجسد المتسع والمليء بالأقليات والعرقيات المختلفة، لذلك لم يستطع خلفاء سليمان القانوني أن يسيطروا على هذه المساحة الشاسعة من الأرض والتي تمتد عبر ثلاث قارات، فكثرت الثورات الداخلية والنزعات الاستقلالية، وكان العمق الأوروبي مهد هذه الحركات للمباينة العرقية والدينية مع العثمانيين.


في سنة 1012هـ حرضت إمبراطورية النمسا بولونيا وملدافيا وترانسلفانيا على خلع طاعة السلطان محمد الثالث الذي قاد الجيوش بنفسه وانتصر على النمساويين وأعاد هذه الأقاليم للطاعة، فلما مات محمد الثالث عادت النمسا لتحريض هذه الأقاليم على الثورة، فدخل السلطان أحمد الأول في حرب مستمرة ضد النمسا، انتهت بعقد اتفاقية منع اعتداء بين الطرفين وذلك سنة 1015هـ، وبعدها أصبحت بولونيا هي التي تتولى تحريض ملدافيا وولاشيا وترانسلفانيا والأفلاق على الثورة.


عندما جلس السلطان عثمان الثاني على عرش الدولة العثمانية قرر البدء بمحاربة بولونيا لتأديبها ومنعها من التدخل في شئون الولايات العثمانية الأوروبية، فكلَّف السلطان عثمان الثاني والي القرم «سليم كراي» أن يهجم على بولونيا من ناحية الشرق، على أن تقوم الجيوش العثمانية بالهجوم من ناحية الجنوب، وفي يوم 10 من ذي القعدة 1029هـ انقضت الجيوش العثمانية من جهتين على الجيوش البولونية ومزقتها شر تمزيق، حتى أن الجيش البولوني البالغ ستين ألف مقاتل لم ينج منه سوى 400 مقاتل لا غير، وأمر السلطان عثمان الثاني الجيوش بمواصلة القتال للقضاء تمامًا على تمرد بولونيا وملدافيا، ولكن الإنكشارية رفضوا وطلبوا الصلح من أجل الراحة بعد أن أصابهم التعب من القتال، وفي نفس الوقت طلبت بولونيا الصلح نظير جزية كبيرة وتعهد بعدم التدخل في شئون الدولة العثمانية، فاضطر السلطان للموافقة على الصلح ولكنه غضب على الإنكشارية بشدة، وهذا الأمر سيؤدي بعد ذلك بقليل لعزله ثم قتله على يد الإنكشارية في سابقة هي الأولى في تاريخ الدولة العثمانية.


وفاة الإمام سراج الدين البُلقيني
11 من ذي القعدة 805هـ ـ 2 يونية 1403م
أحد الأئمة الأعلام والمجتهدين المطلقين، وأحد المجددين لهذه الأمة، الإمام عمر بن رسلان بن نصير السراج أبو حفص الكناني البُلقيني ثم القاهري الشافعي، وُلد سنة 724هـ ببُلقينة من الغربية وأظهر منذ نعومة أظفاره حافظة عجيبة، فحفظ القرآن وهو في السابعة، وأمَّ الناس وحفظ الشاطبية وكتب الفقه الشافعي والمحرر والكافية في النحو لابن مالك وهو في العاشرة، فحمله أبوه إلى القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وعرضه على مشايخ الوقت مثل السبكي والقزويني فبهرهم بفرط ذكائه وكثرة محفوظاته، واستوطن القاهرة وأخذ في سماع الحديث وحضور الدروس، وأدى فريضة الحج سنة 740هـ، وزار بيت المقدس وسمع من شيوخها وعلمائها، وطاف البلاد، وكان كل من يلتقي به ينبهر به ويعظمه لحفظه الفريد، وكان شيوخه أمثال أبي حيان والأصبهاني يعظمونه جدًا، وأذن له الأئمة بالإفتاء والتدريس وتولى مناصب الإفتاء والقضاء بالشام ومصر.
جرت للبلقيني محنة شديدة وتعصب عليه الأشاعرة خاصة السبكية بالشام بسبب قول العماد بن كثير له: «أذكرتنا سمت ابن تيمية» وقول ابن شيخ الجبل «شيخ الحنابلة» له: «ما رأيت بعد ابن تيمية أحفظ منك» فثارت الأشاعرة عليه بسبب اقتدائه بابن تيمية، وكان البلقيني صحيح العقيدة، شديدًا على ابن عربي الصوفي ويفتي بحرمة قراءة كتبه، مشهورًا بصفاء الخاطر وسلامة الصدر واشتغاله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كانت عواقب ذلك، وسلاطين المماليك مشهورون بنزفهم وحدّتهم ومع ذلك لا يبالي فيبطل المكوس ويغلق الحانات.
طال العمر بالبلقيني حتى لم يبق من العلماء من يدانيه فضلاً على أن يزاحمه، وظل مقبلاً على الاشتغال بالعلم تدريسًا وفتوى، ولم يكمل مصنفاته لأنه كان يشرع في الشيء ولسعة علمه وكثرة محفوظه يطول عليه الأمر، حتى أنه كتب من شرح البخاري على نحو عشرين حديثًا مجلدين، ورغم سعة علمه وقوة حفظه وشدة ذكائه إلا إنه كان سريع البادرة سريع الرجوع للدليل والحق إن فاته، وكان مجتهدًا مطلقًا واستكمل آلة الاجتهاد، ولكن خوفه من أن يلقى نفس مصير ابن تيمية شيخه وقدوته ظل مجتهدًا في نطاق المذهب الشافعي، وقد رزق قبولاً عند الناس في كل مكان، فلا تركن النفس إلا لفتواه، وقد عده علماء زمانه أحد المجددين فقالوا: «إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها بدئت بعمر؛ يعني عمر بن عبد العزيز، وختمت بعمر؛ يعني البلقيني»، وقد مات في 11 من ذي القعدة 805هـ ودفن بالقاهرة.


إغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى
13 من ذي القعدة 1371هـ ـ 5 أغسطس 1952م


إحدى النوابغ العلمية الفذة، وأول امرأة عربية ومسلمة تحصل على درجة الدكتوراه في الذرة، سميرة محمد موسى، ولدت سنة 1335هـ ـ 1917م بقرية سينو الكبرى ـ الغربية ـ مصر، حفظت القرآن وهي في السابعة، وانتقلت مع أبيها للقاهرة، والتحقت بمدارس القاهرة، وخلال مراحل التعليم الابتدائية والإعدادية والثانوية كانت الأولى على القطر المصري، وقد ألفت كتابًا في تبسيط مادة الجبر لزميلاتها وهي في الصف الأول الثانوي سنة 1351هـ ـ 1932م.


دخلت كلية العلوم ثم تخرجت فيها سنة 1358هـ ـ 1939م بامتياز مع مرتبة الشرف، واعترضت الجامعة على تعيينها معيدة، فأصر أستاذها العالم الكبير دكتور مصطفى مشرفة على تعيينها وهدد بالاستقالة، فوافقت الجامعة على تعيينها، فحصلت على درجة الماجستير بعد ثلاث سنوات، ثم سافرت لبعثة خارجية إلى لندن للحصول على درجة الدكتوراه، واستطاعت أن تحصل عليها في أقل من عامين فقط، وبهرت الإنجليز فأطلقوا عليها اسم «مس كوري المصرية».


خلال إقامتها بإنجلترا درست الذرة وأجرت عليها أبحاثًا طبية ووضعت فكرة العلاج بالذرة وقالت: «سأعالج الأمراض بالذرة مثل العلاج بالإسبرين»، فحصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة بأمريكا سنة 1370هـ ـ 1951م بجامعة كاليفورنيا، ولشدة نبوغها وتفوقها النادر سُمح لها بزيارة المختبرات السرية لأبحاث الذرة بأمريكا، وعرض عليها الأمريكان منح الجنسية وامتيازات كثيرة، ولكنها رفضت وأصرت على العودة إلى مصر، وألح الأمريكان في العرض وأصرت هي على الرفض، فكان جزاؤها أن قام عملاء المخابرات باغتيالها عن طريق تدبير حادث سيارة غامض لم تعرف أسبابه في 13 من ذي القعدة 1371هـ ـ 5 أغسطس 1952م، وبمقتلها دشنت أمريكا بالتعاون مع دولة الصهاينة سياسة تصفية علماء المسلمين واغتيال أي شخصية وعقلية نابغة، وقد انضم إليها الدكتور المشد والدكتور سعيد بدير والدكتور شريف خان، هذا غير من نجح الأمريكان واليهود في استقطابهم وإغرائهم بالمناصب والامتيازات.


يتبع

ماجد سليمان البلوي
12-19-2011, 01:46 PM
قتل مدعي الألوهية «الشلمغاني»
14 من ذي القعدة 322هـ
هو الدعيُّ الدجال الكاذب الذي لم يدَّعِ فقط النبوة، إنما تجاوز كل الحدود وادعى الألوهية؛ أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي القراقر، وشلمغان التي ينسب إليها قرية بنواحي واسط بأرض العراق، وكان من غلاة الشيعة الروافض، فابتدع مذهبًا جديدًا في التشيع يقوم على فكرة الحلول والاتحاد والتناسخ، وقد ادعى الألوهية والربوبية واتبعه على ذلك كثير من الشيعة، وكذلك اتبعه بعض أرباب الدولة مثل الوزيرين «الحسين بن القاسم» و«المحسن بن الفرات»، وكان يكثر من التنقل من مكان لآخر للدعوة لمذهبه والتخفي من عيون الدولة التي شعرت بخطورته.
وفي النهاية تم القبض عليه في شوال سنة 322هـ، وأُخذت من داره كتبٌ ورقاع فيها مذهبه وأتباعه، وناظره العلماء والفقهاء وهو ينكر حتى اعترف عليه أتباعه في النهاية، فأفتى العلماء بقتله فصلب ثم قتل حرقًا بالنار في 14 من ذي القعدة سنة 322 هو ومجموعة من أتباعه.
أما عن أهم معتقداتهم فهي:
1ـ الحلول والاتحاد، وأن الله ـ تعالى عما يقولون ـ يحل في كل شيء على قدر ما يحتمل.
2ـ ويقولون: إن الله خلق الضد ليدل على المضدود، وأنه يحل في كليهما، فيقولون: إن الله حل في آدم لما خلقه وفي إبليس وكلاهما ضد للآخر، ويقولون: إن الدليل على الحق أفضل من الحق، وأن الضد أقرب إلى الشيء من شبهه، لذلك فهم يفضلون إبليس وكل الشرور.
3ـ يسبون الأنبياء والرسل خاصة سيدنا محمد وموسى عليهما الصلاة والسلام، ويسمونهما الخائنين لأنهم يدعون أن هارون أرسل موسى وعليًّا أرسل محمدًا فخاناهما، ويقولون: إن عليًّا أمهل محمدًا عدة سنين أصحاب الكهف وبعدها ستنتقل الشريعة.
4ـ يؤولون الغيبيات، فالملائكة كل من ملك نفسه وعرف الحق، والجنة معرفة وانتحال مذهبهم، والنار الجهل والعدول عن مذهبهم، ولا يصلون ولا يصومون ولا يقومون بأي عبادة.
5ـ يؤمنون بالإباحية المطلقة للنساء، ومن أراد أن ينضم لمذهبهم لابد للشيخ فيهم أن يجامعه ويلوط به ليولج النور فيه بزعمهم.
والناظر لهذه المعتقدات الكفرية يرى التطابق الكبير بين عقائدهم وعقائد فرقة النصيرية الضالة، والتي ظهرت بعد ذلك بقرن تقريبًا ولعل كليهما واحد، وهذه الفرقة بعد مقتل مؤسسها «الشلمغاني» دخلت في طور الكمون والاختفاء حتى ظهرت أيام الحاكم الفاطمي بمصر بعد أن سمحت الأوضاع بالظهور.

معركة جلولاءالخميس
15 من ذي القعدة 16هـ

بعد أن حقق المسلمون فتحهم الكبير لعاصمة الفرس «المدائن» أصيب الفرس بهزيمة نفسية مروعة وتشرذمت الجيوش الفارسية تحت الضربات الموجعة للجيوش الإسلامية، وتفرقت فلول الفرس المنهزمة من المدائن والأهواز وغيرها في عدة أماكن، وفي ظلمة اليأس القاتل قرر رجلان من آخر قادة الفرس بقاءً وهما «مهران الرازي» و«الهرمزان» تجميع شتات فلول الفرس والتحصين بهم في إحدى البقاع القريبة من «المدائن» لمنع تقدم المسلمين أكثر من ذلك، فاختاروا مدينة على بعد أربعين ميلاً شمال المدائن، وكانت ذات موقع إستراتيجي جيد، وبالغوا في تحصينها لتكون عقبة أمام الحملات الإسلامية، وعمل «مهران» على رفع معنويات جنوده بشتى الوسائل للتصدي للمسلمين، وأرسل مهران يطلب من كسرى يزدجرد التفويض في قيادة الجيوش الفارسية، وأيضًا الإمدادات من رجال وعتاد وأقوات، فوافق كسرى وأمده بما يطلب.

وصلت أخبار هذه الاستعدادات الحربية للقائد العام للعراق «سعد بن أبي وقاص»، فأرسل جيشًا من اثني عشر ألفًا بقيادة ابن أخيه «هاشم بن عتبة» الملقب بالمرقال، ومعه بطل العراق «القعقاع بن عمرو»، وذلك بعد استئذان الخليفة الراشد «عمر بن الخطاب»، وبمنتهى السرعة وصل المسلمون إلى المدينة فوجدوا أن الفرس قد بالغوا في تحصينها، حيث أحاطوها بخندق مائي متسع وعميق، وزرعوا حول المدينة حقولاً من حسك الحديد لإعاقة خيل المسلمين عن التقدم، ولمس المسلمون الاستماتة الدفاعية الكبيرة عند الفرس، فضربوا على المدينة حصارًا شديدًا استطال حتى جاوز سبعة أشهر وهي أطول مدة حاصر المسلمون فيها مدينة بالعراق، وخلال هذه الفترة كان الفرس يخرجون للهجوم على المسلمين، حتى أنهم قد زاحفوا المسلمين أثناء هذا الحصار ثمانين زحفًا، ولكن المسلمين أحبطوها كلها بمنتهى الشجاعة والثبات، ومع طول الحصار طلب «هاشم المرقال» من القائد العام «سعد بن أبي وقاص» إرسال إمدادات جديدة.

ومع طول الحصار وشدته وثبات المسلمين وإصرارهم على فتح المدينة، قرر الفرس الخروج بكامل قواتهم وهي زيادة عن مائة وخمسين ألفًا من المقاتلين، والاشتباك مع المسلمين في معركة واحدة وفاصلة، وقد وضع لهم «مهران» خطة ذكية تقوم على فكرة التناوب على قتال المسلمين، فجزء يحارب والآخر يستريح، ثم يتم التبادل بينهم حتى يرهقوا المسلمين في قتال مستمر.

وفي صباح يوم الأحد 15 من ذي القعدة سنة 16هـ خرج الفرس بأعداد ضخمة من المدينة وأنشبوا القتال مع المسلمين بمنتهى الضراوة، وقابلهم المسلمون بضراوة أشد وأنكى، ومع تطبيق خطة الفرس بدأ التعب والإرهاق يحل بالمسلمين، وهذا الأمر أخذ يؤثر على نفسيتهم وشدتهم في القتال، وهنا برز دور البطل العظيم الذي لم ينل حظه من الشهرة والمعرفة عند المسلمين وهو «القعقاع بن عمرو»؛ إذ وقف بين الصفوف يحرض المسلمين على الثبات ومواصلة القتال، ثم قام بخطوة عبقرية في القتال، إذ كان الليل على وشك الحلول، فضغط بسرية من خلاصة الفرسان على مؤخرة الفرس المنسحبين لدخول المدينة، ليتمكن بذلك من السيطرة على الخندق وبالتالي يمنع باقي الفرس من العودة لتحصينات المدينة، ثم نادى في المسلمين «أين أيها المسلمون؟ هذا أميركم ـ يعني المرقال ـ على باب خندقهم، فأقبلوا عليه ولا يمنعكم مَن بينكم وبينه من دخوله»، فأثار حمية المسلمين ونخوة العرب التي تمنع العربي والمسلم من ترك أخيه وقائده ويتخاذل عن نصرته، فشد المسلمون بكل قوة على الفرس حتى وصلوا إلى الخندق وصدموا الفرس صدمة هائلة أزالوهم بها عن مواقعهم.

عندها وقع الفرس في مأزق خطير، إذ أصبحوا عاجزين عن العودة للمدينة إلا إذا تغلبوا على المسلمين، فدار قتال ليلي شديد الضراوة، شبيه بليلة الهرير في القادسية، وأثناء القتال وصلت الإمدادات التي أرسلها سعد لأرض المعركة فاشتد عضد المسلمين، واضطرب الفرس بشدة ودخلت خيولهم في حسك الحديد الذي نصبوه أصلاً لخيل المسلمين، فاضطروا للنزول من على الخيل والقتال مترجلين، وكان هذا أوان هلاكهم، حيث طحنهم المسلمون طحنًا شديدًا وأفنوهم عن بكرة أبيهم، حتى بلغ قتلى الفرس مائة ألف قتيل، وجللت جثثهم الساحات أمام المدينة، لذلك سميت المدينة بعد ذلك «جلولاء» لما جللها من قتلى الفرس.

وفاة الإمام القضاعي
17 من ذي القعدة 454هـ ـ 22 نوفمبر 1062م

هو القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي الشافعي المصري، الفقيه المحدث المؤرخ، علم الديار المصرية في زمان المبتدعة الباطنية الفاطمية، ولد بمصر في أواخر القرن الرابع الهجري في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، ورغم البدعة والضلال الذي كان سائدًا وقتها بأرض مصر والتي صارت حضَّانة ومفرخة الزنادقة والملاحدة، إلا إن المصريين حافظوا على دراسة العلوم الشرعية، فدرس القضاعي الحديث والفقه على مذهب الشافعي وبرع فيه، وبرز في التاريخ والأدب، حتى صار قاضي قضاة مصر، وتقلب القضاعي في عدة وظائف ومهام رسمية، وكانت كفاءته العلمية والمهنية سببًا في وثوق المستنصر الفاطمي فيه والعمل بمشورته ورأيه، وانتدبه في مهام رسمية دقيقة، فلقد كان سفير الدولة الفاطمية للإمبراطورية البيزنطية أيام المحنة الكبرى والقحط الشديد الذي أصاب مصر منذ سنة 446هـ، وكان الهدف من السفارة طلب المؤن والغلال لنجدة أهل مصر.

ورغم اشتغال القضاعي بالسياسة والمهام الرسمية إلا إنه صنف العديد من المؤلفات والكتب الهامة في الفقه والتاريخ والحديث، ومن أهم كتبه «شهاب الأخبار»، وقد جمع فيه ألف حديث نبوي من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ والأمثال، وجعلها مسرودة يتلو بعضها بعضًا، محذوفة الأسانيد، مبوبة أبوابًا على حسب تقارب الألفاظ، وقد ختم هذا الكتاب بأدعية نبوية مأثورة، وهو بذلك الكتاب قد سبق النووي في كتابه الشهير رياض الصالحين بأكثر من قرنين من الزمان.

وقد جمع أسانيد كتاب الشهاب في كتاب آخر أطلق عليه العلماء «مسند الشهاب» أو مسند القضاعي، وهو كتاب مشهور مطبوع، لا يزال يتداول حتى الآن، وله عدة كتب في التاريخ مثل «الإنباء عن الأنبياء وتواريخ الخلفاء» و«المختار في ذكر الخطط والآثار» و«عيون المعارف» وهي كتب تاريخية هامة فقدت كلها تقريبًا ولكنها وصلت إلينا في تضاعيفات كتب المقريزي والقلقشندي وابن تغربردي والسيوطي.

وقد مات القضاعي في 17 من ذي القعدة سنة 454هـ.

معاهدة كوتاهية
18 من ذي القعدة 1248هـ ـ 8 أبريل 1833م

كان محمد علي باشا رجلاً طموحًا إلى حد الهوس، يحلم بتكوين إمبراطورية كبيرة على غرار دولة المماليك الكبرى وصاحب توسعات وأفكار استعمارية لا يبالي بأي شيء يقف في طريق طموحاته، وقد أحسنت الدول الأوروبية استغلاله ونفخت في بوق طموحاته من أجل ضرب الدولة العثمانية وإضعاف الأمة الإسلامية، وكان محمد علي يرغب في ضم بلاد الشام إليه، فاستغل فرار عدد من التجار من مصر إلى الشام ولجوءهم إلى والي عكا عبد الله باشا الجزار هربًا من الضرائب الفادحة التي فرضها عليهم محمد علي ورفض الجزار إعادتهم، فأرسل محمد علي حملة برية وبحرية إلى الشام بقيادة ولده الشهير أسد الحروب إبراهيم باشا، ورحبت الدول الأوروبية بهذه الحملة ودعمتها وذلك سنة 1247هـ.

اكتسح المصريون بقيادة إبراهيم باشا غزة ويافا والقدس ونابلس وحيفا، فأرسل السلطان محمود الثاني جيشًا لرد المصريين، فانتصر عليه إبراهيم باشا، ثم فتح عكا ثم حلب، ثم واصل المصريون تقدمهم وهم يكتسحون الجيوش العثمانية الواحد تلو الآخر، حتى اجتاز إبراهيم باشا جبال طوروس واحتل أضنة وأصبحت أبواب إستانبول مفتوحة أمامه، وعندها ارتجت الدول الأوروبية كلها من صعود وقوة نجم محمد علي بصورة لم يكونوا يتوقعونها، وخشيت أوروبا من عودة الروح لجسد الدولة العثمانية إذا تولى أمرها رجل قوي مثل محمد علي، ولربما غيَّر محمد علي ولاءه وجعل توجهاته إسلامية وهو بطبعه ينزع للاستقلال ويعشق الزعامة لحد الهوس، وكانت روسيا أكثر الدول تخوفًا من ذلك، حتى أنها ورغم العداوة التاريخية والتقليدية والعميقة مع العثمانيين، أرسلت 15 ألف جندي لحماية إستانبول، فخافت إنجلترا وفرنسا من التدخل الروسي وطلبتا من الخليفة ضرورة التفاهم مع محمد علي.

وفي يوم 18 من ذي القعدة سنة 1248هـ تم توقيع معاهدة كوتاهية، ومن أهم بنودها:

1ـ أن ترجع جيوش محمد علي عن إقليم الأناضول إلى ما بعد جبال طوروس.

2ـ أن يُعطى محمد علي ولاية مصر مدة حياته.

3ـ يعين محمد علي واليًا من قبله على ولايات الشام (عكا ـ طرابلس ـ دمشق ـ حلب) وأيضًا جزيرة كريت.

4ـ يعين إبراهيم باشا واليًا على إقليم أضنة.

واضطر السلطان محمود الثاني لتوقيع الاتفاقية وهو يضمر في نفسه الاستعداد للحرب مرة أخرى ويؤدب واليه المتمرد محمد علي.

وفاة الإمام ابن رشد الجدالاثنين 17 اكتوبر 2011
19 من ذي القعدة 520هـ

مفكرة الاسلام: الإمام العلاَّمة، شيخ المالكية، قاضي الجماعة بقرطبة، أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، ولد بقرطبة سنة 450هـ وبها تلقى علومه الشرعية وتخصص في دراسة الفقه وأصوله حتى صار من المجتهدين في المذهب المالكي وفاق أقرانه وجميع أهل عصره في الفقه والفتوى وعلم الفرائض والأصول، هذا مع الهدى والسمت الصالح، والوقار والحلم، والدين والفضل.

وقد ألف ابن رشد الجد الكثير من المصنفات النافعة في الفقه مثل كتاب «المقدمات» لأوائل كتب المدونة، وكتاب «البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل» و«اختصار مشكل الآثار للطحاوي»، و«شرح العتبية» ومعظم كتبه في فقه الإمام مالك، كما تولى منصب القضاء، فقام به خير القيام، وسار في الناس سيرة حسنة، ثم استعفى من المنصب وتفرغ للتأليف والتدريس وكان حسن الخلق سهل اللقاء فانتفع الناس به أتم الانتفاع.

ومن أشهر مواقفه وفتاويه: فتواه الخاصة بوجوب نفي أهل الذمة في الأندلس إلى خارجها، في أعقاب خيانتهم الكبرى لدولة الإسلام المستظلين بحمايتها، وذلك عندما تعاونوا مع ملك أراجون الصليبي «ألفونسو المحارب» سنة 520هـ، وقد ذهب ابن رشد بنفسه إلى أمير المرابطين وقتها وهو: «علي بن يوسف بن تاشفين» وكان بمراكش في المغرب وأقنعه بخيانة أهل الذمة ونقضهم للعهد، وقد أخذ علي بن يوسف بالفتوى ونفى المعاهدين من الأندلس.

الجدير بالذكر أن ابن رشد الجد هو جد الفيلسوف الأشهر ابن رشد الذي يطلق عليه الحفيد تمييزًا له عن جده الفقيه، وكان القاضي عياض من أخص الناس بابن رشد الجد وله حوارات فقهية معه بالغة الجودة عرفت باسم «سؤالات لابن رشد».

معركة مستغانم
20 من ذي القعدة 965هـ ـ 5 سبتمبر 1558م

استطاعت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني أن تضم معظم بلاد الشمال الإفريقي، وذلك بفضل مجهودات وبطولات رجال عظام أمثال: خير الدين بربروسا، وعروج، وصالح رايس، وحسن الطوشي، وطرغوت، وغيرهم من أبطال الجهاد البحري، وكانت منطقة الشمال الإفريقي قبلها على وشك السقوط في قبضة الاحتلال الإسباني والبرتغالي، والذي استطاع بالفعل أن يحتل عدة نقاط مهمة بساحل المغرب العربي من ضمنها وهران وتلمسان ومازكان وغيرها في الجزائر خصوصًا.

أصدر السلطان العثماني سليمان القانوني أوامره بفتح مدينة وهران الإستراتيجية، والواقعة تحت الاحتلال الإسباني، وبالفعل تحرك أسطول كبير من الجزائر لفتح وهران، ولكن وفاة القائد صالح الرايس حالت دون إتمام مشروع الفتح، ولقد انتهز السعديون ـ حكام المغرب الأقصى وكانوا على عداء شديد مع العثمانيين ـ فرصة خروج الأسطول العثماني لفتح وهران وانقضوا على تلمسان وأخرجوا منها الحامية العثمانية وحصنوها بشدة، وذلك خوفًا من عودة العثمانيين إليها.

تم تعيين قائد جديد للجزائر وهو البطل ابن البطل حسن بن خير الدين بربروسا وذلك سنة 964هـ، فشرع في تقوية بلاد الجزائر ورتب الجيش ترتيبًا جيدًا، وبدأ رحلته الجهادية واضعًا نصب عينيه هدفين عظيمين: تطهير الشمال الإفريقي من الوجود الصليبي الإسباني والبرتغالي، واسترداد الأندلس، وفي هذه الفترة وقعت اضطرابات داخلية كبيرة في المغرب الأقصى بسبب الاقتتال على الملك استغلها حسن بن خير الدين جيدًا، فقام بنقل قاعدة أسطوله إلى «مستغانم» لتكون قريبة من المغرب ومن أجل استعادة تلمسان مرة أخرى.

كان الكونت الإسباني «دو الكوديت» حاكم وهران شديد القلق والتخوف من تنامي القوة العثمانية بالجزائر، وعلى يقين من سعي الوالي حسن لاستعادة تلمسان، وهذا الأمر يهدد الوجود الإسباني بالمنطقة تهديدًا خطيرًا، فقرر الاستيلاء على مستغانم قاعدة انطلاق الأساطيل العثمانية، وحشد من أجل ذلك 12 ألف مقاتل وخرج على رأسهم لمهاجمة مستغانم، وفي يوم 20 من ذي القعدة 965هـ هجم الإسبان على مستغانم، ولكنهم فوجئوا بالمقاومة الضارية من أهلها والحامية العثمانية، وانتهت المعركة بهزيمة مروعة للإسبان وخسائر فادحة في الأرواح في مقدمتها الكونت الإسباني نفسه الذي خر قتيلاً مع معظم جنوده، في واحدة من حلقات العزة والكرامة للجهاد الإسلامي ضد العدوان الصليبي.

استشهاد الإمام أحمد البريلوي
24 من ذي القعدة 1246هـ

السيد الإمام الهمام، حجة الله بين الأنام، وأحد مجددي الإسلام، قامع الكفرة والمبتدعين، السائر على درب السلف والراشدين، مجدد الجهاد بأرض الهند، الإمام المجاهد، الشهيد السعيد بإذن الله أحمد بن عرفان بن نور الشريف الحسني البريلوي، ولد في صفر سنة 1201هـ ببلدة «راي بريلي» في زاوية جدِّه علم الله النقشبندي البريلوي، فنشأ في صيانة وديانة وزهد، وذلك لأن بيئته كانت صوفية ولكنها ليست صوفية غالية، واشتهر بالصيام والقيام والذكر، وكان يهتم بقضاء حوائج الناس خاصة اليتامى والأرامل، ولكن لم يُفتح عليه في التعليم فلم ينل فيه إلا قسطًا ضئيلاً منه.

ثم غلبت عليه نزعة حب الجهاد في سبيل الله عز وجل، وكانت بلاد الهند وقتها تمر بفترة عصيبة وواقعة تحت الاحتلال الإنجليزي الذي شن حربًا لا هوادة فيها على المسلمين، وتعاون مع كفار الهند من الهندوس والسيخ لمحاربة الحكم الإسلامي، فقرر الخروج للجهاد في سبيل الله وانضم لسلك الجندية ورحل إلى «لكهنؤ» في شمالي شرق الهند، والتحق بخدمة الأمير المجاهد «نواب مير خان» ولبث معه عدة سنين ثم تركه لما رآه عقد معاهدة سلام مع الإنجليز.

انتقل أحمد بن عرفان إلى منطقة «دهلي» عاصمة الهند الإسلامية ومقر الحكم الإسلامي القديم وكانت موطن العلماء والصالحين، فالتقى مع الشيخ عبد العزيز ابن العلاَّمة الكبير ولي الله الدهلوي وأخذ منه العقيدة السلفية وبرع فيها وذلك سنة 1222هـ، ثم خرج للجهاد فلم يجد راية إسلامية خالصة تجاهد في سبيل الله وتحرير البلاد، وعلم أن السبب في ذلك ضعف العقيدة وانتشار البدع والخرافات والفكر القبوري، فأخذ يدعو للعقيدة السلفية الصحيحة ومحاربة البدع والضلالات واحتج بالبراهين النيرة القوية، ودخل في مناظرات مع أقطاب التصوف فدحضهم وأبطل شبههم حتى أعلى الله مناره، واجتمعت على محبته القلوب ودخل الآلاف من الهندوس في الإسلام وخرج هو وجماعة من أعوانه وأتباعه للدعوة وحشد الرجال للجهاد في سبيل الله، وطاف معظم شمالي الهند شرقًا وغربًا ودخل مدن «بُهلت»، و«لوهاري»، و«سهارنبور»، و«رامبور»، و«بريلي»، و«شاه آباد» وانتفع به خلق كثير، وكلما ازداد عدد أتباعه ازدادت شناعة ودعاية مشايخ الصوفية ضده وبدَّعوه وكفروه وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي، وهم يكيدون له ويتربصون به وينجيه الله في كل مرة.

ثم عاد الإمام أحمد إلى بلدته «راي بريلي» وتزوج بأرملة أخيه إسحاق بن عرفان، وبذلك يكون قد أبطل عادة ذميمة وهي عدم التزوج من الأرامل، وبايعه الكثير من علماء وشيوخ «لكنهؤ» وتابعهم على ذلك الألوف من أهل لكنهؤ، ثم خرج هو ومجموعة من أصحابه لأداء فريضة الحج وذلك سنة 1237هـ، وكان أول من حج من مسلمي الهند منذ فترة طويلة بسبب تعطل هذه الفريضة تحت تأثير بعض الفتاوى التي أسقطت هذه الفريضة عن مسلمي الهند بدعوى البعد والمشقة، وأثناء رحلته للحجاز أخذ يدعو الناس في طريقه إلى العقيدة الصحيحة والجهاد في سبيل الله، بل أخذ في الدعوة وهو بأرض الحجاز.

عاد الإمام أحمد وأتباعه من الحجاز سنة 1239هـ إلى بلدته «راي بريلي» وأخذ في بث الدعاة من عنده إلى أنحاء الهند للتذكير والإرشاد، فازداد عدد من انضم لدعوته، واجتمع عنده ألوف الرجال، فلما استوثق من جمعه ونيتهم الخالصة للجهاد، أعلن عن حركته الجهادية، وقرر البدء بجهاد السيخ الكفار، وكان الإنجليز قد أقطعوهم إقليم البنجاب ذا الأغلبية المسلمة، فأقاموا عليه مملكة خاصة بهم، فتوجه الإمام أحمد إليهم سنة 1241هـ ودخل أولاً بلاد أفغانستان ليحرض أهلها على الجهاد فهم أهل نجدة وشجاعة، وبعث أصحابه إلى كابل وكاشغر وبخارى ليحرضوا ملوكها على الاشتراك في الجهاد فاستجاب له أعداد كبيرة من أهل هذه البلاد.

زحف الإمام أحمد ورجاله على إقليم البنجاب وحقق عدة انتصارات كبيرة ضد جيوش السيخ، حتى مد فتوحاته إلى بيشاور وقرئت باسمه الخطب في مناطق كثيرة، وأقام دولة إسلامية صغيرة في هذه المناطق أقام فيها الشريعة وأمات البدع والشركيات والخرافات، ودعا للعقيدة السلفية، فاستغل أعداؤه هذا الأمر وأشاعوا عليه الأباطيل والأكاذيب وكانت الطرق الصوفية منتشرة في أهل البنجاب وأفغانستان، فأخذ من بايعه من قبل في الانفضاض عنه شيئًا فشيئًا تحت تأثير الأكاذيب والأباطيل، وتمادى الأمر حتى أصبح في قلة من أصحابه، فاستغل أعداء الإسلام السيخ ومن والاهم من مشايخ الصوفية الفرصة وهجموا عليه في 24 من ذي القعدة سنة 1246هـ عند وادي بالاكوت (بأرض باكستان الآن) وظل أصحابه يدافعون عنه حتى قتلوا جميعًا وهو في مقدمتهم رحمه الله عز وجل.

يتبع

ماجد سليمان البلوي
12-19-2011, 01:47 PM
معاهدة سيفر
26 من ذي القعدة 1338هـ ـ 10 أغسطس 1920م

وهي المعاهدة التي أجبر الإنجليز الذين كانوا محتلين لإستانبول وقتها الخليفة العثماني «محمد وحيد الدين» على توقيعها في 26 من ذي القعدة سنة 1338هـ، وكانت بشروط مهينة ومجحفة، وذلك من أجل إنقاذ خادمهم الأمين وعميلهم المخلص الخائن مصطفى أتاتورك الذي انخفضت أسهمه بشدة بعد أن أصدر شيخ الإسلام فتوى ضده باعتباره خارجًا عن أمر الخليفة، محاربًا لله ولرسوله، وهذه الفتوى دعمت مركز الخليفة وانضمت إليه معظم الأقاليم العثمانية ضد أتاتورك، ولما شعر الإنجليز أن أوراق أتاتورك على وشك الذبول والسقوط أجبروا الخليفة على توقيع معاهدة سيفر، ثم أذاعوا بنود هذه المعاهدة بأسلوب إعلامي مثير، فهاج الشعب ضد الخليفة وارتفعت شعبية أتاتورك.

كانت شروط هذه المعاهدة شديدة الإجحاف بالدولة العثمانية، إذ تعني تقسيم البلاد بين الأوروبيين، فتسلخ بلاد العرب من الدولة، وتصبح إستانبول دولة وحدها، ويلحق الجزء الأوروبي منها وجزر بحر إيجة باليونان، وتصبح أرمينيا دولة مستقلة، وتعطى كردستان حكمًا ذاتيًّا، وتوضع المضائق «البوسفور والدردنيل» تحت إشراف هيئة دولية، ويحدد عدد الجيش ويخضع لتوجيه الحلفاء، وتوضع مالية الدولة تحت إشراف الحلفاء، وتعطى الأقليات النصرانية امتيازات كبيرة وإضافية، وكلها شروط كما نرى شديدة الإجحاف والظلم.

الجدير بالذكر أن إذاعة شروط هذه المعاهدة جاء في الوقت الذي كانت فيه جيوش مقاطعات الأناضول كلها خاضعة للخليفة ومتجهة إلى «أنقرة» مقر نفوذ أتاتورك للقضاء عليه أو إخضاعه، فلما أذيعت الشروط انقلبت هذه الجيوش على الخليفة ورجعت عن أنقرة.

وفاة السلطان المملوكي قايتباي
27 من ذي القعدة 901هـ

السلطان المملوكي الكبير قايتباي أبو النصر بن عبد الله الجركسي المحمودي الظاهري، التاسع عشر في سلاطين المماليك الجراكسة أو البرجية، وأطول سلطان مملوكي مدة في حكم دولة المماليك؛ إذ مكث قرابة الثلاثين سنة، وهذا الأمر من نوادر الدولة المملوكية التي لم يكن سلاطينها يمكثون طويلاً، فإما يخلعون أو يقتلون أو يموتون سريعًا لكبر سنهم.

وُلد قايتباي سنة 826هـ وهو من أصول جركسية، وموطن الجراكسة هو الأرض المشرفة على البحر الأسود من جهة الشمال الشرقي وكانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي سابقًا، وقد أعتقه السلطان الظاهر جقمق، لذلك عرف بالظاهري، بويع له بالسلطة في 6 رجب سنة 872هـ بعد أن خلع السلطان «يزبك» الذي لم يمكث في السلطنة سوى يوم واحد، وتلقب قايتباي بالأشرف واستعمل الحزم واتحد مع الجد حتى استقرت له الأمور ودانت له الملوك وصارت قامته السياسية توازي وتسامي السلطان العثماني محمد الفاتح.

سلك قايتباي مسلكًا حكيمًا في قيادة دولة المماليك دائمة التقلب، أخضع به الطامعين والمتطلعين للحكم واستمال به قلوب الناس، ولقد كان محبًا للعلماء والصالحين يخضع لهم غاية الخضوع، واعتنى قايتباي بالعمران، فبنى قلعة حصينة بالإسكندرية مازالت قائمة حتى الآن، وحصَّن ثغر دمياط الذي كان هدفًا دائمًا لغارات الصليبيين، وبنى الكثير من المدارس في الحجاز والشام، وعمَّر المناسك فأصلح مسجد الخيف وساق الماء من عرفات إلى منى، وأصلح المسجد النبوي وحفر الآبار، واهتم بالقدس الشريف والجامع الأموي، وكانت عنايته منصبة على بناء الجوامع والمدارس والطرق، ووصلت الدولة في عهده لأوج توسعها العمراني والحضاري.

كما اهتم قايتباي بمحاربة إمارة ذي القادر التركمانية والتي تقع على أطراف الشام والأناضول، وبسبب هذا القتال وقع خلاف شديد بين قايتباي ومحمد الفاتح، وذلك سنة 877هـ، كما حارب قايتباي الدولة التركمانية الأخرى «آق قويتلو» أو الشاة البيضاء وزعيمها حسن الطويل حتى قضى عليه، ظل على خلافه مع العثمانيين حتى وفاة محمد الفاتح سنة 886هـ.

وظل قايتباي مسيطرًا على دولة المماليك الممتدة من مصر إلى الشام والحجاز وأجزاء من اليمن والأناضول ولم يقدر أحد على منازعته الأمر، حتى مات في 27 من ذي القعدة سنة 901هـ.

قيام الخلافة الأموية بالأندلس
2 من ذي الحجة 316هـ ـ 15 يناير 929م

عندما أسس الأمير عبد الرحمن الداخل الشهير بصقر قريش الدولة الأموية بالأندلس سنة 138هـ لم يتسمَّ باسم الخليفة ولم يتخذ سمتها واكتفى بلقب الإمارة، وسار بنوه وأحفاده على أثره على الرغم من قدرته وبنيه على ذلك وقوة دولتهم واتساعها، وذلك لعدم جواز وجود خليفتين في نفس الوقت، فدواعي الدين والحفاظ على وحدة الأمة تمنع من ذلك.

استمر وضع الدولة الأموية في الأندلس على ذلك النسق حتى شطر من عهد الأمير عبد الرحمن الناصر وتحديدًا سنة 316هـ، حيث رأى «الناصر» أن الدعوة الفاطمية في الشمال الإفريقي قد نمت بقوة في أوائل القرن الرابع الهجري وأخذت في الاتساع والتمدد شيئًا فشيئًا ناحية الشرق، في حين بلغت الخلافة العباسية مرحلة متدهورة من الضعف وتسلط الأتراك عليها وقتلوا وعزلوا من شاءوا من الخلفاء وعمت الفوضى والاضطرابات هناك، واستقل أمراء الأطراف بما تحت أيديهم فرأى عبد الرحمن الناصر أن يتشح بوشاح الخلافة ويتخذها اسمًا ليوقف الزحف الفاطمي الباطني إلى الأندلس ويحجمه بالمغرب، وأيضًا ليستعيد تراث أسرته القديم، كما كان الناصر يرى نفسه أحق وأجدر زعماء الإسلام بهذا المنصب الخطير.

وقد تم إعلان قيام الخلافة الأموية في 2 من ذي الحجة سنة 316هـ ونعت الناصر باسم أمير المؤمنين.


وفاة المؤرخ خير الدين الزركلي
3 من ذي الحجة 1396هـ ـ 25 نوفمبر 1976م

المؤرخ الأديب السياسي خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي، ولد ببيروت سنة 1310هـ ـ 1893م وترعرع بدمشق واعتنى بالأدب واللغة وتأثر بالفكر القومي العروبي حيث كانت أرض الشام وقتها مهد الصراع بين القومية العربية والقومية التركية، اشتغل بالصحافة وأصدر عدة صحف منها الأصمعي والمفيد، وعندما احتل الفرنسيون سوريا رحل الزركلي إلى عمان وقد حكم عليه الفرنسيون بالإعدام مرة وصادروا أملاكه ثم عفوا عنه ثم أصدروا عليه حكمًا بالإعدام مرة أخرى بحجة تأييد الثورة ضد الاحتلال الفرنسي.

انتقل الزركلي من عمان إلى القاهرة إلى الحجاز إلى القدس، ثم انتهى به المقام في العمل بالسلك الدبلوماسي السعودي، ومثَّل السعودية في محافل هامة وعمل سفيرًا لها بالمغرب واشترك في مباحثات تأسيس جامعة الدول العربية مندوبًا عن السعودية.

ألف العديد من الكتب في اللغة والأدب، ولكن أشهر كتبه كان كتاب «الأعلام» الذي جاء على نسق كتاب سير أعلام النبلاء، حيث ترجم فيه لـ 13435 شخصية من القديم والحديث، ولكن غلبت عليه نزعته القومية العروبية فلم يترجم لأعلام العثمانيين لكراهيته للأتراك، في حين وضع تراجم للعديد من المستشرقين في كتابه ولكن لا يقلل هذا الأمر من أهمية هذا الكتاب النفيس.

وقد توفي خير الدين في 3 من ذي الحجة سنة 1396هـ بالقاهرة ودفن بها.

مذبحة بخارى
4 من ذي الحجة 616هـ ـ 16 فبراير 1220م

تعتبر مدينة بخارى من أعرق بلاد الإسلام في قلب القارة الآسيوية وأم العلوم والفنون وموئل الكثير من علماء الإسلام ومحط رحال طلبة العلم والمحدثين من كل مكان، وقد فتحها القائد «قتيبة بن مسلم» سنة 90هـ ومن يومها صارت من أعظم بلاد الإسلام، وتبدأ فصول مأساتها المروعة بإعلان جنكيز خان التتاري الحرب على بلاد الإسلام وذلك بسبب خطط هو له وافتعله بخلاف بسيط مع علاء الدين خوارزم سنة 615هـ، ليكون ذريعة للهجوم على بلاد الإسلام وابتلاعها.

وزاد الطين بلة إقدام علاء الدين خوارزم على خطوة طائشة وغير مدروسة بالهجوم على ديار التتار وهم منشغلون بقتال أحد ملوك الصين، ورغم ضخامة جيش علاء الدين إلا إنه فشل في هجومه هذا بعد أن عجز عن هزيمة فرقة صغير من جيش جنكيز خان، وكشف هذا الفشل عن كابوس مرعب لعلاء الدين خوارزم، إذ كيف سيواجه جيوش جنكيز خان مجتمعة بعد أن عجز عن التغلب على جزء صغير منها؟

قام علاء الدين خوارزم بالعودة بسرعة كبيرة إلى بلاده وقد استولى عليه الفزع وأدرك فداحة ما أقدم عليه وسوء عاقبته، وأمر بتحصين مدينتي بخارى وسمرقند وكانتا أول مدينتين في طريق التتار، فوضع حامية ببخارى تقدر بعشرين ألفًا وأخرى بسمرقند تقدر بخمسين ألفًا ثم عاد إلى عاصمته بخراسان لاستنفار الجنود والمسلمين، وترك بخارى وسمرقند للمصير المحتوم.

خرج جنكيز خان بجيوشه الجرارة من بلاده إلى بلاد الإسلام وكانت مدينة بخارى أول مدينة ينزل عليها، فضرب عليها حصارًا شديدًا ثم أنشب قتالاً عنيفًا مع حاميتها لم يستمر سوى ثلاثة أيام، ثم فرت الحامية الخوارزمية من المدينة وتركت أهلها فريسة سهلة للتتار، وأسقط في يد أهل بخارى بعد هذا الفرار المخزي، وطلبوا تسليم المدينة نظير الأمان لأموالهم ودمائهم، فتظاهر جنكيز خان بالموافقة وهو يضمر الشر وينوي الغدر، وفي يوم 4 من ذي الحجة سنة 616هـ دخلت جيوش التتار مدينة بخارى بالأمان، وما إن صاروا وسط المدينة حتى انقضوا على أهلها قتلاً وسفكًا وذبحًا وسبيًا وكان يومًا مهولاً، وملحمة فظيعة لأمة الإسلام، وقتل فيه عشرات الآلاف وأحرقت المساجد والجوامع وهدمت المدارس واغتصبت النساء أمام أزواجهن وذبح الأطفال في حجورهن، وكانت هذه المذبحة العامة بداية سلسلة مرعبة من المذابح التي سيرتكبها التتار ببلاد الإسلام.

يتبع ان شاء الله
تحيات
ماجد البلوي