المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلماء ودراسة للحلزونيات..؟؟



ماجد سليمان البلوي
12-31-2012, 08:24 PM
العلماء ودراسة للحلزونيات..؟؟

يزداد اهتمام العلماء بدراسة أشكال الحلزونات في الرياضيات وفي الطبيعة.
هل يمكن أن تخضع قوقعة ومجرة للقانون الهندسي نفسه؟

في الحقيقة يمكننا القبول أن وظيفة الصمامات الصغيرة في أمعاء القرش هي إبطاء دخول كميات الطعام. ولكن كيف نفهم أن طيران مستعمرة من الخفافيش المكسيكية تتبع الأسلوب ذاته؟
إن منحنيات خاصة محددة هندسياً تحديداً كاملاً تنطبق على عدد هائل من التنوعات الطبيعية، من الجزيئات إلى المجرات والسدم، مروراً بالنفثات الملتفة لدخان لفافة تبغ. ونجد آلية الالتفاف هذه في الحقل المغنطيسي للشمس،

الذي بيّن السابر أوليس أنه يتطور حلزونياً، وفي نحو 80000 نوع من الرخويات التي تنمو معظم أصدافها ومحاراتها حلزونياً، إلى الطيران اللولبي لبذور القيقب والدردار (الجناحيات من الثمار وحيدة البذرة) التي تسقط في حركة تدومية عندما تنفصل عن الشجرة، إلى الأذن الداخلية التي بفضل تصميمها الحلزوني يمكننا سماع الأصوات.كذلك فإن حبلنا السُري وشعرنا عندما لا يكون أملساً وبصماتنا لها التفاف حلزوني. وهو نفسه التفاف أنياب الماموت الذي استمر في شكل خطم الفيل،

كما واستدارات كريات الريش الزرقاء لذكور طيور الفردوس على طرف ذيلها. ونذكر أيضاً الظاهرات التي أُثبتت مؤخراً ضمن تفاعلات كيميائية تحرك ثاني أكسيد الكربون تحت ضغط عالي، وهي تسمى بتفاعلات بيلوسوف ـ زابوتنسكي، ونكتشف فيها كيف أن تغيراً في درجة الحرارة ينظم آنياً أشكالاً حلزونية غير متوقعة في مثل هذه المادة.

ما هو التعريف الرياضي لهذه الحلزونات، وما هي أنواعها؟
يعرف عالم الرياضيات د‘لامبير الحلزون بأنه عموماً خط منحن،
يبتعد باستمرار عن مركزه، منجزاً دورات كثيرة حوله. ووفق د‘ارسي تومسون فإن الحلزون عموماً هو منحن يتميز بنقطة أصل،
وينقص انحناؤه كلما ابتعدنا عن هذه النقطة. ولهذا يتم التمييز وفقه بين الحلزونات واللوالب التي لا يحقق دورانها ابتعادا عن المركز.

وكان أول من حدد حلزوناً معيناً هو أرخميدس ويُعرف الحلزون باسمه. والمنحني الذي يرسمه منتظم. وقد عرّفه أرخميدس من منظور حركي، معتبراً نقطة تتحرك على مستقيم بسرعة ثابتة في حين يدور هذا المستقيم بسرعة زاوية ثابتة حول إحدى نقاطه. وفي هذه الحالة تزداد اللفات بشكل عددي.

أما النمط الثاني من الحلزونات فاكتشفه ديكارت عام 1638. وهو يشتمل على الحلزونات المسماة باللوغاريتمية، أي التي يزداد عدد لفاتها وفق متتالية هندسية.

وتمثل القوقعة بامتياز هذا النوع من الحلزونات. فهي تتميز بازدياد مستمر في سعتها وفق معامل ثابت. ومع نمو القوقعة، الذي يوافق إضافة حجيرة جديدة إليها، تكون كل إضافة مماثلة هندسياً تماماً للشكل السابق.
ويساعد على ذلك المادة التي تتكون منها هذه القواقع، وهي من كربونات الكالسيوم المنحل في مياه البحار.

ويمكن اعطاء أمثلة لا تنتهي على هذه القواقع الحلزونية. ولعل أحد أروع الأمثلة على هذه الحلزونات هو شبكة العنكبوت. فخيوط الشبكة اللولبية تتراص وتتقارب من بعضها كلما اقتربت من المركز.
وعند مسافة معينة فإنها تتوقف فجأة، ويظهر الحلزون الاضافي الذي لم يُدمَّر في منطقة المركز فيكمل نحو المركز بدورات أكثر فأكثر تقارباً. ويكاد الشكل الناتج يطابق الوصف الرياضي..

ماذا عن هذه الحلزونات في المملكة الحيوانية الأكثر تعقيداً؟
ترجع أقدم الدراسات التي أشارت إلى وجود بنية حلزونية في الحيوانات إلى عام 1668 . ففي دراسة لأمعاء سمك القرش، دهش العلماء لشكله المميز. فثمة في جهازه الهضمي صمام حلزوني، يحقق شكلاً هندسياً يقتصد كثيراً في المساحة التي يشغلها. وهو عبارة عن حلزون لولبي يسمح له بهضم فرائس كبيرة الحجم.

ويستند هذا اللولب من أحد طرفيه على جدار الأمعاء. وسبب ذلك هو إبطاء دخول وجبات الطعام من أجل المساعدة على الهضم. فالطريق الحلزوني يجعل الغذاء يستغرق وقتاً طويلاً للمرور على الرغم من قصر المسافة المباشرة.

وقد استلهم أحد المعماريين فيما بعد من هذا الشكل الحلزوني لأمعاء القرش شكل درج برج متحف اللوفر ثم مرصد باريس، وهو درج حلزوني إنما لا يرتكز على محور حامل! وقد بينت الدراسات اللاحقة أن هذا الشكل موجود عند أنواع أخرى مثل سمكة اللياء أو الري.

ويميز العلماء اليوم أربعة أنواع من الصمامات، وأهمها وأكثرها إدهاشاً عند سمكة الري إذ يتميز بمحور مركزي ساند مما يزيد من تأخير مرور الغذاء. إن هذه الصمامات تسمح بامتصاص أفضل للمادة الغذائية بعد تعرضها للعصارة المعدية، وتضاعف هذه الصمامات السطح الماص بين ثلاث إلى ست مرات أكثر بالنسبة إلى أمعاء لا تحتوي على مثل هذه الصمامات الحلزونية.
هل يمكن لعدة أنواع من الحلزونات أن تلتقي في تشكيل عضوية حية؟

كان د’ارسي تومسون قد حلل بعمق التزاوجات بين اللوالب والحلزونات اللوغاريتمية. واستطاع بدراسة قرون الوعل أو العنز البري تحديد إمكانية تزاوج هذين الحلزونين. إن الحلزون اللوغاريتمي، الذي يميز نمو القوقعة بزاوية ثابتة، له شكل مسطح. وفي حالة قرون البقريات،

فإن هذه القرون تتشكل وفق هذه الحلزونات ، لكنها تراكب فوقها لولباً يرتفع في الفراغ على شكل مخروط. ومهما كان الأمر ، بالنسبة للقواقع أو لقرون الحيوانات، فإن الحلزونات اللوغاريتمية تميز النسج الميتة وليس النسج الحية. وهذا هو السبب في أن هذه البنية تكون دائماً مزينة أو مترافقة بخطوط النمو، وهي شواهد على الأشكال والحجوم المتلاحقة التي مرت بها المتعضية.

إن أكثر ما يدهش العلماء في هذه القرون الحلزونية هو خصائصها التناظرية. فالقرون تنمو مثنى مثنى، باستثناءات نادرة جداً، لكنها تنمو بحيث يبدو أحدها كصورة للآخر في المرآة، فالقرنان لا يلتفان بالتالي في الاتجاه نفسه. ويفتح هذا الامر مجالات واسعة للبحث.

ويزداد العلماء دهشة عندما لا يكون الانتظام الحلزوني في متعضية واحدة بل صفة لمجموعة من الكائنات معاً! ومثال ذلك الطيران الذي يقوم به آلاف من الخفافيش المكسيكية التي تحيا في مستعمرات في كهوف جنوب الولايات المتحدة.
وتخرج هذه الخفافيش كل يوم من كهوفها وترتفع على نسق واحد ودون أي تغير راسمة لولباً هائلاً يلتف دائماً إلى اليمين.

ولم يمكن برهان أية فرضية حتى الآن حول سبب اتجاهها اليميني عند ارتفاعها الجماعي. إن وجود هذه الاشكال الحلزونية في الطبيعة جعل بعض العلماء يعتقدون أن هناك قانوناً ناظماً على المستوى الفيزيائي والبيولوجي يحكم تشكل الكائنات وفق أنساق حلزونية.

ومع ذلك يرى فريق آخر أنه على الرغم من التشابه الكبير فيما بين هذه الأشكال، لكنها لا تبدي في الواقع أية صلة بيولوجية . ولهذا فقد يستحيل وجود قانون فيزيائي أو ديناميكي وحيد ، في حين أنه يمكن أن يوجد بالتأكيد قانون نمو رياضي يفسر توافق هذه الأشكال كلها..
تحيات
ماجد البلوي