المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل عادة الاحتفال بمولد الرسول بدعة أم لا ..؟؟



ماجد سليمان البلوي
01-23-2013, 11:00 PM
هل عادة الاحتفال بمولد الرسول بدعة أم لا ..؟؟

السلام عليكم

ما جرى من اختلاف بين العلماء في جوازه وعدمه، واستحسانه وإساءته، خاصة بعد ما جرت هذه المسألة على ألسنة متعلمي الهند، وبين المساكين الحنفية من هذا البلد وغيره لا يعني إلا كثيرًا من الزلازل، والقلاقل، والرعد، والبرق ظهر من الفريقين، أما في الواقع ليس من باب يستحق مثل هذا الاعتناء والكلام، أو يحتاج إلى عدة رسائل طويلة.

ولاشك أن كلا الفريقين بحكم "حبك الشيء يعمي ويصم" سلكوا في الاستدلال على هذا المدعى إثباتًا ونفيًا طريقًا بعيدةً عن محل النزاع، وجاؤوا بما هو غريب عن هذا المقام، وطولوا الكلام بدون فائدة، ورضوا بإضاعة الأوقات في تأليف الرسائل في هذه المسألة. ولا تخفى حقيقة ضعف أدلة الفريقين في هذا الباب على العارف الماهر، أما بعدما وُفِّقْت لتقييد الأدلة، والعثور على مصنفات أئمة الحديث تبيَّن أن ما صنعه القدماء ليس إلا تقويم القديم، وأن كلا الفريقين من المجوزين والمانعين أضاعوا طريق الإنصاف، والاستدلال، ورضوا بالبراهين الباردة، والحجج الداحضة، والتأويلات المتعسفة، والتوجيهات الفاسدة {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[المؤمنون: 53]، وينبغي هنا الإعراض عن القيل والقال وآراء الرجال، والاقتصار على عبارة "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية، وبحث وفتوى إمام المحققين، وأعدل الأئمة المحدثين القاضي العلامة المجتهد المطلق الرباني محمد بن علي الشوكاني؛ إذ ليس قضاء أحسن من قضائه؛ إذ علمه وفضله ـ رحمه الله ـ مسلّم لدى كل موافق ومخالف إلا من لا يعتد به بين العلماء في الإسلام، وكلامه يقضي قضاءً عادلاً موافقًا لسنة خير الأنام المطهرة، وعارٍ من ملوثات الآراء الخاصة، وفساد الظنون والخيالات العامة، يقول: لم نجد حتى الآن استدلالاً، ودليلاً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإجماع، والقياس، على ثبوت هذا العلم الذي يسمونه "مولدًا"، بل أجمع المسلمون كلهم على أنه لم يوجد هذا العمل في عصر من عصور خير القرون والذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وأجمعوا على أن..
(( مخترعه السلطان المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن سبكتكين، صاحب "أربل"، وعامر الجامع المظفري بـ "سفح قاسيون"، كان في المائة السابعة، ولم ينكر أحد من المسلمين أن هذه ليست ببدعة،))
هنا يتبين للناظر أن القائل بجوازه بعد التسليم بأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة بنص المصطفى صلى الله عليه وسلم، ليس بقائل إلا بما هو ضد الشريعة الإسلامية المطهرة، ولم يتمسك بشيء إلا تقليد من يقسم البدعة إلى أقسام، والتقسيم ليس عليه أثارة من علم.

الحاصل: أننا لا نقبل أي قول من القائل بجواز عيد المولد إلا بعد إقامة دليل يخصص هذه البدعة من ذلك العموم الذي لا يمكن إنكاره، أما مجرد قال فلان وألف فلان فغير نافق، والحق أكبر من كل أحد.

ولم عوّلنا على أقوال الرجال ورجعنا إلى التمسك بأذيال القيل والقال مع هذا لم يقل بجوازه إلا الشاذ والفاذ من المسلمين، أما العترة، وأتباع أهل البيت فلا نجد كلمة منهم تدل على جوازه، بل كلمتهم بعد حدوث هذه البدعة متفقة على أنها من أقبح الذرائع المتخلفة إلى المفاسد؛ ولهذا ترى هذه الديار منزهة عن جميع شعابذ المتصوفة المتهتكة التي هذه واحدة منها، ولله الحمد، وكان آخر الخلف الذابين عن ذلك المهدي لدين الله العباس بن المنصور، فإنه منع الموالد، وأمر بهدم قبور جماعة من الأموات الذين يعتقدهم العامة، والمرجو من الله تعالى أن يلهم خليفة عصرنا المنصور بالله ـ حفظه الله تعالى ـ إلى الاقتداء بسلفه الصالح فإن الأمر كما قيل:

أرى خلل الرماد وميض جمر ويوشك أن يكون له اضطرام

وكيف لا، فإن سريان البدع أسرع من سريان النار، لاسيما بدعة المولد التي تشتاق إليها أنفس العامة غاية اشتياق، خاصة بعد حضور جماعة من أهل العلم والشرف والرئاسة معهم في تلك المجالس، حيث يظن العامة بعد حضورهم أن هذه البدعة سنة، وقد أحسن من قال:

فساد كبير عالم متهتـك وأفسد منه جاهل متنسك

هما فتنة للعـالمين كبيرة لمن بهما في دينه يتمسك

ولاشك أن العامة أسرع الناس إلى كل ذريعة من ذرائع الفساد يتمكنون بها من شيء من المحرمات كالمولد ونحوه، وحينما ينضم إلى هذا المحرم حضور من له شهرة في العلم، والشرف، والرئاسة يؤدون المحرمات بصورة الطاعات، ويخبطون في أودية الجهالات والضلالات، ويبحثون الخلاص عن ورطة الإنكار بالقول: حضر معنا سيدي فلان وفلان، اترك العامة، فبعض الناس لديهم رُشد في طلب العلم، ويجلسون أمامي لدراسة بعض علوم الاجتهاد، يخبرون أنهم كانوا حضروا البارحة في بعض الموالد، ولما أنكرت عليهم، وانقبضت منهم قالوا: حضر معنا سيدي فلان وفلان، ولما سألت أن المولد المذكور في حضور هؤلاء الأعيان كان على أية صفة؟ ذكروا في شرح القضية المذكورة أن الفلان السوقي يُنشد المولد وهؤلاء الأعيان يدخلون في الطرب والاستماع، وكلما يصل المنشد إلى بعض موضوعات المولد يقوم، وهو يقول:

مرحبًا يا نور عيني مرحبا

وحينما يقوم هو يقوم جميع أعيان الحاضرين وغيرهم بقيامه، ولو تعب أحد منهم وجلس، وهم كذلك يناديه بعض هؤلاء الأعيان، وفي سورة الغضب الظاهرة عليه يقول: قم ولا تجلس، ولا يشكون في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصل إليهم في تلك الساعة، ويصافحون فيما بينهم، وتخرج جماعة من العامة مسرعين وبأيديهم أنواع من الطيب كأنهم ينتهزون الفرصة للقائه صلى الله عليه وسلم، فإنا لله وإنا إليه راجعون، أين عزة الدين؟ فإن ذهبت فأين الحياء، والمروءة، والعقل!!

ولو سلّمنا أنه لا يحصل في حضرة هؤلاء الأعيان شيء من المنكرات ـ كما هو الظن بهم ـ لكن ألا يعلمون أن العامة يتخذون هذا الصنيع وسيلة وذريعة إلى كل منكر، وفي حضورهم يرتكبون كل منكر، وفي مواليدهم التي لا يحضرها إلا سقط المتاع والأنجاس يأتون بكل منكر، ويتمسكون بجامع اسم المولد.

من هنا يتبين فساد اعتذار بعض المجوزين أنه لا يوجد في المولد إلا الاجتماع للطعام والذكر فلا بأس به، ولا يلزم من تحريم المحرمات التي تصاحب المولد تحريم المولد.

ونحن نقول: المولد مع كونه ـ حسب اعترافه هو ـ بدعة يكون مصحوبًا عادةً بكثير من المنكرات، وذريعةً إلى كثير من المفاسد، ووجود الموالد لا يوجد فيها غير الطعام والذكر أعز من الكبريت الأحمر، ومن المقرر أن سدّ الذرائع، وقطع علائق الوسائل إلى ما لا يجوز من قواعد الشريعة المهمة، وجزم الجمهور بوجوبه، وأنت إن بقيت فيك بقية من الإنصاف لا تنكر هذا.

وعندما تبين أنه لم يقل أحد من أهل البيت وأتباع العترة بجواز هذا المولد فينبغي أن تعرف قول غيرهم أيضًا، وذلك أننا قررنا فيما سبق أن جميع المسلمين أجمعوا على كون هذا المولد بدعة، ولكن يكون للملوك تأثير في تقويم البدع وهدمها، وكان مبتدع هذه البدعة الملك المظفر، وساعده ابن دحية، وألف في هذا الباب كتابًا سماه بـ "التنوير في مولد البشير النذير"، وهو مع توسعه في علم الرواية لم يأت في ذلك الكتاب بحجة نيرة، لا جرم أن الملك أعطاه جائزة على هذا الكتاب قدرها ألف دينارٍ، كما ذكر ذلك ابن خلكان، ومحبة الدنيا تفعل أكثر من هذا، وبعد حدوث هذا المولد قام الخلاف على قدم وساق، وظهرت مؤلفات كثيرة من المانعين والمجوّزين، ومن المؤلفين في هذا الباب الفاكهاني المالكي، ألف كتابه "المورد في الكلام على المولد"، وقام بتشنيع وتبشيع هذا العمل، ومن جملة ما أنشده في ذلك الكتاب لشيخه القشيري رحمه الله:

قـد عـرف المنكـر واستنكر المعروف في أيـامنا الصعبـة

وصـار أهل العلم في وهـدة وصار أهـل الجهل في رتبـة

حـازوا عن الحق فما للـذي ساروا به فيما مضى نسـبة

فقلـت للأبرار أهـل التقى والديـن لما اشتدت الكربة

لا تنكـروا أحوالكم قد أتت نـوبتكم في زمن الغـربـة

ومن المؤلفين في المولد الإمام أبو عبد الله بن الحاج، وسماه "المدخل"، وإمام القراء الجزري، وسمى كتابه: "عرف التعريف بالمولد الشريف"، والإمام الحافظ ابن ناصر وسمى كتابه: "المورد الغادي في مولد الهادي"، والعلامة السيوطي، وسمى كتابه: "حسن المقصد في عمل المولد"، فبعضهم جزموا بعدم الجواز، وبعضهم أجازو باشتراط أن لا يرافقه منكر، مع الاعتراف بأنه بدعة، ولم يأتوا بحجة أبدًا.

أما تخريج المولد من حديث: ((أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشرواء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى)) ([1])الحديث: كما فعل ابن حجر الهيتمي أو من حديث: ((أنه صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة)) الحديث، كما فعل السيوطي، فمن الغرائب التي أوقع في مثلها حبّ تقويم البدع.

والحاصل: أن المجوزين ـ وهم شذوذ بالنسبة للمانعين ـ قد اتفقوا على أنه لا يجوز إلا بشرط أن يكون لمجرد الطعام والذكر، وقد عرفناك أنه قد صار من ذرائع المنكرات، ولا يخالف أحد بهذا الاعتبار، وأما المولد الذي يقع الآن من هذا الجنس فهو ممنوع منه بالاتفاق، وفي هذا المقدار كفاية، وكان المقام يحتاج إلى بسط طويل مشتمل على إيراد كلمات المجوزين، وردّها، ولكن ذلك لا يتم إلا في الكراريس، ولابد أن يلهم الله أحد أرباب الأمر إلى المنع من هذه القضية، فإنها تنحسم بأمر يسير وهو أن يمنع ذلك النشّاد الذي صار يدعي لعمل المولد ويزجر، وهذا أمر يتمكن منه كل أحد، هذا آخر كلام الشوكاني، ومن هذا الكلام البليغ ظهر منع القيام عند ذكر ولادته صلى الله عليه وسلم، والموفق من وفقه الله للإسلام.

قال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم": وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة بالنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له، والله يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرًا محضًا، أو راجحًا لكان السلف أحقّ به منا، فإنهم كانوا أشد محبّةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته، واتباع أمره، وإحياء سننه باطنًا وظاهرًا، ونشر ما بُعثَ به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.. إلى آخر العبارة، فليراجع، ومثله يستفاد من كلام الهدي أيضًا، والحق أحق أن يتبع، والمهدي من هداه الله.

([1]) أخرجه البخاري: الأنبياء 3216، ومسلم الصيام 128.
تحيات
ماجد البلوي

مشعل بن مشحن السرحاني
01-24-2013, 03:03 AM
قدوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ...................

علي فالح الرقيقيص
01-24-2013, 07:34 AM
اعتقد ان الدليل القاطع من الكتاب والسنه والاجماع بين العلماء هو الفيصل في هذه المسأله,,,, شكرا جزيلا لك ماجد على هذا الموضوع المهم

ماجد سليمان البلوي
01-25-2013, 12:22 AM
قدوتنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ...................


نعم قدوتنا الرسول عليه الصلاة والسلام
الف شكر اخي مشعل
بارك الله فيك

ماجد سليمان البلوي
01-25-2013, 12:24 AM
اعتقد ان الدليل القاطع من الكتاب والسنه والاجماع بين العلماء هو الفيصل في هذه المسأله,,,, شكرا جزيلا لك ماجد على هذا الموضوع المهم

نعم الدليل القاطع الكتاب والسنة
الف شكر اخي علي
على ردك الطيب
بارك الله فيك

راجية الرحمة
12-24-2013, 11:56 PM
الله يعطيك العافية