المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو القلب السليم ؟



عمر محمد
03-29-2013, 02:39 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة



ما هو القلب السليم ؟ يقول عليه الصلاة والسلام:

(( إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ ))
(صحيح البخاري)
الآن إذا صح القلب صحت الجوارح، وصح العمل، وصحت الوجهة، وإذا انحرف القلب انحرف العمل، وانحرفت الجوارح، وانحرفت الوجهة، لذلك المناط هو القلب، عبدي طهرت منظر الخلق سنين، زينت دارك، حسنت لباسك، حسنت مركبتك، هذا كله منظر الخلق، أفلا طهرت منظري ساعة، فالقلب السليم هو القلب الذي طهر من الشك والشرك، هناك آخرة ؟ الله أعلم، إذا لم يوجد اليوم الآخرة فإن تعبنا ذهب سُدى، ولكن بوجود اليوم الآخر ينال الإنسان جزاءه، هذا شاك ليس هذا هو الإيمان.

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾
(سورة الحجرات 15)
المعنى الأول:
لذلك القلب الذي سلم من الشك والشرك هو القلب السليم.

المعنى الثاني:
القلب السليم هو قلب المؤمن لماذا ؟ لأن الله عز وجل وصف قلوب المنافقين بأنها فيها مرض:

﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا ﴾
(سورة البقرة 10)
وصف الشحيح بأنه مريض قال:
﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾
(سورة التغابن)
فالشحيح مريض نفسياً، والمتكبر مريض نفسياً، والمشرك مريض نفسياً، والشاكّ برحمة الله وعلمه وقدرته وأسمائه الحسنى وصفاته الفضلى مريض نفسياً، المشرك مريض نفسياً، المغرور مريض نفسياً، الظالم مريض نفسياً، لذلك القلب السليم هو قلب المؤمن، وقلب المنافق والكافر مريض نفسياً.

المعنى الثالث:
وقال بعض العلماء القلب السليم القلب الخالي من البدعة، المطمئن بالسنة، يعني من هوي الكَفَرَة، هوي مخترعاتهم حشر معهم، ولا ينفعه عمله شيئاً، فالقلب المتعلق بالبدع والأشياء التي لا ترضي الله عز وجل هذا قلب مريض، والقلب المطمئن إلى شرع الله، وإلى السنة هذا قلب سليم، هذا معنى ثالث من معاني القلب السليم.

المعنى الرابع المتعلق بالسياق:
القلب السليم هو القلب الذي سلم من آفات المال والولد، المال له آفات، وهي السرف، والتيه، والكبر، والبخل، والمبالغة في الإنفاق، والتبذير، هذه آفات المال، آفات الولد أن يبتغي به الدنيا فقط، ولا يلتفت إلى دينه، بل إلى دنياه، فالقلب السليم هو الذي سلم من آفات المال والولد.
والسليم في اللغة هو اللديغ، في اللغة العربية الصحراء تسمى مفازة تفاؤلاً بالفوز منها، الصحراء الملتهمة تسمى مفازة، والملدوغ يسمى سليماً تفاؤلاً له بالسلامة، والقلب السليم بهذا المعنى هو القلب الملدوغ الخائف من الله، المتحرق شوقاً إلى الله، من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، فالقلب السليم بهذا المعنى هو القلب اللديغ، لديغ شوقاً إلى الله أو خوفاً من الله.
وأجمل هذه المعاني للقلب السليم: القلب المُخلِص والمخلَص، المخلِص لله، والخالص من كل شائبة، والقلب السليم بمعنى آخر هو القلب الذي سلم من الأوصاف الذميمة، وتحلى بالصفات الجميلة، كل قلب سلم من الأوصاف الذميمة وتحلى بالصفات الكريمة فهو قلب سليم.
والقلب السليم أن تعلم أن الله حق، وأن الساعة حق، وأن الله يبعث من في القبور، يعني كل التركيب النفسي مبني على أن الله حق، وأن الساعة حق هذا قلب سليم.
والقلب السليم الخالي من كل ذنب، السليم من كل عيب لا خبرة له بأمور الدنيا، يعني بعيد عن الدنيا مستغرق في الآخرة، هذا قلب سليم، هناك أشخاص بالعكس، في الدنيا له خبرات لا حدود لها، يعرف كيف تقتنص الفرص، يعرف كيف تؤكل الكتف، يعرف كيف يستفيد من الفرص.

إذا هبت رياحك فاغتـنمها فـإن الريح عادتها السكون
و إن درت شياهك فاحتلبها فما تدري الفطيم لمن يكون
* * *
هذا الخبير بأمور الدنيا، الجاهل بأمور الآخرة، هذا قلبه ليس سليماً، السليم بالعكس، لذلك ورد في الجامع الصغير:

(( دخلت الجنة فإذا أكثر أهلها البله ))
( الجامع الصغير عن جابر بسند فيه ضعف)
البله لا كما تفهمونها بادئ ذي بدء، الأبله هو البعيد عن معاصي الله، نظراته بريئة، وهناك إنسان ينظر يقول: هذه يمكن أن تقبل، يعني خبيث النفس، الأبله البعيد عن المعاصي، من معاني الأبله المطبوع على الخير الغافل عن الشر، والأبله في اللغة من غلب عليه حسن الظن بالناس، وطيب القلب، قلبه طيب، وحسن الظن بالله، والآن يسمونه أجدب، من كان طيب القلب، وحسن الظن بالناس، من طبع على الخير، وغفل عن الشر، من ابتعد عن معاصي الله.
أو المعنى الدقيق أنّ الإنسان ترك مبلغاً كبيراً خوفاً من الله يسميه الناس أبله، وهو في الحقيقة في منتهى الذكاء، بل إنه أبله في نظر البله.
سيدنا يوسف حينما قال:

﴿ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾
هو في نظر الزناة أبله أليس كذلك، دعته امرأة ذات حسن ومكان فلِمَ قال لها:

﴿ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾
فهذا النبي الكريم في نظر الزناة أبله، وكذلك الإنسان العفيف عن مال الناس في نظر المنحرفين أبله، فالأبله هو المطبوع على الخير البعيد عن الشر، أو الأبله هو البعيد عن معاصي الله، أو من غلبت عليهم سلامة الصدور، وحسن الظن بالناس، لذلك ورد في الجامع الصغير كما قلت قبل قليل:

(( دخلت الجنة فإذا أكثر أهلها البله ))
( الجامع الصغير عن جابر بسند فيه ضعف)
هؤلاء الذين حافظوا على فطرتهم السليمة، على نقائهم، على طهارتهم، على ذاتيتهم، لم يرتكبوا المعاصي، لم يخادعوا الناس، ولكن أكمل موقف يتمثل بقول سيدنا عمر رضي الله عنه قال: << لست بالخب، ولا الخب يخدعني >>، أيْ لست من الخبث حيث أَخْدَع، ولست من الغباء حيث أُخْدَع، لا أَخْدَع ولا أُخْدَع، لست بالخب ولا الخب يخدعني، هذا أكمل موقف يقفه الإنسان المؤمن.
قد تجد إنساناً ضيق الأفق، محدوداً، لكنه طيب القلب، هذا لا يعجبك، وقد تجد إنساناً آخر ذكياً، يتوقد ذكاءً وخبثاً، وهذا لا يعجبك، ما الذي يعجبك ؟ هذا الذي يجمع بين الذكاء والكياسة، وبين الطيب والسلامة، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( المؤمن كيس فطن حذر ))
[القضاعي بسند موضوع]
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾

عبدالكريم مطلق البلوي
03-30-2013, 12:58 AM
بارك الله فيك
وجزاك الله خير

سعود السحيمي
03-30-2013, 06:19 AM
وفقك الله

وجزاك الله خير

رشيد البلوي
03-30-2013, 10:25 AM
جزاك الله خير الجزاء
نشكرك ونقدر لك طرح مثل هذه المواضيع المفيده

ناديه العرادي
03-30-2013, 01:59 PM
الله يجزاك خير


ولاتحرمناا من طروحاتك الجميلـه

عمر محمد
03-30-2013, 03:55 PM
جزاكم الله خير للمرور

ونتمنى للجميع الخير الكثير