المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخادمة كوماري "الأم البديلة" قصة حقيقية..؟؟



ماجد سليمان البلوي
03-01-2014, 12:21 PM
الخادمة كوماري "الأم البديلة" قصة حقيقية..؟؟

السلام عليكم
قرأت هذه القصة فأبكتني وأرّقتني وأزعجتني..
قرأت في طياّتها وبين سطورها ألام المحرومين من حنان أمهاتهم,
وهنّ أمام أعينهم....

قرأت فيها قسوة قلب طمستْ بصيرتَه الغفلةُ واللهو والعبث...
قرأت فيها شروداً عن الحق والواجبات...
قرأت فيها آلام أطفال لم يعرفوا حضن أمهاتهم بل عرفوا
حضن الخادمة وثدي المربية....
قرأت فيها آلام رجال لم يجدوا في ذاكرتهم شيئاً عن حنان أمهاتهم....

فما أحببت أن أمسَّها أو أصوغَها بطريقة أخرى....
أحببت أن أنقلها كما هي, لك أيّتها الأمّ؛ يا صاحبة الحنان؛ لتري كيف يذهب الحنان في زحمة اللهو والمتع؛ في زحمة الاهتمام الزائد والإسراف غير المسوّغ في الأناقة والسهرات والجمال؛ إنها قصّة حقيقية تبكي الحجر, وتنبّه الأمّهات إلى عدم الاعتماد على المربيات في تربية أولادهنّ؛ وإليكم القصّة كما هي:

المكان: قاعة المغادرين في مطار مسقط الدولي.
الزمن :الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل.

أكتب إليك يا أمّي من مطار مسقط الدوليّ ها أنا الآن في القاعة |23| بانتظار الحافلة التي سوف يقلّني إلى سلّم الطائرة الجو بارد ، وأحسُّ بانتعاش لرؤيتي منظر الأطفال نائمين بأحضان أمهاتهم؛ بعض الهدوء يعم القاعة مع صوت خفيف للمذياع يخبر المتأخّرين بالتعجيل لتخليص إجراءاتهم؛ أما أنا أخرجت ورقتي ، وقلمي من سترتي ، وبدأت أكتب إليك مستغلاً الوقت قبل موعد الإقلاع.

أتمنى أن تفكري بكل حرف سوف أخطّه لك ، وتتمعّني به ، وتسترجعي ذاكرتك إلى الوراء قبل أربعة عشر عاماً عندما حملتِ بي تسعة أشهر من المعاناة ، وبعدها خرجت إلى الدنيا ، و تركتني بعد مضي شهرين لتكمل الشغّالة الهندية ((كوماري)) الحمل الثقيل الذي أحسسْتِ بأنّه سوف يقتل أحلامك وطموحك الوظيفيّ وفوق ذلك تفقدين رشاقتك وتذبلين مثل الوردة التي يمنع عنها الماء.

نعم هذه هي الحقيقة التي دأبت (كوماري) عند بلوغي تلقيني هذه الحكاية وكأنها تقصد صقلي ، وتنشئتي على حبها وكرهك أنت حتى لا يضيع تعبُها سدى ولا أعلم ما الذي كان يدور في خَلَدها ؟ الذي أعلمه الآن أنّ حبي لها حقيقي نابع من قلبي الذي عرفها منذ نشأتي

في كلّ مرّة تمنيت بأن تستقطعي من وقتك الثمين ولو بضعَ دقائق لكي أحكي لك ما يدور بخاطري وأشرح لك ألمي لابتعادك عني وابتعاد مشاعري لجهة أخرى وأبوح لك بما أشعر به بعد أن سافرت (كوماري) إلى بلدها الهند ...

صدّقيني أمي وأنأ أناديك بهذا الاسم ولا أشعر به ولا أشعر بأنه من قلبي ، ولكن هي الفطرة وحدها من لقنني هذه الكلمة أما الإحساس الحقيقيّ لا يوجد لديّ لكي أمنحك إياه فقد استهلكتْه شغّالتنا ، وشربتْ منه و ارتوت ورحلَتْ، وتركتْ طفلها الذي لم تلدْه ولكن ربّته على حبّها.

كانت تحكي لي كيف هي الأيام الأولى بعد مضي شهرين من ولادتي كيف تركتِني و عدتِ إلى عملك مع أنّه تمّ منحك إجازة ثلاثةِ أشهر، ولكنّ حبّك لعملك أفقدك إحساسك بطفلك

عند بلوغي سن الفهم كانت (كوماري) تحكي لي قصص بدايات معاناتي ، وصرخاتي ، وأنيني ، وتوجعي حيث كانت تسهر لراحتي وتجلب الدواء لي ، وتسقيني من الحليب المصنّع، و أنت يا من تدَّعين بأنّي طفلك, بالاسم تغطّين في سبات عميق لا تحبين سماع بكائي ،،

يؤذيك صراخي وينغّص عليك نومك الهانئ .. فضّلت النوم المريح, حتى تقومي إلى عملك نشيطةً وقبل خروجك تمرّين بي طابعة على خدي قبلة صغيرة و كأني دميةٌ تتركينها صباحاً ثم تعودين إليها بعد الظهر.

كم مرّة بكيت و أنا ابن السنتين أجري خلفك صباحاً و أنت ذاهبة إلى العمل ومساء و أنت ذاهبة إلى التسوّق أتمنى أن تأخذيني بحضنك ولكن لا حياة لمن تنادي؛ فقد كانت (كوماري) الحضن الدافئ ، والقلب الحنون والبلسم الشافي.

كبرتُ ولم أجدك أمامي ، وجدْتها هي تلاعبني تلاطفني تسقيني إذا عطشتُ تطعمني إذا جعت, تبدل لي ملابسي إذا اتّسخت, تمسح دمعتي إذا بكيت, تقوم على راحتي حتى عندما أمرض وأحتاج إليك لا أجدك, لكني أجدها, هي من ينام بجانبي يعطيني الدواء ، ويقيس حرارتي ولا تنام إلا إذا أغمضتُ عيني, مرّت السنوات وكبر حبي لها وصغرتِ أنت بعيني ، وبدأت أعي كل ما حولي وأفهم كل شيء ..

وكبر تعلقي بها لأنها لم تفارقني منذ اليوم الأول لي بالمدرسة كانت تعدّ لي الإفطار ، وتنتظرني عند موقف الحافلة لكي تتأكد من ركوبي سالماً ، ولا تكتف بذالك إنما تلوح بيدها إلى أن تفارق الحافلة ناظرها, و أنت بالجانب الآخر تضعين المساحيق ، وتتزينين للخروج للعمل ولا تكلفين نفسك بالسؤال عني

وعند عودتي من المدرسة أجدها تنتظرني عند باب البيت تحمل حقيبتي عني ، وتغيّر ملابسي وتجهز لي الغداء و أنت يا من تدعين أمي لم أستطع أن أتذكرك ولو بصورة في مخيّلتي أو موقف يشفع لك اليوم, فها أنا قد كبرت وبلغت, و الآن أحمل حقائبي معلناً حسم الصراع الذي يدور في داخلي منذ اليوم الأول لسفر شغّالتنا (كوماري)..؟

وإلى اليوم لم أعد أستطيع الجلوس فقد ضاقت الدنيا علي بما رحبت وبلغت من الوجع و الألم والاشتياق مبلغاً لا أريد أن يُؤذى أحد به, فأني أحسّ بأن رأسي سوف ينفجر, ومثلما تركتموني أنت و أبي وأنا طفل صغير ما الذي يضيركم و أنا شاب يافع ابن أربع عشرة أن أختار حياتي وما أريد.

وداعاً أمّاه كم تمنّيت أن تخرج هذه الكلمة من قلبي, حتى و أنا أودّعك الوداع الأخير، ولكن قتلت فيّ كلّ شي جميل كلّ إحساس ومشاعر للأم في..
ذبحتني من الوريد إلى الوريد
هذا ما جنيت و جناه أبي عليّ.

اعذريني الآن فقد جاءت الحافلة الذي يقلنا إلى سلّم الطائرة المتّجهة إلى حيث تعيش أمّي لأعيش معها بقيّة عمري، وصدقيني نصيحة إليك لا تحاولي البحث عنّي أو إرغامي على العودة فإني وإن عدْت أعود جُثة هامدة لا فائدة منه نصيحتي:
إليك أنت و أبي إذا أنجبتم ابناً آخر اتخذوني درساً لبقيّة حياتكم..؟
ولكم تحيات
ماجد البلوي

مسند دعيس القريد الوابصي
03-01-2014, 09:41 PM
الله يعطيك العافيه