المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث عن تاريخ مدينة "الخميسية"..؟؟



ماجد سليمان البلوي
03-11-2014, 11:54 PM
بحث عن تاريخ مدينة "الخميسية"..؟؟

السلام عليكم
مدينة عراقية بناها آل خميس التميمي قبلَ عـ122ـاما
العقيلات هم تجار من منطقة نجد يسيرون بقوافلهم التجارية من مناطقهم إلى المشرق العربي يقايضون جمالهم وخيولهم وبضائعهم بالحبوب والملابس والأقمشة وبعضهم يستقر في تلك الأصقاع لفترة معينة..

وقد ظل العقيلات قوة اقتصادية لا يستهان بها في البلدان التي يحلون فيها وكذلك فإن قوافلهم التجارية كانت تغذي وسط جزيرة العرب بكثير من حاجاتها الأساسية وقد امتـد دور العقيلات مدة قرنين من الزمان .

وفي هذه المقالة سنتحدث عن إمارة أقامها العقيلات في جنوب العراق تسمى الخميسية في منطقة الأهوار وعلى بعد سبعة عشر كيلومترا جنوب غربي مدينة سوق الشيوخ أسسها " عبد الله بن صالح بن محمد الخميس " وسماها نسبة لاسم عائلته، وهو رجلٌ من نجد، هاجر من مدينة بريدة في القصيم إلى قرية شيرون في منطقة المنتفك ..

حيث كان مع جماعة فاضلة من العقيلات يزاولون التجارة في حماية الشيخ فالح السعدون شيخ قبائل المنتفق الذي رحب بهم وأكرمهم وكان للشيخ فالح السعدون كلمة نافذة في بلاد المنتفق وماجاورها ولكن ساءت أمور الشيخ فالح السعدون بعد ان تغيرت علاقته بالعثمانيين فضُيّق عليه الأمر لفترة محدودة..

ونظراً لما يتمتع به الشيخ عبدالله الخميس من قوة شخصية وبعد نظر فقد قرر أن يختط في عام 1303هـ، 1881م لجماعته العقيلات مدينة خاصة بهم على حافة البادية النجدية على حدود العراق وفي منطقة كانت وما جاورها مهد الحضارة السومرية..

وفي سنةٍ حدث فيها فيضان عظيم لنهر الفرات حاصر مدينة سوق الشيوخ وقطع اتصالاتها من جهة البر فانقلبت عنها القوافل التجارية الآتية من بادية العراق وجزيرة العرب، واختار لمدينته موقعاً مرتفعاً تحيط به الأهوار، التي تأخذ مياهها من نهر الفرات، من ثلاث جهات عدا الجهة الغربية فتتصل بالبر الموصّل إلى الجزيرة العربية حيث تنحدر الأرض بعض الشيء ويتوغل هذا الانحدار بعيدا إلى بوادي جزيرة العرب وقلبها نجد.

اكتسبت الخميسية أهميتها حينذاك من كونها محطة للقوافل القادمة من الجزيرة العربية وبادية العراق وسوقا واسعة لعرض البضائع ومقايضتها حيث تقوم قبائل عنزة وشمر والعجمان والظفير ومطير وغيرها من قبائل الجزيرة العربية وبادية العراق بجلب الجمال والخيول والبضائع مثل السمن والصوف والوبر والجلود وتتم مقايضتها بالرز والقمح والشعير والذرة والتمور المنتجة في منطقة الأهوار المحيطة بالخميسية، وكذلك الملابس والأقمشة.

وهكذا أصبحت هذه الإمارة مقاما صالحا لكثير من العقيلات وبعض أبناء بادية العراق والجزيرة العربية ومع مرور الأيام اتسع نطاقها وشاع اسمها وذاع صيتها وأصبح عليها إقبال شديد من كل الأصقاع والأقطار نظراً لدورها الاقتصادي واستتباب الأمن بها.

لذلك أرسلت الحكومة البريطانية حين احتلالها جنوب العراق في عام 1333هـ، 1915م الكابتن كول سميث كمندوب لها في الخميسية ثم تحسنت علاقة بريطانيا بعشائر المنتفك فأرسلت الميجر ديكسن كحاكم سياسي لعموم لواء المنتفك والذي أصبح بعد ذلك في بداية الثلاثينيات من القرن الميلادي الماضي مندوبًا ساميًا في إمارة الكويت حين علمت بريطانيا بوجود نفط فيها.

وقد ذكر الصحفي سليمان الدخيل الذي أسس وأصدر جريدة الرياض في بغداد في بداية القرن الميلادي الماضي عند زيارته الخميسية في مقالة له في مجلة لغة العرب الصادرة في عام 1330، 1912م أن عدد سكان الخميسية حوالي خمسة آلاف نسمة جلهم من العقيلات.

وكانت حينذاك السفن هي وسيلة النقل الوحيدة بين الخميسية ومناطق الأهوار المحيطة بها . ومن أشهر من سكن الخميسية الشاعر المعروف محمد عبد الله العوني.

كان تواصل الشيخ عبدالله الخميس وأبنائه قوياً مع جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود وهذا ما توثقه الرسالة المؤرخة في 6/صفر/1341هـ من الملك عبدالعزيز إلى الشيخ حمد بن عبدالله الخميس يحثه فيها على أخذ حق سعيد البعير من ناصر بن خزيم وهم جميعاً من رعايا المملكة .

كما كان للشيخ حمد بن عبدالله الخميس صلات قوية مع الشيخ/أحمد الجابر الصباح أمير الكويت حينذاك وهذا ما توثقه الرسالة المؤرخة في شوال 1333هـ والمرسلة من الشيخ/أحمد الجابر الصباح إلى الشيخ حمد بن عبدالله الخميس يذكر فيها أنه استلم خطابه المرسل مع الابن صالح الخميس الذي مرََّ بالكويت في طريقه إلى زيارة الإمام عبدالعزيز آل سعود في الرياض.

يتوسط مدينة الخميسية قصر الخميس الذي بني في عام 1303هـ - 1881م أمامه شرفة خشبية محفور عليها نقوش وزخارف، وفي أعلاها برج حديدي تعلوه سارية عليها مروحة يحركها الريح فتشّغل مولداً صغيراً يشحن بطارية يعمل عليها مذياع كبير وهو المذياع الوحيد في تلك الأصقاع حينذاك وصلها من الهند مع أحد العقيلات ممن كانوا يتاجرون بالخيول هناك ..

وهكذا يسمع الخميس أخبار العالم وُينقل عنهم ما سمعوه إلى القرى والبوادي المحيطة.

وقد ذكرت كريتيد بل سكرتيرة المندوب السامي البريطاني في بغداد لشؤون الشرق في مذكراتها أنها استمعت إلى أخبار لندن باللغة العربية في عام 1334هـ، 1916م من هذا المذياع في جلسة في المختصر مع الشيخ حمود ابن سويط شيخ قبيلة الظفير الذي كان في زيارة إمارة الخميسية حينئذ وكذلك الجنرال تدزويل قائد القوات البريطانية في المنطقة.

كما عرف أهل الخميسية بوفاة الملك غازي بن فيصل الأول ملك العراق في عام 1358هـ، 1939م بواسطة هذا المذياع وانتقل الخبر بعد ذلك إلى سوق الشيوخ والأصقاع المجاورة.

وكان المذياع حينئذ هو الصلة اليومية الوحيدة التي تربطهم ببلدهم الأصلي حيث يبدؤون الصيام بعد أن يعلموا أن الصيام قد بدأ فيها ويحتفلون بأعيادهم اعتمادا على رؤية الهلال في بلدهم الأصلي.

وبجنوب ذلك القصر العتيد بيت كبير للحُرُم وعلى مقربة منه بيت للعبيد والخدم وفي شرقه توجد إسطبلات الخيول.
وعبر شارع امتاز عن بقية شوارع المدينة باستقامته يوجد جامع الخميسية الشهير بمئذنته الشامخة...
والتي يزيدها روعة وخيالا ميلان ظاهر نحو الغرب حيث أصبحت مع قصر الخميس أحد المآثر المعروفة في جنوب العراق حينذاك .

وقد بنى هذا الجامع الشيخ فالح السعدون شيخ قبائل المنتفك في عام 1305هـ، 1883م وتم إنشاء مدرسة تدُرس بها مبادئ العلوم الدينية وجُلب الشيخ علي العرفج من أحد البيوت الكريمة من منطقة القصيم للتدريس والإفتاء وأقام الشيخ هناك حتى توفاه الله في عام 1328هـ، 1910م..

فحضر شيخ آخر من القصيم هو الشيخ إبراهيم الجاسر قاضي بريدة حينذاك ليقوم بوظيفة الإفتاء والتدريس واستمر الشيخ في عمله حتى توفاه الله، فحضر بعده الشيخ بن سويلم من القصيم للقيام بمهمة الإفتاء والتدريس أيضاً.

أما أول مؤذن في جامع الخميسية فهو الشيخ ناصر الزويّد وآخر مؤذن الشيخ سليمان المسفر الذي كان يعتلي المنارة على سلم حلزوني صعب خمس مرات يومياً بالرغم من كونه كفيفا.

يحيط بمدينة الخميسية سور كبير تُفتح بوابته أثناء النهار وتغلق في الليل .
كما يوجد في وسط المدينة "الصفاة" أي سوق المدينة وبالقرب منه وفي جهته الجنوبية يوجد ما يسمى "الِسيف" حيث يتم تجميع الحبوب القادمة من مناطق الأهوار لغرض بيعها كما توجد بعض البساتين في جهتها الشمالية الغربية وجهتها الجنوبية الغربية وتسقى هذه البساتين من نهر الفرات.

ويوجد أيضاً في أقصى جهتها الشمالية الغربية غابة من الأثل تسمى أثل الرميان. كما يوجد في شمال المدينة ما يسمى "دوغ" لإنتاج الطابوق المستخدم في البناء وتوجد مجموعة من الممالح لإنتاج كمية كبيرة من الملح في الجهة الغربية.

ولقد تم إنشاء أول مدرسة ابتدائية في الخميسية عام 1345هـ، 1927م حيث تم استئجار منزل الشيخ/ عبدالله تركي الخميس الذي يقع في شرق المدينة بالقرب من السِيف لهذا الغرض بعد ذلك ثم بناء مبنى حديث للمدرسة في غرب المدينة حيث انتقلت المدرسة إليه في عام 1376هـ، 1957م.
أما من ناحية الرعاية الصحية فقد افتتح أول مستوصف صحي في عام 1362هـ، 1944م.

وعلى بعد عدة كيلو مترات من الخميسية توجد مدينة تُعد توأماً للخميسية هي مدينة سوق الشيوخ التي أسسها في عام 1175هـ، 1761م شيخ عشائر المنتفك الشيخ ثويني بن محمد السعدون. والسعدون عائلة عربية عريقة من أشراف مكة هاجروا إلى جنوب العراق منذ ثلاثة قرون او أكثر وهم على المذهب المالكي..

وأصبحت لهم الزعامة على جمهرة القبائل المتحدة المسماة عشائر المنتفك، وكان لهذه العائلة الكريمة دور كبير ومهم في تاريخ العراق الحديث، وكان صاحب المعالي عبد المحسن السعدون رئيساً لوزراء العراق في عام 1341هـ، 1923م في بداية تكوين الدولة العراقية الحديثة.

وكانت علاقة عشائر المنتفك مع إمارة الخميسية على أحسن ما تكون.
ويوجد كثير من أهل نجد ممن استقر في مدينة سوق الشيوخ العريقة المجاورة للخميسية وتوجد منطقة في هذه المدينة تسمى منطقة "النجادة" ومازالت تحمل هذا الاسم حتى الآن.

وعلى رأس من سكن من أهل نجد في هذه المدينة عائلة أبا الخيل، حيث من المعروف أن اسرة أبا الخيل تولت أمارة مدينة بريدة سابقاً، كما أن الشاعر الكويتي المعروف محمد الفايز قد وُلد هناك. وكانت العلاقة بين أهل نجد في سوق الشيوخ وإمارة الخميسية علاقة تواصل وتعاون وتحالف ويشارك بعضهم بعضًا الأفراح والأتراح. ومن العوائل النجدية التي سكنت الخميسية وسوق الشيوخ على سبيل الذكر لا الحصر:

أبا الخيل، التويجري، البسام، العنقري، العثيم، الزمام، البسي، الحصان، المسفر، الربيش، العميريني، المزيرعي، الطرباق، الهذلول، الحميضي، العوني، الشملان، الرميان، الصنِات، الصلال، العضاض، السعيد المنفوحي، السويلم، الخضير، الدليقان، أباحسين، المعيض، السويد، الفايز، العثمان، السيف، الدهيم، السعيد، الفهد، النفيسي، العرفج، الجاسر، الضبيعي، العماري، السريع، العياف، الحصين، النامي، النافع، الجطيلي، الدايل، المزيني، المحارب، الحربي، السبيعي، البقعاوي، البصري، السريهيد، المرداس و عوائل أخرى.

وقد استمرت إمارة الشيخ عبد الله الخميس حتى وفاته عام 1326هـ، 1908م فخلفه ابنه الشيخ حمد الخميس الذي ولد في عنيزة عام 1352هـ، 1870م وبقي لدى أخواله حتى بلغ سنه 12 عاما فالتحق بأبيه في الخميسية واستمر حمد الخميس في الحكم حتى وفاته عام 1363هـ، 1945م فخلفه أخوه الشيخ أحمد الخميس والذي توفي في عام 1375هـ، 1956م.

وقد تراجعت الخميسية في نهاية الأربعينيات من القرن الميلادي الماضي وذلك بسبب تقلص دورها في كونها محطة للقوافل القادمة من الجزيرة العربية وبادية العراق بعد التوسع في استخدام الموانئ في الخليج العربي لجلب البضائع وتصدير المنتجات بعد ظهور الزيت في المملكة والكويت والعراق.
ورب سائل عن الخميسية ماذا حدث لها الآن ..
هي مازالت موجودة وتحمل الاسم نفسه ..
لكنها تحولت إلى قرية عراقية بعد أن هجرها كل النجديين من أهلها..؟

المراجع
ـــــــــــــــــــــ
1) - عبدالله المحارب، الخميسية.. لؤلؤة البرية، جريدة الشرق الأوسط، عدد الجمعة، رقم 7080، وتاريخ 10/12/1418هـ الموافق 17/4/1998م.

2) - المستشرق البريطاني الدكتور: بروس أنغام، كتاب قبيلة الظفير، ترجمة عطية الظفيري، 1415هـ/1995م.

3) - عبدالكريم محمد علي، تاريخ مدينة سوق الشيوخ.

4) - جاسم عاصي، الخميسية، مدينة مهجورة، مجلة التراث الشعبي بغداد، العدد السادس، السنة 6/6.

5) - مذكرات: كريتيد بل.

6) - سليمان الصالح الدخيل، سوق الشيوخ، مجلة لغة العرب، م2، ج6.

7) - سليمان صالح الدخيل، الخميسية لؤلؤة البرية، مجلة لغة العرب، م1، ج1.

8) - المجلة العربية - العدد327 - 29 ربيع الأخر1425هـ يونيو2004م .

9) - عبد الله بن حمد بن عبد الله آل خميس - إمارة بلاد الرافدين الخميسية، منذ عام 1850 إلى 1942م ..
ولكم تحيات
ماجد البلوي

مسند دعيس القريد الوابصي
03-12-2014, 12:22 AM
الله يعطيك العافيه
ولنا عوده انشاءالله