المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة من التراث: بشر وحسن



م. أحمد بن حسن البلوي
01-14-2016, 02:19 AM
بشر وحسن ‏

‏هذه القصة كثيراً ما ترد في المجالس دون التعريف بصاحبها وفي أحد ‏

المجالس صادفت رجل من المعاصرين يدعي أن القصة حدثت مع جده ‏

ولكني لم أصدق قوله أما القصة فهي لرجل يدعى بشر كانت له أبنة عم ‏

تسمى حسن من أفاضل النساء فتزوجها ومضى على زواجهما عدد من ‏

السنين ولم يقسم الله لهما أبناء وكانت أم بشر ترغب أن يتزوّج بزوجه ‏

ثانية لعل الله أن يرزقه بأبناء فحثته على الزواج ولكنه رفض لكي لا ‏

يغضب ابنة عمه حسن فلجأت والدته إلى الحيلة وفي ذات يوم قالت لأبنها ‏

بشر أن زوجتك عندما تغيب يدخل في بيتها رجل غريب فلم يصدق وبعد ‏

أن تكرر من أمه أيراد هذا الخبر أراد أن يتأكد فشد راحلته وأبلغ زوجته ‏

أنه ينوي السفر فنزل في أحد الشعاب القريبة من منزله وعندما اظلم ‏

الليل تسلل وأكمن بالقرب من منزله وهو يراقب ما يدور حول المنزل ‏

وكانت والدته تسكن في بيت مجاور لبيت زوجته فما كان من الأم إلا أن ‏

لبست ملابس ابنها ودخلت بيت زوجته من الخلف حتى تأكدت أنه شاهد ‏

الشخص الداخل بملابس رجل فذهبت لبيتها وخلعت ملابس أبنها وجلست ‏

تراقب ماذا يحدث فهجم بشر على زوجته وأشبعها ضرباً حتى كاد أن ‏

يقتلها وهي لا تعلم عن المكيدة التي دبرتها لها أم زوجها حتى وصل الأمر ‏

إلى هذه الحالة ثم قال لها أنتي طالق وأذهبي إلى أرض لا أشوف سمائها ‏

فأعطاها جمل من الأبل ولم يزودها بماء ولا زهاب وهو بذلك يريد أن ‏

تهلك ظمأ وينخلّص فركبت حسن الجمل وهي بحالة لا تحسد عليها ‏

وذهبت هائمة على وجهها وهي لا تدري إلى أين تسوقها الأقدار وبعد ‏

مسيرة طويلة حلت في بيت رجل يقال له أبن حمرون وبقيت عنده مدة من ‏

الزمن فسالها عن قصتها فقالت له أن زوجها وأخوتها قتلوا في أحد ‏

المعارك ولم يبقى من أهلها أحد فبقيت في بيت ابن حمرون ثم عرض ‏

عليها الزواج فوافقت وتزوجها .
هذا ما كان من حسن
أما بشر فقد بقي ‏بدون زوجة متأثراً بما حصل له
ثم أن والته أصيبت بمرض ولزمت ‏

الفراش وبدأ يعالجها ولكن دون جدوى وبعد أن ارهقها المرض عرفت أن ‏

ما حل بها هو عقوبة لها على ظلمها لحسن فرأت أنه من الأفضل أن ‏

تصرّح لبشر بواقع الأمر لعله يبحث عن حسن ويعيدها كونها بنت عمه ‏

وهو ولي أمرها وقد ندمت والدته ولكن لا ينفع الندم فأبلغته بما حصل ‏

وأن سبب ذلك لقصد أنه يطلقها ويتزوّج زوجه منجبه فعض بشر إبهامه ‏ندماً

وقال قصيدته المشهورة التي تتناقلها الرواة عبر الأجيال ومنها قوله ‏

أرقبت راس غنيم غـربي الأطعاس
ولا لوم أنا راعي الهوى لو يحني ‏

مريـت بديـار بـهـا العشب محتاس
عشبه عـلى ديـرة عشيري مجـني

لي بنت عـم ما وطت درب الأدناس
ولا دنسـت يـوم الـنـساء يـدنسني ‏

ضربتها وأحسب الضرب نـوماس
وطلقتها حيـث أفخـت العـقـل مـني ‏

لو ينشكا حبه على الذيب ما نـاس
يـمشي مـع الطـلـيـان مـا يجـفـلني ‏

لو ينشكا حبه على اللي بالأرماس
الـكـل مـن تـحـت النصـايـب يـوني ‏

ولو ينشكا حبه عـلى قب الأفـراس
مــا طـاعـن الـلـي باللجـايـم يعـني ‏

ثم ذهب بشر يبحث عن زوجته لعله يجدها فوجدها عند رجل يدعى أبن ‏

حمرون قد تزوجها وانجبت منه أبناء فحل ضيفاً على أبن حمرون ‏

وعرفها وهي لم تعرفه وكان يرى خدمتها لزوجها كما كانت معه فجلس ‏

عند ابن حمرون كأنه فداوي ولوحظ أنه كثير البكاء من تأثره على زوجته ‏

أبنة عمه وهو لا يدري كيف يصنع بعد أن وجدها في عصمة رجل لا ‏

يدري ماذا يحدث لو فاتحه بالصراحة كما أنه لا يعرف كيف يشعرها أنه ‏

هو أبن عمها وزوجها السابق وبعد أن امضى مدة وهو كثيراً ما تخنقه ‏

العبرة وهو أيضاً قليل الأكل لاحظه ابن حمرون وابلغ زوجته بأن هذا ‏

الرجل أمره غريب فقال ابن حمرون بيتاً من الشعر على مسمع الضيف ‏

لعله يصرّح بما يجول بخاطره فقال ابن ابن حمرون :‏

يا حسن عيا ياكل الـزاد ضيفنـا هـيـا جـمـيـع نـشـاركـه بـبـكــاه ‏

فأجابته حسن قائله :‏

خـيـر المـلأ عندي بشر مـا بكـيتـه وبـاقـي الـمـلأ لـو مـات مـا نـنـعـاه ‏

فقال بشر : ‏

يـا حسـن يـا حسنيـة الـدل طـالـعي عـلي أبـن حمرون يهـوز عـصاه ‏

فعرفته أنه بشر وقالت : ‏

أمـنع عـنه يا فـارس الخيل بالقـنـا عـسى جـمـيـع الحـاضـريـن فـداه ‏

فقال بشر : ‏

يا حسن وش تجزين من جاك عاني مـن الـغــرب وخــلا الـوده وراه ‏

فقالت حسن :‏

أجـزاه أنـا فـي حـبـة مـن ذبــلـــي مـن اشـافـي مـا شـافـهـن ســواه ‏

وذلك لكي تغضب ابن حمرون
فقال ابن حمرون : ‏

مـن عـافـنـا عفنـاه لـو كـان غـالي ومن جأذ حبلي مـا وصلت رشـاه

وطلقها ابن حمرون ثم أن بشر شرح لأبن حمرون قصته وما حصل معه ‏

واسمعه قصيدته السابقة ورجع بشر ومعه حسن إلى أهلهم وسامحت ‏

والدته بما اقترفت من جرم بحق حسن ثم أنها شفيت
من المرض الذي ‏كانت تعاني منه وهكذا انتهت القصة .

‏* من مقاطع الشعر الذي لم نتوصل لمعرفة أصحابها هذه الأبيات لشاعـر ‏

يتأسف على شرب الدخان وينتقد من يشربه فيقول : ‏

الـتـتـن هـم وزاود الـتـتـن هــمــي
وأنـا قـبـل مـانـي خـلـي ابـلا هـــم ‏

يـا هـم قـلـبي فـوق الألـفيـن يـمـي
كلن غـرف من بيـر همـه وأنا جـم ‏

أنـا صـويـب ولا صـوابـي بــدمــي
قريص خرسا وقاطب لـه على سم ‏

شراب بـول إبليس ما هـو امسمي
كــم واحــدٍ حّــرم شــرابـه ولا تــم ‏

ينفـق غـوالي المـال مـا هـو منمي
وينشق بجوفه ريحتـه كـل ما شـم ‏

‏* وهذه الأبيات بالقهوة لشاعر فاتني ذكر أسمه كما أنني نسيت من رواها ‏

لي وهي لرجل من عنزة ولا أدري لعلها لشاعـر من المعاصرين وهو ‏

يسند على رجل اسمه حمود فيقول : ‏

يا حمود قـم يالقـرم ولـع لـي النـار
يجـذب هـواشيل البـراري سنـاهـا ‏

وأحضر من الماجود من بن وبهار
وحـذراك تحـرقـهـا وحـذرا نيـاهـا ‏

وأحـزب من الـلي كلهم فيـك نـظـار
يـنقـدك عـفـن مـا بحياتـه شراهـا ‏

درها على يمناك عن كشف الأسرار
مـن خوف شكت واحـدٍ في ولاها ‏

وبعـده بهـا خـص العـوايـد إلـى دار
وأسق الظوامي لين تقطع ظماها ‏

المد ما يقصر من الجود وأن سـار
والبخـل دلـوه مـا تجي فـي ملاهـا ‏

اليـا خضعت النفس للضيف والجار
أحتسب لـلي معـتـلي فـي سمـاهـا

رشيد البلوي
01-15-2016, 05:58 PM
قصه شيقه ومعلومات مفيده
شكراً ابو فيصل

م. أحمد بن حسن البلوي
01-21-2016, 10:56 AM
مشكور ياابو سامي على المرور وعلى الكلمات الطيبة