المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صراع الضفادع ..؟؟



ماجد سليمان البلوي
09-22-2016, 12:09 PM
صراع الضفادع ..؟؟

السلام عليكم
ذات مرة كان ضفدع كبير مترهل وضفدع صغير مليء بالنشاط والحيوية يسعيان في مناكبها عندما قادهما حظهما العاثر للسقوط – بنطة غير موفقة – في سطل من الحليب الطازج.

سبحا لساعات طويلة في ذلك السائل الأبيض على أمل الخلاص من تلك المحنة القاسية، لكن حواف السطل كانت عميقة وزلقة، وقد تراءى لهما شبح الموت فانتابتهما مشاعر الرهبة وواصلا السباحة.

وما أن شعر الضفدع الكبير بالإنهاك حتى فقد شجاعته وخارت عزيمته. ولم يبدُ له من بارقة أمل في النجاة. فقال لصديقه الصغير:
"لماذا نحاول معاكسة القدر وبذل المجهود دون طائل؟ لا يمكنني يا صاحبي مواصلة السباحة."

لكن الضفدع الصغير الذي كان يسبح بهمة مستميتة وسط الحليب قال لرفيقه: "تابع المجهود وإياك أن توقف المحاولة، فمن يساعد نفسه يأتيه العون من حيث يدري ولا يدري."

واصلا السباحة لبعض الوقت لكن الضفدع الكبير قرر أخيراً أن لا فائدة ترجى من كل تلك الجهود، فقال بشهقة أخيرة: "يا أخي الصغير، فلنستسلم لقدرنا وها أنا قد قررت بالفعل التوقف عن السباحة، فالوداع."

وما أن كف عن المحاولة حتى غاص إلى أرض السطل وتلك كانت النهاية بالنسبة له.

بقي الضفدع الصغير يصارع الحليب والقدر الرهيب بمفرده. وفكر بينه وبين نفسه:
"إن التوقف عن بذل المجهود يعني الموت، ولذلك سأواصل السباحة حتى ييسر لي الله مخرجاً."
مرت ساعتان وكاد الإعياء المضني يشل ساقيّ صديقنا الصغير
وبدا له أنه قد فقد القدرة على الحركة ولو لدقيقة أخرى.
ولكن عندما فكر بصديقه قال لنفسه:

"الكف عن المحاولة يعني أن أكون وجبة طعام على مائدة أحدهم، وهذا ما لا أرضاه لنفسي. ولذلك سأواصل الخوض في هذا السائل اللبني حتى تأتي ساعتي فيما إذا كانت تلك الساعة آتية لا محالة. لكنني لن أوقف المحاولة إطلاقاً. فما دامت الحياة دام الأمل ولذلك لن أستسلم."

كان منتشياً بالتصميم القاطع فواصل السباحة بعزم لا يعرف الخذلان، وراح يجوب السطل المرة تلو الأخرى ضارباً الحليب بأطرافه النحيلة ومكوّنا منه أمواجاً تعلوها رغوة شديدة البياض.

بعد فترة شعر بأن جسمه قد تخدّر تماماً وأنه على وشك الغرق. لكن في تلك اللحظة بالذات شعر بشيء صلب تحته. ولفرط دهشته وجد نفسه يقف على كتلة من الزبدة خضّها ومخضها بفعل حركته الدائبة ومجهوده المتواصل!

وبقفزة واحدة تمكن الضفدع المثابر ذو الهمة الوثابة
من الخروج من سطل الحليب إلى الفضاء الرحيب..
ولكم تحيات
ماجد البلوي