المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرزدق والذئب والنوار..؟؟



ماجد سليمان البلوي
06-27-2017, 12:46 AM
الفرزدق والذئب والنوار..؟؟

ورد في الأغاني أن ابنة عم الفرزدق ، النوار ،
خطبها رجل ، فطلبت من الفرزدق
- ابن عمها أن يكون وليّها ، فطلب منها أن تُشهد الناس أنّه وليُّها ،
فوافقت وأشهدَتهم أنّه وليّها ، فقال :
" اشهدوا أنني زوجت النوار من نفسي ، "
فغضبت النوار ، وهربت منه إلى الزبير ، وكان واليا على الحجاز والعراق ،
واستجارت به فاحتال الفرزدق حتى أعادها ، وتزوّجها ، ويبدو أنّه لم يسعد معها ،
فقد تزوّج عليها امرأتين ، وتزايد نشوزها إلى أن طلقها..

وكانت امرأة ذات دين وخلق ساهما في ابتعادها عنه
– فقد عُرف عنه التهاون فيهما
- ويظهر أنها كانت تتعالى عليه، وهي عنده ،
و عندما هربت منه ،
ثم عندما طلّقها وندم ندما شديداً، فأنشد :

ندمت ندامة الكسعيّ لمّـا *** غدَتْ مني مطلقةً نوارُ

لن أتحدث عن نوار فقصتها معروفة لكنني أقف على مقدمة القصيدة الغريبة التي لم يعتد النقاد على مثلها ، هذه المقدمة كانت في تصوير الفرزدق موقفاً لم يكن يريده..
- ولربما اصطنعه لأمر في نفسه
- حينما فرض أحد الذئاب الجائعة نفسه عليه يريد التهامه أو مشاركته في الشواء الذي جذبته رائحته من بعيد ، وساعد على ذلك نار الشواء في هذا البرية الصحراوية المظلمة .

ولعله – إن تقرأِ القصيدة - يريد أن يقول :
إن النوار والذئب كانا من أهل الغدر ، فقد فتح قلبه لهما ،
فكانا غادرين لم يرعيا عهده .

وسواء كانت قصته مع الذئب حقيقية أم غير ذلك
– من بنات خياله
– فقد كانت رائعة ذات صور تقليدية ،
وذات صور مرسومة ممتدة تعتمد على
( الكلمات واللون والصوت والرائحة )

الأبيات :
وأطلس عسال وما كان صاحبا *** دعـَوت بنـاري مـَوهِـنا فأتـاني
فلما دنـا قلت ادن ،دونـك ، إنّني *** وإيـاك في زادي لـمشـتـركـان

فـَبـِتّ أقـُدّ الـزاد بـيـني وبـيـنــه *** على ضَـوء نـارٍ مـرّة ودخـان
فقـُلـت لـه لـمّـا تكشّـر ضاحكـا *** وقائـم سـيـفي من يدي بمكـان

تعـشّ فإن عاهدتني لا تخـونني *** نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما *** أخـَيـّيـْن كـانـا أرضِعـا بـِلـَبـان

ولو غيـْرَنـا نبّهـتَ تلتمس القـِرى *** أتـاك بسـهـم أو شـَبـاة سـِـنـان
وكلّ رفيـقـَي كلّ رحل وإن هما *** تعـاطى القنـا قوماهما أخـَوان
وإنـا لـَتـَرعى الـوحـشُ آمنـةً بنا *** ويرهبنا – إن نغضبِ- الثقلان

فالذئب : أطلس اللون ( فيه غبرة إلى السواد ) أتاه يعسل ( يسرع بمشية مطّربة) وهذه مشية الراغب في الحصول على شيء يريده متلهفاً إليه .

والفرزدق في أخرة من الليل وهدْأة فيه أشعل النار ليأنس في هذا الليل الهادئ البهيم ويرى ما حوله خشية أن ينقض عليه وحش أو هامة ، وشغل نفسه بالشواء ، أو بغيره ، فالزاد يُطلق على ما يتزود به المسافر أيّاً كان .

ولم يكن الفرزدق يرغب في رؤية هذا الذئب الذي دعته النار ورائحة الطعام إليه ،
ولكنه بإشعال النار كانت الدعوة ، وما كل من أوقد النار رغب بالضيف .
ولكم تحيات
ماجد البلوي