المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من ذكريات مدينة الوجه في السعودية..؟؟



ماجد سليمان البلوي
08-01-2017, 08:24 PM
من ذكريات مدينة الوجه في السعودية..؟؟

بقلم | الشيخ حمّاد البلوي

كنا في الوجه نعرف بعضنا بعضا، نختلف ونأتلف، نعتب ونرضى، نغيب ونلتقي، وكانت اللقاءات حميمية وبسيطة وغير متكلفة، وأذكر على بساطة وتآلف مجتمعنا أن مصطفى بديوي أحضر أول جهاز “راديو” في الوجه..

وكان هذا في فترة الحرب العالمية الثانية، والناس يترقبون سماع أخبار العالم، ويعرفون أن هناك حرباً ولا يعرفون أين هي غبارها، ليس لهم اتصال حقيقي بها، لم تؤثر في طقوس حياتهم، حتى التجارة والسلع لم ترتفع أسعارها كثيراً، لكنهم كانوا على وعي تقليدي بها.

كان “راديو” بديوي منصوباً في مكان مرتفع في الطابق العلوي من بيته، بينما كان هناك شارع يتسع لعدد كبير من الأفراد خلف البيت، حيث يتم تشغيل “الراديو” لسماع الأخبار وكانت الناس تنتظر بصمت، تحضر إلى الشارع لتستمع للأخبار، وكانوا يطالبون بتغيير الإذاعة إلى محطات أخرى، كإذاعة برلين أو الشرق الأوسط، وكان الحضور ما بين مؤيد لألمانيا التي كانت قوة كبرى وموجودة في الشرق، وبين معارض لها ومؤيد لبريطانيا..

وفي هذه الأثناء كان يبدر نوع من الخلاف في الرأي بين الحضور وتعلو الأصوات احتجاجاً، لكن الاختلاف كان سلمياً لم يصل إلى مرتبة استخدام العنف كاستخدام الأيدي أو الكراسي أو الرشق بأكواب المياه، كما يحصل اليوم..

فالخلاف لا يفسد قوة العلاقات والوشائج الاجتماعية المترابطة، فهي أكبر من الحرب وأكبر من الموقف نفسه، والعلاقات المترابطة لها حضورها الدائم في نفوسهم وسلوكياتهم.

كانت الإذاعة المصرية تبث حفلة شهرية للفنانة أم كلثوم، والتي كانت في بدايات انطلاقتها وشهرتها، وكان لأم كلثوم معجبون بها، وكان بث الحفلة يصادف مساء يوم الجمعة ويبدأ الناس في الاجتماع خلف بيت بديوي لسماع أم كلثوم..

ومن اللافت للانتباه أن عاشور أبو صابر وفي ليلية حفلة أم كلثوم كان يأتي بكامل أناقته، يقوم بلبس أفضل ما لديه من ملابس ويقوم بحلاقة ذقنه، ووضع العطور كي يأتي لسماع صوت أم كلثوم، ظناً منه أن أم كلثوم ومن معها سيشاهدون الحضور ويراقبونهم من بعيد، وأن أم كلثوم ستحدق به كونه متأنقا دون غيره من الحضور .

كانت الساحة تمتلئ بالناس ولا يقدم لهم شيء سوى الطرب فقط، كان الحضور من الكبار والصغار وكان الجمع يزداد كل مرة على المرة الأخرى.

اهتمام الناس وكثرة عدد حضورهم إلى بيت بديوي دفعني لشراء “راديو”، وكان “إبراهيم سلسلة” وكيل الراديوهات الوحيد في المنطقة، وكانت الراديوهات من ماركة فيليبس..

وفعلاً أبرقت إلى “إبراهيم سلسلة” برقية طالباً إليه تزويدي براديو مكوّن من سبع موجات، وعندما علم الناس بوجود راديو لديّ انقسم الناس إلى مجموعتين؛

مجموعة تذهب إلى بيت بديوي، ومجموعة عندي، وبذلك أعتبر نفسي أني ثاني من أحضر جهاز الراديو إلى الوجه..
ولكم تحيات
ماجد البلوي