المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة تراثية من بلاد الشام عن الاُضحية..؟؟



ماجد سليمان البلوي
09-08-2017, 08:49 PM
قصة تراثية من بلاد الشام عن الاُضحية..؟؟

السلام عليكم
شدَ الحِزام على خصرهُ وتأكد من الشبرية وعُلبة التتن وورق الأوتومان بالإضافة لعُلبة الزعوط
( الزعوط : مادة نادرة مهيجة لخلايا الأنف وتساعد على المعاطسة وتنشيط الدورة الدموية).

وقال : زروفتي بدتش إشي وأني راجِع من سوق الحلال .
فقالت له زريفة : ما بدي إياك غير ترجع سالم غانم .
(طبعاً سبب هذا الغزل هو إقتراب عيد الأضحى).

وصلَ مثقال على الحدود الإقليمية لسوق الحلال وأخذ ينظر هنا وهناك علهُ يرى كبشاً املحاً , وبعد فترة إستقر نظره على مجموعة من الخِراف مع احدهُم , رمى من يده ما تبقى من سيجارة الهيشة و أخرج عُلبة الزعوط ووضعَ بين الشاهد والإبهام قليلاً منه ودسهُ في فتحتي أنفه مع الإستنشاق لينتُج عن هذه العملية الكيموميكانيكية عطسات تبِعها مثقال بقول : الحمد لله رب العالمين , وتقدمَ بإتجاه الخِراف .

بعد طرح السلام على صاحِبها قال مثقال : بقديش الراس خيو ؟
ليجيبه الرجل والله مشكل يا قرابة في معاك من الحامض للحلو,
إنت نقي وما عليك مش راح نختلف .

فضحك مثقال وقال له : من الحامض للحلو أي هو انت بتبيع مخشرم ولا ناشد ,
فإقترب مثقال من كبش املح وعسْعسْ على ظهره وهو يسأل الرجل بِظحِي ولا شلون ؟
ليجيبه الرجل : ها .. لعاد لويش جالبه عالسوق ..

بضحي خيو اتخافش الله يغُشه اللي بدو يغُشك ...
ثم فتح مثقال فكي الخاروف ونظر في اسنانه , ثم عسْعسْ تحت الرقبة وبعدها راح يُعسعس على ظهره ومن ثم انتقل للجهة الخلفية من الكبش فوضع راحة يدهُ في اسفل لية الكبش وأخذ يروزها ( يروزها : يطبطب بيده ليتحقق من وزنها بدون ميزان بل معتمداً على قوة الجاذبية الأرضية) ,

وهنا نظر الكبش نظرة تأفف وخوف كيف لا وقد إقترب مثقال من منطقة الخطر وبعد ذلك رفع إحدى رجليه الخلفية لتأكد من مدى فحولته عن طريق محاشِمهُ .فما كان من الكبش إلا أن رفسَ رجلهُ بقوة لينطلق مبتعداً عن مجموعة الخِراف , وكأن لسان حال الخاروف يقول سبعك وسبع الزُلم إللّي إنت منها هو هيتش إللّي بدو يشتري خِرفان ؟

إشترى مثقال الكبش وطلب من الرجل قائلاً : هو خيو تشان بي معاك خلقة مرسّة ( قطعة حبل ) مشان اقوده بيها شكله هل كبش شموص ( عادة تُطلق هذه الصفة على الخيل التي من الصعب السيطرة عليها ) , وسار مثقال جاراً الكبش خلفه لينظر اليه بين الفينة والأخرى نظرات التحدي مع إبتسامة صفراء معناها ..... بس نصل على الدار بفرجيك يوم العيد.

صباح يوم العيد دخل فِناء الدار بعد أداء صلاة العيد بالجامع وهو يصيح :
زريفة هيييييييييي يا زريفة وين رحتي , وفوراً اجابتهُ :
هاظا اني جيتك وبيدها الشبرية والساطور .

تبسم مثقال بوجهها قائلاً : كل عام وانتي بخير وينعاد عليتش بالصحة والعافية يا ام طايل .
فردت زريفة : وانت بالف خير يا ابو طايل وربنا يتقبل منك ,
هاك إقظب القطاعة وخليني اروح اجيبلك التشلابات وارتشي السلم
بقاع الدار مِشان تذبح الضحية .

دخل مثقال الخان وإقتاد الكبش لفِناء الدار منادياً زريفة :
جيبي معتش سطل المي خليني اعرظ عليه قبل ما اذبحه .
كشمر مثقال عن ساعديه وكف طرفي المزنوك داخل حزام خصره .

وبعد هذه العمليات اللوجستية والتكتيكية أصبحت الأمور جاهزة .
وضع مثقال الكبش على جنبه موجهاً وجهه للقبلة مع إخفاء شبريته خلف ظهره وهو يقول:
" اللهم تقبله مني كما تقبلته من سيدنا إبراهيم الخليل وعلى سنة نبينا محمد
عليه الصلاة والسلام بسم الله والله أكبر"
وفوراً كانت الشبرية قد قامت بعملها وبدقة متناهية ,
وبعد السلخ والتنظيف بدأت عملية التقطيع والتوزيع .
طبعاً مثقال سيحاول قدر المستطاع ان يوزع الأضحية حسب السُنة .

جلست زريفة وقد وضعت امامها ثلاث طناجر نمرة 68 لتُشرف على عملية التوزيع . وبدأ مثقال بالتقطيع متبعاً توجيهات زريفة وهي تقول : هات الفخدة لدار( السطلية) , والفخدة الثانية لدار (الزقطة) , والتشتف لدار (ابو الدبر) , والتشتف الثاني لدار( دعدورة) , وإعطيني جاي الظهر لدار(القرطة)
ملاحظة : ما تم ذكره من القاب ما هي إلا لأزواج صديقات زريفة

ثم قالت زريفة مستفسرة : ها وشو ظل عندك ؟ طبعاً ومثقال منهمك في عملية التقطيع يجيبها :
والله ما ظل غير المعلاق والفشة والطحاويش ( الطحاويش : الكلاوي والطحال ....الخ ) .

فقالت زريفة : لعاد خلي المعلاق لخيتي ام محمد حرام هاي نفّسَة وبترظع ,
والفشة والطحاويش لدار إبننا طايل مشان الصغار يتبحبحوا حبايب جدتهم .
وخلي الباقي لينا ...
وأخذت زريفة الطناجر وأدخلتها للمطبخ لتقوم بعملية الإمداد كل حسب موقعه .

بالمقابل بقي مثقال وما تبقى من الأُضحية وهي عبارة عن الكرشة والرأس وما يميز الكبش عن العابورة والجاعد بالإضافة للكراعين ( الكراعين : مقدمة الاطراف). فنظر للرأس وإذ بعيون الكبش ما زالت تُرمق مثقال بِنظرات سوق الحلال .. وكأنها تقول إنبسطت يا مثقال هاظ اللي ظل مني إلك .

وفي هذه اللحظة أطل أنور الإهتر برأسه من الخويخة وهو يقول :
التلام عليتم وتُل عام وانت بخيل مُختال , وبحتيلت ابوي لا تنتانا من الدحية
(ما قاله انور: السلام عليكم وكل عام وانت بخير مختار ,
وبحتشيلك ابوي لا تنسانا من الضحية ) .

فضحك مثقال وهو يقول لا مش ناسيكوا عمي فوت جاي ولملم هظول (ما تبقى من الأُضحية) وحُطهن بالجاعد والله يسهل عليك ,وسلم على ابوك وقوله كل عام وانت بخير.... بعد ذلك جلس مثقال واسند ظهره للجدار واخرج علبته الفضية وراح يلف سيجارة هيشة علها تُزيل عنه بعض العناء .

**
كبش مثقال معروف مصيره وهو الذبح يوم العيد ,
اما ذبح البشر لبني جلدتهم وخصوصاً يوم العيد حيث تنعدم الإنسانية
وتُفقد الكرامة وتضيع الهوية ,ففي شريعة الغاب لن تجدوا مثل ذلك ..

وقد يكون البعض او الغالبية منا مكان الكبش
ولكنهُ لا يُذبح مرة واحِدة وإنما يُذبح عِدة مرات .
حسبنا الله ونعم الوكيل ... وكل عام وأنتم بألف خير .
ولكم تحيات
ماجد البلوي