المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية “مستشفى الأحذية” يكافح أمراض الحرف اليدوية..؟؟



ماجد سليمان البلوي
11-02-2017, 09:28 PM
حكاية “مستشفى الأحذية” يكافح أمراض الحرف اليدوية..؟؟

بيروت - رنه جوني:
صاحبها ابتكر الاسم ليجذب الانتباه..
تعيش الحِرف اليدوية في لبنان على شفير الهاوية، والبحث عن حرفي عتيق يشكل نواة سكة عبور إلى عالم التحدي لأجل لقمة العيش، فأين تقف الحرف اليوم؟

في سوق اللحم في النبطية وتحديداً في إحدى زواياه يطالعك "مستشفى الأحذية"، في داخله يجلس علي الخياط خلف ماكينته يداوي "أمراض" الأحذية خلع كعب، كسر سحاب، مزق محفظة، وغيرها من الأعطال الطارئة، علي عتيق في مهنة الأحذية يعمل بها منذ أربعين عاماً توارثها عن عمه ويعد واحداً من ثلاثة يواظبون على مهنة "الإسكافي" في مدينة النبطية.

يمضي علي يومه مواظباً على حرفة يعتبرها "الأروع"، باتت جزء اً من حياته: "تعلمتها وأنا ادرس، ولن أتخلى عنها" يرمي بكلماته على حذاء طارئ أتاه على عجل فيما تنتظره زبونه شكّل حالة خاصة إن لجهة الاسم "مستشفى" أو لجهة طريقة مداواته لأي خلل طارئ ..

فبات واحداً من مبدعي الحرفة ممن يحرصون على حماية الحرفة من تهشيم الظروف، يقول: "طورت الحرفة لأني أريد استمراريتها" ويعمل خلف ماكينة خياطة عمرها 40 عاماً تحوطه عشرات الأحذية وعلب المسامير والأهم كتابات وضعها خلفه "لا توجد مهنة حقيرة بل أناس حقيرون" في تأكيد أهمية ومكانة الحرفة بالنسبة إليه".

"مستشفى الأحذية" يمضي العم علي يومه تحيط به أحذية وأدوات مختلفة فيما زبائنه من مختلف أطياف البشر، خلف الماكينة يجلس ساعات يداوي علل الأحذية يحضر أحدهم مستعجلاً "عندي حذاء حالة طارئ وأخرى حالة نفسية"، يضحك العم علي مردفاً "أدخله العناية الفائقة"، وخلف تجاعيد العمر ورحلة الحرفة يخفي العم علي غصة كبيرة الحرف التي تشكل تاريخ وإرث لبنان تندثر ولا من يحميها ويطالعوننا بخطابات واحتفالات رنانة، ولكن أين حقوق العامل وضمانه الصحي وضد الشيخوخة؟

تختصر حرفة الإسكافي تاريخ بلدة النبطية حيث كانت مقصد التجار للتبادل التجاري في القرن العشرين، وكان حي السراي معقل صناعة الأحذية التي تصدر للخارج واستمرت حتى العام 1993م، انقلبت موازين الحرفة اليوم وربما أعطى مستشفى الأحذية بريقاً مغايراً، للحذاء مستشفى "لعبت على الاسم لأنه عامل استقطاب" .

يقول العم علي الذي يعترف بصعوبات المهنة ولعل أبرزها "ندرة المواد الأولية وغلاؤها وغياب الدعم الحكومي عن طبقة الكادحين الذين يصعب تدجينهم"، ويلفت إلى تقاعس الدولة عن تطوير الحرف وحمايتها بوضع الضريبة "ولكن للأسف حطّمت الدولة الحرف والصناعات وفي نهاية المطاف يتحفوننا بالوعود والخطابات نريد حماية الحرف متى وكيف وبأي طريقة لا أحد يعرف".

خلف ابتسامته التي لا تفارقه وهو يعمل ويناقش الزبائن بالأمور الحياتية يخفي العم علي وجعاً كبيراً، يدفعون الحرفي في لبنان ليموت لماذا، والمضحك حين يقفون على المنبر يوزعون خطاباتهم عن حق العامل بالحياة أين حقوقه؟ لم أتذكر يوماً أحد كرمني بوردة.

يشكل مستشفى الأحذية عامل جذب لحرفة تعيش قاب قوسين أو أدنى من الاندثار، يتربع العم علي على عرش مهنة طورها وأدخل الآلة إليها لمواكبة العصر من تغيير ألوان الأحذية إلى علاج "فتق الشنط ومداواة كسر السحاب والكعب وما عداها من الحالات الطارئة التي تشفي الحذاء، ويدأب على رفع معنويات حرفة شكلت له مادة دسمة لنقاشها".

حظي مستشفى الأحذية بإعجاب الاتحاد الأوروبي يقول علي: "قصدوني لالتقاط الصور ودعمي، كما وضعوا صورة المستشفى على رزنامة الاتحاد، تعريفاً بحرفة علمته "المحبة والعطاء"، داعياً أمثاله الحرفيين للاتحاد: "علينا أن نسبر أغوار بحر السياسة وندفع نحو حمايتنا وإلا فالموت مصيرنا"، يرفع الصوت عالياً من قلب مجروح ويقول: "شجعونا وأعطونا الاستمرارية، أعطونا الكهرباء ببلاش مثل الدول الأخرى، ادعمونا بمبلغ مالي لنكمل لا تتركوا تراث لبنان يموت".

*المصدر: جريدة الخليج، ملحق "استراحة الجمعة"،
نُشر بتاريخ 17 أبريل 2015 م..
ولكم تحيات
ماجد البلوي