عندما كنا نرعى البهم ..؟؟

[ماجد سليمان البلوي]

عندما كنا نرعى البهم ..؟؟

يا فلان .. تعال وأنا أمك ..
اسرح بالبهم ( صغار الضأن والماعز ) ،
كانت فرحة غامرة بهذا الأمر
فالبهم تمثل لي عالماً ممتعاً من اللهو ..

طويت تفكيري وألقيت به على أصحابي ، وعدت إلى المنزل
وساقاي تسابق الريح ، وتناولت مطرقاً من أغصان شجر الرمان
وأخذت أهش بها على قطيع البهم ، إلا أن حرص والدتي
الشديد عليّ وعليها حاصرني بسيل من الوصايا :

انتبه للبهم وأنا أمك ..
لا تجلس تلعب وتترك البهم ..
لا تخليها تدخل في مزارع الناس ..
لا تهجج البهم ( تركض بشدة خلف البهم )..

ارجع للبيت قبل صلاة الظهر ..
لا تقلّب الحصى تحتها عقارب ..
لا تجلس تطرد العصافير وتهمل البهم ..
انتبه وأنا أمك .. انتبه خلك رجال ..
يا الله تحفظ وليدي .. يا الله تخليه ..
تعال اسلّم عليك ..

وعندها ختمت هذه الوصايا بقبلتين قويتين استنشقتني من خلالهما
وكأنها تريد أن تدخلني في جوفها ، ومدت لي منديلاً يحتوي
على كسرة خبزٍ يقوم مقام البسكويت لآكلها عند جوعي ،
وقد مدت معها جرعة من الحنان ..

انطلقت وأمامي قطيع البهم أسوقه بعصا الرمان ،
وخلفي والدتي وهي واقفة ترمقني بعينيها الحنونتين ..

وقد لفّت رأسها بعباءة عرضين قد غطى معظم جسمها
حتى بدى كالشرشف الذي يجللها ، وأخذت جزء منه لتغطي به
طرفاً من وجهها وقد رسم خضاب الحناء على كفها لوحة الوفاء
والحنان والعطاء ..

ولكنني ما إن غبت عن مدى عينيها حتى مارست هواياتي
التي حذرت منها والدتي !!
ونحن صغار كنا نرعى البهم يا ليت
أننا إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمُ ..
عليهم رحمته الله جميعآ..
ولكم تحيات
ماجد البلوي