المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : راهب العلم .. محمد حميد الله..؟؟



ماجد سليمان البلوي
02-07-2019, 06:58 PM
راهب العلم .. محمد حميد الله..؟؟

كان يتقن 22 لغة ، وآخر لغة تعلّمها هي التايلندية في سنّ ال84. لا يجد لفضوله المعرفي نهاية، والعابد الزاهد الذي لا تساوي الدنيا عنده نقيرا. كان عالمًا بالإسلام، وأسلم على يديه أكثر من 40000 في فرنسا خلال نصف قرن من حياته!

ولد محمد حميد الله عام 1908 في حيدرآباد بجنوب الهند، التحق بـ(الجامعة العثمانية) التي أسسها الأمير عثمان علي خان في حيدرآباد عام 1918،

و استكمل دراسته العليا في جامعة (بونْ) الالمانية ، فحصل منها على شهادة دكتوراه عن (مبدأ الحياد في القانون الدولي الإسلامي)، و في العام 1934 التحق بجامعة (السوربون) الفرنسية،

فحصل منها على شهادته الثانية للدكتوراه عن رسالته المعنونة: (الدبلوماسية الإسلامية في العصر النبوي والخلافة الراشدة) و عاش العلامة حميد الله في فرنسا مدة مديدة ناهزت نصف القرن واستنزف عمرَه البحث العلمي الدائب والعملُ الدائم لخدمة الإسلام فلم يتزوّج،

بل تزوّج العلم، فكان من العلماء العُزَّاب الذين آثروا العلم على الزواج وأنجب منه 450 كتابًا بلغات متعدّدة.

كان متواضعا ، حتى إنه كان يخرج مع الشباب المسلم في المخيمات الثقافية بفرنسا فيغسل آنية الطعام بيده، ويجلس معهم على الأرض كواحد منهم،
على مكانته العظيمة في العلم والشهرة.

وحينما دخل (دار المصنِّفين) –إحدى أشهر المؤسسات العلمية بالقارة الهندية- دخلها حافيَ القدمين، وعلَّل ذلك بأنه يكره أن يدخل منتعلا إلى دار أُلِّف فيها كتابٌ في السيرة النبوية،وكان شديد الزهد والاحتساب، حتى إنه عندما عُرض عليه الترشح لجائزة الملك فيصل رفض بشدة، وقال: "أنا لم أكتب ما كتبت إلا من أجل الله عز وجل، فلا تفسدوا علي ديني."

وفي شيخوخته ألحّت عليه حفيدة أخيه السيدة المفضالة (سديدة عطاء الله) المقيمة في الولايات المتحدة بمصاحبتها إلى هناك حرصا على صحته المنهَكة ورحمة بضعفه وكبره،

فقبل توسُّلاتِها بعد لَأْيٍ عام 1996، وأقام معها سنوات عمره الأخيرة، حتى رحل ، في مدينة جاكسونفيل بولاية فلوريدا الأميركية عام 2002، مخلفا وراءه ذكرا عطِرا وأثرا لا يمَّحي.

وقد ذكرتْ ابنة أخيه البارّة سديدة عطاء الله في عدد خاص من مجلة Impact International مخصص لرثاء محمد حميد الله، أنه كان يمازحها شفقةً بها فيقول: "سأُفاوض ملَك الموت بكل ما أستطيع من حُجّة، لكي لا يقبض روحي بحضورك".. وقد تحققتْ أمنيته،
فتوفاه الله في نومه ضحًى وهي غائبة عن البيت.
رحم الله محمد حميد الله..
ولكم تحيات
ماجد البلوي