المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكرك التي نحبها تاريخها يتجدد..؟؟



ماجد سليمان البلوي
03-08-2019, 11:18 PM
الكرك التي نحبها تاريخها يتجدد..؟؟

اليوم شاب يبحث عن فندق في الكرك على مواقع التواصل الاجتماعي وكانت الردود كلها ترفع الراس الكل يريد ان يكون المعزب الى الشاب وحتى لا يكلف نفسه عنا البحث اعجبني رد احدهم قال اي بيت تدق بابه سيكون معزبك.

كرك التاريخ والمجد الكرك التي نحب اهلها فقد رسم لوحتها محمود الشمايله في هذه الصوره الجميله التي تتكرر كل يوم بشحوص جديده لم يتم تدوينها
اترككم مع رائعة الاستاذ محمود الشماليه.

من كتابات الصديق الكاتب محمود الشمايله
ذاكرة المكان -الكرك مطلق الذنيبات :
بقلم : محمود الشمايلة.

الى روح المرحوم مطلق الذنيبات وابناءه الذين لحقوه الى رحمة الله تباعا جميل ،كمال و كامل وفاءً.

استكمل وفد وزارة الداخلية القادم من العاصمة عمان عمله لليوم الأول في متصرفية الكرك ، وعليهم البقاء في المدينة حتى نهاية الأسبوع ، دخل الرجلان الى المقهى المجاور للمتصرفية في منطقة السرايا وافترشا المقاعد الخشبية على رصيف الشارع ،،
كانت الشمس في كبد السماء ،،،، والمصلون يغادرون المسجد الحميدي تباعا ،

كان مطلق يهم في مشيته الى المقهى الذي يشاركه فيه عودة القروم الذي غاب عن المقهى هذا اليوم ...
ما أن دخل الى المقهى حتى بادره الرجل الغريب بسؤال ،،،
هل تدلنا على فندق نبيت فيه يا سيدي ؟

مطلق : حك رأسه قليلا وهو يفكر ثم اضاف :كم تحتاجون للمبيت في الكرك؟
احدهم اجاب : ربما لنهاية الاسبوع .

مطلق : في الحقيقة لا يوجد فندق في الكرك ولكن هناك منامة واظنها مناسبة تماما لكما .
اومأ الرجلان بالموافقة وسارا خلف مطلق الذنيبات الى الشارع الغربي ،

المسافة ليست بعيدة من هنا ، طلب مطلق من الرجلين أن ينتظرا قليلا في باحة البيت في حين دخل الى بيت و طلب من أهله ان يعدوا غرفة الضيوف اعداد جيدا ، كان من ضمن الاستعدادت فرش الجنبيات المرفوعة على المنهض واغطية نظيفة كان قد احضرها معه من المدينة المنورة اثناء ادائه للعمره ..
هي لحظات حتى كانت الغرفة الخارجية مستعدة لإستقبال الضيفين ....

ترك مطلق الرجلين في الغرفة لتبديل ملابسهما ،،،و طلب من أحد أبنائه الذهاب إلى السوق لإحضار صينية الكوفته وطبخها في الفرن المجاور ...

ما أن أنتصف النهار حتى كان الغداء جاهزا ..
تساءل الرجلان عن تكلفة المبيت في فندق مطلق أو منامته كما كان يسميه ......

ابتسم مطلق قائلا : التكلفة ليست عالية هنا ،لا عليكما ...
اصرّ الرجلان على معرفة التكلفة حتى إحتار مطلق في أمرهما ،،فقال
الليلة الأولى هي ضيافة وسنبدأ الحساب من يوم الغد ان شاء الله
ظلّ مطلق وأبناؤة يخدمون الضيوف بالطعام والشراب وغيره حتى أنه كان يسامرهم في الليل ويعينهم على عملهم في الصباح ،

وفي حدى المرات صاح الرجل في وجه مطلق محتجا على تقديم وجبة الغداء في وقت مبكر وأضاف حتى أن ابناءك يتناولون طعامنا كل يوم ..
في حقيقة الأمر كان مطلق يقدم الطعام للضيفين ومن ثم يقدم ما تبقى لاطفاله العائدين من المدرسة ..

مرّ الأسبوع بسرعة وانتهت مهمة الرجلين في الكرك ...وجاء موعد الحساب ..
القى الرجلان الكثير من كلمات الشكر على الخدمة الراقية والتعامل النبيل مع الزبائن ،حتى إن أحدهم قال :والله يا مطلق الخدمة عندكو احسن من فنادق عمان الراقية
ابتسم مطلق مبديا علامة الرضا ، حمد الله كثيرا ،،،وهو يهم في وداعهما ..

ادار الرجل يده الى محفظتة وهو يسأل عن الأجر .
ولكن مطلق بادرة بالقول أن دليوان رئيس البلدية قام بدفع الحساب .

تفاجأ الرجلان من تصرف رئيس البلدية ولماذا يدفع الحساب عنهم وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه ...
غادر الرجلان المكان للبحث عن دليوان ،،، سألوا أحدهم ليدلهم على المصطبه حيث كان يجلس مع مجموعة من الرجال أمام بيته ،،،
القيا الكثير من التحايا وعرّفا بنفسيهما ،،

عرض أحدهم المال على دليوان وعندما سألهم عن سبب ذلك ،،، قال أحدهم انها أجرة المنامة ...
أمام دهشة الجميع طلب دليوان منهما أن يقصا عليه قصتهم مع مطلق ..
ضحك الجميع مما أثار استهجان الرجلين اللذين شعرا بقلة الإحترام ..

اعتذر دليوان منهما موضحا لهم سبب الضحكة قائلا : مطلق لا يملك اية منامة او فندق ، هو فقط استضافكم في بيته دون مقابل ، فقط لانه كريم النفس طيب المعشر وشهم نبيل .... اما عن قوله أن دليوان دفع الحساب فقد كان لا ينوي ان يمن عليكما بشيء على إعتبار انكما ستغادرا المكان ....بلا عودة محتسبا ذلك عند الله تعالى ...
سقط الرجلان في جُب الخجل ،،،،

عادت بسطة دليوان الى ما كانت عليه من احاديث فيما غادر الرجلان المكان في طريقهما الى مقهى مطلق فلم يجداه هناك ، ولا حتى في بيته غير أن ابنه الأصغر اخبرهما ان والده غادر الى قرية الجديدة ولن يعود قبل صلاة المغرب .....

عاد الرجلان الى عمان بعد ان تلبسهما الصمت أيام طويلة ، حتى انهما لم يخبرا احد بما حصل معهم في بيت مطلق الذنيبات ..
تدور الأيام كالساقية ،وترتدي الكرك ثوب الحزن على استشهاد هزاع ...

وتمعد نسوة الكرك نحيبا قائلات :
(وعلام الوزارة مسكرة يا ناسي// ساكنها هزاع قوي الباسي )
بعد عشرة سنوات وربما أكثر ،تجور الايام على مطلق ، يرحل الى العقبة ليعمل عامل في الميناء بعد أن خسر المقهى الذي كان يملكه ....

شعر العمال بقيمة مطلق ، فقد كان مثقفا رزينا لا يبدو عليه الشقاء ، لذلك حظي بأحترامهم وتقديرهم حتى أصبح ملاذهم في حل النزاعات ،،يعلمهم ويذكر لهم جرح فلسطين و خطر الصهيونية ....

ذات صباح كانت فيه الشمس تصفع الجباه ، و كان مدير مؤسسة الموانئ وهو احد ضيوف مطلق يتفقد الرصيف ....
ترك الرجل جميع من التفوا حوله وراح يدقق النظر في وجه الرجل الأسمر الذي يقف في الزاوية البعيدة ويقوم ببعض الاعمال الشاقة ....

اقترب منه أكثر ،،،،وأكثر ...
تفاجأ الجميع بتصرف المدير مبدين دهشتهم من نظراته ،،
احدهما قال ربما سيخسر مطلق وظيفته ...

نادى المدير بصوت اجهش : مطلق ، مطلق ...
التفت مطلق الى مصدر الصوت ،،،، ابتسم الرجل ودون أن يلقي السلام او ينبز ببنت شفة ...

احتظن مطلق وعانقة وهو يربت على ظهره ....... ولكنه ظل يردد مع حركة يده انا اسف يا مطلق .... ارجوك اعذريني ....
كان الرجل قد ذرف دمعة لامست وجه مطلق حتى انه شعر بحرارتها .....

ولكن مطلق بخل بدمعته هذه المرة ولم يذرفها
أمام صمت وذهول عمال الميناء كان الرجل يقتاد مطلق الى مكتبة وهو يطوق ذراعه بعنق مطلق ويمسك بيده ....وكأنه شقيقة الذي عثر عليه بعد طول غياب ....

يزداد صهد الشمس لتلفح جبين عمال الميناء ....وثمة باخرة جديدة تصطف على الرصيف في انتظار سواعد الخير......
ولكم تحيات
ماجد البلوي