المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 10 طرق لهندسة الحياة و صناعة التأثير .



موسى بن ربيع البلوي
03-08-2006, 02:51 AM
- مختصر كتاب / ( 10 طرق لهندسة الحياة و صناعة التأثير ) .

- المؤلف / د . علي الحمادي

· كيف تكون رقماً صعباً و قائداً فذاً و إماماً مؤثراً ؟
· كيف تترك بصماتك في دنيا الناس و تكون فاعلاً في حركة الحياة و صناعة المستقبل ؟

قال تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }

قال صلى الله عليه وسلم : " الناس كإبل مائة لا تجد فيهم راحلة " متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

يقول الإمام الذهبي : ( فالقادة الأعلام يوم من أيام احدهم اكبر من عمر آحاد الناس ) .
يقول الشاعر :
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله
ـــــــــــــــ لن تبلغ المجد حتى تعلق الصَبِِرا

يقول الكاتب في جزء من مقدمته /
يتناول الكتاب عشر طرق أظنها مهمة لصناعة التأثير و هندسة الحياة .

الطريقة الأولى /

تترس بعقيدة القضاء و القدر


من الأصول التي قام عليها الإيمان و استقرت في سويداء قلوب المؤمنين الإيمان بالقضاء و القدر ، حيث أكد الله تعالى هذا الأصل فقال : "ما أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{22}
و روى الإمام مسلم في صحيحة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة ، قال : و عرشه على الماء " .
إن الإيمان بالقضاء و القدر ركن ركين في ديننا من تركه هلك لذا لما أخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن ناساً يزعمون أن لا قدر و أن الأمر أنف قال لمن أخبر بذلك : " إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني بريء منهم و أنهم براء مني ، و الذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفق في سبيل الله ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر " .

و لقد وضع علماء السلف أصولاً و قواعد يقوم عليها الإيمان بالقضاء و القدر و لعل من أهمها :
1 – أن علم الله الأزلي محيط بالأشياء قبل حدوثها ، فالله عز وجل بكل شيء عليم و هو يعلم ما كان و ما يكون و ما لم يكن لو كان كيف يكون ، و قد كتب في اللوح المحفوظ .

2 – أن الله خالق كل شيء و من جملة ذلك أفعال العباد فالله خلق الناس و قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات و الأرض بخمسين ألف سنة .
3- لا يقع في ملك الله إلا ما يشاء فمشيئة الله محيطة بالخلائق .
4 – لا يجوز لأحد أن يناقش الله تعالى في قضائه و حكمه إذ هو : " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{23} " ذلك أن الله تبارك و تعالى هو الحكيم الخبير العليم الملك المطاع .
5 – لا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر في مواجهة الأمر الشرعي الديني فالقدر مستور عن العباد و قد كلفهم رب العزة بما تضمنه الوحي المنزل و عليهم الاستقامة وفق ما شرع لهم و لا يجوز لهم التمرد على شرع الله محتجين بالقدر .
6 – و بناء على الأصل السابق فإن كل إنسان مسئول عن تصرفاته و أعماله و لذلك شرع الإسلام العقوبات في الدنيا و أنذر المجرمين بالعذاب الأليم في الآخرة .

7 – و الله في ذلك كله عادل و لا يجوز أن ينسب إليه الظلم فهو عادل في تقديره و عادل في أمره و نهيه .
8 – مباشرة الأسباب من القدر ، فالله قدر أن يكون حرث و زرع و حصاد ، و قدر أن يأتي الولد بالنكاح ، و أن يكون الري بشرب الماء .. الخ ، فلا يجوز إهمال الأسباب احتجاجاً بالقدر و قد فقه هذا الرسول صلى الله عليه وسلم و أصحابه فأعدوا العدة للحرب و القتال و فكروا و دبروا و خططوا .

و للرضا بهذا القضاء نتائج سارة و ثمرات طيبة و من تلك النتائج أنه يكسب صاحبه قوة الشكيمة و مضاء العزيمة ، إذ من اطمأنت نفسه إلى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه خلت جميع أعماله من الحيرة و التردد و انتفى من حياته القلق و الاضطراب لأنه بمجرد ما يترجح لديه الإقدام على أمر ما أقدم عليه في غير ما خوف و لا هيبة و لا تردد .
و من هنا فانه لا يحزن على ماضٍ و لا يغتم لحاضر و لا يؤلمه هم المستقبل و بذلك يكون أسعد الناس حالاً و أطيبهم نفساً و أصلحهم بالاً و أهدأهم خاطراً .
و مما لا شك فيه أن هذه الصفات قد تجلت واضحة في أبناء هذه الأمة أمة الإسلام أيام كانت عقيدة القضاء و القدر واضحة في نفوسهم قوية في قلوبهم فقد فاقوا الناس شجاعة و كرماً و صبراً و حلماً و معرفةً و علماً ، الأمر الذي تمكنوا به من سيادة العالم و قيادة مدة من الزمن طويلة غير قصيرة .

و في الجانب الآخر فإن المجتمعات التي تركت هذه العقيدة و فرغت من الإيمان بالله و بقضائه و قدره و تدبيره لشؤون الحياة و الأحياء فنصيبها في الآخرة خلود في العذاب المهين ، و نصيبها في الدنيا ضياع السعادة و تمزق الأعصاب و ضنك العيش و توتر الحياة .

و صدق الله تعالى إذ يقول : " فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى{123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{124}
أن من يتردد في صناعة الحياة و إحداث التأثير النافع بسبب خوف على رزق أو عمر أو ولد أو غير ذلك فعليه أن يذكر نفسه دائماً بقول الله تعالى : " قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ{51}

و بقوله تعالى : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ{173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ{174} إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{175}

نسأل الله أن ينفعنا بما قرأنا

و لنا عودة بإذن الله تعالى مع الطريقة الثانية
( عليك بأركان العطاء الفذ )

ابو رزان
03-08-2006, 02:57 AM
جزاك الله خير اخوي موسى ونفع الله بك
وجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون احسنه

ابوماااجد
03-08-2006, 10:34 AM
اخوي موسى ربيع البلوي

الله يجعله في ميزان حسناتك با1




ابوماااجد

فرحان البلوي
03-08-2006, 12:50 PM
الغــالي/ابو نادر.....
كلمات ودروس...استمتعت بها..
ومعلومات جديده.....خاصة القدر والمكتوب ..وخلقها قبل خمسين الف سنه...
فسبحان الخالق.........ننتضر الطرح الثاني.....
وجزاك الله خير...................

عاصفة الشمال
03-08-2006, 01:38 PM
الأخ / موسى البلــــــــــــــوي


نفــــــــــــــع الله بكـــــــــــــــــم ..


وجـــــــــــزاكم الله عنا خير الجـــــــــــــزاء ..


بإنتظـــــــــار البقية

سعود الهرفي
03-08-2006, 05:56 PM
الاخ / موسى بن ربيع البلوي

السلام عليكم


اللة يعطيك العافية وجزاك اللة خيرا

سلمان العرادي
03-08-2006, 09:27 PM
موســى ربيع ..

بارك الله فيك على هذهـ الكلمات التي أتحفتنا بها ..

سلمان العرادي

موسى بن ربيع البلوي
03-08-2006, 11:07 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أخي أبو رزان / بارك الله فيك و شكرا لك هذه الكلمات الرائعة منك .


أخي أبو ماجد / مرورك أسعدني و شرفني .

الغالي و الأخ العزيز / فرحان ابن جبيل وجودك أنار متصفحي و أسعدني تواصلك دمت لنا محباً .

عاصفة الشمال / جزاك الله خير .

أخي سعود الهرفي / أشكر لك هذا التواصل الدائم غير المستغرب منك .

أخي الفاضل / سلمان العرادي ، نعم الأخ أنت دائماً مميز في كل شيء .

موسى بن ربيع البلوي
03-08-2006, 11:08 PM
ثانياً عليك بأركان العطاء الفذ





ليس من أحد عنده و لو قدر يسير من العقل إلا و يتمنى أن يعطي عطاء فذا ، و أن يكون له دور كبير في هذه الحياة ، و أن يحقق ذاته فيما يجيد ، و لكن كثيراً من الناس يتنكبون الطريق و يتيهون في الأرض و تتفرع بهم السبل و هم مع ذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعاً و لا يوفق إلى العطاء الفذ النافع إلا من وفقه الله و أنار قلبه و عقله .

تأمل معي صنيع الصحابي الجليل الذي كان يدعى في الجاهلية بـ ( زيد الخيل ) حيث ما أن عمر الإسلام قلبه و اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا و فكر كيف يكون معطاءً لله ورسوله ، مع أن أيام إسلامه قليلة ، و لكن سقف طموحه مرتفع جداً و همته عالية للغاية ، و كان جل تفكيره كيف يكون له دور كبير في هذه الحياة .

لما دخل زيد الخيل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فلما انتهى الرسول عليه الصلاة و السلام من خطبته ، وقف زيد الخيل بين جموع المسلمين و أطلق صوته الجهير و قال : يا محمد ، أشهد أن لا اله إلا الله و أنك رسول الله .

أقبل الرسول الكريم على زيد و قال له : من أنت ؟ قال : أنا زيد الخيل بن مهلهل .
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : " بل أنت زيد الخير ، لا زيد الخيل ، الحمد لله الذي جاء بك من سهلك و جبلك ، و رقق قلبك للإسلام " ، فعرف بعد ذلك بزيد الخير .

ثم مضى به الرسول عليه الصلاة و السلام إلى منزله و معه عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لفيف من الصحابة فلما بلغوا البيت طرح الرسول عليه الصلاة و السلام لزيد متكأ فعظم عليه أن يتكئ في حضرة رسول الله و ردّ المتكأ و مازال يعيده الرسول عليه الصلاة و السلام .

و لما استقر بهم المجلس قال الرسول صلى الله عليه وسلم لزيد الخير : " يا زيد ما وصف لي رجل قط ثم رأيته إلا كان دون ما وصف به إلا أنت " ثم قال : " يا زيد إن فيك لخصلتين يحبهما الله و رسوله " .
قال و ما هما يا رسول الله ؟ قال : " الحلم و الأناة " .
قال الحمد لله الذي جعلني على ما يحب الله و رسوله ، ثم التفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم و قال : أعطني يا رسول الله ثلاثمائة فارس ، و أنا كفيل بأن أغير بهم على بلاد الروم و أنال منهم .
فأكبر الرسول همته هذه ، و قال له : " لله درك يا زيد ، أي رجل أنت ؟! " ثم أسلم مع زيد جميع من صحبه من قومه .

و لما هم زيد بالرجوع هو و من معه إلى ديارهم في نجد ، و دعه الرسول صلى الله عليه وسلم و قال : " أي رجل هذا ؟! كم سيكون له من شأن لو سلم من وباء المدينة "
و كانت المدينة المنورة آنذاك موبوءة بالحمى فما إن بارحها زيد الخير حتى أصابته فقال لمن معه : جنبوني بلاد قيس فقد كانت بيننا حماقات من حماقات الجاهلية و لا و الله لا أقاتل مسلماً حتى ألقى الله عز وجل .

تابع زيد الخير سيره نحو ديار أهله في نجد على الرغم من أن وطأة الحمى كانت تشتد عليه ساعة بعد أخرى ، فقد كان يتمنى أن يلقى قومه و أن يكتب الله لهم الإسلام على يديه .

و طفق يسابق المنية و المنية تسابقه ، لكن أمر الله قد سبق ، فلفظ أنفاسه الأخيرة في بعض طريقه .

و إذا أردنا طريقاً يسيراً للتأثير فأركانه ستة ، إذا اجتمعت هذه الأركان في شخص واحد فقد ترشح هذا الشخص للعطاء المتميز و لصناعة التأثير الفذ .

و من هنا كان حرياً بمن يهدف التأثير و صناعة الحياة أن يحقق فيه هذه الأركان الستة و كلما نقص ركن من هذه الأركان كلما احتاج التأثير إلى وقت أطول و إلى جهد أكبر أما الأركان الستة فهي :
1 – الرغبة و الطموح .
2 – الطموح و الهمة العالية و الحماسة .
3 – الوعي و الإدراك .
4 – التخصص الأكاديمي أو المهني .
5 – الوضيفة الرسالية أو الدعوية .
6 – الوضيفة الرسمية .

فإذا تخصص الشخص في مهارة أو صنعة أو تخصص معين و كان يحب هذا التخصص و كانت وضيفته الرسمية متطابقة مع تخصصه و محققة له و كانت رسالة هذا الشخص و رؤيته لنفسه و عمله التطوعي متفقة مع هذا التخصص و كان هذا الشخص صاحب طموح و همة عالية و كان عنده وعي و إدراك بأهمية ما يقوم به و بواقعه الذي يعيشه و بأساليب التأثير المختلفة و بالعقبات التي تعترض طريقه إذا تحققت هذه الأركان الستة في شخص ما فانتظر لهذا الشخص مستقبلاً باهراً فذاً و أثرا لا يجارى و صناعة للحياة يحمد بها صاحبها في دنياه و في آخرته ( إن أخلص لله تعالى ) و كل ذلك بعد توفيق الله تعالى و تقديره و تأييده .


انتهى

و إلى لقاء مع الطريقة الثالثة /

أثر بالمقارنة المرجعية

موسى بن ربيع البلوي
03-09-2006, 11:24 PM
ثالثاً / أثر بالمقارنة المرجعية




أراد أحد الغربيين أن يطور عمله فجاء إلى متر ووضعه على طاولة ( Bench ) ثم وضع علامات ( Marking ) على الطاولة لتكون المعيار الذي يستطيع به قياس عمله و مدى تطوره فسمى هذه الطريقة بـ ( Bench Marking ) أو المقارنة المرجعية أو الأداء المرجعي أو المقارنة المعيارية .



فإذا أرادت إحدى المؤسسات ( أو الإفراد ) تطوير نفسها فإنها تنظر إلى أفضل المؤسسات في العمل الذي تقوم به أو تريد تطويره ثم تقارن نفسها بها و تحاول الاستفادة من جميع الممارسات الإيجابية فيها و كذلك مما عندها من تميز و نقاط قوة .

و ليس شرطا أن تكون المؤسسة المرجعية تعمل في نفس المجال بل ربما أحيانا من الأفضل إن ترجع إلى المؤسسات التي لا تعمل في نفس المجال .

و نقصد بالمقارنة المرجعية هنا أن يحاول صناع التأثير تقليد أو إتباع ما قام به المؤثرون الناجحون سواء كان ذلك في طريقة التفكير أو في منهجية التأثير أو في أسلوب الأداء أو في التقنيات المستخدمة أو في برامج التأثير المختلفة أو في غير ذلك .

كما و نقصد أيضاً بالمقارنة المرجعية أن يدرك صانع التأثير أن الناس سوف يتتبعون و رما يتربصون لأقواله و أفعاله و مواقفه و سلوكه و لذا ينبغي أن يكون أكثر حذرا و احتراسا لما يصدر عنه من قول أو فعل و أن يكون قدوة صالحة حتى يقتدي الناس به و هذا ما يطلق عليه التأثير بالقدوة .



إن مثلنا الأعلى في صناعة التأثير بالقدوة هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث تصف لنا أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الناس يوم أن لجأ إليها خائفا من هول ما رأى من صورة الوحي و هو يقول زملوني زملوني ثم قال : " لقد خشيت على نفسي " فقالت خديجة : ( كلا و الله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم و تحمل الكل و تكسب المعدوم و تقرئ الضيف و تعين على نوائب الدهر ) .



و التأثير بالمقارنة المرجعية له إيجابيات عديدة من أهمها :

- اختصار الوقت .

- سهولة إقناع متخذي القرار بأهمية المشروع التأثيري و إمكانية نجاحه إذ أنه جرب و نجح .



و كما أن للتأثير بالمقارنة المرجعية إيجابيات عديدة فإن له أيضاً مخاطر و سلبيات ذلك لاختلاف الظروف و الأحوال و البيئات و القيادات و المكان و الزمان و طبيعة المؤثرين و نوعية المقارنة و الإمكانات المتاحة و الجمهور المستفيد و الثقافة السائدة و غيرها .



و يجب مراعاة بعض الضوابط قبل استخدام هذه الطريقة و لعل من أهمها ما يلي :

- دراسة تجربة الآخرين عن كثب و التعرف على أبعادها المختلفة و إيجابيتها و سلبياتها و العقبات التي واجهتها و غيرها من نصائح و إرشادات منفذي التجربة الأصلية .



- العمل على تطويع التجربة لتتوافق مع ظروفك و طبيعتك و إمكانياتك .



- الرقابة الدائمة على المشروع التأثيري حتى ينجح و يستوي قائماً .



و على كل حال و رغم أهمية هذه الطريقة و إيجابياتها و أنها ممارسة من قبل كثير من الأفراد إلا أننا لا ندعو إلى التمادي و الإفراط في استخدامها إذ ينبغي للفرد أن ينظر إلى واقعه و يبدع في صناعة التأثير فيه و لا بأس بعد ذلك أن يستفيد من تجارب الآخرين و يطورها .





و إلى لقاء مع الطريقة الرابعة /

لا تكن كصاحب الضفدعة

موسى بن ربيع البلوي
03-10-2006, 03:27 PM
رابعاً : لا تكن كصاحب الضفدعة



يروى أن احد الناس جاء بضفدعة ووضعها أمامه و قال لها : نطي أي اقفزي ، فنطت ، فكتب : قلنا للضفدعة : نطي فنطت .



ثم قطع يدها اليمنى و قال لها : نطي فنطت ، فكتب : قطعنا اليد اليمنى للضفدعة ، و قلنا لها : نطي فنطت .



ثم قطع يدها اليسرى و قال لها : نطي فنطت فكتب : قطعنا اليد اليمنى و اليسرى للضفدعة ، و قلنا لها نطي ، فنطت .



ثم قطع رجلها اليمنى ، و قال لها : نطي ، فنطت بصعوبة ، فكتب : قطعنا يدي الضفدعة و رجلها اليمنى ، و قلنا لها نطي ، فنطت .



ثم قطع رجلها اليسرى و قال لها : نطي .. نطي ، فلم تنط ، فكتب : قطعنا يدي الضفدعة و رجليها و قلنا لها : نطي فلم تنط ، و من هنا أثبتت هذه التجربة أن الضفدعة إذا قطعت يداها و رجلاها فإنها تصاب بالصمم ! !



ترى ما دخل قطع اليدين و الرجلين بالسمع ؟ ! هذا منطق أعوج إذ أن قطع اليدين و الرجلين يمنع الضفدعة عن الحركة و الإشارة و ليس عن السمع أو البصر أو التذوق .

لذا إذا أردت تؤثر فلا بد أن تفكر بعقل و منطق و تتخذ الأدوات و الوسائل التي توصلك إلى التأثير الذي تريد ، أما أن تجلس مكتوف اليدين ، و تفعل كما كنت تفعله من قبل ، و تمتنع عن القيام بأي شيء جديد و مؤثر ، و لا تجتهد في تغيير واقعك ، فأنى لك أن تحصد الثمر الذي تحب و لم تزرع منه شيئاً ، ذلك :

(( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ{11}





يقول آينشتاين : ( من السذاجة أن تعمل نفس الشيء بنفس الطريقة ، ثم تريد نتائج مختلفة )

و لو تأملنا حقيقة حال المؤثرين لوجدناهم أشخاصاً تغلبوا على جوانب النقص في حياتهم بينما استسلم لها الآخرون ، و هل لذة الحياة إلا في إعمال العقل و بذل الجهد حتى يتحقق للإنسان مراده .

و تأمل معي قصة الصحابي الجليل و الغلام الشهيد عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه ، أخو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الذي تمرد على صغر سنه و أبى أن يكون مع المعذورين يوم بدر لصغر سنه .

فعن سعد قال : ( رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج إلى بدر يتوارى ، فقلت : ما لك يا أخي ؟ فقال : إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستصغرني ، فيردني ، و أنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة .

قال : فعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره ، فقال : " ارجع " فبكى عمير ، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال سعد : و كنت أعقد له حمائل سيفه من صغره فقُتل ببدر ، و هو ابن ست عشرة سنة ، قتله عمر بن عبد ود .

كما أن صناع التأثير و مهندسي الحياة يعيشون الحقائق ، و يتطلعون لمستقبل أفضل ، فلا يحبسون أنفسهم ف بأوهام مثبطة و لا يكبلون تفكيرهم بخرافات لا أصل لها و لا يستسلمون لقناعات مزيفة ، إنهم عمالقة أبطال .

و سنضرب هنا مثال من عالم الحيوان /

وضع بعض الصيادين دبا في قفص ومربع حديدي كبير ليس له قاعدة ، إذا وقف الدب في منتصفه فانه يكون على بعد عشرة خطوات من كل جانب من جوانب المربع الحديدي .

لاحظ الصيادون أمراً غريباً ، حيث سار الدب في اتجاه أحد الجوانب عشر خطوات فمنعته القضبان الحديدية من الخروج فعاد إلى المنتصف ثم اتجه إلى جانب آخر عشر خطوات فمنعته القضبان الحديدية من الخروج فعاد إلى المنتصف و هكذا الأمر بالنسبة للجوانب الأخرى .

كان من الواضح لدى الدب أن القضبان تمنعه من الخروج بعد كل عشر خطوات داخل سجنه ( و هذا الأمر حقيقةً و ليس وهماً ) .

قام الصيادون برفع القفص بكامله بينما كان الدب يجلس في الوسط على الأرض ، و هنا وقع أمر عجيب فقد سار الدب عشر خطوات ثم رجع إلى الوسط ثم تحرك عشر خطوات باتجاه آخر ، ثم عاد إلى الوسط و هكذا دواليك دون أن يخرج من حدود القفص إلى الحرية ، و كأن القفص مازال موجوداً ( و هنا الوهم الذي حرم صاحبه خيراً كثيراً ) .



و هذا مثلاً آخر و لكنه من عالم الإنسان لترى فيه كيف أن الإنسان ربما يقتل نفسه و يؤدي بحياته نتيجة وهم أو خرافة أو ربما قناعة مزيفة .

نجح طاقم أحد القطارات الأمريكية في انجاز رحلته بنجاح و سرعة فقررت إدارة شركة القطارات مكافأتهم بمنحهم إجازة مدفوعة الأجر لمدة يوم علاوة على السماح للطاقم بالنزول في محطة الوصول و إكمال الجزء الأخير من الرحلة في اليوم التالي فرح عمال القطار بذلك فرحاً كبيراً و بدأوا على الفور بمغادرة قطارهم بعد أن تأكدوا من إحكام إغلاق أبواب العربات و نوافذها .

و لكن هذه المكافأة كانت مصيبة لأحد زملائهم ، و الذي كان يقوم بعمله داخل العربة الخاصة بنقل اللحوم المجمدة : ( عربة الثلاجة ) !!

فقد أغلق زملاؤه باب الثلاجة الخارجي ( دون قصد ) و نسوا زميلهم في وسطها !!

ما حدث داخل الثلاجة ، كان مصيبة بمعنى الكلمة ، فقد عثر العمال على زميلهم جثة هامدة داخل الثلاجة ، في صبيحة اليوم الثاني .

كما عثروا على مفكرة صغيرة ملقاة بقربه ، دَوَّن فيها لحظات موته لحظة بلحظة ، و أليك أيها القارئ الكريم أهم ما فيها :

- لا أدري لماذا أغلق زملائي باب الثلاجة الخارجي و تركوني في هذا البرد !!

- لقد بذلت كل جهدي لأخرج : صرخت بأعلى صوتي و طرقت الجدران ، و رفستها ، ثم صرخت مرات و مرات ، و لا مجيب .

- أشعر ببرد شديد و قشعريرة تسيطر على جسدي .

- استلقيت على الأرض إذ لم يعد بي قوة و لا طاقة على الوقوف .

- هذا آخر سطر سأكتبه في حياتي !!
مات العامل من البرد ، و لكن المفاجأة الكبرى و الغريبة كانت :
أن الثلاجة لم تكن تعمل فقد أوقف العمال مفتاح تشغيلها الخارجي قبل مغادرتهم !! إذن ما الذي قتل عامل الثلاجة ؟ و ما هذا البرد الشديد الذي عانى منه و كتب عنه الى أن مات من البرد ؟ !!
إن العامل كان أسير وهم و ليس حقيقة فقد كان لسان حاله يقول :
بما أني داخل الثلاجة ( وهو يعتقد بأنها تعمل ، إذ لم يتوقع احتمال إيقاف تشغيلها ) و بما أن الثلاجة عالية التبريد ، فانه من الطبيعي أن يموت من يبقى فيها ساعات طويلة ، أليس كذلك ؟ إذن ليس هناك شك في أني سأموت من البرد الشديد كما يموت أي شخص آخر يكون في مثل موقعي !! فلا بد من الموت !!

نعم ، هذا هو أثر الاعتقاد أو الصورة الذهنية ( البارادايم )على الإنسان إذ إن ما يراه الإنسان هو الذي يتعامل معه و ليس حقيقة ما يراه ، فالوهم عند من يؤمن به حقيقة و عند الآخرين وهم .


انتهى





و الى لقاء مع الخطوة الخامسة

حوّل المشكلات الى فرص

موسى بن ربيع البلوي
03-11-2006, 11:46 PM
خامسا / حول المشكلات إلى فرص




هذه وصية ثمينة لمن تأمل فيها و أدرك مغزاها و عمل بمقتضاها ، إذ لا يخلو الإنسان من المتاعب و الآهات و المشكلات فهي كثيرة متعددة متلونة ، كما أنها قد ترتفع حدتها و تعلو وتيرتها فتؤدي بصاحبها ، و لكن كيف يكون التعامل مع هذه المشكلات ؟

من الطرق الحكيمة الذكية في التعامل مع المشكلات و تحويلها إلى فرص و تحويل الضعف إلى قوة و إليك بعضاً من الأمثلة التي توضح ما نريد .
إذا كان الشخص يعمل في وضيفة معينة ثم غضب عليه رئيسه و جمده عن العمل و الإنتاج أو أحاله إلى التقاعد هنا قد يغضب الإنسان ، و يعتبر ما حدث له مشكلة كبرى و هذا خطأ ذلك لأنه لو فكر بطريقة أخرى لوجد أن في هذه المشكلة خيراً كثيراً و ذلك عندما يحولها إلى فرصة للتعلم و القراءة و تطوير الذات ، أو ربما فرصة لتوطيد العلاقات مع بعض الشخصيات المؤثرة و التي يمكنه بها صناعة التأثير ، أو ربما فرصة للتفرغ من أجل التأليف و كتابة المقالات و إجراء المقابلات الصحفية و تقديم البرامج التلفزيونية ، أو فرصة للبحث عن عمل تجاري خاص فيزداد ماله و من ثم قدرته على التأثير ، أو فرصة للحصول على شهادة أكاديمية عليا ، أو غيرها من الفرص التي بها صناعة التأثير الفذ في هذه الحياة .
و مثال آخر : رجل سجن لأي سبب من الأسباب ، سواء كان ذلك ظلما أو بسبب انحراف أخلاقي أو جريمة جنائية أو غيرها ، و لا شك أن السجن أمره عظيم و لا أحد يتمناه ، و لكن إذا أبتلي الإنسان به فعليه أن يحول هذه المشكلة إلى فرصة للتأمل و التفكير و القراءة و التوبة و حفظ القرآن و نشر الفكر و تغيير الأخطاء و إصلاح الذات و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و غيرها من المنافع .

إن يوسف عليه السلام استثمر وجوده في السجن بالدعوة إلى الله تعالى .
قال تعالى : (( َدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{36} قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{37} وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ{38} يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{39} مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{40}

و هذا الإمام ابن تيمية رحمه الله حول المشكلات التي واجهته إلى فرص عظيمة للنجاح و الفوز في الدنيا و الآخرة – إن شاء الله تعالى _ فقال : ( ما يفعل أعدائي بي أنا بستاني في صدري ، إن سجنوني فسجني خلوة و إن قتلوني فقتلي شهادة ، و إن نفوني فنفي سياحة ) .
أن الحياة مليئة بالمشكلات و العقبات و لا يمكن الفكاك منها ، و لكن العاقل من استثمرها لصالحه ، و حولها إلى فرص ثمينة للتفوق ، و جعلها مطية يطأها ليقفز بها و منها بعد ذلك إلى النجاح .
و في هذا العالم أكثر من (750 ) مليون إنسان لديهم مشكلة إعاقة أو مشكلة لها علاقة بالإعاقة ، و سواء كان الإنسان معاقاً إعاقة ظاهرية كأن يكون أعمى أو على كرسي متحرك ، أو معاقاً إعاقة غير ظاهرية كأن يكون بطيء التعلم ، فلا يعني ذلك أنه غير قادر على دخول ملف المؤثرين و صناع الحياة .
إن آينشتاين عالم لم يتكلم حتى بلغ الثالثة من عمره ، و لم تكن لديه المقدرة على التعبير عن نفسه بالكلمات ، و لكنه اخترع نظرية تعد من أعظم النظريات الفيزيائية و هي النظرية النسبية .
نعم يواجه كثير منا انتكاسات و حالات من الفشل في حياتهم اليومية ، و لا يوجد أحد ممن استطاعوا تحقيق النجاح لم يواجه بعضاً من حالات الفشل ، و كما قيل في الماضي : ( لا يوجد هناك طريق قصير للنجاح ) إذ إنه يتعذر في الواقع تحقيق النجاحات الكبيرة دون مواجهة بعض حالات الفشل .
و في الحقيقة يخبرنا التاريخ الماضي للبشرية أن أي نجاح ذي قيمة لم يتحقق إلا بعد التغلب على كثير من العوائق و الاحباطات .
كما يمكن النظر إلى الفشل أو الهزيمة على أنها مثل التطعيم ضد الأمراض ، الذي على الرغم من أنه يبدو موجعاً بعض الشيء إلا أنه سوف يدعم قوتك فيما بعد و إدراك هذه الحقيقة سوف يؤدي إلى تغيير ردود أفعالك تجاه الفشل و يساعدك على الاستمرار في الكفاح نحو تحقيق هدفك ، حيث إن الهزيمة لا تعني أبداً الفشل ، ما لم يتم القبول بها على إنها كذلك .

يقول الله تعالى : ( فإن مع العسر يسراً . إن مع العسر يسرا ) و في هذه إشارة واضحة بأنه لا يوجد عسر إلا و يأتي بعده فرج بإذن الله تعالى .
إننا سوف نواجه ظروفاً معينة في حياتنا ، و بغض النظر عن العمل الشاق و الطويل الذي نبذله فسوف نظل نواجه بعض الصعوبات ، و ربما أدى بنا ذلك إلى الشعور بالإرهاق و نحن نتخطى العقبة تلو الأخرى لكي نجد عقبات أخرى أمامنا تعيق تقدمنا .
و لكن إذا استطاعت الحياة أن تطرحنا أرضاً في لحظة مواجهتنا للمصاعب الجمة ، فأرجو أن لا يؤدي ذلك إلى إحباطنا بشكل كلي لأن العقبات قد تكون الباب الذي يؤدي للنجاح ، و لأننا بعد ذلك سوف نحقق نجاحاً يتجاوز حتى ما كنا نحلم به أو نتوقعه !
و لكن كثيراً من الناس ينظرون إلى العوائق أو الاحباطات على أنها صعوبات كبيرة لا يستطيعون تخطيها أو التغلب عليها ، و لهذا فإنهم يستسلمون بسهولة ( أحياناً و هم على بعد خطوات قليلة من هدفهم ) ثم يقضون معظم حياتهم في تلك المرحلة ,
و إن من المحزن أن كثيرا من الناس يفتقرون إلى المثابرة و الشجاعة و الإيمان في البقاء و التصميم لتحقيق أحلامهم ، و لهذا نستطيع أن نقرر أننا نستطيع أن نحصد ثمار أية محنة تمر بنا فقط إذا استطعنا أن نصمد لقليل من الوقت الإضافي ، و ذلك كله بعد توفيق الله و إعانته .
و قد أكد الله أن ابتلاء الناس لا محيص عنه حتى يأخذوا أهبتهم للنوازل المتوقعة ، فلا تذهلهم المفاجآت و يضرعوا لها .
قال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ{31}

و يروي أبو يحي صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " رواه مسلم .

( انتهى )

نسأل الله أن ينفعنا و إياكم بما قرأناه و أن يرزقنا الإخلاص في القول و العمل .


و إلى لقاء مع الخطوة السادسة
حاول و بعد أن تحاول حاول مرة أخرى

سليمان ظاهر البلوي
03-12-2006, 11:33 PM
حضووووووووور متأخر


ابو ناادر
حضور وجهد ليس بمستغرب من شخص اقترن اسمه بالتميز..
لاعدمنا وجودك يا أستاذي:
لقد استمتع كثيرا واستفدت مما ذكرته وبنتضاااار بقية الحلقات

علي بن عايش الرقيقيص
03-13-2006, 12:53 AM
كل الشكر لك اخي ابو نادر

- اختصار الوقت .
- سهولة إقناع متخذي القرار بأهمية المشروع التأثيري و إمكانية نجاحه إذ أنه جرب و نجح .

من النقاط الرائعه لاتحرمنا ابداعك ابو نادر

بنت العرادي
03-13-2006, 01:47 AM
جزاك الله عني وعن كل قارئ ومنتفع خير الجزاء

النبع الخالد
03-13-2006, 01:47 AM
لذا إذا أردت تؤثر فلا بد أن تفكر بعقل و منطق و تتخذ الأدوات و الوسائل التي توصلك إلى التأثير الذي

تريد ، أما أن تجلس مكتوف اليدين ، و تفعل كما كنت تفعله من قبل ، و تمتنع عن القيام بأي شيء جديد

و مؤثر ، و لا تجتهد في تغيير واقعك ، فأنى لك أن تحصد الثمر الذي تحب و لم تزرع منه شيئاً

_____________________

جزاك الله خير الجزاء..

ابو نادر

لاتحافنا بما كتبت ..

موسى بن ربيع البلوي
03-13-2006, 10:03 PM
الإخوة الأعزاء / تواصل - الرقيقيص - النبع الخالد /

بارك الله فيكم و شكرا لكم و بإذن الله تعالى نكمل هذه الخطوات المفيدة جداً و التي بالفعل أثرت في .

إختنا الفاضلة / بنت العرادي
حفظك الله و سدد على الخير خطاك .
شكرا لك تواجدك و دعاءك .

موسى بن ربيع البلوي
03-15-2006, 03:38 PM
الخطوة السادسة : حاول و بعد أن تحاول حاول مرة أخرى



إن من مستلزمات صناعة التأثير إن يسعى الإنسان لتحقيق رؤيته ، و أن يحاول بقوة الوصول إلى أهدافه و طموحاته مرة تلو أخرى ، و لا يركن إلى الكسل أو يتراجع عند أول محاولة فاشلة ،و في هذا يقول أديسون : ليس هناك ما يثبط همتي ، فاستبعاد كل محاولة خاطئة ليس سوى خطوة إلى الإمام .

و قد مدح القرآن الكريم العاملين المثابرين المجاهدين ، فقال تعالى : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ{69} " ، فهؤلاء حاولوا و بذلوا و تحملوا المشقة و العنت حتى حققوا مرادهم ، إما بتمكينهم في الدنيا أو بالفوز العظيم في الآخرة .
و حينما اشتد أذى الكفار برسول الله صلى الله عليه وسلم و صحابته ، و بلغ ذلك مبلغاً عظيماً ، و أصبحت حياة الدعوة في حرج كبير ، نزل القرآن ليؤكد للنبي صلى الله عليه وسلم ضرورة الاستمرار و عدم التراجع أو الانتكاس ، قال تعالى : " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ{97} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ{98} وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{99} "
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه و يحثهم بأسلوبه الرفيع على المحاولة و المثابرة و الاجتهاد ، فعن أبي موسى رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " على كل مسلم صدقة " ، قال : أرأيت إن لم يجد ؟ قال : " يعمل بيديه فينفع نفسه و يتصدق " ، قال : أرأيت إن لم يستطع ؟ قال : " يعين ذا الحاجة الملهوف " ، قال : أرأيت إن لم يستطع ؟ قال : " يأمر بالمعروف أو الخير " ، قال : أرأيت إن لم يفعل ؟ قال : " يمسك عن الشر فإنها صدقة " .
و كم أعجب من قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه حينما حاول مرات عديدة البحث عن حقيقة الدين الصحيح ، و تحمل في ذلك كثيراً من العناء و المشقة ، و استغرق ذلك من عمره سنوات عدة كانت مليئة بالعديد من المواقف و العبر .
و يقول الإمام ابن حزم الأندلسي : نقطة الماء المستمرة تحفر عمق الصخرة .
و قال بعضهم : الناجحون لا يقلعون عن المحاولة ، و المقلعون عن المحاولة لا ينجحون .
و قد أفلس هنري فورد خمس مرات قبل أن ينجح ، و أفلس والت ديزني ست مرات قبل بنائه لمدينة ديزني لاند الشهيرة .
و قد أعجبتني الترجمة الشعبية ( غير الرسمية ) لشركة ( IBM ) و التي كان موظفوها يتناقلونها فيما بينهم و هي ( I will be moving ) أي : إنني سأتقدم باستمرار .
و قد سئل أحد الزنوج ، و كان فقيراً معدماً ثم أصبح مليونيراً فقلي له : كيف أصبحت مليونيراً ؟ فقال : بأمرين : قررت ثم حاولت ، أي قررت أن أصبح مليونيراً ، ثم حاولت أن أصبح مليونيراً ، فأصبحت مليونيراً .
و سئل نابليون : كيف استطعت أن تمنح الثقة في أفراد جيشك ؟ فقال : كنت أرد بثلاث ، من قال : لا أقدر ، قلت له : حاول ، و من قال : لا أعرف ، قلت له : تعلم ، و من قال : مستحيل ، قلت له : جرب .
و يقول دينيس ويتلي : الفشل ينبغي أن يكون معلماً لنا و ليس مقبرة لطموحاتنا ، و الفشل ما هو إلا حالة تأخير و ليس هزيمة ، إنه تحول مؤقت عن الوصول إلى الهدف و ليس نهاية مميتة ، و هو شيء يمكننا تجنبه فقط بأن لا نقول أو نفعل أو نكون شيئاً .
فالحياة عبارة عن سلسلة من التجارب و الخبرات ، بعضها جيد و الآخر سيء ، و كل واحدة من هذه الخبرات تجعلك أكثر قوة على الرغم من أنه غالباً ما تغفل عن إدراك ذلك ! فكما يقول المثل : " الضربات التي لا تقصم الظهر تزيده قوة "
المهم أن تحاول و لو لمرة واحدة ، فقد يحالفك التوفيق ، و لا تستسلم للفشل ، و لا تركن للكسل .
و على أية حال لا يوجد هناك فشل حقيقي ، فما ندعي بأنه فشل ما هو إلا خبرة قد اكتسبناها من واقع تجاربنا في الحياة ، إذ أن الشخص الفاشل هو الذي لا يتعظ من تجاربه ، بل يعتبر أن الأمر منتهياً من حيث فشله .


و إلى لقاء مع الخطوة السابعة
عليك بإدارة الدقيقة الواحدة

موسى بن ربيع البلوي
04-17-2006, 09:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

.....................




سابعاً / عليك بإدارة الدقيقة الواحدة




و أقصد بإدارة الدقيقة الواحدة ( One Minute Management )

أو الإدارة فائقة السرعة ( High Speed Management ) أن تدير حياتك و أعمالك و طموحاتك بصورة لا تسويف فيها و لا تأخير و لا تردد ، و أنما بسرعة فائقة ( دون تهور ) و بحزم و قوة و اجتهاد ، و هذه هي وصية الله لنبيه يحيى عليه السلام حيث قال له :
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً }مريم12
و صدق القائل إذ يقول :
فلا تستشر غير العزيمة في العلا *** فليس سواها ناصح و مشير

أن تمطيط الأعمال و البطء في أدائها و الإدارة المسترخية و الحماس البارد و التساهل في إنجاز مشروعك التأثيري كل ذلك معناه أنك تلهو و تلعب و أنك غير جاد فيما تريد من تأثير و أنك تضحك على ذقنك و ذقون الآخرين .
و لذا تجد أحياناً بعض الممارسات من بعض من لا يفقه أو لا يجيد إدارة الدقيقة الواحدة تكاد تنفطر لها قلوب الجادين .
فهذا يريد أن ينشئ مؤسسة لتحقيق مشروعه التأثيري لكنه يستغرق سنة في استخراج الرخصة و سنة أخرى لإعداد المكتب ثم ثالثة في التسويق و هكذا تمر السنوات الطوال دون أن يشعر أو يتألم لمرورها و انقضائها .
و آخر يريد أن يتقن صنعة يمكنه بها صناعة التأثير فيترك تعلمها للفرص و الظروف و لا يكلف نفسه عناء تعلمها عبر الوسائل المتعددة ، ثم تمر السنوات فيجد أقرانه قد تقدموا عليه و هو لازال كما كان .
مسكين هذا النوع من البشر ما أرخص حياته و ما أقل قيمته ، كيف لا و هو لم يعرف بعد قيمة الدقيقة الواحدة و لم يدرك أن الوقت هو الحياة و أن العمر يمضي سريعاً .
أنظر على سبيل المثال إلى القراءة السريعة و القراءة التصويرية حيث أصبحتا علماً يدرس اليوم نظراً لحاجة الناس إليهما و كذلك لانسجامهما مع طبيعة هذا العصر .
كم من الأوقات يمكن اختصارها بهذا النوع من القراءة ، و كم من الفائدة يمكن جنيها عند ممارسة هذا النوع من القراءة .
إن القراءة التقليدية ( العادية ) هي أن تقرأ ( 160_ 250 ) كلمة في الدقيقة أما القراءة السريعة فهي أن تقرأ ( 500 _ 3000 ) كلمة في الدقيقة ، أما القراءة التصويرية فقد تصل قراءتك إلى ( 25000 ) كلمة في الدقيقة ، فأنظر إلى الفارق الكبير بين هذه الأنواع الثلاثة من القراءة .
كما أن القراءة السريعة لا تكون على حساب الفهم و الاستيعاب بل أثبتت بعض الدراسات أن الاستيعاب في القراءة التقليدية يكون ( 45 _ 55% ) ، بينما الاستيعاب في القراءة السريعة يكون ( 60 – 65 % ) ، و الاستيعاب في القراءة التصويرية يكون ( 70 – 755 ) ، و هذا يعني أن الفهم و الاستيعاب لا يزداد عند القراءة التقليدية البطيئة .
إن الله أودع في الإنسان قدرات كبيرة تؤهله لممارسة السرعة المتعلقة في حياته ، فسرعة القراءة لدى مخ الإنسان تبدأ من (550 ) كلمة في الدقيقة ، و يمكنه الاستيعاب بسرعة ( 50000) كلمة في الدقيقة ، كما أن عين الإنسان تلتقط ( ثمانية ملايين ) صورة في الثانية و تميز ( 12 ) مليون لون في الثانية ، فسبحان الذي أحسن كل شيء خلقه .
إن صناع التأثير حريصون على أوقاتهم ، لذا كان الإمام الشافعي يمارس القراءة التصويرية ن حيث كان سريع الالتقاط إذ كان يقرأ صفحة و يغطي الصفحة المقابلة لها .
لقد علمتنا المدارس كيف نقرأ ، و لم تعلمنا سرعة القراءة و هما نوعان مختلفان من التعليم إن الفرق بينهما يشبه الفرق بين الرجل العادي و العداء ، فكلنا يستطيع المشي و الجري و لكن العداء يجري أسرع .
و لو تأملنا سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم لوجدناها عطاءً دون ملل و مبادرة إلى الخير دون توقف ، و اجتهاد في كسب كل لحظة و جعلها في طاعة الله تعالى و في منفعة أمته ، و ما كانت أوقاته تضيع هدراً أو تذهب سدى .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحض أمته على المبادرة و الإسراع إلى فعل الخير و عدم التأخر و تضييع الفرص و ما كان هذا نهجه إلا لأن الله تعالى أدبه و علمه .
قال تعالى : {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }آل عمران133

إن الإسراع و الاستباق إلى طاعة الله و الجنة لا يكون إلا بكسب الزمن و معرفة كيفية إدارته .
و لأهمية الوقت عند الله تعالى أقسم به في سورة العصر .
فالعبد الموفق هو الذي يغتنم أوقات صحته و نشاطه و فراغه في الإقبال على الطاعات و الإكثار من النوافل ، لأنه سيجد سهولة في استحضار الخشوع و استجلاب الدموع التي قد لا يجد في أوقات التعب و الإرهاق .
و من فرط في هذه الأوقات فهو المغبون و هذا الغبن أشد مما يتعرض له التجار في تجارتهم المادية من خسائر فادحة ، ذلك لأن الأموال تعوض و الأوقات لا تعوض .
و لكي تتحقق إدارة الدقيقة الواحدة أو الإدارة فائقة السرعة فينبغي مراعاة متطلباتها و هي كثيرة و أهمها ثلاثة عشر متطلب أوردها باختصار و هي كالتالي :
1- العزيمة و الحزم و الانجاز السريع .
2- تحديد سقف لانجاز الأعمال فالوقت ليس مفتوحاً و اليوم إن مضى فلن يعود إلى يوم القيامة .
3 – الأمنيات و الأحلام مهمة و ضرورية و لكن لا يجوز الاكتفاء بها بل ينبغي تحويلها إلى أعمال و ممارسات .
4- الاهتمام بالمستقبل و عدم إضاعة الوقت كثيراً بالالتفات إلى الماضي إلا عند الحاجة للاستفادة من تجربة الماضي .
5 –استبدال الجدل بالعمل و القوة بالفعل إذا ما أوتي قوم الجدل إلا ضلوا و تاهوا و تأخروا .
6 – البدء بالعمل و عدم تأخيره ، فالعمل من أفضل وسائل معرفة الصواب و النجاح يقود إلى نجاح .
7 – عدم الاستغراق كثيراً في البحث و الدراسة .
8 – سرعة اتخاذ القرار ( دون تهور ) و عدم المماطلة في ذلك أو التسويف .
9 – سرعة إيجاد الحلول البديلة و الالتفاف على العقبات و نحت الصخر لتحقيق الغايات .
10 – البساطة ( من غير سذاجة ) و عدم تعقيد الأمور .
11- الحرص على قاعدة باريتو ، حيث قام عالم الاقتصاد الايطالي ( باريتو ) في نهاية القرن التاسع عشر بوضع قاعدة ( 20/80 ) و ذكر أن ( 80% ) من الأهداف الرئيسية يحققها الإنسان بـ ( 20% ) من الجهد و الوقت و المال .
لذا فمن أراد أن ينجز إنجازا فذا و يؤثر تأثيراً كبيراً فلا بد له أن يعكس هذه المعادلة بحيث يقوم بتوجيه ( 80%) من وقته و جهده و تفكيره و ماله لتحقيق الأهداف الرئيسية و الأعمال الكبيرة و الانجازات العظمى .
12- تذكر قانون باركينسون ، حيث يقول هذا القانون أن العمل يتمدد ( يتمطط ) ليملأ الوقت المتاح له فإذا أردت إنجاز عمل ما ووضعت لذلك ساعة واحدة فستجد أن هذا العمل يتمدد بحيث لا تستطيع الانتهاء من إنجازه إلا بعد أن تتم ساعة واحدة حتى لو كان هذا العمل لا يستحق سوى نصف ساعة لإنجازه .
لذا ننصح دائماً بأن تحدد بدقة وقت إنجاز كل عمل تريد القيام به و ذلك حتى لا تتسبب العوامل النفسية و الوهمية و الهامشية في إضاعة وقتك و إطالة الزمن المحدد لكل عمل تنوي القيام به .
13 – احرص على تحديد أولوياتك و ترتيبها و إدارتها و احذر أن تجعل الأعمال العاجلة تتفوق على الأعمال الهامة و الإستراتيجية كما أن الأمر الذي لا يستحق الفعل فيجدر بك أن تصمم على أن لا تفعله .





و لعلي أقترح لإدارة أولوياتك " مصفوفة الهام و العاجل " و هي كما يلي :



http://www.bluwe.com/bluwe/uploaded/15_1145299351.jpg



و من أجل التعامل الصحيح مع مصفوفة الهام و العاجل فإننا نوصي بالوصايا الأربع التالية :

1- تخلص من جميع الأعمال غير الهامة و غير العاجلة ( مربع الضياع ) و لا تشغل نفسك بها ز
2- إذا استطعت أن تتخلص من الأعمال العاجلة و غير الهامة ( مربع الخداع ) فافعل و إياك أن تضيع وقتك فيها إذ أنها أعمال غير هامة و إن كانت عاجلة ، لذا احذر أن تخدعك العجلة فتنجرف إلى أعمال تافهة غير مهمة .
3- ابدأ بالأعمال الهامة و العاجل ( مربع الأزمات ) حيث لا يمكنك تأخيرها أو تركها و لكن إذا استطعت تفويض الآخرين للقيام بها فأفعل .
4 – ركز على الأعمال الهامة غير العاجلة ( مربع المستقبل ) مثل : التخطيط لمستقبلك ، صناعة القادة ، تربيتك أبنائك ، تدريب نفسك ، الاستزادة من العلم و الفهم .. الخ و أعلم أن معظم الناس يهملون هذا النوع من الأعمال رغم أهميته البالغة بل إن العظماء و صناع التأثير و مهندسي الحياة هم الذين يتميزون عن غيرهم من البشر بالتركيز على هذا النوع من الأعمال لذا ضع هذا المربع نصب عينيك إن كنت تود أن تكون رقماً صعباً في دنيا الناس .

سعود مسعد سعيد العرادي
04-18-2006, 01:15 PM
الأخ موسى بن ربيع البلوي
شكراً لك أخي الكريم على هذه الجهود القيمة
وأسأل الله أن ينفعنا بها

موسى بن ربيع البلوي
04-18-2006, 10:50 PM
الأخ موسى بن ربيع البلوي
شكراً لك أخي الكريم على هذه الجهود القيمة
وأسأل الله أن ينفعنا بها

وحش بلي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

نفعنا الله و إياك

شكرا لك

موسى بن ربيع البلوي
04-24-2006, 01:10 AM
ثامناً / تجمل بذكاء المشاعر و احرص على الإدارة بالقلب



كم استوقفتني آية من كتاب الله تعالى وجدت فيها عبر كثيرة و منافع عديدة و لطالما سألت الله تعالى أن يعينني على التمثل بما فيها هذه الآية هي قوله تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }



إنه إعمال القلب و إفساح الطريق له إذ أن الحياة لا يمكن أن تستقيم بالمنطق و العقل فحسب إنها بحاجة إلى رطوبة القلب و طراوته إنها بحاجة إلى المشاعر الصادقة الحميمة التي تنبع من قلب مليء بالحب و الرحمة .



وصدق أبو تمام حينما قال :

و لقد سبرت الناس ثم خبرتهم = و بلوت ما وصفوا من الأسباب

فإذا القرابة لا تقرب قاطعاً = و إذا المودة أقرب الأنساب



و كان سليمان الداراني رحمه الله يقول : " إني لألقم اللقمة أخاً من إخواني فأجد طعمها في قلبي " و يقول سعيد بن العاص رحمه الله : " إني لأكره أن يمر الذباب بجليسي مخافة أن يؤذيه " و روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال : " امسح رأس اليتيم و أطعم المسكين " .

إن هندسة الحياة و صناعة التأثير بحاجة إلى قلب واسع فسيح يسع من و ما حوله بل يسع هذا الكون كيف لا و هو القلب الذي تعلق برب الكون و مليكه ؟

أن مما يثلج الصدر أن ديننا قد سلط المجهر على القلب منذ أكثر من أربعة عشر قرناً حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى أجسامكم و لا إلى صوركم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " .

لقد امتلأ كتاب ربنا و سنة نبينا صلى الله عليه وسلم بالآيات و الأحاديث التي تسمو بالمشاعر و تنمي العواطف و تجعل الإدارة بالقلب أمراً بدهياً عند الصغار قبل الكبار و ذلك كله قبل أن يخرج علينا الغرب اليوم بعناوين جذابة و مصطلحات براقة تتناول القلب و العاطفة مثل ذكاء المشاعر أو الذكاء العاطفي أو الإدارة بالقلب أو الذكاء الانفعالي أو غيرها .

تعال معي قليلاً نتذوق حلاوة القرآن و السنة و هما يربيان الأمة على هذه المعاني الكريمة التي تصنع جيلاً قادراً على صناعة الأجيال و هندسة الحياة و قيادة العالم .



قال تعالى : " وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "



و قال تعالى : " وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

" إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي "



و في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" و الذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم "



و عن أبي كريمة المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه " .



و لقد تجاوزت المشاعر عند المسلمين الإنسان لتصل إلى الحيوان حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له : " ويلك قدها إلى الموت قوداً جميلاً "



إن هندسة الحياة هي صنعة العظماء و لا يمكن للإنسان أن يكون عظيماً إلا إذا امتلك قلباً عظيماً و لن يتمكن من إحداث التأثير الفذ إلا إذا انطلق هذا التأثير من قلب مفعم بالإيمان و الحب لذا فإني اسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً ذاك القلب .