المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا تعرف عن ( مالكوم إكس ) ؟



موسى بن ربيع البلوي
07-07-2006, 02:36 PM
ب1

س1

استوقفتني هذه الشخصية كثيراً عندما كنت أقرأ أحد الكتب التي تتحدث عن سيرة بعض المشاهير ، بعد قرائتي إتجهت مباشر للبحث في النت عن هذه الشخصية و معلومات عنها و اليكم بعضها لنقرأ سوياً هذه الشخصية و ما في سيرتها من فوائد /


الإسم


لقد فسر مالكوم الإسم الذي إختارة لنفسة بقولة أن إكس ترمز لما كنت عاية و ما قد أصبحت . كما يرمز أيضاً إلى إسم العائلة الأصلي للعبيد الذين ينحدر منهم ، حيث قال مالكم أنة يفضل إستخدام الإسم أكس على أن يستخدم الإسم الذي قد منح لأجدادة من قبل مالكهم الجديد عند جلبهم من أفريقيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7) إلى أمريكا كاعبيد . ولنفس الأسباب قام العديد من أعضاء أمة الإسلام بتغير القابهم إلى إكس لإقتناعهم بآراء مالكوم .


[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=2)]


بداية حياته


ولد مالكوم في أوماها - نيبراسكا لوالدية إيرل ليتل و لويز نورتن ، عمل والده كواعظ و معمداني أيضاً و كان من أنصار ماركوس غارفي، يعتقد أنة قتل على يد ( Black Legion (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=Black_Legion&action=edit) ) مجموعة من العنصريين البيض في لانسنج، ميشيغان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%BA%D8%A7%D9%86) عام 1931 ، أما أمه فهي كاربية المولد . أنفصل مالكولم وأشقائه و أوسلو إلى منازل تبني مختلفة . لويز ليتل والدتة أودعت في مستشفى للأمراض العقلية سنة 1939 بعد أن أعلن أنها تعاني من إضرابات عقلية ، و قد بقيت في مستشفى الأمراض العقلية حتى قام مالكوم و إخوته إخراجها بعد 26 سنة . تخرج مالكوم من الثانوية بتفوق و بحصوله على أعلى الدرجات بين زملائه و قد كان يطمح أن يصبح محامياً غير أنة لم يكمل تعليمه و ترك الدراسة بعد أن أخبره أحد المدرسين الذين كان يربطه بهم علاقة إحترام و تقدير متبادل أن حلمُه بالذهاب إلى كلية الحقوق بعيد كل البعد عن الواقع كونة زنجياً . بعد معاناته المتكرره في العديد من منازل التبنيِ أرسل إلى معسكر إعتقال ، و عند خروجه إنتقل مالكوم إلى بوسطن للعيش مع أخته الغير شقيقة إيلا ليتل كولينز .استقر مع شقيقته وعمل كماسح احذية. انتقل بعدها الى حي هارلم بمدينة نيويورك (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D9%88%D8%B1%D9%83) ومارس شتّى انواع الاجرام من سرقة وقوادة وتجارة المخدرات، بل وتظاهر بالجنون ليتجنّب التجنيد الاجباري ابان الحرب العالمية الثانية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A% D8%A9_%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9). أُلقي القبض عليه عام 1946 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1946) بتهمة السرقة وحكم عليه بالسجن 10 سنوات وتم اطلاق سراحه بعد ان قضى بالسجن 7 سنوات.


[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=3)]


السنوات اللاحقة


[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=4)]


السجن


قام مالكوم بتعليم نفسه بالسجن وقام على قراءة الكثير من المؤلفات، بل وحتى قام على نسخ القاموس بيده وشارك بالمنتديات النقاشية بالسجن. وبعد اطلاق سراح مالكوم من السجن، اشترى لنفسه حقيبة وساعة يد ونظارة. ويقول مالكوم ان الاشياء التي اشتراها بعد خروجه من السجن هي اكثر الاشياء التي استعملها في حياته.
[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=5)]


امة الاسلام


خلال فترة السجن، بعثت اخت مالكوم برسالة له تتحدث فيها عن الديانة الاسلامية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85) وما لبث مالكوم ان اعتنق الاسلام والتحق بجماعة أمّة الاسلام. وفي عام 1952 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1952)، حين اطلق سراحه من السجن، كان مالكوم من الاتباع المخلصين لأمة الاسلام وكان على قناعة ان العبودية الأمريكية للزنوج أضاعت الكنى الأصلية للمواطنين السود بعد أن سمّاهم البيض بأسماء مسيحية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D8%A9) وقام مالكوم على تغيير كنيته الى "اكس" كناية عن ضياع كنيته الأصلية.
اعتلا مالكوم اعلى المناصب في منظمة أمّة الاسلام وتقلد منصب المتحدّث الرسمي لأمة الاسلام ويرجع الفضل لمالكوم لازدياد أتباع أمة الاسلام من 500 شخص في عام 1952 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1952) الى 30,000 شخص في عام 1963 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1963). واختلف مالكوم اختلافاً جذرياً مع سياسة مارتن لوثر كنج (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%86_%D9%84%D9%88%D8%AB% D8%B1_%D9%83%D9%86%D8%AC) الداعية الى اللاعنف.
تزوج مالكوم من "بيتي اكس" في عام 1958 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1958). واستقطب الجماهير بخطبه العصماء كما نجح مالكوم الى استقطاب مكتب المباحث الفدرالي الذي راقب مالكوم عن كثب وتنصّت على مكالماته التلفونية وزرع الجواسيس في أمة الاسلام.
في مطلع ستينيات القرن العشرين، اختلطت الامور على مالكوم نتيجة الشائعات القائلة ان الأب الروحي لأمة الاسلام "اليجا محمد" منغمس بعلاقات جنسية غير شرعية ولبعد الأمة عن حركة الحقوق المدنية. وبالرغم من تبني أمة الاسلام لموقف معاد للبيض، الا ان الأمة لم تمارس أي من النشاطات في الجنوب الأمريكي حيث العنصرية على أوجها تجاه السود.
تنامت الفرقة بين مالكوم و الأب الروحي للأمة عندما اتضح ان اليجا محمد ضاجع 6 من سكرتيراته القصّر وحمل السكرتيرات حملاً غير شرعي وأصبح اليجا أباً لثمانية أبناء غير شرعيين. وأمر اليجا مالكوم بعدم التحدث بالمؤتمرات العامة بعدما وصف مالكوم حادثة اغتيال الرئيس كندي وصفاً لاذعاً، خصوصاً ان الرئيس الراحل كان محبوباً من قبل السود لتعاطفه معهم. ونتيجة عصيان مالكوم للأوامر واتساع الهوة بينه وبين الأمة، قام مالكوم على تأسيس منظمة منشقة عن أمة الاسلام وأسماها "مؤسسة المسجد (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%AC%D8%AF) الاسلامي في عام 1964.
[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=6)]


الحج


http://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/thumb/f/fc/Mg05.jpg/180px-Mg05.jpg (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9:Mg05.jpg)
http://ar.wikipedia.org/skins-1.5/common/images/magnify-clip.png (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9:Mg05.jpg)
مالكوم اكس مع الملك فيصل آل سعود (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83_%D9%81%D9%8A%D8%B5% D9%84) في مكة المكرمة


في عام 1964، سافر مالكوم الى المملكة العربية السعودية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9_%D8%A7% D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D 8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9) لقضاء فريضة الحج (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%AC) وهناك رأى مالكوم ما لم يخطر بباله. رأى الأبيض والاسود بلباس الحج الموحد يهم كل منهم على قضاء الفريضة. لم يكن البيض متميزين عن السود في مكة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%83%D8%A9) المكرمة وفي هذه الزياه قابل العديد من العلماء بالسعودية حتى أنه قابل الملك فيصل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83_%D9%81%D9%8A%D8%B5% D9%84) رحمه الله الذي قال له أن حركة أمة الإسلام بها الكثير من الأخطاء التي تتعارض مع الإسلام. وقابل عبد الرحمن عزام (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85% D9%86_%D8%B9%D8%B2%D8%A7%D9%85) صهر الملك فيصل ومستشاره، ودخل مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) والسودان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86) والحجاز والتقى مع علمائها وقابل شيخ الأزهر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1) ومفتي مصر حسنين مخلوف (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AD%D8%B3%D9%86%D9%8A%D9%86_%D9 %85%D8%AE%D9%84%D9%88%D9%81&action=edit) رحمه الله. وأخذت تلك الصورة التى رآها مالكوم في الحج تغير مفاهيمه بإنشاء أمّة مسلمة تتكون من السود دون البيض. غادر مالكوم جدة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%AF%D8%A9) في إبريل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84) 1964 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1964)، عائدا إلى الولايات المتحدة برسالة جديدة واسم جديد " الحاج مالك شاباز". وتدعو رسالته الجديدة جميع الأعراق والأجناس الى التعايش بسلام.
[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=7)]


مماته


بتنامي الخلافات بين مالكوم وأمة الاسلام، قامت الامة بإعطاء أوامرها بقتل مالكوم وفي 14 فبراير (http://ar.wikipedia.org/wiki/14_%D9%81%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D8%B1) 1965 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1965) قامت مجموعة بإضرام النيران في بيت مالكوم الا ان النجاة قد كتبت لمالكوم وعائلته من النيران. وفي 21 فبراير (http://ar.wikipedia.org/wiki/21_%D9%81%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D8%B1) 1965 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1965) وفي قاعة المؤتمرات في مدينة نيويورك وعندما كان مالكوم يلقي خطاباً في القاعة، حدثت أعمال شغب في القاعة. وفي محاولة من الحراس الشخصيين لمالكوم للسيطرة على الوضع، همّ رجل بالإقتراب من المنصة واطلاق النار على مالكوم وأصابه في صدره وبعدها تقدم رجلان من المنصة وأمطروا مالكوم بوابل من النيران وأردوه قتيلاً. ومن المفارقات أنه بعد شهر واحد من اغتيال مالكوم إكس، أقر الرئيس الأمريكي جونسون (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AC%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%88%D9% 86&action=edit) مرسوما قانونيا أقر فيه حقوق التصويت للسود، وأنهى الاستخدام الرسمي لكلمة "نجرو"، التي كانت تطلق على الزنوج في أمريكا.


[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=8)]


من أقواله



على الوطنيه (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9% 8A%D9%87&action=edit) أن لا تعمي أعيوننا من رؤية الحقيقه ، فالخطأ خطأ بغض النظر عن من صنعه أو فعله .

كن مسالماً و مهذباً أطع القانون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86) و إحترم الجميع و إذا ماقام أحدٌ بلمسك أرسله إلى المقبره (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D8% B1%D9%87&action=edit) .

لا أحد يمكن أن يعطيك الحريه (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9% 87&action=edit) و لا أحد يمكن أن يعطيك المساواه (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9% 88%D8%A7%D9%87&action=edit) و العدل (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84&action=edit) ، إذا كنت رجلاً فقم بتحقيق ذلك لنفسك .

لا تستطيع فصل السلام (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9% 85&action=edit) عن الحريه ، فلا يمكن لأحد أن ينعم بالسلام مالم يكن حراً .

نريد الحريه ، العدل ، المساواه بأي طريقطةٍ كانت .



[تحرير (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9% 85_%D8%A5%D9%83%D8%B3&action=edit&section=9)]

موسى بن ربيع البلوي
07-07-2006, 02:39 PM
مالكوم إكس.. التغير بسحر العبارات والمواقف
(في ذكرى اغتياله: 18 شوال 1384هـ)

مصطفى عاشور

http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/01/images/pic02.jpg

مالكوم إكس أو الحاج مالك شباز من الشخصيات الأمريكية المسلمة البارزة في منتصف القرن الماضي، التي أثارت حياته القصيرة جدلا لم ينته حول الدين والعنصرية، حتى أطلق عليه "أشد السود غضبا في أمريكا". كما أن حياته كانت سلسلة من التحولات؛ حيث انتقل من قاع الجريمة والانحدار إلى تطرف الأفكار العنصرية، ثم إلى الاعتدال والإسلام، وعندها كُتبت نهايته بست عشرة رصاصة.

اللون.. قبل الإنسان

ولد مالكوم في (6 ذي القعدة 1343هـ= 29 مايو 1925م)، وكان أبوه "أورلي ليتل" قسيسا أسود من أتباع "ماركوس كافي" الذي أنشأ جمعية بنيويورك ونادى بصفاء الجنس الأسود وعودته إلى أرض أجداده في أفريقيا. أما أمه فكانت من جزر الهند الغربية لكن لم تكن لها لهجة الزنوج، وكان مالكوم المولود السابع في الأسرة؛ فقد وضعته أمه وعمرها ثمانية وعشرون عاما، كانت العنصرية في ذلك الوقت في الولايات المتحدة ما زالت على أشدها، وكان الزنجي الناجح في المدينة التي يعيش فيها مالكوم هو ماسح الأحذية أو البواب!!
كان أبوه حريصا على اصطحابه معه إلى الكنيسة في مدينة "لانسينغ" حيث كانت تعيش أسرته على ما يجمعه الأب من الكنائس، وكان يحضر مع أبيه اجتماعاته السياسية في "جمعية التقدم الزنجية" التي تكثر خلالها الشعارات المعادية للبيض، وكان الأب يختم هذه الاجتماعات بقوله: إلى الأمام أيها الجنس الجبّار، بوسعك أن تحقق المعجزات. وكان أبوه يحبه للون بشرته الفاتح قليلا عنه، أما أمه فكانت تقسو عليه لذات السبب، وتقول له: "اخرج إلى الشمس ودعها تمسح عنك هذا الشحوب".
وقد التحق بالمدرسة وهو في الخامسة من عمره، وكانت تبعد عن مدينته ثمانية أميال، وكان هو وعائلته الزنوج الوحيدين بالمدينة؛ لذا كان البيض يطلقون عليه الزنجي أو الأسود، حتى ظن مالكوم أن هذه الصفات جزء من اسمه.

الحق والصراخ

وكان الفتى الصغير عندما يعود من مدرسته يصرخ مطالبا بالطعام، ويصرخ ليحصل على ما يريد، ويقول في ذلك: لقد تعلمت باكرا أن الحق لا يُعطى لمن يسكت عنه، وأن على المرء أن يحدث بعض الضجيج حتى يحصل على ما يريد.
وعندما بلغ مالكوم سن السادسة قتلت جماعة عنصرية بيضاء أباه وهشمت رأسه؛ فكانت صدمة كبيرة للأسرة وبخاصة الأم التي أصبحت أرملة وهي في الرابعة والثلاثين من عمرها وتعول ثمانية أطفال، فترك بعض الأبناء دراستهم، وعملت الأم خادمة في بعض بيوت البيض، لكنها كانت تُطرد بعد فترة قصيرة لأسباب عنصرية.
وتردت أحوال الأسرة، وكانت الأم ترفض وتأبى أن تأخذ الصدقات من مكتب المساعدة الاجتماعية؛ حتى تحافظ على الشيء الوحيد الذي يمتلكونه وهو كرامتهم، غير أن قسوة الفقر سنة 1934 جعلت مكتب المساعدة يتدخل في حياتهم، وكان الموظف الأبيض فيه يحرّض الأبناء على أمهم التي تدهورت حالتها النفسية وأصيبت بمرض عقلي سنة 1937، وأودعت في المستشفى لمدة 26 عاما.
وأصبح الأطفال السود أطفال الدولة البيضاء، وتحكّم الأبيض في الأسود بمقتضى القانون. وتردت أخلاق مالكوم، وعاش حياة التسكع والتطفل والسرقة؛ ولذلك فُصل من المدرسة وهو في سن السادسة عشرة، ثم أُلحق بسجن الأحداث.

بوادر العنصرية

كان مالكوم شابا يافعا قوي البنية، وكانت نظرات البيض المعجَبة بقوته تشعره بأنه ليس إنسانا بل حيوانا لا شعور له ولا إدراك، وكان بعض البيض يعاملونه معاملة حسنة، غير أن ذلك لم يكن كافيا للقضاء على بذور الكراهية والعنصرية في نفس الشاب الصغير؛ لذلك يقول: "إن حسن المعاملة لا تعني شيئا ما دام الرجل الأبيض لن ينظر إليّ كما ينظر لنفسه، وعندما تتوغل في أعماق نفسه تجد أنه ما زال مقتنعا بأنه أفضل مني".
وتردد مالكوم على المدرسة الثانوية وهو في سجن الإصلاح، وكانت صفة الزنجي تلاحقه كظله، وشارك في الأنشطة الثقافية والرياضية بالمدرسة، وكانت صيحات الجمهور في الملعب له: "يا زنجي يا صدئ" تلاحقه في الأنشطة المختلفة، وأظهر الشاب تفوقا في التاريخ واللغة الإنجليزية.

الأسود.. والمستقبل

وفي عام 1940م رحل إلى أقاربه في بوسطن، وتعرف هناك على مجتمعات السود، ورأى أحوالهم الجيدة نسبيا هناك، وبعد عودته لاحظ الجميع التغير الذي طرأ عليه، غير أنه احتفظ بتفوقه الدراسي، وفي نهاية المرحلة الثانوية طلب مستر "ستراوسكي" من طلابه أن يتحدثوا عن أمنياتهم في المستقبل، وتمنى مالكوم أن يصبح محاميا، غير أن ستراوسكي نصحه ألا يفكر في المحاماة لأنه زنجي وألا يحلم بالمستحيل؛ لأن المحاماة مهنة غير واقعية له، وأن عليه أن يعمل نجارا، وكانت كلمات الأستاذ ذات مرارة وقسوة على وجدان الشاب؛ لأن الأستاذ شجّع جميع الطلاب على ما تمنوه إلا صاحب اللون الأسود؛ لأنه في نظره لم يكن مؤهلا لما يريد.
وبعد انتهاء المرحلة الثانوية قصد مالكوم بوسطن وأخذته الحياة في مجرى جديد، وأصيب بنوع من الانبهار في المدينة الجميلة، وهناك انغمس في حياة اللهو والمجون، وسعى للتخلص من مظهره القوي، وتحمل آلام تغيير تسريحة شعره حتى يصبح ناعما، وأدرك أن السود لو أنفقوا من الوقت في تنمية عقولهم ما ينفقونه في تليين شعورهم لتغير حالهم إلى الأفضل.
ثم انتقل إلى نيويورك للعمل بها في السكك الحديدية، وكان عمره واحدا وعشرين عاما، وكانت نيويورك بالنسبة له جنة، وتنقل بين عدة أعمال، منها أن يعمل بائعا متجولا، وتعلم البند الأول في هذه المهنة وهو ألا يثق بأحد إلا بعد التأكد الشديد منه.
وعاش فترة الحرب العالمية الثانية، وشاهد ما ولدته الحرب من فساد خلقي واجتماعي وانغمس هو نفسه في هذا الفساد، وغاص في أنواع الجرائم المختلفة من سرقة ودعارة وفجور، وعاش خمس سنوات في ظلام دامس وغفلة شديدة، وفي أثناء تلك الفترة أُعفي من الخدمة العسكرية؛ لأنه صرح من قبيل الخديعة أنه يريد إنشاء جيش زنجي.

السجن.. وبداية الحرب

ألقت الشرطة القبض عليه وحكم عليه سنة 1946م بالسجن عشر سنوات، فدخل سجن "تشارلز تاون" العتيق، وكانت قضبان السجن ذات ألم رهيب على نفس مالكوم؛ لذا كان عنيدا يسبّ حرّاسه حتى يحبس حبسا انفراديا، وتعلم من الحبس الانفرادي أن يكون ذا إرادة قوية يستطيع من خلالها التخلي عن كثير من عاداته، وفي عام 1947م تأثر بأحد السجناء ويدعى "بيمبي" الذي كان يتكلم عن الدين والعدل فزعزع بكلامه ذلك الكفر والشك من نفس مالكوم، وكان بيمبي يقول للسجناء: إن من خارج السجن ليسوا بأفضل منهم، وإن الفارق بينهم وبين من في الخارج أنهم لم يقعوا في يد العدالة بعد، ونصحه بيمبي أن يتعلم، فتردد مالكوم على مكتبة السجن وتعلم اللاتينية.
وفي عام 1948م انتقل إلى سجن كونكورد، وكتب إليه أخوه "فيلبيرت" أنه اهتدى إلى الدين الطبيعي للرجل الأسود، ونصحه ألا يدخن وألا يأكل لحم الخنزير، وامتثل مالكوم لنصح أخيه، ثم علم أن إخوته جميعا في دترويت وشيكاغو قد اهتدوا إلى الإسلام، وأنهم يتمنون أن يسلم مثلهم، ووجد في نفسه استعدادا فطريا للإسلام، ثم انتقل مالكوم إلى سجن "ينورفولك"، وهو سجن مخفف في عقوباته، ويقع في الريف، ويحاضر فيه بعض أساتذة الجامعة من هارفارد وبوسطن، وبه مكتبة ضخمة تحوي عشرة آلاف مجلد قديم ونادر.
وفي هذا السجن زاره أخوه "ويجالند" الذي انضم إلى حركة "أمة الإسلام" بزعامة "إليجا محمد"، التي تنادي بأفكار عنصرية منها أن الإسلام دين للسود، وأن الشيطان أبيض والملاك أسود، وأن المسيحية هي دين للبيض، وأن الزنجي تعلم من المسيحية أن يكره نفسه؛ لأنه تعلم منها أن يكره كل ما هو أسود.
وأسلم مالكوم على هذه الأفكار، واتجه في سجنه إلى القراءة الشديدة والمتعمقة، وانقطعت شهيته عن الطعام والشراب، وحاول أن يصل إلى الحقيقة، وكان سبيله الأول هو الاعتراف بالذنب، ورأى أنه على قدر زلته تكون توبته.

أمة الإسلام.. والعنصرية السوداء

وراسل مالكوم "إليجا محمد" الذي كان يعتبر نفسه رسولا، وتأثر بأفكاره، وبدأ يراسل كل أصدقائه القدامى في الإجرام ليدعوهم إلى الإسلام، وفي أثناء ذلك بدأ في تثقيف نفسه فبدأ يحاكي صديقه القديم "بيمبي"، ثم حفظ المعجم فتحسنت ثقافته، وبدا السجن له كأنه واحة، أو مرحلة اعتكاف علمي، وانفتحت بصيرته على عالم جديد، فكان يقرأ في اليوم خمس عشرة ساعة، وعندما تُطفأ أنوار السجن في العاشرة مساء، كان يقرأ على ضوء المصباح الذي في الممر حتى الصباح فقرأ قصة الحضارة وتاريخ العالم، وما كتبه الأسترالي مانديل في علم الوراثة، وتأثر بكلامه في أن أصل لون الإنسان كان أسود، وقرأ عن معاناة السود والعبيد والهنود من الرجل الأبيض وتجارة الرقيق، وخرج بآراء تتفق مع آراء إليجا محمد في أن البيض عاملوا غيرهم من الشعوب معاملة الشيطان.
وقرأ أيضا لمعظم فلاسفة الشرق والغرب، وأعجب بـ"سبيننوزا"؛ لأنه فيلسوف أسود، وغيّرت القراءة مجرى حياته، وكان هدفه منها أن يحيا فكريا؛ لأنه أدرك أن الأسود في أمريكا يعيش أصم أبكم أعمى، ودخل في السجن في مناظرات أكسبته خبرة في مخاطبة الجماهير والقدرة على الجدل، وبدأ يدعو غيره من السجناء السود إلى حركة "أمة الإسلام" فاشتهر أمره بين السجناء.

الخروج من السجن

خرج مالكوم من السجن سنة 1952م وهو ينوي أن يعمق معرفته بتعاليم إليجا محمد، وذهب إلى أخيه في دترويت، وهناك تعلم الفاتحة وذهب إلى المسجد، وتأثر بأخلاق المسلمين، وفي المسجد استرعت انتباهه عبارتان: الأولى تقول: "إسلام: حرية، عدالة، مساواة"، والأخرى مكتوبة على العلم الأمريكي، وهي: "عبودية: ألم، موت".
والتقى بإليجا محمد، وانضم إلى حركة أمة الإسلام، وبدأ يدعو الشباب الأسود في البارات وأماكن الفاحشة إلى هذه الحركة فتأثر به كثيرون؛ لأنه كان خطيبا مفوهًا ذا حماس شديد، فذاع صيته حتى أصبح في فترة وجيزة إماما ثابتا في مسجد دترويت، وأصبح صوته مبحوحا من كثرة خطبه في المسجد والدعوة إلى "أمة الإسلام"، وكان في دعوته يميل إلى الصراع والتحدي؛ لأن ذلك ينسجم مع طبعه.
وعمل في شركة "فورد" للسيارات فترة ثم تركها، وأصبح رجل دين، وامتاز بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها؛ فاهتدى على يديه كثير من السود، وزار عددا من المدن الكبرى، وكان همه الأول هو "أمة الإسلام"؛ فكان لا يقوم بعمل حتى يقدر عواقبه على هذه الحركة.
وقد تزوج في عام 1958م ورُزق بثلاث بنات، سمّى الأولى عتيلة، على اسم القائد الذي نهب روما.
وفي نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: "الكراهية التي ولدتها الكراهية"، وأصبح نجما إعلاميا انهالت عليه المكالمات التليفونية، وكتبت عنه الصحافة، وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية؛ فبدأت السلطات الأمنية تراقبه، خاصة بعد عام 1961. وبدأت في تلك الفترة موجة تعلم اللغة العربية بين أمة الإسلام؛ لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود.
كانت دعوة مالكوم في تلك الفترة تنادي بأن للإنسان الأسود حقوقا إنسانية قبل حقوقه المدنية، وأن الأسود يريد أن يكرم كبني آدم، وألا يعزل في أحياء حقيرة كالحيوانات وألا يعيش متخفيا بين الناس.

الحج والتغير

أدرك مالكوم أن الإسلام هو الذي أعطاه الأجنحة التي يحلق بها، فقرر أن يطير لأداء فريضة الحج في عام 1964م، وزار العالم الإسلامي ورأى أن الطائرة التي أقلعت به من القاهرة للحج بها ألوان مختلفة من الحجيج، وأن الإسلام ليس دين الرجل الأسود فقط، بل هو دين الإنسان. وتعلم الصلاة، وتعجب من نفسه كيف يكون زعيما ورجل دين مسلم في حركة أمة الإسلام ولا يعرف كيف يصلي!!.
والتقى بعدد من الشخصيات الإسلامية البارزة، منها الدكتور عبد الرحمن عزام صهر الملك فيصل ومستشاره، وهزه كرم الرجل معه وحفاوته به.
وتأثر مالكوم بمشهد الكعبة المشرفة وأصوات التلبية، وبساطة وإخاء المسلمين، يقول في ذلك: "في حياتي لم أشهد أصدق من هذا الإخاء بين أناس من جميع الألوان والأجناس، إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام؛ لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشكلة العنصرية فيها"، وقضى 12 يوما جالسا مع المسلمين في الحج، ورأى بعضهم شديدي البياض زرق العيون، لكنهم مسلمون، ورأى أن الناس متساوون أمام الله بعيدا عن سرطان العنصرية.
وغيّر مالكوم اسمه إلى الحاج مالك شباز، والتقى بالمغفور له الملك فيصل الذي قال له: "إن ما يتبعه المسلمون السود في أمريكا ليس هو الإسلام الصحيح"، وغادر مالكوم جدة في إبريل 1964م، وزار عددا من الدول العربية والإفريقية، ورأى في أسبوعين ما لم يره في 39 عاما، وخرج بمعادلة صحيحة هي: "إدانة كل البيض= إدانة كل السود".
وصاغ بعد عودته أفكارا جديدة تدعو إلى الإسلام الصحيح، الإسلام اللاعنصري، وأخذ يدعو إليه، ونادى بأخوة بني الإنسان بغض النظر عن اللون، ودعا إلى التعايش بين البيض والسود، وأسس منظمة الاتحاد الأفريقي الأمريكي، وهي أفكار تتعارض مع أفكار أمة الإسلام؛ لذلك هاجموه وحاربوه، وأحجمت الصحف الأمريكية عن نشر أي شيء عن هذا الاتجاه الجديد، واتهموه بتحريض السود على العصيان، فقال: "عندما تكون عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة لا تحتاج الجماهير لمن يحرضها، وإن عبادة الإله الواحد ستقرب الناس من السلام الذي يتكلم الناس عنه ولا يفعلون شيئا لتحقيقه".
وفي إحدى محاضراته يوم الأحد (18 شوال 1384هـ= 21 فبراير 1965م) صعد مالكوم ليلقي محاضرته، ونشبت مشاجرة في الصف التاسع بين اثنين من الحضور، فالتفت الناس إليهم، وفي ذات الوقت أطلق ثلاثة أشخاص من الصف الأول 16 رصاصة على صدر هذا الرجل، فتدفق منه الدم بغزارة، وخرجت الروح من سجن الجسد.
وقامت شرطة نيويورك بالقبض على مرتكبي الجريمة، واعترفوا بأنهم من حركة أمة الإسلام، ومن المفارقات أنه بعد شهر واحد من اغتيال مالكوم إكس، أقر الرئيس الأمريكي جونسون مرسوما قانونيا ينص على حقوق التصويت للسود، وأنهى الاستخدام الرسمي لكلمة "نجرو"، التي كانت تطلق على الزنوج في أمريكا.
* من مصادر الدراسة:


أليكس هالي مالكوم إكس: سيرة ذاتية- ترجمة ليلى أبو زيد- عاريسان للنشر والتوزيع- لبنان الطبعة الأولى- 1996.

حسن أبو طالب: الله في الغرب.. الحركات الإسلامية في أمريكا وأوروبا- مجلة وجهات نظر- العدد 35- ديسمبر 2001


المصدر (http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/01/article02.shtml)

موسى بن ربيع البلوي
07-07-2006, 02:41 PM
من قراءتي



سيرة مالكوم اكس الذاتية

كما رواها لآلكس هيلي
The Autobiography of Malcolm X
as told to Alex Haley
بقلم: المحرر الثقافي
__________




http://nebras.nuks.org/archives/Image/upload/malcolmx_autobio.jpg


نشأ مالكوم ليتل في عائلة فقيرة في ولاية ميشيغان، وكان لظروف نشأته الأثر الكبير في تحديد فلسفته السياسية والإجتماعية تجاه محنة السود في أمريكا، حيث قاسى هو وأهله الكثير من الأذى من قبل المجتمع الأمريكي العنصري، حتى أن والده لقى حتفه على يد إحدى منظمات البيض العنصرية، وبعد إنهائه المرحلة المتوسطة من دراسته انتقل مالكوم إلى مدينة بوسطن حيث أقام مع أقربائه هناك، ونتيجة الظروف القاسية في الحي الفقير الذي عاش فيه، انخرط مالكوم في عالم المخدرات والإجرام شيء فشيء، إلى أن انتقل إلى حي (هارلم) في مدينة نيو يورك حيث أصبح هناك تاجر للمخدرات، ثم عاد إلى بوسطن بعد فترة وعمل في عصابة تقوم بسرقة البيوت، ويذكر مالكوم هذه الفترة بندم، إلا أنه يلقي ببعض اللوم على إضطهاد السود وإستغلالهم من قبل المجتمع مما أجبرهم على العيش في الفقر والبؤس.

دخل مالكوم السجن بعد ذلك، وأثناء وجوده هناك تقدم إليه أخيه يخبره عن منظمة تسمى أمة الإسلام (The Nation of Islam) يترأسه رجل أسود اسمه إيلايجا محمد يدعي أنه رسول الله أتى ليعلم السود في أمريكا دينهم الحقيقي وهو الإسلام، إلا أن الإسلام الذي دعى إليه اتخذ فكرة السيادة العرقية للسود أساساً له، فإدعى أن السود هم شعب الله المختار الذين اصطفاهم الله في الأرض، وأنهم كانوا في القدم حكام العالم اتخذوا مكة المكرمة عاصمة لهم، وأن البيض هم جنس شيطاني من البشر خلقهم عالم شرير عن طريق الهندسة الوراثية واستطاعوا أن يتغلبوا على حضارة السود، وأنه مكلف من قبل الله تعالى أن يعيد حضارة السود إلى مجدها ويتغلب على "الشيطان الأبيض"، وأكد على أهمية الإنضباط الأخلاقي والعلم والأخوة ما بين السود في تحقيق ذلك الهدف.




http://nebras.nuks.org/archives/Image/upload/x_ali.jpg
مالكوم اكس بصحبة محمد علي كلاي









اعتنق مالكوم هذه الدعوة بحماس، وكانت نقطة تحول في حياته حيث تاب عن حياة الإجرام وتوقف عن تناول المخدرات وشرب الكحول وحتى التدخين، حيث حرّمت هذه الأشياء على أعضاء أمة الإسلام، وقام بتعليم وتثقيف نفسه عبر القراءة المستمرة والمناظرة وأخذ بعض الدورات التي وفرها السجن للسجناء، وقرر مالكوم أن يكرس حياته لخدمة إيلايجا محمد وأمة الإسلام، ويرمز إلى هذا التحول تغيير اسمه من مالكوم ليتل إلى مالكوم اكس (Malcolm X) كما فعل جميع من اعتنق دعوة أمة الإسلام، بإعتبار أن أسامي العوائل التي سمي بها السود هي أسامي ملاك العبيد البيض.

خرج مالكوم من السجن واستطاع بفترة وجيزة أن يصبح أشهر دعاة أمة الإسلام وذلك بفضل نشاطه وشخصيته القوية وقدراته الخطابية ووفائه المخلص لإلايجا محمد، وساهم في إنشاء العديد من مساجد المنظمة في مختلف مدن الولايات المتحدة، ومع تطور أمة الإسلام وإنتشار دعوتها بين السود أصبحت منظمة ملفتة للأنظار على مستوى منظمات "الحقوق المدنية"، أي المنظمات المكافحة لحقوق السود في الولايات المتحدة، خاصة أن فلسفتها اختلفت عن بل تناقضت مع الفلسفة السائدة بين أغلبية هذه منظمات وقادتها البارزين مثل مارتن لوثر كنج، حيث أيدت أمة الإسلام الإنفصال عن البيض عن طريق قيام دولة خاصة للسود في أمريكا بدل من إلغاء الفصل العنصري وإنضمام السود إلى المجتمع الأمريكي، كما رأت أنه لا بأس باستعمال الكفاح المسلح كوسيلة لتحرير السود بجانب العصيان المدني، وأثارت القلق لدى الأمريكان البيض حكومةً وشعباً عندما قامت بتدريب ميليشيا سميت "بثمرة الإسلام" (Fruit of Islam).

وفي ظل هذه التطورات أصبح مالكوم شخصية معروفة على مستوى الولايات المتحدة بل على المستوى الدولي أيضاً، وقام بزيارات للكثير من الدول واللتقى بالعديد من الرؤساء منهم على سبيل المثال الرئيس المصري جمال عبدالناصر، والجدير بالذكر أنه كان "المستشار الروحاني" للملاكم الشهير محمد علي كلاي الذي كان قد انضم إلى منظمة أمة الإسلام أيضاً، فأخذ مالكوم يبرز كثيراً في الإعلام الأمريكي والدولي، وكادت شهرته أن تفوق شهرة إيلايجا محمد نفسه مما أدى بعد وقت إلى إثارة غيرته منه، وحين قام مالكوم بإدلاء تصريح صحفي قوبل بإستنكار الصحف الأمريكية، اغتنم إيلايجا محمد الفرصة لكي يطرد مالكوم من صفوف منظمة أمة الإسلام.


كان لخيانة إيلاجا محمد له الأثر الكبير على نفس مالكوم الذي كان ينظر لهذا الرجل على أنه نبي الله ومعصوم عن الخطأ، فكان قد اكتشف عنه العديد من الحقائق المؤلمة، ولم يتوقع أن يجزي هذا الجزاء بعد أن كرس حياته لخدمة هذا الرجل ودعوته، وبعد أن رأى في أمة الإسلام التي حولته من مجرم ومدمن مخدرات إلى شخصية ذات قوة وشأن السبيل الأوحد لتخليص شعبه من الظلم والإضطهاد.


ولكن لم تنتهي علاقة مالكوم بالإسلام مع قطع علاقته بمنظمة إيلايجا محمد، فبعد الحادثة بفترة وجيزة ذهب مالكوم لأداء فريضة الحج، وهناك حدث تغيير جذري في شخصية مالكوم وإعتقاداته الدينية وفلسفته الإجتماعية والسياسية، فاستغرب من معاملة الحكومة السعودية له كضيف شرف، فلم يرى مثل هذه المعاملة لرجل أسود من قبل، كما استغرب من الأخوة التي رآها بين مختلف الشعوب والجنسيات المسلمة التي شملت أناس ذات شعر أشقر وعيون زرقاء الذين اعتبرهم إيلايجا محمد بأنهم جنس شيطاني من البشر، فوسّع معرفته بالدين الإسلامي ورأى أكثر فأكثر بطلان عقيدته السابقة.

http://nebras.nuks.org/archives/Image/upload/malcolmx.jpg









رجع مالكوم إلى الولايات المتحدة باسم جديد: الحاج مالك الشباز، فكان قد غير اسمه للمرة الثانية، ورجع أيضاً بفلسفة سياسية وإجتماعية جديدة، حيث غير نظرته العنصرية تجاه البيض ورأى أن منبع الصراع القائم ما بين البيض والسود في أمريكا هو ثقافي وأيديولوجي وليس عرقي، إلا أنه ظل على موقفه المعادي للمجتمع الأمريكي الأبيض بشكل عام بإعتباره يقوم بإضطهاد السود، وظل ينادي للقومية السوداء بإعتبار أنه لا يمكن تحقيق الوحدة ما بين البيض والسود قبل أن يتحد السود أنفسهم، فقام بإنشاء منظمة جديدة للكفاح من أجل قضية السود فتحت أبوابها للسود من جميع الديانات، وقام أيضاً بإعلان إعتناقه للإسلام "الأورثودوكسي" كما أسماه وأسس مسجد في حي هارلم بمدينة نيو يورك، وأعلن عن نيته لمد أواصر الأخوة بين المسلمين السود في أمريكا واخوتهم المسلمين في كل أنحاء العالم.




قوبلت تحركات مالكوم برد فعل عنيف من منظمة أمة الإسلام التي اتهمته بالخيانة وانتقدته بالوسائل الإعلامية، وتمت عدة محاولات لإغتيال مالكوم الذي اتهم منظمة أمة الإسلام بتدبيرها، إلا أنه شك أن يكون هناك طرف آخر يشارك في هذه الإعتداءات على حياته بإعتبار أن الوسائل المستخدمة لإجراء العمليات متطورة بالنسبة لمنظمة أمة الإسلام التي كان يعلم مالكوم جيداً مدى قدراتها، وسقط مالكوم اكس (أو الحاج مالك الشباز) قتيلاً عام 1965 أثناء لقاء جماهيري لمنظمته، وما زالت ظروف قتله وهوية قاتله غامضة حتى اليوم، فهناك من يلوم منظمة الإسلام، وهناك أيضاً من يلوم أجهزة الأمن الأمريكية.

http://nebras.nuks.org/archives/Image/upload/Malcomxm1carbine.gif
مالكوم اكس قبل إغتياله بالشهر



إن كتاب "سيرة مالكوم اكس الذاتية" يروي قصة شخصية رائعة بعزمها وكارزمتها وعمقها وأثرها على مسيرة المطالبة بحقوق السود في أمريكا، تركت بصمتها على صفحات التاريخ الإنساني وباتت قريبة من قلوب المسلمين في الولايات المتحدة وخارجها، وبجانب هذه القصة الرائعة التي لا يغني أي تلخيص عن قرائتها كاملة، فيقوم الكتاب بإلقاء الضوء على حقبة مشحونة من تاريخ الولايات المتحدة ساد فيها الإضطراب السياسي والإجتماعي وعن مسيرة شعب في المطالبة بحقوقه.



المصدر (http://nebras.nuks.org/modules.php?name=News&file=article&sid=674&issue=30)

ابوماااجد
07-07-2006, 04:00 PM
وعليكم السلام ورحمت الله وبركاتة

اخي ابو نادر
مشكور على هذا البحث الرائع عن شخصية مالكوم اكس
ولك كل التقدير على هذا المجهود الطيب

نواف النجيدي
07-07-2006, 06:33 PM
بارك الله فيك أخي الحبيب

محمد الرموثي
07-08-2006, 12:51 AM
اخي موسى

اشكرك من الاعماق على هذا الجهد المبذول منك

تقبل خالص شكري وتقديري