المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اضطراب الهلع..



عمر البلوي
09-19-2003, 07:38 AM
اضطراب الهلع.. نوبات مفاجئة تعيق حياة المرضى وتقودهم إلى الانعزالية والاكتئاب



هناك بعض الأشخاص تأتيهم نوبات مفاجئة، دون أي مقدمات.. فجأة يشعرون بخوف شديد، وقلق لا حدود له، وتبدأ ضربات القلب في الازدياد والنبض يصبح قوياً، ويتصبب عرق غزير من هذا الشخص، ويشعر بضيق في التنفس، ويشعر بالخدر في جسده، حتى إن بعض ممن تنتابهم مثل هذه الحالة لا يستطيعون تحريك أطرافهم ويشعرون كما لو أنهم أصيبوا بالشلل! بعض هؤلاء الأشخاص الذين تصيبهم هذه النوبات يشعرون أن نهايتهم قد اقتربت وأنهم سوف يموتون في هذه اللحظات.
مشكلة نوبات الهلع (الذعر) أنها تأتي فجأة دون أي مقدمات ويكون الشخص لا يعاني من أي مرض عضوي أو نفسي، ويمكن أن تداهم الشخص وهو وسط مجموعة أو وهو وحيداً ليس حوله أحد، وهذا يزيد الأمر سوءاً حيث يظن أنه سوف يموت دون أن يكون بالقرب منه أحد يساعده في أي أمر هو بحاجة إليه.
كان أحد المرضى الذين شاهدتهم تأتيه نوبة الهلع بشكل متكرر، ومرة داهمته وهو يقود سيارته عند إشارة المرور، فاستسلم وشعر بأنه سوف يموت وحين أضأت إشارة السماح السير (الإشارة الخضراء) لم يستطع أن يتحرك مما جعل سائقي السيارات الذين خلفه يشعرون بالغضب، ونزلوا من سياراتهم حانقين عليه واستشاطوا غضباً عندما وجدوه خلف مقود السيارة لا يحرك ساكناً ووجهه شاحب ولم يستطع أن ينطق كلمة واحدة والرجال يصرخون عليه ويكيلون له التقريع والسباب، ولكن كان هو في عالم آخر.. حيث يعتقد بأن هذه نهايته..! بعد لحظات، وبعد أن سارت السيارات التي خلفه، وبقي وحيداً عند إشارة المرور، بدأ الفرج.. قرأ بعضاً مما يحفظ من القرآن واستجمع كل ما يملك من قوة وبالكاد وصل إلى المنزل، حيث استلقى في مكانه، يسترجع ما الذي حدث له؟؟.
* ما هي نوبات الهلع (الذعر)؟
- تختلف نوبات الهلع عن اضطراب الهلع بأن نوبات الهلع قد تأتي بدون أن يكون الشخص مصاباً باضطراب الهلع، حيث فقط يعاني الشخص من نوبات محدودة من نوبات الهلع دون أن يكون ذلك اضطراباً بالتعريف العلمي للاضطراب (كما سنذكر لاحقاً).
نوبة الهلع يجب أن تحوي على الأقل على أربعة من الأعراض التي سنذكرها لاحقاً والتي تعرف بالأعراض الجسدية للقلق.
حتى يطلق على نوبة الهلع هذا الاصطلاح يجب أن تأتي النوبة فجأة، وليس بسبب معين، وكذلك يجب أن تكون شديدة وتصل إلى ذروة شدتها خلال دقائق معدودة (عشر دقائق أو أقل)، وعادة يستمر الخوف والقلق في ذروته لمدة دقائق معدودة.
الأعراض الجسدية للقلق والتي يجب أن يكون على الأقل أربع منها موجود خلال نوبة الهلع:
1- زيادة ضربات القلب وكذلك شدة النبض وشعور الشخص بأن قلبه يخفق بشدة.
2- التعرق الغزير.
3- الارتجاف.
4- الشعور بضيق التنفس أو أن التنفس سوف يتوقف.
5- الشعور بغصة في الحلق.
6- ألم في الصدر أو الشعور بعدم الارتياح في الصدر.
7- الشعور بالغثيان أو آلام في البطن.
8- الشعور بالدوار، وعدم القدرة على الثبات وصداع خفيف أو الشعور بالإغماء.
9- شعور الشخص بأنه غير حقيقي أو أن الأشياء التي حوله غير حقيقية.
10- الشعور بعدم القدرة على السيطرة على النفس أو شعور الشخص بأنه سوف يصاب بالجنون.
11- الخوف من الموت.
12- الخدر أو الشعور بوخزات مثل وخزات الإبر أو الشوك.
13- الشعور بالبرد الشديد والحرارة الشديدة.
هناك نوبات هلع تأتي نتيجة مواقف معينة ترتبط بهذه الحالة النفسية، ويُطلق على هذه النوبة نوبة هلع وقتية، أي أنهاليست نوبة قلق حقيقية، وإنما ترتبط بظرف معين، مثل أن الشخص يصاب بهذه الأعراض عند رؤيته كلباً أو ثعبان، ففي كل مرة يرى فيها هذا الشخص الكلب أو الثعبان تحصل له نوبة هلع، عدا ذلك فإن الشخص لا يعاني من أي مشكلة في الأوقات العادية. هناك بعض الأشخاص الذين يصابون بنوبات هلع في أوقات معينة لا يصابون بهذه النوبات عندما يقومون بنفس العمل، مثل بعض من يقودون سياراتهم، ففي مناسبات معينة يصابون بنوبات هلع، وفي أوقات أخرى لا ينتابهم أي شعور بأي نوع من القلق أو الخوف، وهذا ليس له تفسير علمي ولكن يطلق عليه باللغة الإنجليزية Situationally Predisposed Panic attack.
نعود مرة أخرى ونقول بأن نوبة الهلع الحقيقية هي التي تحدث دون أي مقدمات، وليس هناك ظروف تستدعي حدوثها مثل رؤية حيوان أو قيادة سيارة. فالنوبة الحقيقية للهلع هي التي تحدث فجأة، في وقت لا يتوقع الشخص حدوثها ويشعر الشخص بأنه على وشك أن ينتهي ويموت..!
كثيراً ما تحدث الإصابة بنوبات الهلع مع اضطرابات نفسية أخرى، خاصة ما يعرف برهاب الساح (الخوف من الأماكن المفتوحة)، وعندما تكون مصاحبة لرهاب الساح، غالباً تكون اضطراب الهلع، وليس نوبة هلع فقط.
ضمن التقسيمات الأمريكية للاضطرابات النفسية والعقلية الطبعة الرابعة، وكذلك التقسيمات النفسية والعقلية الدولية الطبعة العاشرة (هناك رهاب الساح مع اضطراب هلع، وكذلك هناك تشخيص آخر هو اضطراب هلع مع رهاب الساح، ويعتمد ذلك كثيراً على ما الاضطراب الذي بدأ أولاً، ومن ثم ظهر كمضاعفات له الاضطراب الآخر!).
اضطراب الهلع:
يعتبر اضطراب الهلع واحداً من الاضطرابات المهمة في الطب النفسي، حيث إنه يؤثر على حياة الشخص بشكل كبير. عادة يبدأ اضطراب الهلع بنوبات هلع يكون بشكل مفاجئ - كما ذكرنا سابقاً - وفي البداية تكون الأعراض عضوية، مثل الدوار وشعور الشخص بأن الأشياء التي حوله تدور، ويشعر بعدم انتظام ضربات القلب وسرعة النبض، وصعوبة التنفس، وشعور المرء بأنه سوف يموت. وعادة يبدأ الشخص في مراجعة أطباء القلب ويتم عمل فحوصات كثيرة له قد تصل إلى القسطرة وربما أكثر من ذلك، ولا يصدق المرء الذي مر بالتجربة بأن ما حدث له مشكلة نفسية، ويتردد على عيادات الجهاز الهضمي وأطباء الأعصاب، وأطباء الغدد الصماء، وبعض منهم يسخر من فكرة أن ما حصل له هو فقط اضطراب نفسي..!
عندما يبلغ السيل الزبى، ويشعر الشخص أنه استنفذ كل طاقاته في العيادات المتخصصة، ولم يجد هناك أي فائدة، يقبل على مضض أن يذهب إلى طبيب نفسي، وهو غير مقتنع تمام الاقتناع بأن هذه الأعراض العضوية، مع زيادة ضربات القلب إلى صعوبة التنفس وشعور المرء بأنه سوف يغمى عليه أو أنه سوف يموت، بأن منشأ هذه الأعراض جميعها اضطراب نفسي، ويفاجأ بأن هذه الأعراض، هي اضطراب نفسي معروف، ويمكن أن تساعده العلاجيات النفسية، سواء الأدوية أو العلاجات النفسية (الجلسات العلاجية النفسية).
تختلف شدة الهلع بين الأفراد، والفرق بين أن يطلق على الشخص بأنه يعاني من نوبة هلع فقط عندما يعاني من نوبة أو عدة نوبات فقط خلال فترة طويلة. أما إذا كان الشخص يصاب بنوبات هلع أربع مرات أو أكثر بالصورة التي ذكرناها عندما تحدثنا عن نوبات الهلع عندئذ يصبح هذا الشخص مصاباً باضطراب الهلع، وهو المعروف بPanic disorder.
انتشاره
* مدى انتشار اضطراب الهلع:
- رغم أن الكثير لا يعلم بأن هذا الاضطراب ينتشر بنسبة ما بين 1% إلى 2%، وهذه نسبة عالية بجميع المقاييس الاجتماعية. خاصة إذا عرفنا أن هذا الاضطراب يشكل معضلة كبيرة للأشخاص الذين يعانون منه. وغالباً ما يكون هذا الاضطراب مصاحباً باضطرابات نفسية أخرى مثل رهاب الساح واضطرابات القلق الأخرى مثل اضطراب القلق العام أو الرهاب الاجتماعي.
بدايته
* متى يبدأ اضطراب الهلع؟
- عادة يبدأ اضطراب الهلع أواخر سن المراهقة حتى منتصف الثلاثينات من العمر، وإن كان هذا لا يمنع من أن يبدأ الاضطراب قبل سن المراهقة أو بعد سن الأربعين وإن كان بعد سن الخامسة والأربعين نادر الحدوث. عادة ما يكون اضطراب الهلع اضطراباً مزمناً، ومعظم الأشخاص الذين أصيبوا به، استمر معهم الاضطراب لسنوات طويلة، وتتراوح شدة الاضطراب وتكراره بصور مختلفة بين الأشخاص، وحتى عند الفرد نفسه. فثمة أوقات تتكرر نوبات الهلع بشكل مزعج على الشخص بصورة شديدة، ثم تتوقف لفترات طويلة. وهناك العديد من الأشخاص سبب لهم اضطراب الهلع إعاقة نفسية في حياتهم. حيث أصبحوا لا يستطيعون الاختلاط بالآخرين أو الذهاب لقضاء مصالحهم خشية أن تنتابهم نوبات هلع، فيقعوا في حرج أمام الآخرين. يروي لي رجل على درجة عالية من العلم كيف أن اضطراب الهلع غير مجرى حياته، فأصبح لا يستطيع قيادة سيارته خشية أن تنتابه نوبة هلع، بل إن حتى الصلوات التي كان يؤديها في المسجد أصبح لا يستطيع أن يذهب لها. وتقلصت زياراته الاجتماعية إلى حدود أنه أصبح معزولاً اجتماعياً، لا يزور ولا يزار..! بل إن حياته العملية تأثرت بعدم انتظامه في العمل، رغم تفوقه في مجال عمله..! كل هذا جعله يعيش
حياة صعبة قادته إلى الاكتئاب.. وإلى حياة صعبة.. قلقة.. يملؤها الخوف في كل لحظة..!
الوراثة
* هل اضطراب الهلع له علاقة بالوراثة؟
- وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الهلع فإن أقاربهم من الدرجة الأولى يكونون عرضة للإصاب بهذا الاضطراب أكثر من أربع إلى سبع مرات من الأشخاص العاديين. وهذا يشير إلى أن للوراثة دوراً في الإصابة بهذا الاضطراب.
الاستمرارية
* ما الذي يحدث للمرضى بهذا الاضطراب؟
- كما ذكرنا سابقاً في هذا المقال، فإن الاضطراب يبدأ في نهاية مراحل المراهقة، ويأخذ طابع الاستمرارية، أي أنه مرض مزمن، ولكن هناك طرقاً لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب خاصة إذا ثبت التشخيص، بواسطة طيب متخصص، وعلى دراية بهذا الاضطراب. إذا ثبت أن الشخص يعاني من هذا الاضطراب فيجب على المرء عندئذ أن يطلب العلاج من العيادات النفسية، لأن هذا الاضطراب، اضطراب نفسي، ويحتاج إلى علاج نفسي، سواء كانت أدوية نفسية أو علاجاً نفسياً بدون أدوية نفسية.
الأدوية
* ما هي الأدوية المناسبة لعلاج اضطرابات الهلع؟
- غالباً يعالج اضطراب الهلع بأدوية مضادة للاكتئاب، ولكن لها خاصية في التأثير على الهلع، إضافة إلى مساعدتها في علاج اضطراب الاكتئاب. قبل سنوات عديدة كان هناك علاج من الأدوية المضادة للاكتئاب التي تعرف بالأدوية ثلاثية الحلقات المضادة للاكتئاب، وهناك دواء اشتهر أكثر من بقية هذه المجموعة واسمه الكلوربرامين (اسمه التجاري انافرانيل)، ويرجع مفعول هذا الدواء إلى وجود مادة مثبطة للسيروتونين، مما يجعلها مفيدة في علاج اضطراب الهلع، غير أن هذا العلاج فقد أهميته في علاج اضطراب الهلع، وذلك نظراً لظهور أدوية خاصة للتثبيط السيروتونين في الخلايا العصبية والموصلات العصبية في الدماغ. بدأت الأدوية الخاصة بالسيروتونين بدواء اسمه فلوفو كسامين واسمه التجاري فافرين، حيث أثبت هذا الدواء فعاليته في علاج الاكتئاب عن طريق تكثيف مادة السيروتونين في خلايا الدماغ ومنع تكسيرها، وبذلك أصبح من الأدوية المهمة في علاج الاكتئاب، وعلاج اضطراب الهلع، وحقق نتائج جيدة في تحسين حالة المرضى الذين يعانون من اضطراب الهلع. هذا العلاج الفافرين في بداية ظهوره كانت له أعراض جانبية، أهمها اضطرابات الجهاز الهضمي، خاصة الحموضة والغثيان، وعدم الارتياح في هضم الطعام. لكن بعد ذلك تداركت الشركة المصنعة له هذا الأمر، وتم تصنيعه بطريقة حيث لا تحصل الأعراض الجانبية، وقد نجحت المصانع التي تنتج هذا الدواء في التغلب إلى حد كبير على هذه الأعراض الجانبية، وأصبح هذا العلاج واحداً من مجموعة من الأدوية التي تعرف بالأدوية المثبطة للسيروتونين التي ذات فائدة في علاج اضطراب الهلع. ومن أشهر هذه الأدوية المتواجدة في الأسواق حالياً الباروكستين (اسمه التجاري سيروكسات، وربما يكون هذا الدواء من أكثر الأدوية انتشاراً في علاج الاكتئاب واضطرابات القلق الأخرى، خاصة أنه يساعد على النوم، فيستطيع المريض تناوله ثم النوم)، وكذلك أدوية أخرى عديدة من هذه الفصيلة، وظهر حالياً جيل ثالث من مضادات الاكتئاب وايضاً له فاعلية في علاج اضطراب الهلع (الذعر).
لتلخيص ما ذكرناه، فإن نوبات الهلع ربما تكون فقط نوبات بحد ذاتها، إذا حصلت للشخص مرة أو مرتين، ولم تتكرر عليه. إذا تكررت عليه أكثر من أربع مرات في الشهر فعندئذ يصبح هذا اضطراباً ويحتاج إلى علاج، قد يكون دوائياً أو علاجاً نفسياً عن طريق جلسات نفسية لتدريب المريض كيفية التعامل مع نوبات الهلع هذه. عادة يبدأ هذا الاضطراب في نهاية سن المراهقة حتى سن الخامسة والثلاثين. الاضطراب يتراوح في شدته بين شخص وآخر، بل عند نفس الشخص فقد تأتي فترات يعاني بكثرة وشدة من هذه النوبات. العلاج يساعد في تخفيف المرض، رغم أنه مرض مزمن.

المصدر: http://www.alriyadh.com.sa/Contents/19-09-...e/SAHA_1747.php (http://www.alriyadh.com.sa/Contents/19-09-2003/Mainpage/SAHA_1747.php)

عمر البلوي
09-19-2003, 11:08 PM
لاتخافي اناابغى الافادة والاستفادة . وان هذا المرض قد يكون وراثيا والحمد لله الان العلاج متوفر بجميع انواعه في اي صيدلية .
والثقافة النفسية مهمة جدا في هذا العصر. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه