المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آداب الصيد عند العرب



ابوسطام
09-14-2006, 07:24 PM
قبل الإسلام وبعده

هذا الموضوع اخترته لكم من ضمن مرجع لرسالة دكتوراه تحت اسم(شعر الطرد) للدكتورعبد الرحمن الباشا علما بان المؤلف لاتربطه بالصيد أي صلة لا من قريب ولا من بعيد. وقد تعرفت من خلال كتابه( شعر الطرد) على مجموعة رائعة من الكتب تخص رياضتنا المحببة. مثل المصايد والمطارد , البيزرة, الصيد والطرد عند العرب, عجائب المخلوقات, الجمهرة في البيزرة , القانون في البيزرة. وقد أعجبتني هذه الآداب التي هي موجودة عندنا منذ القدم ويدعي الغرب انه يحافظ على البيئة والحيوان.

كانت لدى العرب في الجاهلية آداب للصيد يتأدبون بها , وتقاليد يرعونها , إلى ان جاء الإسلام بهديه العظيم فأضاف إلى هذه الآداب ماهو أكرم للإنسان الصائد وأرحم بالحيوان المصيد.

غير ان العرب لم يقتصروا على ما ورثوه عن آبائهم , وما أخذوه عن نبيهم من آداب الصيد , وإنما نظروا الى تقاليد الصيد وآدابه عند الأمم الأخرى – وبخاصة الفرس – وضموه الى ما عندهم , فكان لهم من ثمرة ذلك طائفة من الآداب : بعضها جاهلي , وبعضها إسلامي وبعضها فارسي.

وكان من أقدم هذه الآداب للكف عن صيد الحيوانات التي تلجأ إليهم بسبب شدة الجوع أو شدة العطش أو قسوة البرد , فكأنها عاذت بهم , وليس من المروءة ان ينال عائذ بسوء , فكثيرا ماكانت تتراكم السحب وتجري الاودية ويتتابع السيل , وتثلج الصحراء حتى يعم ذلك معاقل الاروى (وهي أنثى الوعل ومفردها أروية) ومرابض المها , ومفاحص القطا , ومسالك الطير في الهواء . فتلجأ الحيوانات الى العمارة ويغدو في امكان الناس ان يأخذوها قبضا وكم من أناس أمكنهم أخذ الحيوانات على هذه الحال فآثروا تركها وقالوا:انما لجأت الينا وعاذت بجوارنا فنؤمنها ولا نروعها ولا نجور عليها.وقد ظل هذا الأدب من آداب الصيد مراعى إلى ما بعد الإسلام يأخذ الناس أنفسهم به ويجدون في المحافظة عليه محمدة ومأثرة.

يقال ان رجلا من بني عبدالله بن كلاب يقال له همام وقد بات بأرض خلاء ليس معه أحد فأوقد نارا وكان قد صاد صيدا فلما رأى الذئب النار أتاها , فلما قرب منه وهو جائع أخذ يأكل مايرميه همام من العظام وهو لايراه فلما تبينه رمى إليه بقية صيده ولم يرعه وأنشأ يقول :

يارب ذئب باسل مقدام منجرد في الليل والإظلام

عاود أكل الشاء والأنعام قد ضافني في الليل ذي التمام

في ليلـة دانية الارزام يقرش ما ألقي من العــظام

فبات في أمني وفي ذمامي مستدفئا من لهب الضــرام

آثرته بالقسم من طعامي ولا يخف نبلي ولا ســهامي

ولو أتى غيري من الأقوام من اللئام لا من الكــــرام

إذن للاقى عاجل الحمام

استضافة الذئب كثيرة في الشعر العربي تحدث عنها النجاشي الحارث , والفرزدق.

ومن آداب الصيد الكريمة عند العرب ان يكون سبيله الطراد والمنازلة والظفر بعد الطلب والجهد , لذا يعاف عند الصائدين المتأدبين بآداب الصيد فعل (( من عجز عن رمي الطير بسهامه وقصرت حيلته عن اصطيادها بشبكه فألقى في ملاقطها ومراعيها سماما مخدرة مهوسة حتى إذا تناولتها جرت فيها مجرى الدم وقطعتها عن الحراك , وطال بذلك تعذيبها فيضطرب ذو الجناح الاضطراب الشديد , وينقلب ذو القوائم فتندق قوائمه وتترضض أعظمه فيكون قد قتل بذلك قتلا)) ومثله الذي يسد على الوحش مذاهبها إلى المشارب فيجهدها العطش حتى تتخاذل أعضاؤها وتهن قواها وتسقط على الأرض من شدة الإعياء , ثم تؤخذ وهي على هذه الحال.

ومن آداب الصيد تهادي لحمه وبذله للطاعمين وجمع الصحاب والأتراب على قديره أو شوائه وقد كان الصائدون يفخرون بذلك فامرؤ القيس وأبو النجم العجلي والشمردل اليربوعي ذكروا هذا المعنى في شعرهم وافتخروا به . وكان الأشراف يتهادون القطيعة اليسيرة من لحم الصيد لاقيمة لها , ويجدون بذلك متعة ومسرة.

ومن آداب الصيد التي التزمها العرب في الجاهلية وظلوا يلتزمون بها بعد الإسلام التغليس في التماس الطرائد لانها تكون وقت الغلس قد هدأت وربضت للنوم فتستثار وفي عيونها سنة الكرى فلا تقوى على المقاومة .

ومن آداب الصيد ان تختار له الأيام الغائمة التي لا مطر فيها , وذلك ان الطرائد اشغل ما تكون في هذا اليوم بطلب المرعى والمداومة عليه , وفي اشتغال الطريدة فرصة للصياد والضواري ¸وقد كانت الملوك تقسم أيامها فتجعل يوم الغيم للصيد.

ومن آداب الصيد التي جاء بها الإسلام وأخذ المسلمون أنفسهم بها عدم تعذيب الطريدة والإحسان إليها فقد جاء في الصحيحين ان رسول اله صلى الله عليه وسلم قال: ((ان الله كتب على نفسه الإحسان في كل شيء فاذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) . ومن هنا حض علماء الصيد القانصين على ان يتخذوا سكينين حادتين للذبح وثالثة للسلخ وقالوا في تعليل ذلك انه ربما انكسرت إحدى السكينين قبل إتمام الذكاة فتألم الطريدة وتصير الذبيحة ميتة.

كما حضوا على استخدام القوس الجيدة والسهام النافذة والفرس الخفيف السريع.

ومن آداب الصيد التي تظهر فيها روح الاسلام ألا يركب الصائد فرسه الا على طهارة , وان يوقر من هو أكبر منه سنا أو أعلى مرتبة , وذلك بألا يطرد صيدا عرض له كبير , أو ركض خلفه , وألا يزاحمه الا اذا أذن له بذلك , واذا رمى صائد آخر غيره طريدة بسهم فلا يرمي معه الا اذا فات سهمه وأخطأ هدفه. وعلى الصائد ان يجنب دوس الزرع واتلافه.

ومن آداب الصيد أيضا أن يتناول القانص قبل ركوبه الى الصيد ما يصلح له من طعام خفيف وشراب مباح وألا يملأ معدته ليكون أخف حركة وأقدر على الصيد وأنشط له , وأن يسصحب معه الملح والاشنان والخلال والسفود لشي اللحم.

ومن آداب الصيد ان يتخذ الصائد جوادا خفيفا سريعا ليتمكن من اللحاق بالطرائد , وان يتقلد سيفا ماضيا حتى اذا رمى الطريدة وأخطأها فربما رجعت اليه بسرعة وأعجلته عن أن يفوق اليها سهما جديدا فيبادرها عند ذلك بضربة من دبوسه واذا اخطأها ضربها بسيفه.

ومن آداب صيد طير الماء وتقاليده ان يستصحب البيازرة معهم الطبول حتى اذا ما وقعوا على أسراب الطير أحاطوا بها من كل جانب وتقدم حملة البزاة وتأخر عنهم حملة الشواهين الكوهية ثم تدق الطبول لاثارة طيور الماء فاذا هبت للطيران ارسلت عليها البزاة فتصيد منها مانصيد وتخطىء منها ماتخطىء وعند ذلك يتقدم حملة الشواهين ويطلقونها على ما أخطأته البزاة فتلحق به وتصيده لان الشواهين الكوهية اسرع طيرانا وابعد مدى .

فاذا صادت البزاة والشواهين ما يجب ان تصيده اطعمت واشبعت وأتوا بغيرها حتى اذا انتهى الصيد واشبعت الجوارح كلها وردوا بها الماء لتشرب وتستحم.

وهناك آداب خاصة تتعلق بمعاملة بعض الطيور سأذكرها لكم لاحقا عند الحديث عن الجوارح والضواري

ياسر حمدان المقبلي
09-14-2006, 08:02 PM
ابوسطام
تسلم يمناك على المعلومات
يعطيك العافية
ننتظر جديدك

أبو ضحى
09-14-2006, 10:01 PM
أشكرك على ماقدمت من معلومات قيمة ومفيدة.

محمود الجذلي
09-18-2006, 09:33 AM
ابو سطـــــــــــــــام ,

سلمت يمينك , والله يعطيك العافية على هذا لالطرح ,

نواف النجيدي
09-18-2006, 01:38 PM
أبوسطام تسلم اخوي الغالي

سلمان العرادي
09-20-2006, 02:18 AM
شكراً لك أبو سطام على هذا الطرح الموفق ..