المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبراء: تقنية المعلومات في المملكة بدأت في السبعينيات وأهملت في الثمانينيات والتسعينيا



عواد سلامه الرموثي
11-13-2006, 03:44 PM
خبراء: تقنية المعلومات في المملكة بدأت في السبعينيات وأهملت في الثمانينيات والتسعينيات
http://www.aleqt.com/nwspic/51208.jpg


- عبدالعزيز المبحل - 22/10/1427هـ
تقدمت المملكة دول المنطقة بإدخال صناعة تقنية المعلومات أوائل السبعينيات من خلال العقود الحكومية التي أبرمت مع عدد من الدول المتقدمة. ولكنها أهملت في حقبة الثمانينيات والتسعينيات، حتى تجاوزتنا دول مجاورة لم تكن تعرف هذه التقنية وقت دخولها إلينا، وشملت هذه التقنية مناحي الاقتصاد، في كل شركة ومصنع ومجال استثماري تجدها بل وصلت إلى أكثر من 10 في المائة من إجمالي الدخل القومي لبعض الدول المتقدمة وحتى الآن لم نعطها القدر الكافي من الأهمية وتأخرها يعوق ويبطئ نمو الاقتصاد بشكل عام.. إلى الندوة:

السعودية سبقت دولا كثيرة في المنطقة في إدخال تقنية المعلومات، والآن نحن متأخرون عنها، ما الأسباب؟
الدباغ: السعودية سبقت دولا كثيرة في تقنية المعلومات وللأسف مازلنا إلى الآن في مراحلنا الأولية، ولكن أعتقد أنها في القطاع الخاص أفضل بقليل، وإن شاء الله المستقبل أفضل، فمازال أمامنا الكثير الذي يجب علينا عمله في هذا المجال، هناك واجب على القطاع الخاص في أن تتحد شركاته فيما بينها انطلاقا من المسؤولية الاجتماعية، كما يجب على الدولة أن تسهل وتقوي البنية التحتية لقطاع تقنية المعلومات.
أسباب التأخر، ما هي؟
الدباغ: أولا يجب أن تكون هناك قوانين كاملة ومتطورة تساعد على إنشاء صناعة معلوماتية، فهناك قوانين تحتاج إلى إضافة وتطوير وهناك بعض القيود تعوق هذه الصناعة، ويجب أن يكون هناك تسهيل في القيود المفروضة على بعض القوانين، ثم أن عملية الدعم المالي مهمة جدا، ولا يوجد ما هو بارز أو واضح في موضوع الصناديق الخاصة بدعم صناعة تقنية الاتصالات إلى الآن، ربما هذه أهم الأسباب، وطبعا فتح السوق للكل، فتح سوق الاتصالات في السنة الأخيرة، خطوة جيدة ومن المفترض أن يكون هناك فتح أكبر للأسواق.
هل عدم فتح السوق يعتبر معوقا مهما في تأخرنا عن العالم المحيط بنا في تقنية المعلومات؟
الدباغ: لا أشك في أن فتح السوق يؤدي إلى المنافسة، والمنافسة تؤدي إلى تطور الكل.
الفارس: أعتقد أن من الأسباب الأساسية لتـأخر صناعة المعلومات لدينا، يكمن في تعريف الوزارة المعنية حيث أن صناعات أخرى وصلت درجات متقدمة بفضل الدعم المادي بقنواته المختلفة، لذا من الضروري أن يجد قطاع التقنية مثل هذا الدعم، والأمر الآخر أننا إلى الآن لا توجد لدينا كيانات كبيرة في تقنية المعلومات تخدم في هذا القطاع الحيوي والمهم، ودليل ذلك أنه ليس لدينا شركة واحدة لتقنية المعلومات مسجلة في سوق الأسهم السعودية، وفي نظري أن القطاع الخاص والقطاع العام إلى الآن لم يدركا بشكل كاف أهمية دور تقنية المعلومات، ولم نشعر به بعد كمنتج سواء للقطاع الخاص مبيعات أو ربحا، أو للقطاع الحكومي أيضا.
وآمل التقارب بين القطاعين الخاص والعام ومازالت هناك غمامة بينهما، والبيئة مهيأة للنجاح.
كيف تكون البيئة مهيأة للنجاح ونحن متأخرون؟
الفارس: لأن صاحب العمل أو صاحب الملك في المنشأة هذه، لا يرى أن لتقنية المعلومات دورا مهما، تؤديه كما تؤديه غيرها، أي أنه ليس بالضرورة أنني أرى فائدة لها، ولم يربطها التاجر الصغير ولا يربطها بهذا الربط، أعتقد أننا متجهون إلى بيئة القوانين، و لم نصل بعد إلى مرحلة النضج والوعي بأهميتها.
القوانين الحالية ألا تفي بتقدم قطاع الاتصالات؟
الفارس: هناك بطء شديد، أنظر إلى قطاع الاتصالات، أعتقد أننا قطعنا مرحلة كبيرة في هذا القطاع، أما قطاع تقنية المعلومات فما زلنا نخطو خطوة أبطأ بكثير من قطاع الاتصالات، أعتقد أن القوانين الموجودة عندنا من القوانين المميزة، نحن لا نتحدث عما مضى، نتكلم عن المرحلة الآنية والتي أصبحت شفافة، الاتصالات وتقنية المعلومات في المرحلة المقبلة يتقاربان مع بعضهما، ونحن إن شاء الله نحن متجهون إليها، لكن تقنية المعلومات مازالت أبطأ من غيرها، انظر إلى الكيانات الكبيرة مثل "أرامكو"، تجدها متقدمة في البتروكيماويات، ولا تنس "سابك"، وصناعة المصارف تبني بنياتها في صناعة التقنية بشكل جيد، نسبيا، مقارنة بالمنطقة العربية ككل نحن متقدمون جدا، ومن الإجحاف أن نقول إن المملكة غير متقدمة في الاتصالات والواقع أننا نقود هذا المجال.
لماذا تتأثر الصناعة المصرفية أو غيرها من الصناعات بالتأخر العام لقطاع الاتصالات؟
الفارس: في وقت ما هي جيدة، لكن الآن أعتقد أن الاتصالات قلت، ولأعطيك مثالا بسيطا، فعندما تذهب لتشتري شيئا ما الساعة الحادية عشرة ليلا، نقاط البيع في الغالب تضيع حقك لأن الشبكة لا تعمل، وآخر الشهر الشبكة شبه متوقفة بسبب الضغط وهذه النقاط وسيلة للصناعة المصرفية التي تستخدم الاتصالات.
العبد الجبار: أولا أحب أن أؤكد نقطة، هل نحن فعلا متأخرون في تقنية المعلومات أم لا؟ وهل كنا بالفعل متقدمين على غيرنا؟ بالمقارنة النسبية بين وضعنا في السبعينيات بيننا وبين الدول المحيطة، ومقارنتها بوضعنا الحالي، أعتقد أن هناك بونا شاسعا جدا، إذا أخذنا وضع تقنية المعلومات في السعودية في السبعينيات وبين وضعنا اليوم مقارنة بالمنطقة تجد أنه هناك فرقا كبيرا بيننا وبين غيرنا، والوضع للأسف ليس في صالحنا، ولكن في السنوات الأربع الأخيرة بدأنا نتحرك كي نلحق بمن تأخرنا عنهم.
والآن في تقديري الشخصي أن الأسباب لذلك الوضع ترجع لسببين رئيسين:
أولا: أداء الجهاز الحكومي في السبعينيات وإنفاقه على التقنية واستغلالها كان أعلى مفارقة بالإنفاق العالمي عليها. وعلى الرغم من أن نسبة الدخل في البلاد بقيت على ما هي عليه فيما بعد.
وفي الثمانينيات والتسعينيات قل الإنفاق الحكومي كما هو الحال في المجالات الأخرى.
وقد حدث في كثير من مناطق العالم، أن تقنية المعلومات والاتصالات بدأت بجهود حكومية رسمية، ومع الوقت، انتقلت إلى القطاع الخاص وتولى القطاع الخاص إدارتها، وتوقف الإنفاق الحكومي عليها، وبما أنه لم يكن هناك أي جهد منظم مبذول كي يأخذ القطاع الخاص المبادرة ويستمر في تعزيز استخدام وسائل تقنية المعلومات، وفي تقديري الشخصي هذان السببان الرئيسيان لتأخرنا في تقنية المعلومات.
ما السبب في أننا دعمنا تقنية المعلومات في السبعينيات وعرفنا أهميتها، ولم نعرف ذلك في الثمانينيات والتسعينيات؟
العبد الجبار: الوعي بأهمية تقنية المعلومات كان موجودا، لكن الذي تغير، الأدوات التي تمكن من الاستفادة منه، في السبعينيات كان لدى الدولة قدرة مالية وأنفقت عليها، وفي الثمانينيات والتسعينيات لا الدولة أنفقت ولا حاولت تدعيم دور القطاع الخاص وتشجيعه لكي يتولى إدارة تقنية المعلومات، فلم يعد لدينا استثمار في تقنية المعلومات، وبالتالي لم يحدث نمو فيها، عكس الأخرين، فتجد مثلا في مصر والأردن، مبادرات قادتها الدولة تقوم على تطوير صناعة المعلومات في القطاع الخاص، وهذا القطاع هو الذي قام بالدور والمبادرة المطلوبة أكثر.
الجبر: أود أن أحدد مسألة أن السعودية سبقت غيرها في المنطقة في تقنية المعلومات، فلو حددناها في فترة زمنية معينة ولنقل فترة السبعينيات، كانت هذه الفترة التي سبقت فيها السعودية بعض دول الجوار في إدخال الحاسب الآلي. أتصور أنها سبقت بعض دول المنطقة في إدخال الحاسب الآلي، وأتوقع أن السعودية لم تسبق هذه الدولة في ذلك الوقت لقناعتها بأهمية الحاسب الآلي، ولم تسبق الدولة في إدخال الحاسب الآلي لقناعة المجتمع وثقافته في ذلك الوقت بأهمية الحاسب الآلي ودوره في تحفيز الاقتصاد. كان السبب الرئيسي في ذلك الوقت لإدخال الحاسب الآلي، يرجع إلى أن البلد كان في طور بعد تنموي جديد بالنسبة له، فكانت الخطوة المباركة والموفقة في ذلك الوقت، ترتيب اتفاقيات تعاون فني بين حكومة المملكة وحكومات الدول الصديقة، والاتفاقيات هذه هي التي اهتمت بالحاسب الآلي. لم نأت به لقناعتنا أو لمعرفتنا السابقة به، إنما جاءت نتيجة اتفاقيات كانت مع أمريكا، اليابان، كوريا الجنوبية، وألمانيا، ولو رجعنا إلى التاريخ فسنجد أن كل جهة حكومية كانت لديها اتفاقية تعاون فني مع هذه الدول، وكانت الدول الصديقة هذه في اتفاقياتها قد أدخلت موضوع الحاسب الآلي معها. وأستطيع أن أضرب أمثلة لثلاث أو أربع جهات حكومية، ونرى كيف أن هذه الاتفاقيات ساعدتها على إدخال الحاسب الآلي، لو ترك الموضوع لنا لما رأينا الحاسب الآلي، ربما إلى منتصف الثمانينيات أو أوائل التسعينيات، لأنه كان جديدا علينا، وما كنا ندرك في ذلك الوقت أهمية استخدام الحاسب الآلي في البلد. وفي الثمانينيات والتسعينيات مع الأسف اتفاقيات التعاون الفني إما توقفت نهائيا أو انخفضت ميزانياتها، أو تم خفض دور تلك الدول في هذه الاتفاقيات، وجميعنا نذكر أنه في السبعينيات وبداية الثمانينيات كيف كان للجهات العلمية الأجنبية حضور كبير ودور في إيجاد هذه البيئة في تلك الأيام، لكن الثمانينيات والتسعينيات لم تشهد الزخم نفسه الذي كان في نهاية السبعينيات وهذا في رأيي أحد الأسباب الرئسية لتراجع استخدام المملكة للحاسب الآلي. وكنا سابقين لبعض الدول، ولكن مع مرور الوقت أدركت دول الجوار أهمية هذه البرامج للتعاون الفني، ولو لا حظنا أن أكثر دول الجوار تقدمت في ذلك، هما مصر والأردن وتعود الأسباب لاتفاقيات التعاون الفني بالذات مع الولايات المتحدة ومع الدول الأوروبية، أما الاتحاد الأوروبي أو بعض الدول الرئيسة. دول الخليج كانت نظرتها مختلفة نوعا ما، وساعد صغر حجم دول الخليج وسهولة اتخاذ القرار منها وتبعات هذا القرار على أن تسبق المملكة في موضوع الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، صغر حجم الدول، ووجود آلية اتخاذ القرار في شخص واحد أو شخصين تجعل عملية اتخاذ القرار تتم في فترة وجيزة وسريعة ما يساعد على أن تستخدم تقنيات المعلومات بشكل أسرع.
لو أخذنا عنصر صغر الحجم كعامل مساعد على اتخاذ القرار، فكيف نقارن ذلك بالهند وهي متقدمة كثيرا في مجال تقنية المعلومات؟
الجبر: اختلف معك في هذا، لأن الثقافة مختلفة، لا نستطيع أن نقارن أنفسنا بدولة لها مئات السنين وتطورت قبل دول الخليج التي لم تعرف التطور أو التنمية إلا بداية السبعينيات بعد استقلالها عن الانتداب البريطاني، والثقافة نفسها مختلفة، ثقافة البلد التي تعودت على التبادل التجاري فقط، ولم تتعود على التقنيات والاستخدام. ليس بالذات تقنية المعلومات ولكن حتى التقنيات الأخرى في الصناعة، الزراعة، كما في دول أخرى، فهذه أتوقع الأسباب الرئيسية.
وكأسباب ثانوية أخرى، نجد أن نظرة المجتمع لتقنية المعلومات ليست مناسبة وليست مماثلة لنظرة كل الدول المتقدمة في الحاسب الآلي وتقنية المعلومات، وقلة دعم الجهات الحكومية لتقنية المعلومات. هذا الدعم قد يأخذ دور الريادة واتخاذ القرار وقد يأخذ دور المحفز، ولو بنظرة بسيطة للمقارنة بين المملكة وسنغافورة مثلا. كانت هذه الدولة في الستينيات والسبعينيات جزيرة صغيرة وكانت تقنية المعلومات فيها تكاد تكون معدومة، ولكن سنغافورة نظرت إلى الموضوع من بعد استراتيجي و أصبحت في الثمانينيات وليس التسعينيات من الدول الرائدة في العالم في صناعة تقنيات المعلومات بصفة عامة.

يتبع

عواد سلامه الرموثي
11-13-2006, 03:45 PM
الشيء الآخر أننا لم ننظر إلى موضوع تقنية المعلومات مثل نظرتنا إلى صناعة البتروكيماويات والنفط، هذه القطاعات التي أوليناها جل اهتمامنا ووصلنا فيها إلى مراحل متقدمة، أما فيما يتعلق بالقطاع المصرفي، فكانت نظرة المملكة فيها بعد نظر عندما قررت الحكومة أن تكون البنوك السعودية مملوكة لبنوك أجنبية بنسبة 40 في المائة لنقل خبراتها، فلماذا لم نطبق
الاستراتيجية نفسها على قطاع تقنية المعلومات، ولماذا لم ننقل هذه الصناعة ونستيد منها بالشكل المطلوب، ولماذا لم نسمح فيها بملكية أجنبية 100 في المائة؟ ولو أن هذه القرارات قد اتخذت لكان وضعنا في تقنية المعلومات يختلف تماما عن وضعنا الحالي.
الدبيخي: الحقيقة أن تقنية المعلومات، هي عبارة عن منظومة متكاملة من الأجهزة والبرامج، وأنظمة التشغيل والتطبيقات، والتدريب والصيانة، ولو أردنا أن نحصر الأسباب فبوسعي أن أحصرها في أربعة أسباب، أولها أن تقنية المعلومات جاءت بفلسفة جديدة في قضية الصرف، فصارت أجهزة والبرامج تستهلك بسرعة وتختلف عما تعود عليه نظام الشراء الحكومي، فصارت شيئا جديدا عليهم وبالتالي أتوقع أنه حدث انحسار في الإنفاق الحكومي في الثمانينيات والتسعينيات على هذا المجال أدى إلى هبوط حاد جدا في مسيرة تقنية المعلومات في البلد.
الأمر الثاني أن القطاع الخاص لم يواكب القطاع الحكومي في هذا الشيء، فيما عدا القطاع المصرفي، وهو القطاع الوحيد تقريبا الذي واكب التطور في استخدام تقنية المعلومات، وطبعا أستثني "أرامكو" لأنها شركة ضخمة.
والشيء الثالث والمهم أنه في تقنية المعلومات لم يتم الاعتماد على الكوادر الوطنية، وبقي الشباب السعودي بعيدا عن هذه الصناعة بعدا كبيرا، وصارت معظم شركات تقنية المعلومات بل 100 في المائة كوادرها غير سعودية، وهذا أدى إلى أن كثيرا من هذه الكوادر، غادرت البلاد وغيرت بكوادر أخرى، فلم تنتقل التقنية بالشكل الذي كنا نتوقعه أو نتوق إليه.
السبب الرابع تأخر دخول الإنترنت وارتفاع أسعاره في البداية، لأنه لو دخلت الإنترنت في ذلك الوقت لساعد وأسرع في انتشار الحاسب الآلي، لارتباطها الكبير بالحاسب وتأخير أي منها يؤثر في الآخر، وبالتالي أدى تأخر دخول الإنترنت إلى تأخر إدخال واستيعاب تقنيات المعلومات.
لماذا نحصر قطاع تقنية المعلومات في الحاسب الآلي، وصناعة المعلومات أكبر منه؟
الدبيخي: نحن لم نحصرها في الحاسب الآلي، لكن في بداية الأمر ونحن هنا نتحدث عن السبعينيات والثمانينيات كانت الأداة الرئيسة لتقنية المعلومات الحاسب الآلي، فإذا فقد الحاسب الآلي تتبعه الأشياء الأخرى، فأنت تأتي بأجهزة الحاسب الآلي، ثم تضطر إلى نظام التشغيل، ثم البرامج التطبيقية المحاسبية وخلافها، ثم بالتالي تحتاج إلى وسيلة اتصال كما تربط مجموع من الفروع، ثم تحتاج إلى نقطة بيع، ثم تحتاج إلى نظام مستودعات، وهكذا، فتبدأ بالحاسب الآلي كمحور تتمركز عليه تقنية المعلومات، ربما اليوم ليس بالضرورة كما كان في السابق، لكن بدون شك في السبعينيات والثمانينيات الحاسب هو المحور الذي ترتكز عليه تقنية المعلومات.
جزار: طبعا من الصعب بعد هذه الباقة المميزة من المعلومات والطروحات أن أطّلع بأفكار جديدة، ولكن أعتقد أنها أسباب تأخذ البعد النسبي وأود أن أستخدم النسبية هنا، والأسباب الرئيسية في تقديري هي: التعليم، التمويل، النظرة التنافسية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفي التعليم قبل نحو 15 إلى 20 سنة كان هناك قصور كبير ليس في استخدام الحاسب الآلي فقط، ولكن في النظرة الإبداعية لاستخدام الحاسب الآلي في التفاعلات الاقتصادية والثقافية والإنسانية المختلفة، وأعتقد أن قصورنا في إدخال الإبداع والنظرة الإبداعية لاستخدامات الحاسب الآلي في مدارسنا كان له دور كبير وندفع ثمنه الآن، واليوم وضعنا قد اختلف بعض الشيء وبدأ الموقف يتحسن وبدأنا نشاهد جامعاتنا ومدارسنا بدأت تستخدم الحاسب الآلي.

هل الأهم عندنا هو استخدام الحاسب الآلي أو وضع آلية لتدريسه ؟
جزار: لا، الاستخدام، واستخدام التدريب والتعليم، الهدف ليس فقط استخدام الحاسب الآلي، الهدف تنمية النظرة الإبداعية للحاسب الآلي وللطالب في استخداماته.
شيء آخر وهو موضوع التمويل، وأعتقد أن إخواني المتحدثين تناولوا هذه النقطة وأنا أتفق معهم تماما، تقنية المعلومات سواء الصناعات المعرفية بصفة عامة أو غيرها، لم تحظ بالقدر الكافي من التمويل والمساندة، فلنفترض مثلا ونتساءل هل كان يمكن للصناعات البتروكيماوية في المملكة أن تحقق ما حققته الآن من دون صندوق التنمية الصناعي؟ ما كانت لتقوم من دونه، فأعتقد أن اهتمام الدولة بتمويل الصناعة المعرفية لم يكن بالقدر الكافي وأنتهز هذه الفرصة، لأتوسل لوزير المالية بأن ينظر نظرة واقعية ومشجعة، وأنا على يقين أنه على معرفة تامة بأهمية الصناعات المعرفية، ولكن ما أتمناه أن تنطلق صناديق متعددة ومختلفة لمساندة الصناعات المعرفية في البلد.
النقطة الأخيرة، وأعتقد أن القطاع الخاص مسؤول عنها، وهي النظرة التنافسية للقطاع الخاص وقدرته على استخدام الحاسب الآلي لتحقيق ميزة تنافسية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالذات، وأعتقد أنها نتيجة للتعليم لأننا لو اهتممنا بالنظرة الإبداعية للتعليم في السنوات السابقة لكان لدينا اليوم إخوان يعملون في المنشآت الصغيرة والمتوسطة لديهم نظرة إبداعية يستطيعون من خلالها استخدام الحاسب الآلي وقدراته لتحقيق القدرة التنافسية لهذه المنشآت.
وأعتقد أن التحفيز يتمثل أساسا في التمويل، تمويل الصناعات المعرفية مسألة مهمة جدا، والشركات المعرفية ليس لديها الأصول التي تسمح لها أن تذهب إلى البنك وتحصل على القروض للتمويل، وبالتالي العنصر الأساسي في الصناعات المعرفية هو الفكرة المميزة أو التقنية المميزة والبنك مع الأسف لا يستطيع أن يصرف هذا ويعتمده كأصول حقيقية، وبالتالي فإن أسلوب التمويل الرأسمالي الجريء أسلوب لم نخترعه.
ما مدى دقة القول بأن كيانات المعلومات، منشآت هلامية؟ وما أدوات التحفيز لصناعة تقنية المعلومات بشكل عام؟
جزار: نقطة سليمة تماما، الصناعات المعرفية تعتمد على الفكرة المميزة، والفكرة المميزة هي أهم عنصر في الصناعات المعرفية وبالتالي فإن الأسلوب البنكي لتمويل هذه الصناعات أسلوب لا يتناسب مع الواقع، لدينا وفي العالم كله، شركة مايكروسوفت لم تنشأ من بنك بيل جيتس، وإنما نشأت عن طريق تمويل أسلوب ومنهجية رأس المال الجريء الذي يأخذ ويشارك في تمويل هذه الصناعة وتنميتها، هذا التمويل غير موجود في المملكة، حتى يومنا هذا بالقدر المطلوب، وأعتقد أن التمويل أهم أدوات التحفيز.
الدبيخي: لدي أربع نقاط كأدوات تحفيز، التمويل كما ذكر الدكتور جزار، واعتماد آلية للتمويل، والبعد عن الأسلوب البنكي التقليدي للتمويل، وفي العالم كله وجدت آليات للتمويل من خلال رأس المال الجريء أو غيرها، والشيء الآخر، أنه لا بد أن يكون لدينا مشروع شامل للتأهيل والتدريب؛ لأن الكوادر السعودية الفنية ضعيفة ضعفا شديدا وآمل أن يكون لدينا مدربون نعتمد عليهم, لأن هذه الصناعة لا يمكن أن تقوم إلا من خلال وجود كوادر فنية قادرة، إذا اعتمدنا كما الواقع حاليا، شركة تقنية المعلومات تعتمد بالدرجة الأولى على غير السعوديين، ومن الصعب أن نعتمد عليها في توطين تقنية المعلومات والمعرفة، لعدم استقرارها وإمكانية مغادرة أي كادر من كوادرها في أي وقت عائدا لبلده، أي أنك تقوم بتدريب عدد من الناس ثم يختفون فجأة, وبالتالي فهي عملية لن تحقق الثمار التي نتطلع إليها. والعنصر الثالث من خلال نقل التقنية لدينا, مثلا تجربة الإلكترونيات المتقدمة، وتجربة السلام، وهذه تجارب حقيقية جيدة ومميزة، ويمكن أن نكرر مثل هذه التجارب في مجال تقنية المعلومات ونقوم بعمل نقل التقنية بشكل جيد ونراهن عليه، لأن المشاريع الكبيرة تكون دائما فيها اتفاقية نقوم من خلالها بعملية نقل التقنية.
ولا ننسى موضوع المواصفات والمقاييس لصناعة تقنية المعلومات، وهي في الحقيقة مغيبة تغييبا كبيرا، فلا بد أن توحد وما زال أصحاب مشاريع تقنية المعلومات يواجهون مشكلات كبيرة جدا في المواصفات والمقاييس الخاص بالبرامج المستخدمة، إذا ذهبت إلى السوق حاليا فستجد في نقاط البيع مثلا عشرات الأنواع منها ، ولهذا فلا بد من إيجاد آلية لتوحيد المواصفات والمقاييس حتى تقوم هذه الصناعة بشكل جيد، ولدينا أمثلة جيدة مثل الأدوات الكهربائية التي نجحت كثيرا في السعودية، لأن للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس دورا كبيرا جدا في توحيد المواصفات بين الشركات ما أدى إلى نجاح مثل هذه الصناعات، وصناعة تقنية المعلومات تحتاج كما هي الحال في الصناعات الأخرى إلى توحيد المواصفات والمقاييس الخاصة بها.
الجبر: شخصيا إذا تكلمنا عن أدوات التحفيز، أتصور أنه لا توجد أي أدوات تحفيز في المملكة لتحفيز قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، أدوات التحفيز كثيرة ولكن أود تقسيمها إلى أدوات قصيرة المدى، وأدوات طويلة المدى، بالنسبة للأدوات طويلة المدى فأتصور أنها ترتبط بالتعليم، ولكن نحتاج إلى أهداف قصيرة المدى حتى نستفيد من تقنية المعلومات والاتصالات.
في إحدى اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، هناك اتفاقية لتقنية المعلومات، وفي عام 1996 اجتمعت 45 دولة ووقعت على هذه الاتفاقية في إطار المنظمة، هذه الـ 45 دولة تستحوذ على أكثر من 90 في المائة من تجارة تقنية المعلومات في العالم.
هل نحن ضمن الـ 45 دولة؟
الجبر: لسنا من ضمنها للأسف، ولا توجد أي دولة عربية في هذه الاتفاقية، وهي في الغالب من الدول المصدرة لتقنية المعلومات بشكل عام، وتتناول هذه الاتفاقية بشكل أساسي الصناعة وليس الخدمات، وهذه الدول في أغلبها دول صناعية مصدرة لمنتجات تقنية المعلومات، والهدف الرئيسي من الاتفاقية يقضي بإلغاء الرسوم الجمركية على أي منتجات لتقنية المعلومات، وهذه تضم نحو 1300 منتج ما بين الألياف البصرية، أجهزة الحاسب، آلات التصوير، وأجهزة الفاكس، وأي جهاز يندرج تحتها حسب المنظمة العالمية للسلع، والدولة العربية الأولى وما زالت الوحيدة التي استفادت من هذه الفكرة هي اليمن، قبل خمس سنوات ألغت جميع الرسوم الجمركية على منتجات تقنية المعلومات وبالذات الحاسب الآلي، وبهذا الإلغاء خلال سنة أو سنتين ستجد سوق منتجات تقنية المعلومات تنمو بنسبة بين 30 في المائة و40 في المائة بسبب انخفاض الرسوم الجمركية.
وليت الدولة أخذت هذه الفكرة وطبقتها منذ عشر سنوات، ومعلوم أن الرسوم الجمركية هي دائما عامل حساس، فإذا أرادت الدولة أن تعزز مفهوما معنيا، أو تزيد في انتشار سلعة معينة، فإن تخفيض الرسوم الجمركية على هذه السلعة أحد العوامل المهمة لانتشار هذه السلعة، أو تعزيز المفهوم الذي نريده.
ونعود إلى موضوع التحفيز، فأقول إن نظرة الجهاز المسؤول عن قطاع تقنية المعلومات ما زالت مع الأسف نظرة غير شمولية، حيث انعكست هذه النظرة في عدم اتخاذ قرارات عاجلة، وجميع هذه الأدوات التحفيزية عن خطط طويلة المدى وعن آليات تتسم بالبطء الشديد في اتخاذ قرار بشأنها، فما زالت نظرة الجهات المسؤولة عن تقنية المعلومات، تتسم بالبطء الشديد مقارنة بأي دولة أخرى لو أجرينا أي مقارنة بدولة سبقتنا في هذا المجال.
وهذه الجهات ليست الجهات المسؤولة عن تقنية المعلومات والاتصالات فحسب، بل حتى الجهات الممولة لا تنظر إلى مسألة تقنية المعلومات كقطاع يستحق التمويل، أو ينظر إليه بأنه قطاع محفز فيفترض أن تكون الدولة آخذة في الاعتبار النظام المطبق لصندوق التنمية الصناعي، آمل أن تصدر الدولة نظاما آخر لصندوق التنمية الصناعي لحساب تقنية المعلومات بشروط تصل 10 في المائة من الشروط المفروضة على التنمية الصناعي لأننا في هذه المرحلة نحتاج إلى تنمية هذا القطاع، فالنظرة قاصرة مع الأسف عند بعض الجهات المسؤولة عن تنمية هذه القطاعات، مثل وزارة المالية بأجهزتها وصناديقها التمويلية وبنك التسليف.
هل وزارة المالية مسؤولة عن التمويل بقدر ما هي مسؤولة عن النواحي المصرفية والجهات المصرفية؟
الجبر: نعم، أرى أن مسؤولية وزارة المالية كبيرة جدا، لأن الجهات المصرفية مع الأسف في مثل هذه الحالات ضعيفة جدا في المملكة، وهذا أحد العيوب لقطاعنا المصرفي، ولكن باعتبار أنهم ينظرون إلى الموضوع بشكل تجاري بحت، فشخصيا لا أنتظر من القطاع المصرفي شيئا في هذا الخصوص، في جميع دول العالم وبالذات المشابهة لنا، لا بد للحكومة والدولة أن تكون الراعي الأساسي لتمويل قطاع تقنية الاتصالات، ولا بد أن تخرج هي آليات هذا التمويل.
العبد الجبار: صناعة تقنية المعلومات والاتصالات مكون أساسي اقتصادي في كثير من البلدان، وتحفيزها يعني إيجاد صناعة وطنية تسهم في توطين الصناعة بشكل عام وبالتالي تسهم في تعزيز الناتج القومي.
كيف نحفز هذه الصناعة ؟
هناك عوامل كثيرة للتحفيز بعضها أكثر أولوية, من ضمنها التمويل والتعريف.
أعتقد أن من الأمور المهمة والحساسة, عملية التشريعات والنظم التي تحفز الصناعة والاستثمار فيها بشكل عام حيث لا يوجد تنظيم لتقنية المعلومات, أمثلة بسيطة أذكرها, اليوم المقاولون لهم تصنيف, لكي تحصل على مقاول ملائم للمشروع الذي تنفذه تستطيع أن تصل إلى مقاول محدد وفق التصنيف المحدد لذلك, وللأسف الشديد أن تقنية المعلومات أخذت سلبيات هذا النظام, نفس الصناعة التي اتخذت سلبية هذا النظام فرض عليها أن تكون داخل التصنيف وإن كان التصنيف لا ينطبق عليها.
والبنية التحتية لم تكن مشجعة وكذلك الحوافز المالية في أغلب بلدان العالم يتم تطويرها, وهي عبارة عن بحث تطوير الفكرة وفي كثير من الأحيان مراحل تطوير الفكرة لا تكون اقتصادية, وتكون منطوية على مخاطر عالية جدا, وبالتالي فإن أغلب الدول تغلب على هذه المشكلة بإعطاء حوافز ودعم مادي للشركات العاملة في هذا المجال حتى تغامر بمنتجات جديدة, ومن الأشياء الأساسية المهمة أيضا, التي تحرص عليها كل دول العالم القوانين والتشريعات المتعلقة بالقوى العاملة, في أمريكا, وأوروبا، يستثنى قطاع تقنية المعلومات من القيود المقيدة لاستخدام العمالة الماهرة في بلدانها, أي تسهيل التأشيرات لهذه العمالة في أمريكا وألمانيا ونحن بالعكس نحارب العملية ولا يوجد تنظيم مناسب.
كيف يطلب المهندس الدبيخي سعودة الوظائف في صناعة المعلومات وأنت تطلب استيرادا لها؟
العبد الجبار: أولا, أوجد الوظيفة ثم سعودها, اليوم الشركات العاملة في السعودية أغلبها عبارة عن وكيل لسلعة أو مستورد, وهناك شركات دون شك لديها جهد ولكن هذه الشركات لم تدخل حتى الآن في القيم المضافة الحقيقية في هذه الصناعة, وبالتالي هناك كثير من الوظائف غير موجودة, ثانيا, مخرجات التعليم وهذه مشكلة أخرى, الأخ الدبيخي قال إننا في حاجة إلى التعليم والتدريب، وهذه قضية مهمة جدا, الشيء الآخر كمحفز أساسي وتدل عليه تجارب كل الدول ،كثير من الدول التي تتعامل مع صناعة تقنية المعلومات كصناعة استراتيجية تدخل في مكونات دفاعية, مكونات أمنية ومكونات مختلفة, وبالتالي تسعى بشكل واضح ومقنن وبتشريعات موجودة لإيجاد شركات محلية قادرة على تنفيذ هذه المشاريع, وتدعمها وتساعدها ولها أفضلية في الحصول على مشاريع, يعني أن هذا الكلام ليس موجودا ولو توافر سيكون حافزا مهما لصناعة تقنية المعلومات.
الفارس: أعتقد أن الزملاء غطوا موضوع التحفيز بكل النقاط الأساسية, أما أنا فأريد أن أخرج عن إطار الموضوع بعض الشيء, أعتقد أن واحدة من الأشياء المهمة للقيادات في تقنية المعلومات التي تنقصها إدارة الرؤية, هم مشغولون بنواح فنية في إدارة تقنية المعلومات, وغالبيتهم تنقصه الرؤية لدور تقنية المعلومات والتعامل والتفاعل مع صاحب القرار في خلق هذه الأهمية, وهذا تراه في شركة مثل "أرامكو", فتجد أن الذي يقود تقنية المعلومات الإدارات العليا في الشركة، ولذلك هذه لها طاقم كبير, خاصة في مراحل نحن أحوج ما نكون إلى تنامي هذا الدور, هذه نقطة أعتقد أنها مهمة جدا.
الشيء الثاني عندما نتكلم عن الهلامية وكمثال هناك موقع في الإنترنت اسمهSPACE.COM محجوب من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لأسباب لا نريد أن نتطرق إليها, لكن اشتراه ملياردير الإعلام روبرت ميردوخ بمبلغ 590 مليون دولار, وبعد فترة تضاعفت قيمة هذا الموقع, ما معنى ذلك وما الرسالة هنا؟ إن الاقتصاد الرقمي المبني على انتقال المعلومة والتفاعل عن طريق تقنية المعلومات التي بنت على مواقع الإنترنت هذه أصبحت تضعها في قيمة كبيرة أكثر من قيم الشركات التي نسميها.
بخصوص التدريب ووضع قيادات تقود النقلة النوعية في صناعة تقنية المعلومات, أعتقد أن هذا الجانب بالغ الأهمية وأن جزءا كبيرا من قطاعات الحكومة وأغلب مديري تقنية المعلومات مشغولون بالأدنى, والمفروض أن ينصب اهتمامهم على وضع الإستراتيجيات المنظمة لعملهم.
هل يمكن أن تكون القيادات للشركات أجنبية؟
الفارس: لا مانع, من قيادات أجنبية, يمكن، أدخل في شراكة لكن دعنا نتكلم عن تقنية المعلومات برؤية وليس بنظرة محدودية فنية, واليوم تقنية المعلومات صارت في متناول الجميع.
آخر نقطة أريد أن أتحدث عنها في مجال التمويل, القطاع المصرفي يعد تقنية المعلومات, قطاعا ذا مخاطرة عالية.
أين تكمن المخاطرة العالية لهذا القطاع؟
الفارس: هم يرون هذا القطاع عالي المخاطرة, لعدم جدواه, هامش الربح العالي وأغلب الشركات العاملة هنا حتى الشركات العالمية أكبر همها أن يبيعك كرتونا هذا أكبر هم له, يبيعك بنية أساسية ثم الباقي عليك أنت, وطبعا أنا لا أتهمهم جميعا لكن هذا هو الواقع, القطاع المصرفي حتى يمول نريد أن نخلق آلية شراكة بينه وبين أجهزة الحكومة وبالذات وزارة المالية على رأس الهرم, بحيث تكون هناك ضمانات بينها لتحفيز هذا القطاع, يعني تتدخل الحكومة وتقول يا وزارة المالية أنا سأكون ضامنا للقروض هذه, وعاملوا المنشآت الصغيرة والمتوسطة معاملة تجارية, فمن يريد القرض هذا يأتي ويشرح أسباب هذا القرض.
كيف يتم التمويل لقطاع صناعة المعلومات في دول العالم؟
الفارس: كيف يصنف كرأسمال مخاطر في الغالب وهو يشكل نسبة 13 في المائة من حجم اقتصاد دولة وهذا شيء مهول جدا, واليوم تذهب لأوروبا وتشاهد برامج في فرنسا وسنغافورة وكوريا واليابان, ترى أرقاما مذهلة لأن المحتوى صار رقميا.
فأنا ألخص النقاط: نريد قيادات الآن ذات رؤى ثاقبة تتفاعل مع أصحاب القرار لرفع شأن دور تقنية المعلومات والنواحي الفنية بقدر ما هي مهمة جدا
الدباغ: لدي أربع نقاط, أعتقد أن النقطة الأساسية هي دور الأم, فلو تابعنا في الدول العربية بصفة عامة تثقيف النشء نجده ضعيفا جدا لدينا, والأسرة أمرها ضروري جدا وسيسهم في تطوير وتحفيز ليس فقط صناعة تقنية المعلومات ولكن جميع الصناعات على سبيل المثال, الطفل لو أمسك راديو وكسره ينهرونه, لكن في الخارج لو فتح الراديو يشجعونه, وهذا دور مهم جدا من البداية الأسرة وأن النشء ينشأ ولديهم حافز وبعدها تأتي الدولة تحمي النشء الذي يطلع بأفكار جميلة, وجيدة وتكون هناك حماية قوية للأفكار والإبداعات الصادرة عن الطفل أو من الشاب الناشئ, المال مهم والتوجيه الإداري أيضا. تجد من له قدرة على الإبداع في التقنية لكن قد لا تجده قادرا على إدارته لمشروع تجاري كفكرة تجارية يحولها من فكرة تقنية إلى مشروع تجاري حقيقي, فمثلا صندوق المئوية يقدم حوافز مادية لكن ميزته أن لديه فريقا استشاريا للشباب أصحاب هذه الأفكار. النقطة الأخيرة تحرير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات, ففي عام 2004 أقر مجلس الوزراء تحرير قطاع الاتصالات.
ما وضع البنية التحتية في قطاع الاتصالات السعودي؟
الفارس: أعتقد البنية التحتية للجوال جيدة لا خلاف على هذا, لكن إذا دخلنا في الاتصالات الذي يسمونها النطاق العريض, فإننا مازلنا مقصرين إلى أبعد حد, الأسعار غالية جدا, مثلا خدمة dslمازالت في أدنى مستوياتها, لأن البنية غير مؤهلة, صحيح أن هناك شركتين إضافيتين أعطيتا ترخيصا, في خدمة النطاق العريض, وهي خطوط سريعة جدا تسمح بنقل معلومات كثيرة إلى درجة أنها تسمح بنقل تلفزيوني مشابه للتلفزيون الذي تشاهده في البث الفضائي, يعني أقرب إلى الجودة الخاصة به.
مداخلة الدباغ: البنية التحتية لا شك أن وضعنا متأخر جدا من ناحيتها, ولكن رب ضارة نافعة, إذا كان هناك تأخير في التقنية فإنها تبنى بشكل متكامل على أحدث التقنيات وكذلك تكون الخدمات متكاملة بخصوص خدمات الإنترنت وكل هذه الخدمات تدمج وتقدم بشكل سليم.
العبد الجبار: وضع البنية التحتية في قطاع الاتصالات السعودية ضعيف وهناك أوجه تقصير كثيرة من أهمها الأعطال الكثيرة التي تحدث في البيانات, يمكن في نهاية كل شهر دائما تكون هناك مشكلة في شبكة الصراف, فكم مرة نشاهد مشكلات في تداول سوق الأسهم, لأن هذه أشياء حياتية تهم الناس, فهذه واضحة, لكن هناك مشكلات أخرى مختلفة, كثير من الشركات تعاني معاناة شديدة, وأعطي مثالا على إحدى شركاتنا خارج المملكة وواحدة من المشكلات المؤرقة لدينا أنه كيف أجعل الفروع تدخل على الأنظمة المركزية الخاصة بالشركة سواء نظام إدارة الموارد أو متابعة العملاء.
الفروع الخارجية للشركات متقدمة, هل هذا ما تقصده؟
العبد الجبار:لا, بل هناك قصور في شبكة الاتصالات وأسبابها في تقديري بشكل أساسي, أنه كان في السابق توجد شركة واحدة فقط, الآن مع دخول الشركات الأخرى لعل الأمر يتحسن رغم أنه أخذ وقتا طويلا جدا, وكان متوقعا أن تتحسن الخدمات بشكل أسرع, والشيء الآخر المهم جدا مقاربة الدولة لتقنية الاتصالات والبنية التحتية المتعلقة بتقنية الاتصالات، مقاربة تختلف عن مقاربتها للبنية التحتية المختلفة سواء كانت طرق, مطارات وموانئ، الدولة رأت بشكل صحيح أنها مسؤولة عن توفير البنية التحتية كلها إلا تقنية الاتصالات، وتركت الأمر للقطاع الخاص وهذا شيء محمود لكنها لم تنظمها ولم تضع فيها استثمارات تساعد القطاع الخاص على بناء البنى التحتية القوية.
الجبر: أود الحديث عن البنية التحتية للاتصالات الداعمة لقطاع الأعمال، وأود أن أتكلم بشكل أساسي عما سمي بالنطاق العريض، ووضع البنى التحتية في النطاق العريض مع الأسف ليس جيدا بالمقارنة مع دول الجوار ودول العالم المختلفة، البنى التحتية عندنا في مجال النطاق العريض متأخرة جدا وليست هناك شمولية في الخدمة ، ولا تستطيع الحصول على خدمة النطاق العريض أو خدمة الخطوط المؤجرة المعروفة DSL بسهولة وأسعار معقولة، فنحن في إشكالية كبيرة مع الأسف، والجهة المسؤولة عن توفير هذا النوع من الخدمات لم تكترث بهذا الموضوع ولم تحرك ساكنا وهي بشكل أساسي شركة الاتصالات، وهي مقصرة في هذا الموضوع بشكل واضح وكبير وأتمنى بصفة شخصية لو استطاعت جهة في المملكة أن تأتي بإحدى الشركات الاستشارية المتخصصة لإجراء دراسة لقياس أثر تخلفنا في قطاع الاتصالات في المملكة على مدى السنوات العشر الماضية, وكم خسرت الدولة واقتصاد البلد بشكل عام نتيجة هذا التخلف، ومع الأسف نقول هذا الكلام وليس هناك أي بوادر لتحسين هذا الموضوع لا من حيث شمولية الخدمة ولا من حيث الأسعار، فإذا ما قامت الشركة أو أي جهة أو الشركتان الجديدتان اللتان أعطيتا الترخيص بخدمات الاتصالات فمع الأسف الجدول المخصص لتقديم هذه الخدمة تأخر أكثر من سنة، فالإشكاليات تواجهنا من جميع النواحي.
الدبيخي: طبعا بقياس بسيط جدا بما يسمى الاتصال بالنطاق العريض والاتصال السريع بالإنترنت، والحقيقة ما زال أقل من 1 في المائة، وبهذا نكاد نكون فيه من أقل دول العالم، هناك مشكلة أخرى لم نتطرق إليها، وهو أننا نتصل بالإنترنت من خلال بوابة واحدة فقط مما يجعل الاتصال عرضة لمخاطر كبيرة، فجميع دول العالم تسعى إلى أن تتصل بالإنترنت من خلال أكثر من جهة ومن خلال أكثر من منفذ لتضمن أنه في حالة سقوط منفذ سيكون هناك منفذ بديل، ولكن للأسف الشديد لدينا منفذ واحد فقط من خلال الكيبل البحري من جدة، على الرغم من أن المملكة متسعة جغرافيا ويمكن أن تكون لها منافذ كثيرة عن طريق الدول المجاورة، فمن الممكن أن يكون مثلا عن طريق الخليج العربي أو عن طريق بحر العرب من خلال المرور باليمن ومن خلال المرور من شمال الأردن، سورية إلى البحر الأبيض المتوسط, وهذا هو الواقع، وقبل فترة بسيطة عندما تضرر الكيبل البحري تعطلت خدمة الإنترنت لفترة طويلة جدا ولم يعالج الأمر معالجة جيدة، كذلك نأمل من الشركتين الجديدتين أن تكونا إضافة جيدة للبنية التحتية الحالية لشركة الاتصالات.
جزار: سأتطرق للبنية التحتية للاتصالات من الناحية التشريعية، فأعتقد أن وجود تنظيم تشريعي للتعاملات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني والحماية الفكرية، هذه بنية تحتية تشريعية ضرورية، أنا سعدت حقيقة بما علمت أن مجلس الشورى وافق على نظام التشريعات الإلكترونية, وإذا كنا نتكلم عن بعض القصور فهذه نقطة جيدة لوزارة تقنية المعلومات والاتصالات، ورغم أنها جاءت متأخرة لكنها تعد نقطة بيضاء في هذا التوجه, من دون تشريعات للتعاملات الإلكترونية كل البنية التحتية والأجهزة تعاني من البعد القانوني, وبالتالي وجودها ضروري والتوقيع الإلكتروني وتشريعات التعاملات الإلكترونية أتمنى أن تكون جزءا من التشريع الذي وافق عليه مجلس الشورى أخيرا، وتبقى الحماية الفكرية وقد يكون من المناسب أن تنظر وزارة تقنية المعلومات والاتصالات الآن إلى إصدار قانون للحماية الفكرية في المملكة، فالشركات الكبيرة العالمية لها من المحامين ما يخدم ويدافع عن حقوقها الفكرية في جميع أنحاء العالم، المبدع الصغير والبسيط صاحب الفكرة المميزة التي نتجت في المملكة ليس لديه القدرة على حماية إنتاجه، وأنا أعلم عن شركات أغلقت أبوابها نتيجة لسرقة برامجها وعدم قدرتها على المتابعة القانونية لحماية ملكيتها الفكرية، فيجب ألا نغفل البنية التحية التشريعية للتعاملات الإلكترونية، وما تحقق خطوة على الطريق الصحيح لكن ما زالت هناك خطوات أخرى خاصة في مجال حماية الملكية الفكرية.
ماذا عن أسعار الخدمات لدينا مقارنة بالعالم الخارجي، وانعكاسات ذلك على الاقتصاد الوطني؟
جزار: لا أشك أن أسعار الاتصالات وخدمات الإنترنت في المملكة مبالغ فيها, مقارنة بالأسعار خارج المملكة وسأتحدث وخاصة عن الإنترنت، ولكن أعتقد أن هناك من يستطيع الحديث عن هذا الموضوع أفضل مني، لكني أستطيع الحديث عن سرعة الإنترنت، اليوم الإنترنت مجانا ولكن ما السرعة التي تستطيع أن تحصل عليها، يوجد الإنترنت دون مقابل ولكن السرعات ليست مناسبة لمحتوى رقمي واقعي باللغة العربية أو الأجنبية يستطيع أن يساند الاقتصاد الرقمي في المملكة.
الدبيخي: الأسعار بصفة عامة لخدمات الاتصالات وتقنية المعلومات بما في ذلك الإنترنت وخلافه تعتبر مرتفعة جدا, وكان لها أثر سيء جدا على الاقتصاد الوطني في الفترة السابقة على الرغم من التخفيض الذي حدث قبل نحو ثلاثة أشهر, إلا أنها مازالت مرتفعة ارتفاعا كبيرا, وحتى ما تفضل به الدكتور جزار عن الإنترنت هي ليست مجانية فالساعة سعرها ثلاثة ريالات, وإذا حسبت أن واحدا يستخدم الإنترنت خمس ساعات يوميا فذلك يعادل استخدام النطاق العريض في عدد كبير من الدول, أي عبارة عن استخدام هاتفي عن طريق "المودم" وهي سرعة بطيئة جدا, ومع ذلك تقدر تكلفتها بما يوازي تكلفة خدمة النطاق العريض في عدد من الدول أي ليست مجانية إذن، اسمها "إيزي نت" لأنها سهلة وتأتي عن طريق فاتورة الهاتف، ولكنها ليست مجانية.
هذا الارتفاع في الأسعار يؤدي أيضا إلى تأخر في انتشار الإنترنت وانتشار الإنترنت ضروري جدا لانتشار واتساع استخدام تقنية المعلومات على جميع الأصعدة.

موسى بن ربيع البلوي
11-13-2006, 04:40 PM
معلومات قيمة ، و جهد رائع تشكر عليه أخي عواد ...

بحق نحن بحاجة الى تطوير الإنسان أولاً و مراجعة الخطط الخاصة بالتنمية الفكرية له ..

شاكر سليمان العصباني
11-13-2006, 04:44 PM
سوف اعود للموضوع مره اخرى
مشكور اخوي عواد

الباسل
11-13-2006, 05:19 PM
معلومات قيمة ، و جهد رائع تشكر عليه أخي عواد