المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في اوراق وعقل إدارة بوش (الجزء الثاني)



سحاب
10-29-2003, 11:15 AM
الصورة الأخيرة :
وهى خطيرة وتستحق أن تتوقف سرعة عرض الكتاب عندها ابتداءً من صفحة 224 من كتاب <<دافيد فروم>> عن <<الرجل المناسب>> (وهو يقصد <<جورج بوش>>&#33;).
ويبدأ الفصل الثاني عشر (صفحة 224) على النحو التالى:
في أواخر ديسمبر سنة 2001، اتصل بي (في مكتبي بالبيت الأبيض) كبير كُتاب خطب الرئيس وهو <<مايكل جيرسون>> (المساعد الرئيسي لكارين هيوز) قائلا لي:
<<عندي اليوم مهمة تتعلق بخطاب الرئيس السنوي عن <<حالة الاتحاد>> (يلقيها أواخر شهر يناير 2002) فهل نستطيع الاعتماد عليك في صياغة فقرة أو فقرات تكفي لشرح الأسباب التي تدعونا إلى تقصد العراق (Going after Iraq).
يواصل <<فروم>> روايته فيقول:
<<كان واضحا لي أن طلب <<جيرسون>> مني هو كتابة الفتوى التي تبرر حربا على العراق توضع في سياق خطاب الرئيس عن <<حالة الاتحاد>> (آخر يناير 2002).
يستطرد <<فروم>>:
<<فهمت مقصد <<مايكل جيرسون>>، وسألته هل يستطيع أن يعطيني مهلة إلى ما بعد الغد أتقدم بعدها إليه بمشروع صيغة يمكن قبولها؟ ورد على <<مايكل جيرسون>> بقوله: <<شأنك غريب، أنت تحتاج إلى يومين كاملين لكي تتوصل إلى صيغة يفتح بها الرئيس هذا الملف>>.
فهمت وأدركت على الفور أن قرار الحرب ضد العراق قد اتخذ، وأن صياغة أكثر الفقرات حساسية وخطورة فيه قد أوكلت إليّ، وكنت أعرف أن هناك مجموعة من خمسة غيري في مكتب العلاقات العامة يعكفون على كتابة مشروع الخطاب، كل واحد منا يكتب جزءا، ثم يسلم كل منا ما توصل إليه إلى <<مايكل جيرسون>> الذي يعيد <<تحريره>> لتوحيد الأسلوب، ثم يعطيه لكارين هيوز (مسؤولة العلاقات العامة)، تراجعه وتضيف إليه لمساتها، بحيث يصبح جاهزا للعرض على الرئيس ومستشاريه السياسيين.
(وفي العادة فإن كُتَّاب خُطب الرئيس لديهم ما هو كاف من التوجيهات والمعلومات والتقارير ومحاضر الجلسات، بحيث يكتب كل واحد منهم ما هو مُكَلَّف به وتحت يده مادة تكفيه) وقد شرح <<فروم>> طبيعة هذا العمل الذي يقوم به حتى وصل إلى صفحة 231، لكي يركز على تناوله لمسألة العراق، وكيف فكر في مقاربتها بصياغة فقرة أو فقرات عنها في خطاب الرئيس <<جورج بوش>> عن <<حالة الاتحاد>> أمام الجلسة السنوية المشتركة لمجلس الكونغرس فيقول:
<<سألت نفسي من أين أبدأ:
من السهل جدا تبرير حرب على <<صدام حسين>> لأنه أسوأ من يمكن أن نلقاهم على طول المسافة من الجزائر إلى كابول، لكن المشكلة في هذه النقطة أن رئيس الولايات المتحدة لا يصح له أن يتحدث عن التاريخ القديم لصدام حسين، (لأنه لا مجال لحسابه الآن عنه بعد السكوت الطويل عليه)، ثم إنه (الرئيس) لا يستطيع أن يتحدث عن التاريخ القريب (وإلا بدا ذلك نقدا للإدارات السابقة التي سكتت على ما فعل ولم تحاسبه)، ونحن لا نريد أن نوجه لوما إلى إدارة سبقت لأننا في شأن الحرب نفضل سياسة تعلو على أي خلافات حزبية، لأننا في قرار الحرب نريد وفاقا بين الحزبين.
وإذن فأنا لا أستطيع استعمال هذه الحجة.
انتقلت إلى التفكير في ذريعة أخرى: لقد قرأت كثيرا عبارة أن <<صدام حسين>> استخدم الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد في العراق، أي ضد شعبه، لكنني لو استعملت هذه الذريعة في الخطاب فإن أعضاء الكونغرس وأفراد الشعب قد يتساءلون <<وأين كنا منذ حدث ذلك، وهو سؤال وجيه لكنه مرة أخرى سوف يُلقى اللوم على الذين سكتوا عن هذا العمل الشنيع، خصوصا أن <<بوش>> (الأب) كان في البيت الأبيض حينها نائبا للرئيس <<ريغان>>)، وإذن فإن الذريعة الثانية لا تصلح لتأسيس خطاب عن ضرورة الحرب مع العراق.
وصلت في التفكير إلى تهمة محاولة اغتيال <<بوش>> (الأب) أثناء زيارته للكويت سنة 1993، لكنى عدلت عن هذه الذريعة مرة ثالثة، لأن أي كاتب من الدرجة الثالثة يستطيع أن يجد فيها مجالا لاتهام الإدارة بأنها تسعى للثأر الشخصي (Omerta) على طريقة عصابات المافيا.
يستطرد <<دافيد فروم>> (صفحة 232) قائلا:
<<في بعض الأحيان يكون أفضل أسلوب للبحث عن مدخل لخطاب سياسي، هو التفتيش أولا عما يحتمل أن يقوله <<الخصوم>> الذين يعارضونه. وفي حالة العراق تُثار دائما نقطتان:
الأولى: أنه لم تثبت لصدام حسين صلة بحوادث 11 سبتمبر 2001، فلماذا نعاقبه؟
والثانية: أن <<صدام حسين>> ديكتاتور طاغية، لكن <<ستالين>> كان كذلك أيضا، ونحن لم نحاربه، وإنما اكتفينا باحتواء الاتحاد السوفياتي، فلماذا نشهر على <<صدام حسين>> حربا لم نقم بها ضد <<ستالين>>، إلا إذا اعترفنا بأن قوة الاتحاد السوفياتي ردعتنا، في حين أن ضعف العراق يغرينا&#33;>>.
يستطرد <<فروم>>:
<<كنت أعرف أننا نريد تغيير النظام في العراق، لكن ظني أن الرأي العام سوف يتساءل هل نظام <<صدام حسين>> وحده هو الذي يستحق التغيير؟، وإذا كنا سنغير المنطقة كلها، إذن فنحن نتحمل بعبء لم تتحمله الإمبراطوريات التي حكمت المنطقة من الرومان إلى آل عثمان&#33;>>.
يعود <<فروم>> إلى طرح أفكاره بينما هو منشغل بإعداد ما يخصه في خطاب الرئيس:
<<إن الرئيس يحتاج باعتباره الرئيس إلى أن يقول شيئا واضحا يربط <<صدام حسين>> بمستقبل استقرار السلام في العالم، بحيث يظهر أن المطلوب هو تصفية الخطر على هذا المستقبل وليس مجرد ردعه&#33;>>.
توصلت من هنا إلى فكرة رئيسية مؤداها <<أن ضرب <<صدام حسين>> جزء من مواجهة المخاطر التي تهدد سلام العالم>>، لأنه أول الشرور.
يواصل <<فروم>>:
توصلت إلى صياغة حول ما فكرت فيه وعرضتها على <<مايكل جيرسون>> وعلى <<كارين هيوز>>، وقد جلسنا لمناقشة الصياغات النهائية لأجزاء الخطاب في مكتب <<كونداليزا رايس>> (مستشارة الأمن القومي للرئيس)، وكان عليها أن تراجع نصه الأخير قبل أن ندخل به إلى المكتب البيضاوي.
وقد أعجبت <<كونداليزا رايس>> بالصيغة التي اقترحتها، ورأت أنها تتسع لآخرين بينهم إيران، وأضافت <<نحن نريد إيران كذلك>>&#33;
يستطرد <<فروم>>:
ودارت مناقشة بدا فيها أن أول بلدان في طابور الشر: العراق وإيران، بلدان إسلاميان، وذلك يمكن أن يولد حساسيات لا نريدها في العالم الإسلامي، واقترح <<جيرسون>> أهمية إضافة دولة ثالثة غير إسلامية، وقالت <<كوندي>>: <<كوريا الشمالية&#33;>>، وعقبت قائلة: <<إذن فإن الثلاثة معاً أصبحوا محورا للشر، ولا داعي لأن نقول من الآن إن الشر طابور طويل>> وهكذا جرت ولادة تعبير <<محور الشر>>، وقد أسعدني أن الرئيس <<بوش>> قرأ الفقرة المتعلقة بالعراق في خطابه كما كتبتها نهائيا لم يغير فيها حرفا&#33;
وعندما أذيع خطاب الرئيس عن <<حالة الاتحاد>>، كان العنوان الذي قدم له على شاشات التلفزيون وعلى الصفحات الأولى لكل وسائل الإعلام الدولي هو: <<محور الشر&#33;>>.
.....................
.....................
كذلك حكى <<دافيد فروم>> في كتاب <<الرجل المناسب>>، وجاءت حكايته واضحة لا تقبل التباسا أو شكا.
.....................
.....................
وهنا يثور سؤال:
<<ما الذي يدعو أحد كتاب خطب رئيس الولايات المتحدة إلى رواية هذه التفاصيل عن دخائل عمله؟>>.
والسبب يساوي وقفة أخيرة يتطرق إليها <<فروم>>، ويروي وقائعها على النحو التالي:
<<لقد حدث أن خطاب الرئيس عن <<محور الشر>> لقي استحسانا واسعا لدى الرأي العام في الولايات المتحدة، وأصبحت عبارة <<محور الشر>> حديث الناس في كل محفل، وكانت زوجة <<دافيد فروم>> سعيدة، وكذلك فإنها كتبت لأمها رسالة إلكترونية تقول فيها <<إن زوجها <<دافيد>> هو الذي صاغ هذا التعبير في خطاب الرئيس، وهو سعيد جدا بهذه الدرجة العالية من القبول العام>>.
وتسرب الخبر إلى صحافي معروف <<روبرت نواك>>، فأشار إليه في بند لا يزيد على ثلاثة سطور ضمن عمود يكتبه.
وظهرت الواشنطن بوست في الصباح، وعند الظهر كان <<دافيد فروم>> يتلقى دعوة عاجلة من رئيسه <<مايكل جيرسون>> (كبير كُتَّاب خطب الرئيس)، الذي أبلغه بلهجة مقتضبة وملامح عابسة: أولاً أن الرئيس لا يريد <<تسريبات>> تفشى للصحف عما يجري في البيت الأبيض لأن تلك كانت <<المصيبة>> في رئاسة والده. وثانيا فإنه ليس من حق كُتَّاب خطب الرئيس (ولا زوجاتهم) أن يتحدثوا عن أسرار عملهم، مهما كانت دوافعهم إلى ذلك، وعليه ولسوء الحظ <<يا عزيزنا دافيد>> فإن هذا اليوم هو آخر أيامك في البيت الأبيض&#33;.
وخرج <<دافيد فروم>> من البيت الأبيض عائدا إلى عمله الأصلي في جريدة <<وول ستريت جورنال>>، وتذكر أنه بالدرجة الأولى صحافي محترف، وقرر أن يكتب حكايته مع عقل الرئيس (يقصد <<كارل روفي>>)، ومع صوت الرئيس (يقصد كُتَّاب خطبه)&#33;>>.
.....................
.....................
وهكذا فإن اثنين من الصحافيين في واشنطن سجلا على الورق ما رأيا وسمعا.
 <<بوب وودوارد>> الذي عرض خلفيات ولمحات وشريط صور تحكي وتستفيض.
 و<<دافيد فروم>> الذي قدم مشهد الختام في لعبة الأقنعة، حين جرى استبدال صورة الشيخ <<أسامة بن لادن>> (الظل الشبح القادر على الاختفاء في الظلال) بصورة الرئيس <<صدام حسين>> (الجسد الذي يمكن أن يُطال ويُضرب حتى يتحول إلى أشلاء وسط أنقاض).
....................
....................
لم تكن في حسابات البيت الأبيض تلك اللحظة أسلحة دمار شامل يملكها النظام في العراق ويُراد نزعها منه، ولم يكن في الحسابات ديكتاتورية تخنق شعب العراق ويُراد كسر قبضتها عن رقبته، ولم تكن هناك ديمقراطية وحرية غابت عن أرض العراق فجأة ويُراد لها أن تشرق مع الربيع الجديد، ولم تكن هناك صلات بتنظيم القاعدة وخلاياها الإرهابية المنتشرة فوق سطح الكرة الأرضية ويُراد تصفيتها ضمن الحملة العالمية على الإرهاب.
كل ذلك لم يكن في الحساب، ولا كان مما يمكن أو يصح انتظاره، لأنه مخالف لطبائع وحقائق الأشياء، والواقع والصحيح أنه كانت هناك أحوال إنسانية، وصراعات سياسية، ومطالب إمبراطورية، وضرورات بترولية، ولوازم انتخابية، وكله يتداخل ويختلط في وعاء طبخ القرار الأميركي، وكل طبق يحتاج إلى محسنات للطعم ولمسات جمال على الشكل ترضي الذوق وتفتح الشهية، وعندها تجيء لحظة إضافة المغريات من نوع <<نزع أسلحة الدمار>> و<<إبعاد الديكتاتورية>> و<<ضمان حقوق الإنسان>> و<<مستقبل الديمقراطية>>&#33;.

منقول عن (المختصر الإخباري)
تحياتي

المصدر: إضغط هنا

صوت المطر
10-29-2003, 01:28 PM
مشكور أخوي سحاب على هذا الموضع الرائع

الذي يستحق القراءة بتمعن ..

وتقبل خالص تحياتي ,,,,

سحاب
11-01-2003, 12:48 PM
صوت المطر

اشكر لك إطلالتك

ولعل الموضوع فيه ايطاله ولكن اهمية الموضوع وعبقرية الكاتب
اقتضيا ذلك

تحياتي