المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر محمد إقبال رحمه الله حياته وشعره



يونس عبدالله البلوي
03-09-2007, 01:09 PM
تعريف بالشاعر
هو محمد إقبال ، شاعرهندي الأصل والجنس والمولد ، ولد في البنجاب عام 1877م

لقد أثر في حياته ثلاثة مؤثرات :
أولاً : القرآن الكريم ، حيث كان محمد إقبال يقرأ القرآن من بعد الفجر إلى طلوع الشمس في كل يوم ، ولا يختم المصحف كما قالوا عنه حتى يبله بالدموع .
لقد كان يتأثر تأثراً بالغاً من القرآن لأنه عرف مشارب الجاهلية ، وقرأ الفلسفة ، وقرأ العلوم الأخرى ، وسافر إلى الغرب وذهب وأتى .
الثاني : اطلاعه الواسع على مختلف الثقافات .
يقول عنه الدكتور الشرباصي : أظنه أنه ما وقع كتاب في يد محمد إقبال إلا التهمه كما يلتهم الطعام .
والرجل ذكي ذكاءً إبداعياً .
الثالث : خروجه إلى العالم بمختلف توجهاته ، حيث خرج أولاً من بومباي إلى قناة السويس ، ثم ذهب إلى أوربا واستقر في لندن فترة من الفترات ، ثم ذهب إلى ألمانيا فحضر رسالة الدكتوراه في الفلسفة ودرس هناك في الجامعة ثم عاد يطوي العالم ، فمر بالعالم العربي ، وكان عند تنقله يلقى ترحيباً واسعاً من العالم .
وكان إذا هبط بلداً سمع الناس بقدومه فخرجوا لاستقباله .
كانت محــــادثة البركان تخبرنا *** عن جـعفر بن فلاح أروع الخبر
حــتى التقينا فلا والله ما سمعت ** أذني بأحسن مما قد رأى بصري
يقول أبو الحسن الندوي في كتابه ( روائع إقبال ) : وجدته شاعر الطموح والحب والإيمان ، أشهد على نفسي أني كلما قرأت شعره جاش خاطري وثارت عواطفي وشعرت بدبيب المعاني والأحاسيس في نفسي ، وبحركة للحماسة الإسلامية في عروقي ، وتلك قيمة شعره وأدبه في نظري . ( طبعة دار القلم صفحة :19)
وأشهد الله على ما شهد عليه أبو الحسن الندوي بأنه يأتيني أمر عجيب إذا قرأت شعره ، وسوف أورد نماذج لشعره في هذه الرسالة .

أما أحواله الشخصية :
فقد كان في معيشة متوسطة تميل إلى الفقر ، من أبوين متدينين .
تربيته :
دخل عليه أبوه وهو يقرأ القرآن بعد الفجر وهو يلاعب أخته الطفلة الصغيرة فقال : يا إقبال اقرأ القرآن كأنه أنزل علي.
قال : فأخذت بهذه الوصية ، وكنت أقرأ القرآن كأنه أنزل علي فتأثر بذلك .
يقول أحد المفسرين المعاصرين : كدت أتوافق أنا ومحمد إقبال في المعاني وربما توافقنا في الألفاظ .
زواجه :
تزوج ثلاث مرات : المرة الأولى لم يوفق فيها وأنجب من زوجته ولداً وطفلتين .
وتزوج الثانية ثم الثالثة .
كان يسكن بيتاً متواضعاً .
كانوا يقولون له : لماذا تسكن هذا البيت ؟
فيقول : أنا أسكن العالم .
وبالفعل كان يسكن العالم .
كان يتبرم بالأوضاع التي يعيش فيها ، فينظر إلى الهنود وإذا هم يعيشون حياة بعيدة عن الإسلام ، وينظر وإذا المسلمون مستذلون بالاستعمار فيتضايق ويقطب جبينه ويحاول أن يثور كالبركان .
عاش ثلاث فترات :
فترة الشباب قضاها في طلب العلم النافع وهو علم مجمل من علم الشريعة ، فليس الرجل مفتياً وليس واعظاً ، وإنما كان عنده علم مجمل ، ونخالفه كطلبة العلم ويخالفه العلماء في الشريعة في بعض القضايا التي سوف أعرض لها .
وأنا لا أعرض محمد إقبال على أنه مفتِ أو أنه من هيئة كبار العلماء ، بل أعرضه عليكم كشاعر عالمي استطاع أن يؤثر بشعره الإسلامي الحي .
أما الفترة الثانية فهي فترة الرجولة حيث عاش إقبال صارخاً في شعبه يريد أن يوحد دولته .
ولذلك هو الذي كان بعد الله سبباً في إقامة دولة الباكستان ، وأهل الباكستان اليوم إذا احتفلوا بعيد محمد إقبال ـ على ملاحظتنا لهذا ـ يخرج ثمانون مليوناً في الشوارع يحملون صور محمد إقبال ويهتفون :
إذا الإيمان ضاع فلا أمان *** ولا دنيا لمـــن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جــــعل الفناء لها قرينـا
وأما فترة الشيخوخة فقضاها متأملاً حيث كان يصعد الجبال ويكتب .
يقول الباكستانيون : نحن لا نفهم شعره ، ولكن شعره مترجم ، وربما تكلم بالعربية في بعض القصائد فحرك الأجيال .
يقولون : كان يكتب قصيدة في الليل فتنشر في الصحيفة في اليوم التالي كما يذكر الشرباصي وغيره ، فيخرج الشعب هائجاً مائجاً في الشارع .
وهذا و الله هو الأدب .
وهذا والله هو السحر الحلال .
وهذا والله هو الفيتامين الأمثل للشعوب .
ولذلك ثار الشعب على الإنجليز وأقاموا دولتهم برغم المعارضات .

أولاً : الإيمان في شعر محمد إقبال
قال تعالى http://www.altlae3.com/vb/images/smilies/new/sad.gif إن الذين اءمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً ) ( مريم:96) ، الإيمان الذي يصل بالله .
الإيمان الذي تفتقر إليه الدنيا .
الإيمان الذي من وجده وجد كل شيء ، ومن فقده فقد كل شيء .
أين ما يدعى ظلاماً يا رفيق الليل أينا *** إن نور الله في قلــــــبي وهذا ما أراه
قد مشينا في ضياء الوحي حباً واهتدينا *** ورسول الله قاد الركــب تحدوه خطاه
يقول إقبال في بيتين جميلين من قصيدته العجيبة الطويلة ( شكوى دمعة ) أرسلها من عينه يشكو إلى الله حال العالم الإسلامي .
ويشكو من المسلمين بعدهم عن دينهم وعن رسالتهم ، وبين لهم أن اتصال الإيمان بالدنيا أمر مجمع عليه ،وأن الإنسان لا يصلح إلا بالآخرة ، وأن المسجد لا يصلح إلا مع المزرعة ، والمزرعة مع المسجد .
يقول :
إذا الإيــمان ضاع فلا أمان *** و لا دنيا لــمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين *** فقد جعــــل الفناء لها قرينـا
تـساندت الكواكب فاستقرت *** ولولا الجـــــاذبيــة ما بقينا
وفـــي التـوحيد للـهم اتحاد *** ولن تــــبنـوا العلا متفرقينا
ويقول عن المؤمن والكافر بأن الكافر ضيق ومتخلف وحقير في علم الله وفي الأرض وفي الكون.
ويأتي المؤمن فيجعله علماً وكوناً .
يقول في بيتين جميلين :
إنما الكافـر تـيـهان له الآفـاق تـيهِ *** وأرى المؤمن كوناً تاهت الآفاق فيه
يقول : إن الكافر لا تتيه الآفاق فيه بل يتيه هو في الآفاق.
وأرى المؤمن هو الذي تتيه الآفاق فيه .
ويصف مشاعره وأحاسيسه في قصيدة اسمها ( إلى مدينتك يا رسول الله ).
وهي قصيدة قد ترجمها الندوي .
يقول : ( يا رسول الله زرتك البارحة في المنام ... إليك أشكو ظلم الهنود ... وأشكو ماذا فعلوا برسالتك .. إنهم يا رسول الله حولوا رسالتك إلى تمائم ومسابح وإلى رقصات .. إن رسالتك يا رسول الله انبعثت من المدينة فأحيتني وأحيت أمثالي .. لكن رفض الهنود أن يستجيبوا لك يا رسول الله ) .
ثم يصف خروج الرسالة من طيبة الطيبة وذهابها إلى العراق ، ثم إلى الأتراك ، ثم إلى الهنود، وأنها ترتفع بإذن الله لتغطي الدنيا .
من ثراها قد نثرنا النور في دنيا الوجود *** وعلى أهدابها صــــغنا مغانِ من خلود
حكمة الإيمان من طيبة سارت للعراق *** وسل الأتراك قد ســــار سريعاً للهنود

ثانياً : كانت قضية إقبال الكبرى أن يُسلم الناس
أرسل رسالة إلى لينين يقول فيها : " اتق الله يا لينين فإنك قصمت ظهر الرأسمالية فأحسنت ، فألحِق بقصمك للرأسمالية لا إله والحياة مادة " .
ودخل على نادر شاه في كابول وكان نادر شاه ملك أفغانستان آنذاك ، وقد كتب رسالة لمحمد إقبال يقول فيها : اقدم إلينا.
فأقبل محمد إقبال فخرج الأفغان يستقبلونه في الشوارع .
فأخذ قبل أن يقابل الملك نسخة من المصحف وقال : يا نادر شاه ! والله لن تعلو بشعب الأفغان حتى تأخذ هذه الوثيقة التي جاءت من الله .

العرب في شعر إقبال :
هو يحب العرب كثيراً ويقول : يا ليتني أجيد اللغة العربية مائة بالمائة . ولو أجادها مائة بالمائة لأبكانا كما أبكى الهنود ، ولأبدع لنا في أدبنا وفي ثرواتنا وجعلنا نعيش أدباً رائداً جميلاً .
ولكن لا زلنا والحمد لله نتمتع بمقطوعاته الجميلة الإيمانية ونسأل الله أن يغفر له .
يقول في قصيدته واصفاً حاله :
إن كان لي نغم الهنود ودنهم *** لكن ذاك الصوت من عدنان
يقول : أنا أتكلم بالهندي ولا أعرف العربي ، لكني يا رسول الله أحبك وأموت في حبك وقلبي عربي .
ويقول :
هضبات نجد في مغانيها المها *** ومحاور الغزلان ملء تلالها
والمــجد مشتاق وأمة أحمــد *** يتـهيأ التاريــــــخ لاسـتقبالها
هكذا انبعاث الأرواح والإيمان والعقائد في أبيات الشعر .
ثم يقول : سبحانك يا رب ، خرج من الصحراء أناس كانوا يعبدون اللات و العزى ومناة ثم أصبحوا يطوفون بالبيت ِلله.
وأصبح عابدو الأصنام قدماً *** حماة البيت والركن اليماني
هم جيل الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا يطوفون بمناة والعزى واللات فأصبحوا يحملون لا إله إلا الله ، والرسالة الخالدة ، ويطوفون بالبيت ِلله رب العالمين.
ويقول في قصيدة له اسمها ( تاجك مكة ):
من ذا الذي رفع السيوف ليـرفع *** اسـمك فوق هامات النجوم منارا
كـــــنا جـبالاً في الجبال وربـما *** سـرنا عـلى موج البحار بـحارا
لـن تنـس أفريقيا ولا صحراؤها *** ســـجداتـنا و الأرض تقذف نارا
وكأن ظــــل السيف ظـل حديقة *** خضـراء تنـبت حـولنا الأزهارا
أرواحنا يا رب فــــــوق أكـفـنا *** نـرجو ثـوابك مغــنماً وجـوارا
يقول : ما كنا نأتي بأرواحنا في أجسامنا قبل المعركة بل كنا نبيعها إلى الله والثمن الجنة ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) ( التوبة :111)
لـم نـخش طاغوتاً يحاربنا ولو *** نـصـــب الـمنايا حولنا أسوارا
نـدعو جهاراً لا إله سوى الذي *** خـــــلق الوجود وقـدر الأقـدارا
كـنا نـرى الأصـــــنام من ذهب *** فـنهدمـــــها ونـهدم فوقها الكفارا
لو كان غــير الـمسلمين لحازها *** كنـزاً وصــــاغ الحلي والدّينارا
يقول : يا رب فتح أجدادنا الهند .
فقدّم الكفار لهم الأصنام من ذهب .
فقالوا : لا نريدها وأحرقوها وهدموها فوق رؤوس الكفار .
ويقول :
مـحمود مـثل إياس قام كلاهما *** لك بالـعبادة تائبــــــاً مسـتغفراً
العبد والـمولى عـلى قدم التقى *** هتفا بذكرك في الوجود وكـبرا
والمقصود من هذين البيتين محمود بن سبكتكين المسلم الذي كان عنده ألف ألف من الأبطال فتح بهم ما وراء نهر سيحون وجيحون ثم قدموا له الأصنام من ذهب كما فعل قتيـبة بن مسلم فرفض وقال : لا والله لا يدعوني الله يوم القيامة : يا مشتري الأصنام، ولكن يدعوني : يا مهدم الأصنام .
فكسرها بفأسه وأحرقها وأتى بالملك فذبحه ونكسه على السطح .
فلذا يقول : ( محمود مثل إياس ) وإياس خادم محمود بن سبكتكين وهو رافع الراية بعده رحم الله الجميع .
ويقول في الحجاز :
آه من ساعة الغضى فـي حجازِ *** نغمات مضين لــــي هـل تعود
آذنت عيـــــــشـنا بـبؤس مقيــم *** هـــل لـعلم الأسرار قلب جديد
لماذا يحب الحجاز ؟
ألِغبار الحجاز ؟
ألِجبال الحجاز السوداء ؟
لا ..
بل لأن في الحجاز نوراًً انبعث ورسالة خالدة وجماجم الأبطال .
ولأن في الحجاز التوحيد والتاريخ والمشاعر الإسلامية .
وله قصيدة أسمها : ( ناقتي في الحجاز ) وصف فيها نفسه وبكى .
وقال : يا ليتني اعتمر مرة ثانية .
وشرح ديوان المتنبي ، وكان يدور في الليل والنهار يلقي المحاضرات يريد أن يعيد الأمة إلى الله بشعره .
يقول :
يا قلب حسبك لا تفيق صراحة *** إلاّ على مــــصباح نور محمد
يقول : لا يفيق قلبي إلا على مصباح نور الرسول صلى الله على وسلم .
ويقول في عالم الإيمان قبل هذا وقد ذكرتها في بعض المناسبات :
( بحثت عنك يا رسول الله : في ألمانيا فما وجدتك ) .
هل سافر صلى الله عليه وسلم إلى ألمانيا ؟
لا ، ولكن إقبالاً درس في ألمانيا الفلسفة فقال : ( وجدت القاطرات والسيارات والشاحنات والطائرات والثلاجات والبرادات وما وجدت من أنزلت عليه الآيات البينات ) ، عليه الصلاة والسلام .
كان إقبال يتفجع على موت المسلمين ، وكان شعره قطعاً من نور وحمماً من براكين وقذائف من زلازل .
كان شعره يترنم به جيش الباكستان أول قيام دولة محمد علي جناح .
حتى إن له بعض المقطوعا ترجمت إلى الإنجليزية وترجمت للروسية ، وله شعر بالعربي وشعر بالبشتو وبالفارسي والأردو ، فهو شاعر على مستوى العالم .

زيارة إقبال لقرطبة :
ويقول وهو يتفجع على المسلمين وقد زار قرطبة فوقف أمام الجامع وما وجد المسلمين ، ووجد المسجد قد حول إلى حانات من الخمر والعياذ بالله ، ووجد العاهرات وهن في محراب المسجد ، فبكى وجلس عند الباب وأنشد قصيدته الفضفاضة الشهيرة في مسجد قرطبة فقال :
أرى التفــكير أدركه خمـول *** ولم تبق الـــعزائم في اشتعال
وأصبح وعظكم من غير نور *** ولا سحـــر يطل من المقـال
وعند النـــــاس فلســفة وفكر *** ولكن أين تلقين الغـــــــزالي
وجلــجلة الأذان بكل حـــــي *** ولكن أين صوت من بــــلال
منائركم علـــت في كل سـاح *** ومسجدكم من العــباد خــال
وأما قصيدة " إن الله اشترى" فهو يتكلم بها إلى العالم الإسلامي كله ويخبر بأهل بيعة الرضوان رضوان الله عليهم ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتُلون ويقتَلون وعدا عله حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله ) (التوبة : 111 ).
يقول في مقالة له نثرية : أتيت العرب فوجدتهم يتقاتلون ، وأتيت إلى الأتراك فوجدتهم يصبغون بالبويات أطراف الزجاج ، وأتيت إلى الهنود وإذا هم يبحثون عن الخبز في الأسواق ، فما وجدت من يحمل لا إله إلا الله للعالم .
يعني : الكل مشغول بخبزه وبسيارته ووظيفته .
فقال :
نحن الذين استــيــــقظت بأذانهـم *** دنيا الخـــليقة من تهاويل الكــرى
حتى هـــوت صور المعابد سجداً *** بجلال من خلق الوجود وصـوّرا
ومن الأُلى دكوا بــــــــعزم أكفهم *** باب المدينة يوم غزوة خيبــرا ؟!
أمّن رمـــى نار المجوس فأطفئت *** وأبان وجه الصبـح أبيض نيـرا ؟!
ومن الذي باع الحــــــياة رخيصة *** ورأى رضاك أعز شيء فاشترى ؟!
إنهم المسلمون ، وهي من أبدع ما قاله في حياته .
أما قصيدته المشهورة لديكم والتي يعرفها غالبكم وهي (شكوى) فقد بدأها بقوله :
حديث الروح للأرواح يسري *** وتدركه القلـــــوب بلا عنـاء
هتفت به فــــطار بلا جنــاح *** وشق أنينه صــــدر الفضـاء
ومعدنـه رخامــــــــيٌّ ولكن *** سرت في لفــظه لغة السماء
هذا محمد إقبال في شكواه يتفجع على المسلمين ثم يقف على معالم إسبانيا بعد رحيل المسلمين من هناك ، ويرى مساجدهم ويرى القرآن ويرى حلقات العلم قد عطلت ، ويرى الفرنجة قد استولوا على معالم الدين هناك فيقول :
قد كان هذا الكون قبل وصولنا *** شؤماً لظالمـــــــــه وللمظلـوم
لما أطلّ مـــــــحمد زكت الربا *** واهتز في البــــستان كل هشيم
هذا الروض يابس وصوح نبته وماتت أعشابه وذوت أزهاره وماتت أطياره وجف معينه ، فأطل محمد صلى الله عليه وسلم فاهتز الروض واهتزت الأرض وربت وأنبتت من كل زوج بهيج .
لما أطل محمد زكت الربا *** واهتز في البستان كل هشيم

محمد إقبال والحضارة الغربية :
هذا الرجل عرف الحضارة الغربية ودرسها ، فهو يعرفها معرفة تامة .
يقول المودودي : كنا نعظ الناس ونحذرهم من الحضارة الغربية فما يستمعون إلينا لأننا ما سافرنا على الغرب ، فلما أتى محمد إقبال يحذرهم من الحضارة الغربية أنصتوا إليه واستمعوا واتعظوا بما قال .
أنت كنــــــز الدر والياقوت في *** لجة الدنيا وإن لم يعرفـــــــوك
محــــــفل الأجــيال محتاج إلى *** صوتك العالي وإن لم يسمعوك
في هذه الأبيات يقول للمسلمين وللدعاة خاصة : ليس في العالم إلا أنتم ، فلا يغركم هذا الضجيج والإعلام والفلسفة ، من الذين لا يعرفون القرآن ولا زمزم ولا يتوضؤون ، قد طمسوا عقول الناس وجعلوا الدين خرافة ورجعية ، وعظموا حضارة أولئك الساقطة عما قريب .
ويقول : دخلت ألمانيا فأظلم قلبي ، وانطفأت معالم الروح في نفسي ، ونسيت حلاوة القرآن التي كنت أجدها في البنجاب ، لأن الفتاة العاهرة تجلس بجانبي على كرسي الدراسة ، وكأن الخمر على طاولتي " يعني زميله يضعها على ماصته".
ولمحمد إقبال قصيدة جميلة اسمها (فاطمة الزهراء) يعني بنت الرسول صلى الله عليه وسلم .
يقول فيها :
هي بنت من ؟ هي زوج من ؟ هي أم *** من ؟ من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوهــا فــهو أشرف مـــرسل *** جبريل بالتوحــــيد قــــد رباهــــــا
وعلي زوج لا تســل عنه ســوى *** سـيفــاً غـــــدا بيمينـــــــــــه تيـّاهـا
هذه فاطمة الزهراء قدمها للناس في تعريف بسيط .
أما أبوها فهو أكرم الناس .
وجبريل رباها بالتوحيد .
وعلي زوج لا تسل عنه سوى السيف .

(إقبال) داعية أينما كان :
مرّ محمد إقبال في سفينة يريد أوربا ، فتوقف بحفظ الله ورعايته في قناة السويس ، فكتب رسالة من القناة إلى فاروق مصر لأنه كان حاكماً آنذاك .
فكتب :" بسم الله الرحمن الرحيم ، من إقبال إلى فاروق مصر : يا فاروق مصر إنك لن تكون كالفاروق عمر حتى تحمل درة عمر ، والسلام" !!
لأن إقبالاً يريد للمسلمين جميعاً أن يخرجوا ويستيقظوا من سباتهم من المحيط إلى المحيط حيث لا تحصره زاوية معينة .
محمد إقبال يقول لابد أن تخرج بدرّتك وبعصاك لتغير العالم .
رحمه الله وغفر له .

المصدر شبكة الإسلام اليوم
وإن شئتم
محمد إقبال.. الشاعر الفيلسوف


--------------------------------------------------------------------------------

“نبت جسمه في رياض كشمير، وانبثقت روحه من ضياء مكة، وتألف غناؤه من ألحان شيراز: إنسان لدين الله في العجم، يفسر القرآن بالحكمة، ويصور الإيمان بالشعر، ويدعو إلى حضارة شرقية قوامها الله والروح، وينفّر من حضارة غربية تقدس الإنسان والمادة”.

بهذه الكلمات وصف الأديب والمؤرخ والناقد أحمد حسن الزيات الشاعر والأديب والفيلسوف المسلم محمد إقبال الذي لقب بشاعر الإسلام العظيم.

ولد محمد إقبال في “سيالكوت” سنة 1877 ونشأ في بيت اشتهر بالورع، وتعلم في مدرسة إنجليزية، واجتاز امتحانها بامتياز، ثم تعرف إلى أستاذ يتقن الفارسية فغرس في نفسه حب الثقافة والإسلام إلى جانب إلمامه بثقافة العصر، وسافر إلى لاهور فالتحق بكليتها ليتقن الانجليزية والعربية وينال وسامين علميين، واتصل بذوي الفضل من رجال التعليم فأفاد منهم كثيرا، وأخذ ينظم الشعر بالفارسية فلفت الأنظار إليه، وأصبح أديبا شهيرا ثم نال درجة الماجستير في الفلسفة، وتعين أستاذا بكلية لاهور ثم بكلية الحكومة.

في سنة 1905 سافر إقبال إلى لندن فدرس الفلسفة والاقتصاد بجامعة كامبردج ولم ينس رسالته الدينية، فأخذ يلقي محاضرات في موضوعات إسلامية غيرت مفاهيم كثيرة بلندن، وسافر إلى ألمانيا فنال درجة الدكتوراه من جامعة ميونيخ في الفلسفة، ورجع إلى لندن حيث حضر الامتحان النهائي في الحقوق والاقتصاد ثم عاد إلى الهندسة عام 1908 وقد صار أستاذا صاحب رسالة ومنهج في العلم، ومفكرا مهتما بشؤون الإسلام والمسلمين.

وكانت حالة العالم الإسلامي في كل دولة موضع تفكيره الملح سواء بسواء -كحالة المسلمين بالهند- لذلك ندد بفظائع إيطاليا بطرابلس، وتألب الغرب على تركيا في البلقان، ونشر من القصائد الحماسية ما جعله شاعر الإسلام الأول في عصره وظل يوالي نشر أفكاره الثائرة سياسيا، ويؤلف الكتب الفلسفية والدينية بالانجليزية والفارسية، ويمثل المسلمين في المؤتمرات السياسية شرقا وغربا، ويدعو إلى إنشاء دولة إسلامية خالصة حتى لقي ربه في سنة 1938.

منارة الساري

عن آراء واتجاهات إقبال الفكرية يقول الدكتور محمد رجب البيومي أستاذ الأدب والنقد وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: لقد كانت إقامته في أوروبا ذات أثر قوي في اتجاهه، لا لأنه اقتنع بما يجري بها من تيارات منحرفة، بل لأنه أحس في أعماقه بأن ما تدعو إليه من القومية هو الذي فتن أبناء المسلمين ممن يتعلمون بأوروبا، وصرفهم عن عالمية الإسلام وإنسانيته، إذ ان الوطنية الجغرافية هي التي تنخر في الجسم الإسلامي فتجعله أجزاء متخاذلة لا ينهض برسالة، ولابد من فكرة إسلامية شاملة تجعل بلاد الإسلام دارا واحدة ومن المؤسف أن معارضيه من أبناء الدول الإسلامية لم يرتفعوا إلى مستواه لأنهم ذهبوا إلى أوروبا من دون أن يفهموا شيئا عن مبادئ الإسلام وقد سحرهم بريق التقدم الصناعي فظنوا أن أوروبا بهذا التقدم هي المنار الذي يرسل الشعاع وهو ظن بدده إقبال في قصائد ثائرة مثل قصيدته في رثاء صقلية المسلمة حين مر بها، وهتافاته بمجد الحجاز، ورسالة مكة وصرخة الألم أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف أمامه يبكي حاضر العالم الإسلامي متحسرا على ذهاب ماضيه.

ومن أحسن ما قاله في هذا الصدد قصيدته الشهيرة “منارة الساري” التي تحدث فيها الشاعر بلسان الخضر عن مشاكل السياسة الأوروبية وفظائعها الاستعمارية وحذر المسلمين من الوقوع في شراكها وقد ترجم الأستاذ مسعود الندوي بعض أبياتها إلى العربية.

ذروة أدبية

وقد قيض الله بعض الشعراء النابهين في لغتنا العربية ومنهم الدكتور عبدالوهاب عزام والشيخ الصاوي شعلان، ومحمد حسن الأعظمي، ومحمد عبدالمنعم إبراهيم، فقاموا بترجمة الكثير من روائعه إلى العربية شعرا بما يشهد بعظمة شعر إقبال ومن ذلك أبيات نشيده التي يقول فيها:

الصين لنا والعرب لنا
والهند لنا.. والكل لنا
أضحى الإسلام لنا دينا
وجميع الكون لنا وطنا
“توحيد الله” لنا نور
أعددنا الروح له سكنا
الكون يزول ولا تمحى
في الدهر صحائف سؤددنا
بنيت في الأرض معابدها
و”البيت الأول”.. كعبتنا
هو أول بيت نحفظه
بحياة الروح.. ويحفظنا

إلى أن يقول مخاطبا أرض “الفردوس الإسلامي المفقود”:

يا ظل حدائق أندلس
أنسيت مغاني نشأتنا
وعلى أغصانك أوكار
عمرت بطلائع نشأتنا
يا دجلة هل سجلت على
شطيك مآثر عزتنا
أمواجك تروي للدنيا
وتعيد جواهر سيرتنا

ثم يتجه إلى “أرض الحرمين الشريفين” المقدسة، بقوله:

يا أرض النور من الحرمين
ويا ميلاد شريعتنا
روض الإسلام ودوحته
في أرضك رواها دمنا
ثم يخاطب أمة الإسلام، بقوله:
أمة الصحراء يا شعب الخلود
من سواكم.. حل أغلال الورى
أي داع قبلكم في ذا الوجود
صاح لا “كسرى” هنا أو قيصرا
من سواكم.. في حديث أو قديم
أطلع القرآن.. صبحا للرشاد
هاتفا مع مسمع الكون العظيم
ليس غير الله ربا للعباد

وما أصدق وأدق الدكتور طه حسين، حينما قال عن إقبال إنه: “رفع مجد الآداب الإسلامية إلى الذروة، وفرض هذا المجد الأدبي الإسلامي على الزمان”.

فلسفة القوة

وكانت لشاعرنا الكبير محمد إقبال كما يقول الدكتور البيومي - فلسفة رائعة أطلق عليها النقاد “فلسفة القوة” وتبرز هذه الفلسفة من مجموعة من الحكم العالية التي تبناها إقبال وتجعل ذات المسلم مصدر قوته، إذا فهم أسرارها، وبهذا الفهم يخضع الطبيعة لمشيئته، إذ لا يكرم في الدنيا من لا يكرم نفسه، ويرى العالمين مبلغ إبائه وسموه، ويقول إقبال ما ترجمته: “اتخذ قوتك الذاتية، واجعلها في مكانة من العلو. وإن ابتغاء مرضاة الله لعبده لن يكون إلا حين يكون قويا غير مستكين”. وقد يضيق ذرعا بما يلمسه من حال العالم الإسلامي، فيناجي ربه قائلا: “إني أرى الرحمة تتوالى على الأجانب أما المسلمون فتتقاذفهم النوائب، فأدركهم يا رباه فإن البلية كل البلية أن الكفار اليوم ينعمون بحور مقصورات، والمسلمون المساكين يعللون بالحور فقط”.

ثم يرجع إلى أيام العزة في عصر المجاهدين الأولين فيقول: “كلما حانت الصلاة أثناء صليل السيوف، ولت الأمة الحجازية وجهها شطر القبلة، ووقف محمود (السلطان الغزنوي) جوار خادمه في صف واحد، فلم يبق هناك عبد ولا مولى، أصبحوا جميعا لله عبيدا، ولما وصلوا إلى حضرتك صاروا كتلة واحدة”.

لقد علم إقبال أن الوظيفة الحكومية التي سعى الإنجليز إلى إهدائها إليه بمرتب ضخم، وسيلة إلى تقييد دعوته إلى الأخوة الإسلامية فرفضها في إباء، وآثر أن يكون مرشدا للناس من دون مقابل، كما ألح المسلمون عليه أن يرشح نفسه في الانتخابات البرلمانية، فقال: لا، أنا منتخب عن الشعب فيما أصدر من مقالات، هذه المقالات التي ناصرت ليبيا وفلسطين والأفغان وسوريا ومصر وكل بلد إسلامي كان يرزح تحت الاحتلال، وكان صوته أقوى الأصوات الداعية لإنشاء الباكستان مسلمة مستقلة، واعترف له بذلك كل من باشر جهوده من الزعماء، وفي طليعتهم القائد الباسل محمد علي جناح.

أما قضايا الاشتراكية والشيوعية والنازية والفاشية التي سحرت ألباب المخدوعين فقد عكف الباحث الضليع محمد إقبال على دراستها ليصدر حكمه ببهرجتها الزائفة وليحصر الحل الأمثل في هداية الإسلام، وقد قال أحد المستشرقين: “إن تأثير إقبال بقذائفه الصائبة يفوق تأثير جيش مدجج بالسلاح، لأنه مع عاطفته الحارة كان مسلحا بالمنطق الصارم”.
منقول من جريدة الخليج
الإمارات
13-1-2006
فذه صحات من حياته رحمه الله

سلمان العرادي
03-09-2007, 02:02 PM
شكراً لك لاطلاعنا على هذهـ النبذهـ التعريفه عن هذا الشاعر ..

ســـاره
03-09-2007, 02:57 PM
شكــــــــــــراً لكم أخ// يونس البلوي .. على هذه المعلومات عن شاعر فذّ


أذكر أننا تناولنا عنه نبذه في المرحلة الثانوية.. رحمه الله رحمة واسعة.

يونس عبدالله البلوي
03-09-2007, 06:03 PM
الأخ سلمان

الأخت سارة

أشكر لكم مروركم

الجميل على الموضوع

ذيب العاصي
03-19-2007, 06:10 PM
الأخ يونس
يعطيك العافية على المعلومات القيمة
عن شاعر من أشهر الشعراء المسلمين في العصر الحديث
رحمه الله.
تقبلوا تحياتي.

الريان
03-20-2007, 08:12 PM
صراحة معلومات و نبذة موفقة ..

شكرا لك

أخي لو تصغر الخط ..

محمود الجذلي
03-24-2007, 02:19 PM
يونس عبدالله البلوي

سلمت يمينك .. ايها الكبير

على هذة النبدة .. والله يعطيك العافية

.

لك كل الشكر والتقدير

,

العصباني البلوي الأنصــــــــاري
04-26-2007, 03:22 PM
رحمه الله

ما كتب قصيدة :

من ذا الذي رفع السيوف ليـرفع *** اسـمك فوق هامات النجوم منارا
كـــــنا جـبالاً في الجبال وربـما *** سـرنا عـلى موج البحار بـحارا
لـن تنـس أفريقيا ولا صحراؤها *** ســـجداتـنا و الأرض تقذف نارا
وكأن ظــــل السيف ظـل حديقة *** خضـراء تنـبت حـولنا الأزهارا
أرواحنا يا رب فــــــوق أكـفـنا *** نـرجو ثـوابك مغــنماً وجـوارا

الا أنه لما كان متلفها الى لقيا أحفاد الصحابة وجدهم كأن الوجوه متسورده من الخارج ففاضت قريحته بهذه الأبيات والعهدة على الشيخ عائض القرني حفظه الله

واللي يلقاها منشدة عن الشيخ القارئ عبدالعزيز الأحمد لا يبخل بها علينا

والسلام عليكم

العصباني البلوي الأنصــــــــاري
04-26-2007, 03:24 PM
رحمه الله

ما كتب قصيدة :

من ذا الذي رفع السيوف ليـرفع *** اسـمك فوق هامات النجوم منارا
كـــــنا جـبالاً في الجبال وربـما *** سـرنا عـلى موج البحار بـحارا
لـن تنـس أفريقيا ولا صحراؤها *** ســـجداتـنا و الأرض تقذف نارا
وكأن ظــــل السيف ظـل حديقة *** خضـراء تنـبت حـولنا الأزهارا
أرواحنا يا رب فــــــوق أكـفـنا *** نـرجو ثـوابك مغــنماً وجـوارا

الا أنه لما كان متلفها الى لقيا أحفاد الصحابة وجدهم كأن الوجوه متسورده من الخارج ففاضت قريحته بهذه الأبيات والعهدة على الشيخ عائض القرني حفظه الله

واللي يلقاها منشدة عن الشيخ القارئ عبدالعزيز الأحمد لا يبخل بها علينا

والسلام عليكم

*متلهفا = مشتاقا لروية

وذلك في الحج