المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللغــة العـربيــة ومكانتهـا بيـن اللغــات



أم حبيبة البريكى
03-13-2004, 02:28 AM
اللغــة العـربيــة ومكانتهـا بيـن اللغــات

الأستاذ الدكتـور فرحـان السـليـم


أهميـة اللغــة :
اللغة فكر ناطق، والتفكير لغة صامتة. واللغة هي معجزة الفكر الكبرى.
إن للغة قيمة جوهرية كبرى في حياة كل أمة فإنها الأداة التي تحمل الأفكار، وتنقل المفاهيم فتقيم بذلك روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة ، وبها يتم التقارب والتشابه والانسجام بينهم. إن القوالب اللغوية التي توضع فيها الأفكار، والصور الكلامية التي تصاغ فيها المشاعر والعواطف لا تنفصل مطلقاً عن مضمونها الفكري والعاطفي .
إن اللغة هي الترسانة الثقافية التي تبني الأمة وتحمي كيانها. وقد قال فيلسوف الألمان فيخته : ((اللغة تجعل من الأمة الناطقة بها كلاً متراصاً خاضعاً لقوانين . إنها الرابطة الحقيقية بين عالم الأجسام وعالم الأذهان )) .
ويقول الراهب الفرنسي غريغوار : (( إن مبدأ المساواة الذي أقرته الثورة يقضي بفتح أبواب التوظف أمام جميع المواطنين، ولكن تسليم زمام الإدارة إلى أشخاص لا يحسنون اللغة القومية يؤدي إلى محاذير كبيرة، وأما ترك هؤلاء خارج ميادين الحكم والإدارة فيخالف مبدأ المساواة، فيترتب على الثورة - والحالة هذه - أن تعالج هذه المشكلة معالجة جدية؛ وذلك بمحاربة اللهجات المحلية، ونشر اللغة الفرنسية الفصيحة بين جميع المواطنين )) .
ويقول فوسلر : (( إن اللغة القومية وطن روحي يؤوي من حُرِمَ وطنَه على الأرض )) .
ويقول مصطفى صادق الرافعي : (( إن اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة. كيفما قلّبت أمر اللغة - من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها - وجدتها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها .))
وقد صدر بيان من مجلس الثورة الفرنسية يقول : (( أيها المواطنون : ليدفع كلاً منكم تسابق مقدس للقضاء على اللهجات في جميع أقطار فرنسا لأن تلك اللهجات رواسب من بقايا عهود الإقطاع والاستعباد .))

أهمية اللغة العربية :
اللغة - عند العرب - معجزة الله الكبرى في كتابه المجيد .
لقد حمل العرب الإسلام إلى العالم، وحملوا معه لغة القرآن العربية واستعربت شعوب غرب آسيا وشمال إفريقية بالإسلام فتركت لغاتها الأولى وآثرت لغة القرآن، أي أن حبهم للإسلام هو الذي عربهم، فهجروا ديناً إلى دين، وتركوا لغة إلى أخرى .
لقد شارك الأعاجم الذين دخلوا الإسلام في عبء شرح قواعد العربية وآدابها للآخرين فكانوا علماء النحو والصرف والبلاغة بفنونها الثلاثة : المعاني ، والبيان ، والبديع .
وقد غبر دهر طويل كانت اللغة العربية هي اللغة الحضارية الأولى في العالم .
واللغة العربية أقدم اللغات التي ما زالت تتمتع بخصائصها من ألفاظ وتراكيب وصرف ونحو وأدب وخيال، مع الاستطاعة في التعبير عن مدارك العلم المختلفة. ونظراً لتمام القاموس العربي وكمال الصرف والنحو فإنها تعد أمّ مجموعة من اللغات تعرف باللغات الأعرابية أي التي نشأت في شبه جزيرة العرب ، أو العربيات من حميرية وبابلية وآرامية وعبرية وحبشية، أو الساميات في الاصطلاح الغربي وهو مصطلح عنصري يعود إلى أبناء نوح الثلاثة : سام وحام ويافث. فكيف ينشأ ثلاثة أخوة في بيت واحد ويتكلمون ثلاث لغات ؟
إن اللغة العربية أداة التعارف بين ملايين البشر المنتشرين في آفاق الأرض، وهي ثابتة في أصولها وجذورها، متجددة بفضل ميزاتها وخصائصها .
إن الأمة العربية أمة بيان، والعمل فيها مقترن بالتعبير والقول، فللغة في حياتها شأن كبير وقيمة أعظم من قيمتها في حياة أي أمة من الأمم. إن اللغة العربية هي الأداة التي نقلت الثقافة العربية عبر القرون، وعن طريقها وبوساطتها اتصلت الأجيال العربية جيلاً بعد جيل في عصور طويلة، وهي التي حملت الإسلام وما انبثق عنه من حضارات وثقافات، وبها توحد العرب قديماً وبها يتوحدون اليوم ويؤلفون في هذا العالم رقعة من الأرض تتحدث بلسان واحد وتصوغ أفكارها وقوانينها وعواطفها في لغة واحدة على تنائي الديار واختلاف الأقطار وتعدد الدول. واللغة العربية هي أداة الاتصال ونقطة الالتقاء بين العرب وشعوب كثيرة في هذه الأرض أخذت عن العرب جزءاً كبيراً من ثقافتهم واشتركت معهم - قبل أن تكون ( الأونيسكو ) والمؤسسات الدولية - في الكثير من مفاهيمهم وأفكارهم ومثلهم، وجعلت الكتاب العربي المبين ركناً أساسياً من ثقافتها، وعنصراً جوهرياً في تربيتها الفكرية والخلقية .
إن الجانب اللغوي جانب أساسي من جوانب حياتنا، واللغة مقوم من أهم مقومات حياتنا وكياننا، وهي الحاملة لثقافتنا ورسالتنا والرابط الموحد بيننا والمكون لبنية تفكيرنا، والصلة بين أجيالنا، والصلة كذلك بيننا وبين كثير من الأمم .
إن اللغة من أفضل السبل لمعرفة شخصية أمتنا وخصائصها، وهي الأداة التي سجلت منذ أبعد العهود أفكارنا وأحاسيسنا. وهي البيئة الفكرية التي نعيش فيها، وحلقة الوصل التي تربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. إنها تمثل خصائص الأمة، وقد كانت عبر التاريخ مسايرة لشخصية الأمة العربية، تقوى إذا قويت، وتضعف إذا ضعفت .
لقد غدت العربية لغة تحمل رسالة إنسانية بمفاهيمها وأفكارها، واستطاعت أن تكون لغة حضارة إنسانية واسعة اشتركت فيها أمم شتى كان العرب نواتها الأساسية والموجهين لسفينتها، اعتبروها جميعاً لغة حضارتهم وثقافتهم فاستطاعت أن تكون لغة العلم والسياسة والتجارة والعمل والتشريع والفلسفة والمنطق والتصوف والأدب والفن .
واللغة من الأمة أساس وحدتها، ومرآة حضارتها، ولغة قرآنها الذي تبوأ الذروة فكان مظهر إعجاز لغتها القومية .
إن القرآن بالنسبة إلى العرب جميعاً كتاب لبست فيه لغتهم ثوب الإعجاز، وهو كتاب يشد إلى لغتهم مئات الملايين من أجناس وأقوام يقدسون لغة العرب، ويفخرون بأن يكون لهم منها نصيب .
وأورد هنا بعض الأقوال لبعض العلماء الأجانب قبل العرب في أهمية اللغة العربية . يقول الفرنسي إرنست رينان : (( اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة .))
ويقول الألماني فريتاغ : (( اللغة العربية أغنى لغات العالم )) .
ويقول وليم ورك : (( إن للعربية ليناً ومرونةً يمكنانها من التكيف وفقاً لمقتضيات العصر. ))
ويقول الدكتور عبد الوهاب عزام : (( العربية لغة كاملة محببة عجيبة، تكاد تصور ألفاظها مشاهد الطبيعة، وتمثل كلماتها خطرات النفوس، وتكاد تتجلى معانيها في أجراس الألفاظ، كأنما كلماتها خطوات الضمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة . ))
ويقول مصطفى صادق الرافعي : (( إنما القرآن جنسية لغوية تجمع أطراف النسبة إلى العربية، فلا يزال أهله مستعربين به، متميزين بهذه الجنسية حقيقةً أو حكماً .))
ويقول الدكتور طه حسين : (( إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً.))

خصائص اللغة العربية:
للعربية خصائص كثيرة يضيق المجال عن حصرها في هذه المحاضرة، لذا سأقتصر على بعضها تاركاً، لمن أراد التوسع، الرجوع إلى أمهات الكتب في هذا المجال .

1 – الخصائص الصوتيـة :
إن اللغة العربية تملك أوسع مدرج صوتي عرفته اللغات، حيث تتوزع مخارج الحروف بين الشفتين إلى أقصى الحلق. وقد تجد في لغات أخرى غير العربية حروف أكثر عدداً ولكن مخارجها محصورة في نطاق أضيق ومدرج أقصر، كأن تكون مجتمعة متكاثرة في الشفتين وما والاهما من الفم أو الخيشوم في اللغات الكثيرة الغنة ( الفرنسية مثلاً)، أو تجدها متزاحمة من جهة الحلق .
وتتوزع هذه المخارج في هذا المدرج توزعاً عادلاً يؤدي إلى التوازن والانسجام بين الأصوات. ويراعي العرب في اجتماع الحروف في الكلمة الواحدة وتوزعها وترتيبها فيها حدوث الانسجام الصوتي والتآلف الموسيقي. فمثلاً لا تجتمع الزاي مع الظاء والسين والضاد والذال. ولا تجتمع الجيم مع القاف والظاء والطاء والغين والصاد، ولا الحاء مع الهاء، ولا الهاء قبل العين، ولا الخاء قبل الهاء ، ولا النون قبل الراء ، ولا اللام قبل الشين .
وأصوات العربية ثابتة على مدى العصور والأجيال منذ أربعة عشر قرناً. ولم يُعرف مثل هذا الثبات في لغة من لغات العالم في مثل هذا اليقين والجزم. إن التشويه الذي طرأ على لفظ الحروف العربية في اللهجات العامية قليل محدود، وهذه التغيرات مفرقة في البلاد العربية لا تجتمع كلها في بلد واحد. وهذا الثبات، على عكس اللغات الأجنبية، يعود إلى أمرين : القرآن، ونزعة المحافظة عند العرب .
وللأصوات في اللغة العربية وظيفة بيانية وقيمة تعبيرية، فالغين تفيد معنى الاستتار والغَيْبة والخفاء كما نلاحظ في : غاب ، غار ، غاص ، غال ، غام. والجيم تفيد معنى الجمع : جمع ، جمل، جمد ، جمر. وهكذا .
وليست هذه الوظيفة إلا في اللغة العربية ، فاللغات اللاتينية مثلاً ليس بين أنواع حروفها مثل هذه الفروق، فلو أن كلمتين اشتركتا في جميع الحروف لما كان ذلك دليلاً على أي اشتراك في المعنى. فعندنا الكلمات التالية في الفرنسية مشتركة في أغلب حروفها وأصواتها ولكن ليس بينها أي اشتراك في المعنى Ivre سكران oeuvre أثر أو تأليف ouvre يفتح livre كتاب lèvre شفة .

2 – الاشـتـقـاق :
الكلمات في اللغة العربية لا تعيش فرادى منعزلات بل مجتمعات مشتركات كما يعيش العرب في أسر وقبائل. وللكلمة جسم وروح، ولها نسب تلتقي مع مثيلاتها في مادتها ومعناها : كتب - كاتب - مكتوب - كتابة - كتاب.. فتشترك هذه الكلمات في مقدار من حروفها وجزء من أصواتها .
وتشترك الألفاظ المنتسبة إلى أصل واحد في قدر من المعنى وهو معنى المادة الأصلية العام. أما اللغات الأخرى كالأوروبية مثلاً فتغلب عليها الفردية . فمادة ( ب ن و ) في العربية يقابلها في الإنكليزية : son ابن و daughter بنت. أما في الفرنسية فتأتي مادة ( ك ت ب ) على الشكل التالي : كتاب livre مكتبة عامة bibliothèque محل بيع الكتب librairie يكتب ècrire مكتب bureau .
وثبات أصول الألفاظ ومحافظتها على روابطها الاشتقاقية يقابل استمرار الشخصية العربية خلال العصور، فالحفاظ على الأصل واتصال الشخصية واستمرارها صفة يتصف بها العرب كما تتصف بها لغتهم، إذ تمكن الخاصة الاشتقاقية من تمييز الدخيل الغريب من الأصيل .
إن اشتراك الألفاظ ، المنتمية إلى أصل واحد في أصل المعنى وفي قدر عام منه يسري في جميع مشتقات الأصل الواحد مهما اختلف العصر أو البيئة، يقابله توارث العرب لمكارم الأخلاق والمثل الخلقية والقيم المعنوية جيلاً بعد جيل. إن وسيلة الارتباط بين أجيال العرب هي الحروف الثابتة والمعنى العام .
والروابط الاشتقاقية نوع من التصنيف للمعاني في كلياتها وعمومياتها، وهي تعلم المنطق وتربط أسماء الأشياء المرتبطة في أصلها وطبيعتها برباط واحد، وهذا يحفظ جهد المتعلم ويوفر وقته .
إن خاصة الروابط الاشتقاقية في اللغة العربية تهدينا إلى معرفة كثير من مفاهيم العرب ونظراتهم إلى الوجود وعاداتهم القديمة، وتوحي بفكرة الجماعة وتعاونها وتضامنها في النفوس عن طريق اللغة.

3 – خصائص الكلمة العربية ( الشكل والهيئة أو البناء والصيغة أو الوزن ) :
إن صيغ الكلمات في العربية هي اتحاد قوالب للمعاني تُصبُّ فيها الألفاظ فتختلف في الوظيفة التي تؤديها. فالناظر والمنظور والمنظر تختلف في مدلولها مع اتفاقها في أصل المفهوم العام الذي هو النظر. الكلمة الأولى فيها معنى الفاعلية والثانية المفعولية والثالثة المكانية .
وللأبنية والقوالب وظيفة فكرية منطقية عقلية. لقد اتخذ العرب في لغتهم للمعاني العامة أو المقولات المنطقية قوالب أو أبنية خاصة : الفاعلية - المفعولية - المكان - الزمان - السببية - الحرفة - الأصوات - المشاركة - الآلة - التفضيل - الحدث .
إن الأبنية في العربية تعلم تصنيف المعاني وربط المتشابه منها برباط واحد، ويتعلم أبناء العربية المنطق والتفكير المنطقي مع لغتهم بطريقة ضمنية طبيعية فطرية .
وللأبنية وظيفة فنية، فقوالب الألفاظ وصيغ الكلمات في العربية أوزان موسيقية، أي أن كل قالب من هذه القوالب وكل بناء من هذه الأبنية ذو نغمة موسيقية ثابتة. فالقالب الدال على الفاعلية من الأفعال الثلاثية مثلاً هو دوماً على وزن فاعل والدال على المفعولية من هذه الأفعال على وزن مفعول .
وإن بين أوزان الألفاظ في العربية ودلالاتها تناسباً وتوافقاً، فصيغة ( فعّال) لمبالغة اسم الفاعل تدل بما فيها من تشديد الحرف الثاني على الشدة أو الكثرة، وبألف المد التي فيها على الامتداد والفاعلية الخارجية .
وتتميز اللغة العربية بالموسيقية فجميع ألفاظها ترجع إلى نماذج من الأوزان الموسيقية، والكلام العربي نثراً كان أم شعراً هو مجموع من الأوزان ولا يخرج عن أن يكون تركيباً معيناً لنماذج موسيقية .
وقد استثمر الشعراء والكتاب العرب هذه الخاصة الموسيقية فقابلوا بين نغمة الكلام وموضوعه مقابلة لها أثر من الوجهة الفنية. فمثلاً يقول النابغة الذبياني :
ميلــــوا إلى الــدار مـن ليلى نحييـهـــا نـعــم ونســـألهـا عن بعــض أهليـهــــا
حيث ينقلك إلى جو عاشق يهيم ويتأمل وتهفو نفسه برقة وحنان إلى آثار الحبيب بما في البيت من نعومة الحروف وكثرة المدود وحسن توزعها وجمال تركيب الألفاظ .
ويقول البحتري متحدثاً عن الذئب :
عوى ثـــم أقـعــى فارتجــزت فهجتـــــه فأقـبــــل مثــــل البـرق يتبعه الرعد
فينقل تتابع حركات الذئب السريع في ألفاظ قصيرة الأوزان متوالية الحركات .
وقد بلغت هذه الخاصة الموسيقية ذروتها في التركيب القرآني، فأنت تحس، مثلاً في سورة العاديات ، عدو الخيل : (( والعاديات ضبحاً. فالموريات قدحاً. فالمغيرات صبحاً. فأثرن به نقعاً. فوسطن به جمعاً )).
وكان لأوزان الألفاظ أثر في جمال الكتابة العربية، فالكلمات التي على وزن واحد تتشابه ألفاظها الكتابية مثل الكلمات على وزن فاعل أو على وزن مفعول. إن هذه الكلمات في التركيب يكون منها ما يشبه الزخارف العربية .
وتتأرجح الصيغ بين الثبات والتطور، والثبات غالب ولا يسبب هذا جمود العربية، فإن لها على حالتها الحاضرة من الصيغ والأبنية غنى لا تضارعها فيه لغة أخرى من اللغات الراقية التي تفي بحاجات الإنسان في مثل هذا العصر .
إن الإخلال بهذه الأبنية وإفسادها إفساد لنظام اللغة، فلذلك كان العرب إذا أدخلوا كلمة أعجمية احتاجوا إليها صاغوها على نماذج ألفاظهم وبنوها على أحد أبنيتهم وجعلوها على أحد أوزانهم .
وبين العربية والطبيعة صلة وثقى، فالأجسام في الطبيعة على كثرتها ترجع إلى عناصر بسيطة محدودة العدد تتشابه وتختلف بحسب تشابه تركيب مادتها واختلافه. وكذلك اللغة العربية ترجع كلماتها التي لا تكاد تحصى إلى عناصر محدودة ثابتة هي الحروف. وفي الطبيعة تشابه ونمطية وتكرر، فللشجرة مهما كان نوعها أوراق وأغصان جذع وثمر. وفي اللغة أيضاً تشابه بين أبنية الفاعلين والمفعولين والمكان والزمان. ولكل فرد من أفراد الجنس الواحد في الطبيعة ذاتيته مع مشابهته لسائر أفراد الجنس. وكذلك للفظ ذاتيته مع مشابهته لسائر الألفاظ المشتركة معه في الأصل أو البناء والصيغة. وفي الطبيعة تسلسل وتوارث يقابله تسلسل وتوارث في اللغة. وفي الطبيعة محافظة وتجديد، وكذلك في اللغة محافظة وتجديد أيضاً .

4 – التعـريـب :
يتشابه نظام العربية مع نظام المجتمع العربي. فكما يرتبط أفراد المجتمع العربي وقبائله بصلات القربى والنسب والتضامن والتعاون، ترتبط ألفاظها في نسق خاص في حروفها وأصواتها، ومادتها وتركيبها ، وهيئتها وبنائها .
وحين يدخل غريب على المجتمع فلا بد لـه لكي يصبح عضواً فيه من أن يلتزم بأخلاقه وعاداته، فكذلك اللفظة الأعجمية إذا دخلت يجب أن تسير على أوزان العربية وهيئاتها وصيغها لكي تصبح عضواً كامل العضوية في الأسرة اللغوية .
ويُستعمل في العربية مصطلح التعريب بينما في اللغة الأجنبية استعارة emprunt. والتعريب أحد مظاهر التقاء العربية بغيرها من اللغات على مستوى المفردات.
وكانت الألفاظ الدخيلة في العصر الجاهلي قليلة محدودة تتصل بالأشياء التي لم يعرفها العرب في حياتهم. وهي محصورة في ألفاظ تدل على أشياء مادية لا معنوية مثل : كوب - مسك - مرجان - درهم.. وتعود قلة الدخيل إلى سببين : انغلاقهم على أنفسهم واعتدادهم بأنفسهم وبلغتهم .
أما بعد الإسلام فقد اتصلت العربية باللغات الأخرى فانتقلت إليها ألفاظ جديدة تتعلق كلها بالمحسوسات والماديات مثل أسماء الألبسة والأطعمة والنباتات والحيوان وشؤون المعيشة أو الإدارة. وقد انعدم التأثير في الأصوات والصيغ والتراكيب .
إن هذا الداخل على الغالب لم يبق على حاله بل صيغ في قالب عربي، ولذلك كانت المغالاة والإكثار من الغريب وفسح المجال من غير قيد مظهراً من مظاهر النـزعة الشعوبية في الميدان اللغوي قديماً وحديثاً .
وكانت طريقة العرب في نقل الألفاظ الأجنبية أو التعريب تقوم على أمرين :
أ – تغيير حروف اللفظ الدخيل، وذلك بنقص بعض الحروف أو زيادتها مثل :
برنامه ـــــــــــــــــــــ> برنامج - بنفشه ـــــــــــــــــــــ> بنفسج
أو إبدال حرف عربي بالحرف الأعجمي :
بالوده ـــــــــــــــــــــ> فالوذج - برادايس ـــــــــــــــــــــ> فردوس
ب – تغيير الوزن والبناء حتى يوافق أوزان العربية ويناسب أبنيتها فيزيدون في حروفه أو ينقصون، ويغيرون مدوده وحركاته، ويراعون بذلك سنن العربية الصوتية كمنع الابتداء بساكن، ومنع الوقوف على متحرك ، ومنع توالي ساكنين ...
وأكثر ما بقي على وزنه وأصله من الألفاظ هو من الأعلام : سجستان – رامهرمز..
أما دليلهم إلى معرفة الدخيل فهو إحدى ثلاث طرق :
أ – فقدان الصلة بينه وبين إحدى مواد الألفاظ العربية :
بستان : ليس في العربية مادة بست .
ب – أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في الكلمة العربية :
ج ق جوسق – ج ص جَِصّ – ج ط طازج ...
ج – أن أن تكون على وزن ليس في العربية :
إِبْرَيْسَم إفعيلل – آجر فاعُلّ ..
(أحسن الحرير )

معيض ابراهيم الرموثي
03-13-2004, 02:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعطيتي العافيه اختنا ام حبيبه

وبالتاكيد اللغه العربيه هي الاساس والاهم انها لغة القران الكريم

مشكوره على مواضيعك الراقيه المفيده

تقبلي تحياتي

حامد سالم بن مساوي
11-14-2005, 12:26 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعطيك العافيه

خلف فالح العصباني
11-14-2005, 12:48 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الفاضلة ام حبيبة
يكفيها فخراً انها اللغة التي نزل بها لقران الكريم
وليتنا في هذا المنتدى نحاول استخدام اللغة العربية
في المواضيع التي نكتبها

يوسف بن عبد الله البلوي
01-27-2006, 11:12 PM
للرفع

لأنه مما يقود للارتفاع والسمو

لأمتنا المجيدة

محمود الجذلي
01-28-2006, 10:41 AM
للرفع

لأنه مما يقود للارتفاع والسمو

لأمتنا المجيدة

سلمت ياسيدي على رفعك لمثل هذة النصوص ..

ولك خالص الشكر ,,

والشكر في البداية لاختنا ام حبيبة ..