المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (من أجمل ما قيل في الرثاء ) ....



أبوجهاد العرادي
11-10-2007, 10:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم ..

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..

هذه قصيده بالفصحى .. أعجبتني في طريقه التصوير فيها وقلب المواجع والمفاجع إلى سرور وحسنات..

وأحببت نقلها لكم ..
ولكنى لم أجد قسماً يحتويها .. أفضل من هذا القسم ..
فإن أصبت في الطرح .. فالحمد لله ..
وإن أخطأت فأتمنى من المشرفين نقلها إلى قسمها .. ولو حتى كان قسم المكرر:D :D


وهذه القصيده منقوله .. ومنقول شرح وتعليق أحد الأدبيين عليها وهو :/ الإستاذ عبد الله الخريف ..من أحد المنتديات الأدبية ..


كانت هذه القصيدة من إحدى القصائد الرثائية التي أعجبتني ، وإن كنت لا أحب غرض الرثاء ؛ لأنه قد يظهر تفجعاً مصطنعاً ، أو يظهر محاسن المرء ويبالغ فيه لدرجة الكمال! ، أما هذه القصيدة فحوت بجانب الرثاء : الوصف بل وأجاد في الوصف وبلغ به مرتبة الإبداع .
هذه القصيدة قالها: أبو الحسن الأنباري ، أشتهر بوعظه ، ولم يقل الشعر إلا قليلاً ولم يطل إلا في هذه القصيدة والتي حازت على رضا الناس وإعجابهم .
وكانت قصة هذه القصيدة تعود إلى حرب قد جرت أحداثها بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة وقد كان ابن البقية وزيراً لعضد الدولة وقد ذهب إلى عز الدولة و سلمه إلى عضد الدولة باعتباره خائناً ، وقد أورد العداس في كتابه : نظرات في المناسبات أن ابن البقية قد ذهب لإجراء الصلح بين عز الدولة وعضد الدولة ، إلا أن عز الدولة قد ثار وغضب كون مكانته ستهتز ويظهر ضعفه ، فطرد ابن البقية وأرسل واشياً لينقل الأخبار لبلاط عضد الدولة والذي غضب أشد الغضب وطلب ابن البقية وحكم عليه بالخيانة ، فطرحه في ساحة أمام قصره واستدعى الفيلة فداسوه حتى الموت، وكان قد وصل عمره إلى الخمسين. ثم صلبه على باب بيته " أي بيت ابن البقية" والذي كان مجاوراً لقصر عضد الدولة ، ورأوه الناس وأصابتهم الحسرة لما أصابه، وذلك لما كان عليه ابن البقية من حب للناس ومساعدتهم ، وتقديم الخدمة لهم ، وقضاء حوائجهم، وأظهر كثير من الشعراء تفجعهم ورثوه بقصائد لم يحفظ التاريخ إلا قليل منها ، لما كانت عليه من الضعف وإظهار التفجع ومحاولة تعظيم الأمر ، إلا أن أبو الحسن الأنباري رأى ابن البقية مصلوباً وقد تحلق الناس حوله ، وقال قصيدته التي وصلت أقاصي البلاد خلال مدة وجيزة ، بل أن عضد الدولة سمعها من حراسه الذين نقلوا إليه الأبيات ، وأثبت عضد الدولة حزنه ومع ذلك لم ينزل ابن البقية ودفنه إلا بعدما مات عضد الدولة في نفس موضع الخشبة.

والأبيات هي :

علو في الحياة وفي الممات *** لحق أنت إحدى المعجزات
كأن الناس حولك حين قاموا *** وفود نداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيباً *** وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفاء *** كمدهما إليهم بالهبات
ولما ضاق بطن الأرض عن أن *** يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا *** عن الكفان ثوب السافيات
لعظمك في النفوس تبيت ترعى *** بحفاظ وحراس ثقات
وتشعل عندك النيران ليلاً *** كذلك كنت أيام الحياة
ركبت مطية من قبل زيد *** علاها في السنين الماضيات
وتلك فضيلة فيها تأس *** تباعد عنك تعيير العداة
ولم أر قبل جذعك قط جذعا *** تمكن من عناق المكرمات
أسأت إلى النوائب فاستثارت *** فأنت قتيل ثأر النائبات
وكنت تجير من صرف الليالي *** فعاد مطالباً لك بالترات
وصير دهرك الإحسان فيه *** إلينا من عظيم السيئات
وكنت لمعشر سعداً، فلما *** مضيت تفرقوا بالمنحسات
غليل باطن لك في فؤادي *** يخفف بالدموع الجاريات
ولو أني قدرت على قيام *** لفرضك والحقوق الواجبات
ملأت الأرض من نظم القوافي *** ونحت بها خلاف النائحات
ولكني أصبر عنك نفسي *** مخافة أن أعد من الجناة
وما لك تربة فأقول تسقى *** لأنك نصب هطل الهاطلات
عليك تحية الرحمن تترى *** برحمات غواد رائحات
وباختصار لو ننظر للأبيات نظرة معتبرة نرى أنه وصف ابن البقية بأوصاف تناسب حاله وهو مصلوب ، وقد الصفدي في كتابه : درر العلوم بأنها أحسن ما قيل في المصلوب.
( علو في الحياة وفي الممات*** لحق أنت إحدى المعجزات )

من أول بيت أظهر مكانة ابن البقية ولم يظهر التفجع ، بل بين رفعته في الحياة لأن منصبه وزير وعلو رفعته في الممات لأن كل الموتى تحت الأرض وهو أعلاها.

(كأن الناس حولك حين قاموا *** وفود نداك أيام الصلات
كأنك قائم فيهم خطيباً *** وكلهم قيام للصلاة
مددت يديك نحوهم احتفاء *** كمدهما إليهم بالهبات )

وأبدع في وصف الناس بتشبيه أبدع فيه ، فكأنهم حينما رأوه واقفاً تجمعوا حوله كما كانوا يفعلون أيام العطايا والهبات ، وهم نفس الوقت كأنك واقفاً فيهم خطيباً وهم ينظرون إليك باهتمامٍ ، ولأن المصلوب تفرد يداه فكأنه قد فتحها احتفاءً بهم وسعيد بلقائهم وهو في فرحه يمد إليهم بالعطايا والأموال بسعادة وفرح.

(ولما ضاق بطن الأرض عن أن *** يضم علاك من بعد الممات
أصاروا الجو قبرك واستنابوا *** عن الكفان ثوب السافيات )

كما بين سبب صلبه وعدم دفنه بأن الأرض ضيقة لتحوي مثل هذا العظيم الشهم الكريم ، لذا فوضعوا القبر في السماء لأنها ممتدة وقد تضم علوك في الدنيا، وبدلاً من الأكفان كانت الثياب الخفيفة هي البديلة كناية عن تواضعه في الدنيا..

(لعظمك في النفوس تبيت ترعى *** بحفاظ وحراس ثقات
وتشعل عندك النيران ليلاً *** كذلك كنت أيام الحياة )

وقرب من التلميح لعضد الدولة ، وذكر بأنه من عظمته أصبحت الحراسات تتناوب عليه ، ومن كانت الحراسات تتناوب على قبره دليل على عظم شأنه ، وكأني به يشنع بعضد الدولة بأن قادة بني العباس لم تحرس قبورها مثل هذا الوزير وقد يكون أشهر من عضد الدولة لو مات! ، وقال : إن النار تشتعل ليلاً ، دلالة على كرمه أيام حياته، فإشعال النار كانت إحدى سمات العرب الكرماء ، وكما قالت الخنساء: كأنه علم في رأسه نار ..
عموماً القصيدة في إحدى وعشرين بيتاً أو أكثر بحسب الروايات ولكنها لا تتجاوز الثلاث والعشرين، والمجال لا يتسع لتحليها كلها ، ولعل الباب مفتوح لك عزيزي القارئ لأنه تشاركنا الموضوع برؤية فنية لأحد الأبيات ، أو عدم إعجاب بتحليلي لأبياتها الأولى ، وثق بأنني سعيد جداً بتفاعلك وحماسك .. أ.هـ


والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الجريح
11-10-2007, 11:09 AM
ولكني أصبر عنك نفسي *** مخافة أن أعد من الجناة


أبو جهاد .
ألف شكر على ماقدمته بين أيدينا.

دمت في رعاية الرب

محمود الجذلي
11-20-2007, 10:29 AM
اخي الغالي ..
ابو جهاد .
.
سلمت يمينك على هذا النقل والطرح والاختيار

ودمت بود

/