المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة الزاد التربوي



بلي العزيزة
03-07-2008, 02:22 PM
دقائق الليل الغالية



دقائق الليل الغالية 1429 هـ

شرف المؤمن.. ودأب الصالحين:

http://www.ikhwanonline.com/Data/2003/11/1/ikh1.jpgوهذه خير الليالي فهل نستثمرها مع الله؟! إنه التهجد، يقول الله تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ (الإسراء: 79) فضائل قيام الليل:
عن المُغِيرَةَ- رضي الله عنه- قال: قَامَ النبي- صلى الله عليه وسلم- حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيل لهُ: غَفَرَ اللهُ لكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فقَال- صلى الله عليه وسلم-: "أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا" (أخرجه البخاري).
وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ- رضي اللهُ عَنْهُمَا- قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقُول: "لا حَسَدَ إِلا عَلى اثْنَتَيْنِ: رَجُل آتَاهُ اللهُ الكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ الليْل، وَرَجُل أَعْطَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ الليْل وَالنَّهَارِ" (أخرجه البخاري).
وعَنْ جَابِرٍ- رضي الله عنه- قَال: سَمِعْتُ النبي- صلى الله عليه وسلم- يَقُول: "إِنَّ في الليْل لسَاعَةً، لا يُوَافِقُهَا رَجُل مُسْلمٌ يَسْأَل اللهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلكَ كُل ليْلةٍ" (أخرجه مسلم).
إلى لقاء الله:
وعندما نقرأ الحديث التالي ندرك جيدًا متى تكون الإجابة.. وأين يكون العطاء:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- أن رَسُول اللهِ- صلى الله عليه وسلم- قَال: "يَنـزل اللهُ إِلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُل ليْلةٍ حِينَ يَمْضِى ثُلثُ الليْل الأَوَّل، فَيَقُول: أَنَا المَلكُ، أَنَا المَلكُ، مَنْ ذَا الذي يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لهُ؟ مَنْ ذَا الذي يَسْأَلنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الذي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لهُ؟ فَلا يَزَال كَذَلكَ حَتَّى يُضِيءَ الفَجْرُ" (أخرجه مسلم).
آداب قيام الليل:
أ- النية:
فعن عَائِشَةَ- رضي اللهُ عَنْهَا- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قَال: "مَا مِنْ امْرِئٍ تَكُونُ لهُ صَلاةٌ بِليْل فَغَلبَهُ عَليْهَا نَوْمٌ إِلا كَتَبَ اللهُ لهُ أَجْرَ صَلاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَليْهِ" (أخرجه النسائي).
ب- الدعاء عند القيام:
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- قال: كَانَ النبي- صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَامَ مِنْ الليْل يَتَهَجَّدُ قَال: "اللهُمَّ لكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّماَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيومُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلكَ الحَمْدُ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلكَ حَقٌّ، وَلقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللهُمَّ لكَ أَسْلمْتُ، وَعَليْكَ تَوَكَّلتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِليْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِليْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إِلهَ إِلا أَنْتَ" (أخرجه البخاري).
ج- التسوك:
فعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه"أَنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا قَامَ للتَّهَجُّدِ مِنْ الليْل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ" (أخرجه البخاري).
د- إيقاظ الأهل:
فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ مِن الليْل فَصَلى ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلتْ، َإِنْ أَبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ، وَرَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِن الليْل فَصَلتْ ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ في وَجْهِهِ المَاءَ" (أخرجه النسائي).
وعَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَال: "تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ الليْل أَثْلاثًا، يُصَلى هَذَا ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا" (أخرجه البخاري).
هـ- الجهر بالقراءة:
فعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلى مَعَ النبي- صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ ليْلةٍ فَكَانَ يَقُول في رُكُوعِهِ: "سُبْحَانَ رَبِّى العَظِيمِ") وَفي سُجُودِهِ: "سُبْحَانَ رَبِّى الأَعْلى" وَمَا أَتَى عَلى آيَةِ رَحْمَةٍ إِلا وَقَفَ عِنْدَهَا فَسَأَل، وَمَا أَتَى عَلى آيَةِ عَذَابٍ إِلا تَعَوَّذَ"(أخرجه الدارمي).
و- الاستفتاح بركعتين خفيفتين:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قَال: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِن الليْل، فَليَفْتَتِحْ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ" (أخرجه مسلم).
ز- عدم المشقة على النفس:
فعَنْ أَنَسٍ- رضي الله عنه- قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟" قَالُوا: لِزَيْنَبَ، تُصَلِّى فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ: "حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ قَعَدَ" (أخرجه مسلم).
ح- ترك القيام عند غلبة النوم:
فعَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّى فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لا يَدْرِى لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ" (أخرجه البخاري).

++++++++++++

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:27 PM
قبل أن ترى ما رآه!!



قبل أن ترى ما رآه!!




ذات يوم حدثني صاحب لي عن رؤيا رآها، وهي تتكرر معه، يراها تقريبًا في كل عام مرةً، وهي وإن تغيَّرت أشخاصها وبدايتها، لكن تبقى أحداثها ونهايتها واحدة، وهذا ما أزعج صاحبي وأفسد عليه حياته، ودعاه إلى أن يقص عليَّ رؤياه هذه.

قال: "رأيت فيما يرى النائم كأن السماء قد انطبقت على الأرض، وأن الجبال تتطاير في الهواء كالعهن المنفوش، وأن البحار قد صارت نارًا مشتعلةً، وأن مناديًا قد نادى العباد: أن هلموا بالعرض على الجبار في يوم الحساب، فاجتمع الناس من كل حدب وصوب، ووقفوا في أرض المحشر، وقد دنَت الشمس من رؤوس العباد، وبلغ منهم العرق كل مبلغ، واستولى الكرب والغم والحزن على قلوبهم، وهنا تعالت الأصوات بالبكاء، وآهات الحسرة، وصيحات الحزن والندم،.. الكل يبكي من هول الموقف، والكل يتحسَّر على الساعات التي قضاها في غير طاعة الله، والكل يندم لأنه لم يُقدِّم لهذا اليوم الرهيب، والكل يتمنَّى أن يرجع إلى الدنيا ليستعد لهذا الموقف العصيب، والكل يخشى من موقف الحساب، فبعده إما إلى جنة وإما إلى نار..

فإذا بي لا أقدر على الحركة، ولا تستطيع قدماي أن تحملني، وأنظر حولي، فإذا بي أجد الصحف تتطاير، حتى يأخذ كل صاحب كتاب كتابه، وأجد الموازين وقد وُضعت، وعيون العباد وأفئدتهم معلقة بها، الكل يريد أن ترجح كفة حسناته، وأجد الصراط وقد ضُرب بين الجنة والنار، وبدأ الناس في المرور عليه، فمنهم من يعبره حتى النهاية، ومنهم من يسقط في قاع جهنم حتى أُخذ بي للعرض على رب العباد، وتم الحساب وأمر بي إلى النار!!..

فقمت من نومي مفزوعًا؛ لأنها لم تكن المرة الأولى التي أرى فيها هذه الرؤيا، فقد سبق ورأيتها من قبل مرتين متتاليتين، وفي كل مرة تكون النتيجة واحدة، والمصير واحد!! وانتابني الحزن لذلك، وأصابني الهم من هذه الرؤيا التي تتكرر معي بنفس الأحداث، وتنتهي دائمًا بنتيجة واحدة!!".

فسألته عن حاله مع ربه، فأخبرني أنه من المحافظين على الصلاة في وقتها! ولكنه يتهاون في كثير من السنن!!

فلم أعاتبه على ذلك، خوفًا من أن تنقطع العلاقة بيني وبينه، بيد أني قلت له دعك من الماضي، وهيا بنا نفتح صفحةً جديدةً مع أنفسنا، وليكن شعارنا في المستقبل ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ (طه: من الآية 84)، واتخذت قرارًا بيني وبين نفسي أن أحببه في المحافظة على السُّنة من خلال عرض نماذج من الأحاديث النبوية الشريفة، التي تأخذ بيد الفرد من الكسل إلى العمل، ومن التأخُّر إلى التقدُّم، ومن العجز إلى النشاط، ومن اليأس إلى الأمل، ومن التفريط في السنة إلى التمسك بها.

فقلت له: هيا بنا نتذاكر سويًّا بعض أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم التي تُثلج الصدور، وتُذهب الهموم، وتبدِّل الأحزان إلى سرور؛ وخاصةً تلك التي فيها من العمل القليل، ولكن يثاب من فعل بما فيها الثواب العظيم والأجر الجزيل، وخاصةً أيضًا تلك التي فيها سنن غفل عنها الكثير من الناس، فقال: هات ما عندك، فكلي آذان مصغية، فقلت له:

اضمن الرزق في الدنيا والجنة في الآخرة
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (عون المعبود- ج 5/ ص 383)، وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثَلاثةٌ كلهم ضامن على الله إن عاش رُزِق وكُفِيَ وإن مات أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله" (صحيح الترغيب والترهيب- ج 1/ ص 77).

فعندما سمع صاحبي هذا الحديث الذي يصل بالإنسان إن فعل وقام بما فيه إلى درجة أنه يضمن العيش السعيد في الدنيا، والنعيم المقيم في الآخرة، كبَّر فرِحًا مسرورًا، لأنه وجد ما لم يجده في الرؤيا، وهو الفوز بالجنة، والنعيم الدائم؛ فالأعمال التي نص عليها الحديث لا تستهلك الكثير من الجهد أو الوقت، فتعاهدنا سويًا على الآتي:
- الخروج في سبيل الله عن طريق زيارة مريض، أو السعي في قضاء حوائج الناس.

- الذهاب إلى المسجد مبكِّرين، والمحافظة على السنن القبلية والتي بعد الصلاة المفروضة.

- إفشاء السلام، وخاصةً عند دخول المنزل؛ حيث إن الله تعالى يقول ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)﴾ (النور: من الآية 61).


حُج واعتمر وأنت في مكانك واكتب كتابك في عليين
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين" (صحيح الترغيب والترهيب- ج 1/ ص 77)، فسعد أيضًا أشدَّ السعادة بهذه البشرى الموجودة في هذا الحديث؛ لأنه يعلم أن الحج يكفر الذنوب، وأن الحاجَّ يرجع من حجه كيوم ولدته أمه.

واتفقنا على القيام بالآتي:
- الوضوء في المنزل قبل الذهاب إلى المسجد، والمحافظة على دعاء الذهاب إلى المسجد: "اللهم اجعل في قلبي نورًا..".

- المحافظة على صلاة ركعتي الضحى.

- البعد عن اللغو في الكلام.


عهد مع الله فلا تدع الفرصة تفوتك ولا يسبقك إليه أحد
وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: اللهم رب السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ورسولك، فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني إلى الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عندك عهدًا توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، إلا قال الله عز وجل يوم القيامة لملائكته: إن عبدي عهد عندي عهدًا فأوفوه إياه، فيدخله الله عز وجل الجنة"، قال سهيل فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عونًا أخبرني بكذا وكذا فقال ما في أهلنا جارية إلا وهي تقول هذا في خدرها" (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد- ج 4/ ص 426).

وهنا قلت لصاحبي: هل هناك أفضل من هذا؟ هل هناك أفضل من أن يكون بينك وبين الله عهد؟ وأن تسعى للمحافظة عليه؟ وهل رأيت وفاءً أعظم من هذا الوفاء؟ إنه وفاء الكريم.

فأجابني صاحبي: ما رأيت أفضل ولا أوفى من ذلك، بيد أني أخاف ألا أفي بعهدي مع الله!
فقلت له: ومن منا لا يخاف ألا يفي بعهده مع الله؟! ولكن حسبك أن تكون قد جاهدت نفسك في ذلك الأمر.

فانشرح صدره ثم قال: فهل هناك حديث يدلني على ما يكيفني هم الدنيا وهم الآخرة؟!
قلت: استمع إلى الحديث التالي، وسوف تجد فيه ما يسرك بإذن الله.


خَمْسٌ للدنيا وخَمْسٌ للآخرة
أخرج الحكيم الترمذي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال عشر كلمات عند دبر كل صلاة غداة، وجد الله عندهن مُكفيًا مُجزيًا: خمس للدنيا، وخمس للآخرة، حسبي الله لديني، حسبي الله لما أهمني، حسبي الله لمن بغى علي، حسبي الله لمن حسدني، حسبي الله لمن كادني بسوء، حسبي الله عند الموت، حسبي الله عند المسألة في القبر، حسبي الله عند الميزان، حسبي الله عند الصراط، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب" (كشف الخفاء- ج 1/ ص 356).

فابتسم صاحبي عندما سمع هذا الحديث، وقال: لن أترك هذه الكلمات العشر وسأردِّدها كذكر وورد يومي بيني وبين نفسي، ولن أجلس مجلسًا مع أصدقائي إلا ونشرتها بينهم، من باب "لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".


وجه كالبدر وعمل من أفضل الأعمال
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله عز وجل يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر ولم يرفع لأحد يومئذٍ عمل أفضل من عمله إلا من قال مثل قوله أو زاد عليه" (كنز العمال- ج 1/ ص 57).

ونظرت إلى صاحبي، فوجدت أن وجهه يفيض بالبشر، وتُظهر تعبيرات وجهه ما ارتسم في قلبه من الرضا والتعلق بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وقبل أن نُنهي المحادثة الإيمانية أردت أن أزرع في نفسه الأمل أكثر من ذلك، وأن أفتح أمامه بابًا من الرحمة من خلال الحديث التالي والأخير:

كلمات يسيرة تغفر الذنوب الكثيرة
عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يقول لنا: "معاشر أصحابي، ما يمنعكم أن تكفروا ذنوبكم بكلمات يسيرة؟ قالوا يا رسول الله: وما هي؟ قال تقولون مقالة أخي الخضر، قلنا يا رسول الله: ما كان يقول؟ قال كان يقول: اللهم إني أستغفرك لما تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك لما أعطيتك من نفسي ثم لم أوفِّ لك به، وأستغفرك للنعم التي أنعمت بها علي فتقويت بها على معاصيك وأستغفرك لكل خير أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك، اللهم لا تخزني فإنك بي عالم ولا تعذبني فإنك علي قادر" (كنز العمال- ج 2/ ص 700).

وهنا ناداني صاحبي: أمِن كل هذا الخير العظيم قد حرمت نفسي؟ وسبقني الكثير إليه؟ والله لا أجد تفسيرًا لتكرار هذه الرؤيا معي، وتكرار النهاية والنتيجة الواحدة والمصير غير المرغوب فيه، إلا أنها تحمل إليَّ رسالة تحذير من التفريط في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.. أعاهدك من الآن فصاعدًا أن لا أتأخر أو أقصِّر أو أفرِّط في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسآخذ بيد الناس معي في ذلك، فسعدت بكلامه كثيرًا، وحمدت الله على ذلك، ثم ودعته وانصرفت.

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:28 PM
الرياء الحلال



وقف الرجل الصالح يوم القيامة صارخًا من شدة الفرح، وبدا صوته مهللاً فرحًا مسرورًا، وهو ينادي في الجموع المحتشدة في أرض المحشر قائلاً: ﴿هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ (الحآقة: 19، 20)، فالتف حوله خلق كثير يتصفَّحون كتابَه النوراني المليء بالحسنات بشتى صنوفها، فهذه ركعات كثيرة صلاها في الليل لم تُعلَن إلا اليوم، وهذه صدقاتٌ خفيةٌ تنير عددًا كبيرًا من صفحات صحيفته، وتلك أيام صيام طويلة صامها في حر الهاجرة ملؤها العطش والجوع والألم، كثيرًا ما صبر عليها دون أن يعلم أحدٌ.


ناهيك عن خطوات كثيرة مشاها لله، أصلح فيها بين الناس، ودلَّ فيها كثيرًا من العصاة على ربهم، وسابق فيها إلى الصف الأول، وبادر إلى المعروف بشتى صنوفه، ناهيك عن عدد كبير من الختمات القرآنية التي قرأها آناء الليل وأطراف النهار، كل هذه الأعمال لم يكن يشعر بها أحد ها هو اليوم يعرضها على أرض المحشر، والفرحة تملأ كل حرف من حروف كلماته، ومن الذي يفرح إن لم يفرح مثله؟! كتابه بيمينه، يعرضه على الرائح والغادي، يقرأ عليهم الآية فرحًا مُنتشيًا، يتقطع صوتُه وهو يقرؤها من شدة الفرح ﴿هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾.

ثم يشق الصفوف وهو يلوح بكتابه باحثًا عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى يراه فيحتضنَه فرِحًا سعيدًا، لا يريد أن يخلع نفسه من بين أحضانه- صلى الله عليه وسلم- وهو يقول اقرأ يا رسول الله كتابي.. انظر يا حبيب الله صحائف أعمالي.. انظر جميل ما عملت، وصالح ما كتمت.. انظر صلاتي وصيامي وصدقتي واعتكافي ودموعي وصلاتي بالليل.. انظر تمسكي بهديِك.. انظر صبري، وغضي لبصري.. انظر لوعتي ودمعتي على المسلمين.. انظر كذا.. انظر كذا.

ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يطالع صحيفته فرِحًا مسرورًا مغتبطًا، ثم يقول له:
أحسنت وأجملت يا حبيبي.. أترى الثلة الواقفة ها هنا عن قريب؟! قف معهم حتى آتيكم فننطلق سويًّا إلى الجنة.. فينطلق الرجل مسرعًا إليهم فتلتقي فرحتُه بأفراحهم، وتعانق صحيفته صحائفهم فأسعِد به وبهم من فائزين..!!

وعلى الجانب الآخر وقف رجل آخر لكنه على حالٍ أخرى!! رجل يده اليمنى وراء ظهره، ويده اليسرى تمسك صحيفةً يبدو عليها القتامة والسواد من جميع جوانبها، وهو يصرخ ويولول قائلاً ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ* وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ* يَا لَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ (الحآقة: 25: 29)، وقف هذا المسكين وقد ضلع قلوب أهل المحشر بمنظره الكئيب ووجهه المظلم ويده الموثوقة وراء ظهره وهو يدعو على نفسه بالثبور والهلاك بعدما فتح صحيفته بيده اليسرى وقلَّب أوراقها الخالية من الحسنات إلا ما ندَر، وإذا به يتعجَّب ويقول أين عملي؟ أين حسناتي؟ يارب.. لي حسنات لم تسجَّل، وأعمال لم تدوَّن!! فيقال له: بل هي هباء لم تقبل؛ لأنها لم تكن لنا!! ألم تستعجل ثوابك في الدنيا؟! ألم يطربك مديحُ أهلها لحسناتك المغمورة بين أمواج سيئاتك المطمورة؟! ألم تكن قليل العمل طويل الأمل عندنا، وعند الناس زاهدًا ناسكًا؟!


تصوم يومًا بالكاد، وما أن ينتهي حتى يعلم كل الحي والآل أنك صوَّام!!

صدقاتك وإكرامك لضيفك وفعلك الخير سجلتَه عند الناس لا عندنا!!

ألْهتك الألسُن الشاكرة عن الصحف الفارغة!! فأعمالك عند الناس ما أكثرها..!! وصحيفتك اليوم ما أفقرها!! كنت تود لو أن أهل الدنيا أشاروا إليك بالبنان، رغم ما أنت عليه من عصيان!! شغلك المدح الدنيوي الحقير عن هذا المهرجان الكبير؛ حيث الوجه المنير والرضا الكبير والنعيم المقيم الكثير.. آه..!! ما أشقاك اليوم يا صاحب الصحيفة السوداء واليد اليمنى الشلاء، واليسرى الطلقاء!!

تدبر الصورتين أخي القارئ!! فهذا مُراءٍ وذاك مُراءٍ.. لكنَّ مُرائي الجنة أجَّل رياءَه للآخرة حتى صار رياءً حلالاً محمودًا، فصرخ في الناس مشهرًا عملَه، ومظهرًا نفسه بعد ما كان يخفي السجود ويغسل وجهه من الدموع فلا يراه إلا الله، فحق له اليوم أن يعرضه وينشره، فقد صار الرياء اليوم حلالاً بل ممتعًا!!

أما الآخر فقد استعجل الأجر فضيَّعه، واستهان بالآخرة فخسرها، فضيَّع عليه الرياء الحرام طعم الرياء الحلال، فلم يهتف مع الهاتفين ﴿اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ فأجِّل يا أخي رياءَك للآخرة؛ حيث يحل لك يومها ما حرُم عليك اليوم، فالذهب يحل بعد حرمة!! والخمر يصبح في الجنة أنهارًا بعد ما كان يجلد الرجل على رائحته!! والحور يحللن لك بالعشرات بعدما أحصي عليك العدد!! والرياء بالعمل يصبح من أمتع مناظر الآخرة، فاستر العمل اليوم حتى تهتف مع المرائين الأطهار يوم القيامة ﴿اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾.
- من علماء الأزهر الشريف

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:30 PM
تجديد البيعة

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه : " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم، وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" فبايعناه على ذلك. متفق عليه.
بيعة النساء، هكذا تسمى البيعة المذكورة في هذا الحديث، وليس ذلك لأنها مختصة بالنساء لوحدهن، إنما لأنها ذكرت في الآية الكريمة التي جاءت في عرض موضوع المهاجرات من النساء من مكة إلى المدينة: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئاً ... الآية). [الممتحنة 12] .
وقد ذكر كثير من شراح حديثنا هذا أن البيعة المذكورة فيه هي التي كانت في بيعة العقبة الأولى، بينما رأى الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" أن هذه البيعة كانت متأخرة في المدينة، وربما كانت أكثر من مرة، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم جددها وأكدها مع أصحابه مرة بعد مرة. وقدم الحافظ لرأيه هذا أدلة كثيرة، وحققه تحقيقاً نفيساً.
والملاحظ في صيغة هذه البيعة أن جميع ما فيها من بنود هو محرمات نؤمر باجتنابها، أي هي من النواهي وليست من الأوامر، وربما نستغرب أن تكون بيعة مرتبطة بانتقال الإنسان من الكفر إلى الإسلام، أن تكون على مجرد اجتناب النواهي، ولا تشتمل على فعل أمر من الأوامر، والأوامر في شريعة الإسلام كثيرة في عددها، ومحددة في كيفيتها، وأساسية في موقعها.
إن هذا الأسلوب - تحديد المحرمات والأمر باجتنابها- وجد كثيراً في القرآن الكريم، ولعل أوضح أمثلته ما جاء في أواخر سورة الأنعام في الآيات التي تبدأ بقوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم). [الأنعام: 151]. والمحرمات المذكورة في حديث عبادة ذكرت في آيات سورة الأنعام تصريحاً أو تضميناً.
وعندما تكون البيعة على اجتناب محرمات، وتكون هذه المحرمات قد وقع النهي عنها والتحذير من عقابها في كتاب الله تعالى، وارتبطت بها حدود في شريعة الإسلام، وعندما يجعل المبايع التزامه بهذه الأعمال تحت رقابة الله تعالى، واستسلاماً لحكمه، ورغبةً في ثوابه، "فمن وفى فأجره على الله" ، فإن ذلك سيؤكد لنا أن بنود هذه البيعة ليس مجرد أعمال نتركها، بل هي تعبر عن رؤوس فضائل الإسلام وأمهات أخلاقه، وتمثل مقاصده ومراميه. وهي حقاً كذلك، فالمتأمل فيها يرى بوضوح كيف اشتملت على مقاصد الشريعة الأساسية الخمس التي ذكرها الشاطبي رحمه الله.
إن هذه البيعة تعبير عن منهج حياة يسلكه الإنسان، ويسير عليه المجتمع، وهي بمجموعها تعبر عن خصوصية الإسلام وتميزه عن باقي الأديان، كما قال الله تعالى في آيات سورة الأنعام : (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). [الأنعام: 153]. وقد نرى من جوانب هذه الخصوصية ارتباط الجزاء بالعمل، والعمل بالإيمان، وتلازم النظرة الفردية والجماعية في قيم الإسلام ...
إن من بايع هذه البيعة علم أن ما عليه ليس النية على ترك هذه الأعمال فحسب، بل عليه تجنب مجرد الاقتراب منها، وعليه حفظ ما حرم الله تعالى في نفسه، وكذلك في مجتمعه وما حوله، فهو قد حدد لنفسه قيماً تحكمه في سيرته وحياته. ففي هذه البيعة التزام فردي، يقع على المبايع وحده، وفيها أيضاً التزام جماعي بحفظ هذه القيم في المجتمع.
وبعد ذلك نعلم لماذا ارتبطت هذه البيعة بانتقال الإنسان من الكفر إلى الإسلام، ونعلم لماذا ارتبطت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة، ونعلم أن تجديد النبي صلى الله عليه وسلم لهذه البيعة مع أصحابه هو توثيق لإيمانهم، وترسيخ لبناء المجتمع المسلم، وتحقيق لعبوديته لله تعالى.
وإذا كنا في عصر لا تلتزم فيه المجتمعات بالإسلام، ولا ينادي العالم فيه بقيم الإسلام، فإنه ما زال على كل واحد منا أن يجدد بيعته مع ربه، فمن أكرمه الله بالإسلام عليه أن يحقق معنى هذا الإسلام في نفسـه، ويتبـع ذلـك بالهجـرة " والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" ، ومن لم ينل إكرام الله بدين التوحيد فليعلم أن الدين عند الله الإسلام، وهذا هو طريقه (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعو السبل فتفرق بكم عن سبيله، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:33 PM
المجاهدة طريق الإخلاص
http://www.yanabeea.net/uploads/al-mogahdaa.jpg


uploads/al-mogahdaa.jpg


المجاهدة طريق الإخلاص
الحمد لله رب العالمين، نحمدك اللهم ونستعينك ونستهديك، ونستغفرك ونتوب إليك، ونعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هاديَ له.. لا إله إلا أنت سبحانك أنت القوي ذو العزة، وأنت الغفور ذو الرحمة، مالك الملك وخالق الخلق، رافع السماء وبانيها، وباسط الأرض وداحيها، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير.

ونصلي ونسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومَن دعا بدعوته واستنَّ بسنَّته إلى يوم الدين، ونسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء الطيبين الطاهرين، ونستفتح بالذي هو خير.. رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي، أما بعد:

إن الله عز وجل لا يقبل عملاً بغير الإخلاص، فالمسألة إذًا خطيرةٌ، فنحن نعمل ونصلي ونصوم، فإذا فقدنا الإخلاص ضاعَ العمل، فلا بد أن نسعى إلى الإخلاص.

والإخلاص ليس سهلاً، فهو ليس مجرد كلمة تقال "أنا مخلص"، ولكنه يحتاج إلى متابعة مع النفس، متابعة قبل العمل، فأقف مع نفسي قبل العمل، وأسألها: هل هذا العمل لله وحده وليس لأحد فيه نصيب؟ فإن كان لله وحده فهو عملٌ مقبولٌ، وإذا كان فيه نصيبٌ لغير الله فهو غير مقبول، والرسول الكريم ينقل لنا عن رب العزة قوله في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".

الطريق الصعب

وكيفية الوصول إلى الإخلاص تكون بدوام المجاهدة مع النفس؛ لأن وراءَنا شيطانًا يوسوس ونفسًا أمَّارةً بالسوء ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ (يوسف: من الآية 53) فالشيطان يوسوس، والنفس في ذاتها تأمر بالسوء، فنحتاج لمتابعةٍ مستمرةٍ مع النفس ومراجعةٍ؛ حتى نستطيع أن نصل إلى الإخلاص، والله عز وجل يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ(201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ(202)﴾ (الأعراف).

الشيطان يمس الذين اتقوا أيضًا، بل إنه يهتم بالتقيّ الصالح أكثر مما يهتم بالفاجر؛ لأن الفاجر فجورُه وحده يكفي، أما من يسير في طريق الخير فهو مَن يحاول الشيطانُ أن يأتيه ويصرفه عنه إلى طريق الشرّ.

وعندما ذهب الصحابة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشكون من أن الشيطان يوسوس لهم، فشكوا إلى الرسول: يا رسول الله، إنا ترِدُ إلينا الخواطر، لأن يموت المرء أحب إلينا من أن نتحدث بها، فقال الرسول: "الله أكبر قد وجدتموها؟! هذا آية الإيمان، فقالوا: كيف هذا؟ أرأيتم لو أن لصَّا مرَّ ببيتين اثنين أحدهما مُلئ بالمال والمتاع والآخر لا مالَ فيه ولا متاع فأي البيتين يدخل؟! فقالوا: يا رسول الله يدخل البيت المليء بالمال والمتاع فقال: فكذلك الشيطان لا يدخل إلا القلب العامر بالإيمان"، إذًا فالشيطان عندما يدخل لا يدخل القلب الخَرِب، فماذا سيفعل به؟! لكنه يدخل القلب المليء بالإيمان.

ولنتوقَّف مع الآية مرةً أخرى فالله عز وجل يخبرنا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (الأعراف: 201) فهم يأتيهم الشيطان ليوسوس لهم، لكنهم يتذكرون الله فيصرفه عنهم، وإخوانهم: أي إخوان الشيطان يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون.. يشبه العلماء ذلك الأمر بالفلاَّح أو صاحب الدابة الذي يربط الدابة في مكان ويترك لها الحبل حتى تأكل، فإذا أحسَّ أنها شبعت أو خشِيَ على الطعام الموجود يشدُّ الحبل ويربطه حتى لا تأكل أكثر مما ينبغي، لكن الشيطان- وهذا مفهوم الآية- لا يشد الحبل بل إنه يتركه لك كما تشاء، فإذا أردت أن تأكل الطعام كله تركه لك.

سيرة الرجل الصالح

كل هذا مجهود شخصي، فأنت عندما تشعر بنقص الإخلاص تعالج هذا بالمجاهدة؛ حتى تكون مستقيمًا على الطريق، والله أعلم.. هل نستطيع أن نكون على إخلاص كامل؟ فيظل الإنسان طيلة حياته يسعى للوصول إلى الإخلاص الكامل ولا يدركه، لكن المهم أن يبذل كل ما لديه من جهد.

وهذا الجهد أشار إليه العلماء في قولهم: "إن الرجل الصالح نفسه في عناء، والناس منه في راحة"، ذلك أنه يحاسب نفسه على كل فعل، فينشغل بها عن الآخرين، أما الصنف الآخر والرجل السيئ "نفسه منه في راحة، والناس منه في شقاء"، فهو عكس الأول؛ لأن كل ما يفعله يراه حسنًا، فهو لا يبحث عن نفسه بل عن الناس؛ لذلك يقول الحديث "إذا رأيتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم" لقد انشغل بالآخرين عن نفسه.

التوبة المستمرة

وقضية نقص الإخلاص يجب أن تشغلنا، وهي بمثابة ذنب نتوب منه كلما نتذكره، الحديث يقول: "الذين كلما أذنبوا تابوا" هذا يعني أن تستشعر هذا الذنب الذي تقترفه، وأنه يحتاج إلى توبة، تتوب باستمرار من كل ذنب.فإذا كنت مخلصًا تحاسب نفسك باستمرار، وتتوب من هذا الذنب (نقص الإخلاص) فهذه التوبة كأنك تتوب من ذنب آخر، فهو كأي ذنب تقترفه فتتوب منه، فكذلك إذا لم يكن هناك إخلاص تتوب منه، وأنت عندما تعود إلى نفسك طالبًا من الله أن تكون مخلصًا حتى لو عدت مرةً أخرى إلى عدم الإخلاص، لكنه كلما يذنب يعود مرةً أخرى.

من فوائد هذه الأمر أيضًا أنه يجعلك متواضعًا لله سبحانه وتعالى، فأنت إذا كنت ناقص الإخلاص- والإخلاص شرط في قبول العمل- إذًا فلا تدري هل يُقبل عملك هذا؟ فلعله ليس مقبولاً.. فمن أين يأتيك الغرور والعجب بالنفس؟!إن صلاتك لا تدري هل قبلت أو لا؟ فأنت عندما تدخل فيها تأتي الخواطر والهواجس هل أُعجبوا بصوتي؟ هل أديتها بإتقان؟ كل هذا كفيل أن يُحبط العمل فلا تُقبَل صلاتك، فالله لا يقبل 80% من الإخلاص، وذلك مصداق الحديث: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك"؛ لذلك فهذا الأمر يجعلك متواضعًا ولا تستعلي بعملك على الآخرين.

ولذلك جاء في الحديث "اعملوا وسددوا وقاربوا، واعلموا أن أحدًا لن يدخله عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل" فإذا كان حتى رسول الله عملُه لا يكفي لإدخاله الجنة فهل أنا وأنت يدخلنا عملنا الجنة؟!

إذًا فعليك بالمجاهدة والاستغفار، وثانيًا تعلم أنك في احتياج دائم إلى التوبة باستمرار من ذنب عدم الإخلاص، ثم ثالثًا تستشعر التواضع وأن هذا العمل مهما عظُم أو كبُر فهو لن يدخلك الجنة.

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:35 PM
في الحب في الله و لله



في الحب في الله و لله





من بواعث الاطمئنان وانشراح الصدور الحبُّ في الله والحبُّلله، ولا يذوق حلاوة الحب في الله إلا من عاشه قولاً وفعلاً، وتذوَّق ثمارَهولمسَها وعاينَها في حياته وحياة الآخرين.. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديثأنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان..". منها "وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله"، أي أن تحب أخيك لله وفيالله، لا سعيًا ولا طمعًا في منفعة مادية، وإنما غرض الحب هو الحب في الله ذاته؛لأنك ترى فيه الاستقامة والطاعة لله، فتحبه لأجل ذلك، وترى في نفسك أن ذلك مما يحصلبه على حلاوة الإيمان، فيتذوق المسلم حلاوة الإيمان الذي جمعه وأخيه المسلم.

وسائل الوصول لمحبةالله
ولتحصيل محبة الله تبارك وتعالى وسائلُ وشروطٌ لا بد للعبدأن يحقِّقَها وصولاً لحب الله تبارك وتعالى، منها:
* الإحساس بالعبودية لله.. فإنك عندما تفعل شيئًا أو تقولقولاً، فإنما هو لله وفي الله، تستحضر فيه دائمًا قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونَ) (الذاريات: 56) فهذه آية عظيمة لو عقلها الإنسان وأدى متطلباتها أي حقَّقها فيحياته قولاً وعملاً لتحصَّل على محبة الله.

* أيضًا أن يستحضر المسلم قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّالْعَالَمِيْنَ) (الأنعام: 162)، نعم.. كل حياة المسلم ومماته لله ربالعالمين، كل أعمال المرء هي لله، لا لغير ذلك، فإن كانت لغير ذلك لم يحصل منها إلاعلى الغرض من فعلها، كالمرء يخطب المرأة لجمالها لا لدينها، هنا لا يحصل من ذلك إلاعلى جمالها وكذا سائر الأعمال.

* أن يجعل المرء جميع أعماله- وإن كانت أعمالاً لا ترتبطبأداء فرائض أو الامتناع عن نواهٍ- كلها وجميعها لله، فالمسلم عندما يبحث عن عمل لابد أن يستحضر النية بأن يكون هذا العمل لله، كيف ذلك وهو عِمَل للحصول على مال؟ كيفيكون لله؟! أقول: تستحضر يا أخي أنك عندما تذهب لأداء عمل لأجل الحصول على مال هذاالمال تؤدي به فريضة الإنفاق على من تعول، وتحدث نفسك بحديث رسول الله صلى اللهعليه وسلم: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يعول" هنايصبح بحثك عن عمل وحصولك على العمل هو لله، رغم تقاضيك أجرًا مقابل هذاالعمل.

أيضًا عندما تؤدي هذا العمل عليك أن تؤديه بإتقان، لا رهبةًمن صاحب العمل، ولا رغبةً في زيادة الأجر، وإنما لأن مقتضيات الأمانة تفرض عليك إذاعملت عملاً أن تتقنه، فيكون ذلك لله ويأتي منه زيادة الأجر والبركة فيما تحصَّلعليه من أجر، ولنعلم قوله- صلى الله عليه وسلم-: "أوثق عرىالإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عزوجل".

فالمؤمن عندما يبغض شخصًا فإنما يبغضه لله؟ كيف ذلك؟ كأنيأتي هذا الإنسان المعاصي قولاً أو فعلاً، فميزان الحب والبغض عند المؤمن هو الحبلله والبغض لله.

* أداء الفرائض.. يروي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن ربالعزة "يقول الله تعالى: من عادى ليوليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إلى من أداء ما افترضتهعليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذييسمع به، وبصره الذي يبصر به.."./B>

* الإكثار من النوافل كما تقدم في الحديث.. يُروَى أن الجنيدسُئل عن المحبة فأطرق رأسه ودمعت عيناه، ثم قال: "عبد ذاهب عن نفسه منفصل بذكر ربه،قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هيبته، وصفا شربه من كأس ودّهو.. فإن تكلم فبالله، وإن نطق فعن الله، وإن تحرَّك فبأمر الله، وإن سكن فمع الله،فهو بالله ولله ومع الله".

من ثمار الفوز بمحبةالله
* أن يحبه أهل السماء والأرض.. يروي لنا البخاري ومسلم منحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حب الله العبد دعا جبريل فقال: إني أحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهلالسماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"، وقوله صلى الله عليه وسلم: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّإلى من أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذاأحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به..".

* يظلهم الله في ظله يوم القيامة.. ولذلك يقول الله تعالىيوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟! اليوم أظلهم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي"، وقوله تعالى: "وجبت محبتي للمتحابين فيّوالمتجالسين فيّ والمتزاورين فيّ والمتباذلين فيّ".

فهذه المحبة لهؤلاء المتحابين والمتباذلين والمتزاورينوالمتواصلين والمتناصحين والمتجالسين، فهؤلاء كلهم على منابر من نور، يغبطهمبمكانهم النبيُّون والصديقون والشهداء والصالحون، وذلك لمكانتهم من الله عزوجل.

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:41 PM
بلي العزيزة
التربية بإحياء الضمير
http://www.yanabeea.net/uploads/tarbih-bahia-dmir.gif


uploads/tarbih-bahia-dmir.gif


التر



جاء في صحيح مسلم أن ماعز ابن مالك أتى إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال يا رسول الله : طهرني . فقال : " ويحك ! ارجع . فاستغفر الله وتب إليه " ، قال :فرجع غير بعيد ، ثم جاء فقال يا رسول الله : طهرني . فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ويحك : ارجع فاستغفر الله وتب إله . قال : فرجع غير بعيد ، ثم جاء فقال : يا رسول الله طهرني . فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله : فيم أطهرك ؟ فقال : من الزني ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أبه جنون ؟) فأخبر أنه ليس بمجنون ، فقال : ( أشرب خمراً ) فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر ، قال : فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (أزنيت )؟فقال : نعم . فامر به فرجم ، فكان الناس فيه فرقتين : قائل يقول لقد هلك ، لقد احاطت به خطيئته وقائل يقول : ما توبة أفضل من توبة ماعز :انه جاء الى النبي - صلى الله عليه وسلم – فوضع يده في يده ثم قال : اقتلني بالحجارة ، قال : فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة ، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال : ( استغفروا لماعز ابن مالك قال : فقالوا غفر الله لماعز ابن مالك قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم – ( لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم ) .
قال : ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد ، فقالت : يا رسول الله ! طهرتي ، فقال : ويحك ! ارجعب فاستغفري الله وتوبي إليه . فقال : اراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بم مالك . قال : وما ذاك ؟ قالت : انها حبلى من الزنى ، فقال : انت ؟ قالت : نعم ، فقال لها : حتى تضعي ما في بطنك . قال : فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت . قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد وضعت الغامدية ، فقال : اذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه . فقام رجل من الانصار . فقال : الى رضاعة يا نبي الله . قال فرجمها . رواه مسلم
* * * *
هكذا تفعل الشهوة يا أيها الأحبة بالمؤمن ، إن لم يلجمها بالإيمان ويكبح جماحها بمراقبة الله ، وكم تعمي عن الخير وطلب الخير ، وتعطل فيه عقله ورجولته ومروءته فيصبح ذليلاً لها ، عبداً خاضعاً لا يدفعها ولا يمنعها وإنما قوله لها سمعت وأطعت حتى تورده المهالك نسأل الله السلامة .
ماعز بن مالك والغامدية ضربوا لنا نموذجاً فذاً من نماذج التربية الإيمانية بإحياء الضمير ورقابة الله عز وجل ، فمازال هذا الأسلوب الإيماني التربوي عميق الأثر في النفوس المسلمة ، كيف لا وهو يجعل الله رقيباً علينا ويجعل تقواه نبراساً لأعمالنا ولمشاعرنا وهواجس أنفاسنا . وقد ذكر القرآن الكريم آيات كثيرة تؤكد معنى التقوى وحقيقتها .. وكلها تصب في هدف واحد وهو إحياء ضمير المسلم ثم يقظته واستمرار يته .
بل إن التقوى والمراقبة الذاتية النابعة من داخل النفس هي دعوى الأنبياء جميعاً كما قال تعالى :
( إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ) الشعراء : 106
(إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون ) الشعراء: 124
(إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون ) الشعراء : 142
(إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون ) الشعراء : 161

الملاحظ أخي الكريم أن نداء الإيمان مستمر في أعماق المسلم ويعيده باستمرار إلى حظيرة الإيمان ، فالأيمان لا ينتفي كلية وإنما ينتفي وقت ارتكاب المنكر والمعصية ، فإن عاد إلى رشده وستحظر رقابة ربه ، تاب توبة صادقة .. ومن هنا يروي لنا أبا هريرة – رضى الله عنه – إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن ) رواه البخاري / كتاب المظالم
* * * * * *
ماعز والغا مدية نموذج من تلك النماذج المتعددة التي تبين لنا كيف يكون العمل التربوي من داخل النفس وكيف تكون صحوة الضمير المسلم وتأنيب النفس حين وقوعها فيما يغضب الله – عز وجل – وكيف يستثمر هذا الضعف .
من هنا صاغ لنا الإسلام منهجاً واضحاً للجماعة المسلمة حتى لا تقع فيما وقع فيه البعض مبين لنا الواقع الذي يعيشه بعض الناس حين يصبح هناك خلل في توازن الفرد ونفسه المؤمنة ، ويقدح في شروط الإيمان ومتطلباته ، وأنه لا بد من التوبة والرجوع إلى جادة الحق .
* * * * * * *
ماعز والغا مدية كان باستطاعتهم أن يكتموا على ما فعلوه دون أن يأبه لهم أحد من أفراد المجتمع ، فلا شاهد علي فعلتهم ولا رقيب على جريمتهم ولكنهم
يريدون أن يطهروا نفوسهم ويعمهم رضا الله تعالى ويشملهم عفوه وما تحملوه عاقبة ما فعلوه في أجسامهم وسمعتهم أمام الناس طمعاً في مرضاة الله تعالى والفوز بالجنة .

يقول الدكتور عبد الله علوان في تعريف التقوى : هي نتيجة وثمرة طبيعية للشعور الإيماني العميق الذي يصل بمراقبة الله عز وجل والخشية منه والخوف من غضبة وعقابه والطمع بعفوه وثوابه . ويقول كذلك ( تقوى الله هي منبع الفضائل الاجتماعية ، وهي السبيل الوحيد لاتقاء شر المفاسد ) ..
بهذا المعيار الرباني ربي الصحابة رضوان الله عليهم أنفسهم ، وبهذا المعيار كذلك نريد أن نربي أنفسنا جميعا .

يقول الشيخ سيد سابق ..

إن الإنسان إذا خاف من الله كف لسانه عن الهجر والكذب والغيبة والنميمة والسخرية والهمز واللمز .. وامتنعت العين عن النظرة الخائنة وطهر القلب من الغل والحسد والفسق والكبر والرياء والنفاق ، وسائر الصفات الذميمة التي يبغضها الله ويمقتها . وقد يقال إن القوانين يمكن أن تحل محل الخوف ، والحق . أن القوانين مهما كانت صارمة فإنها لا تنفه كما ينفع الخوف والخشية من الله . فإن الخوف يخلق الضمير الحي الذي يصحب الإنسان في الخلوة والجلوة وفي كل حال . بينما القوانين لا تراعي إلا حيث يخاف الإنسان من الوقوع في قبضة السلطة القائمة على تنفيذ القانون . فإذا وجد الإنسان فرصة أمن فيها على نفسه هتك حرمة القانون ، خرج عليه دون مبالاة وإن ما تعانية الإنسانية من نضوب الفضائل وفساد الضمائر وانتشار الجرائم والاستهتار بالقيم ، إنما سببه الغفلة عن الخوف من الله وعدم استحضار عظمته في القلب ولهذا كثر في القرآن الدعوة إلى الخوف من الله ليستيقظ الضمير ويصمد في الدنيا والآخرة ولا تقتصر ثمار الخوف من الله وخشيته على هذا ، بل يدفع الخوف إلى السلوك الإيجابي الذي يسمو بالنفس إلى كل خير .

بلي العزيزة
03-07-2008, 02:47 PM
العشر الأوائل.. مدرسة إيمانية
تحتاج النفس البشرية المؤمنة إلى استثارات إيقاظية قوية كلما لفها الكسل عن الطاعة وأقعدها الميل إلى المتاع. وفي غمرة الزحام الدنيوي المتكاثر من الملهيات والمغفلات والمكتسبات المادية المحضة تتطلع نفس المؤمن إلى حالة إيمانية ترفعها عن الأرض وترفرف بها إلى عنان الأفق الرباني الرحب.
وتمر على النفس أوقات وأيام تكون فيها أقرب ما تكون إلى العودة إلى الله وبناء عهد جديد معه سبحانه، وتعد هذه العشر من ذي الحجة أنسب ما يكون لتلك الأوبة وخلاص التوبة.
والمنهج الإسلامي التربوي جعل من استغلال تلك الأيام وسيلة ناجعة لتربية إيمانية موجهة، ودفعة قلبية روحانية صالحة، تغسل فيها القلوب العاصية من درنها، وتؤوب فيها النفوس المقصرة إلى بارئها، وتأوي الروح فيها إلى حياة شفافة نقية لا تلوي على شيء غير الطاعة والإيمان.
جماع الخير
لقد جمعت تلك الأيام العشر الخير من أطرافه، فهي خير الأيام وأعلاها مقاما. فقد أقسم بها الله سبحانه في كتابه بقوله تعالى: "وليال عشر" إذ يقول جمهور المفسرين: إن مقصودها عشر ذي الحجة.
ورفع النبي، صلى الله عليه وسلم، شأن العمل الصالح فيها أيما رفعة حين قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر"، أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "ما من عمل أزكى عند الله (عز وجل) ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى"، رواه الدارمي عن ابن عباس وحسنه الألباني.
وأمر فيها صلى الله عليه وسلم بكثرة الذكر، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". أخرجه أحمد عن ابن عمر.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم التاسع من ذي الحجة؛ فقد أخرج النسائي وأبو داود وصححه الألباني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر. أول اثنين من الشهر وخميسين"، قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: "إنه مستحب استحباباً شديداً".
وأمر بصيام يوم عرفة فقد روى مسلم عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية" وروى الطبراني عن ابن عمر أنه قال: "كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدله بسنتين" وصححه الألباني.
يقول الإمام ابن حجر في فتح الباري: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.
وكان التابعي الجليل سعيد بن جبير "إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه"، وروي عنه أنه قال: "لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر" يريد قراءة القرآن وصلاة الليل.
وقال ابن رجب الحنبلي: "لما كان الله (سبحانه) قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام وليس كل أحد قادراً على مشاهدته كل عام فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين".
والمنهج الإسلامي التربوي جعل من استغلال تلك الأيام وسيلة ناجعة لتربية إيمانية موجهة، ودفعة قلبية روحانية صالحة، تغسل فيها القلوب العاصية من درنها، وتؤوب فيها النفوس المقصرة إلى بارئها، وتأوي الروح فيها إلى حياة شفافة نقية لا تلوي على شيء غير الطاعة والإيمان.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟. فأجاب: "أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".
وقال ابن القيم مقارناً بين فضل تلك الأيام: "خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر" كما في سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر". ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر. وقيل: يوم عرفة أفضل منه؛ لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة؛ ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف".
لقد جمعت هذه العشر حقاً الخير من أطرافه، فصارت بحق جماعاً للخير، فما من عمل صالح إلا ويستحب فيها، وما من أيام العمل الصالح فيها خير منها.. فهي خير محض للنفس الطاهرة النقية، وهي دورة روحية إيمانية تتبوأ من العام مكان الصدارة من حيث خيرية الأيام.
بين الحج والثج
أما من وفقه الله لحج بيته فقد وفقه إلى خير ما يحب، وقد اختاره ليغسله من ذنوبه ويرجعه إن أخلص نيته وأحسن حجه كيوم ولدته أمه، ويسر له أن يفتح سجلاً جديداً أبيض يبتدئ فيه عهداً إيمانيًّا جديداً.
فثياب الإحرام تخرجه من حيز رؤية المتاع وتضعه في حيز رؤية الكفن، فلا زينة خداعة، ولا شهوة مغفلة، ولا صراعاً أحمق على الدنيا الزائلة، فالكل في ثوب الإحرام سواء تماماً كما هم في الثوب الأخير، والكل خائفون من الذنب راجون الرحمة التي وسعت كل شيء.
وليعلن المؤمنون يوم الحج إعلاناً عالميًّا في وقت تنزف فيه الأمة وتسيل دماؤها أن شعوب المسلمين في كل أنحاء الأرض هم على قلب واحد، ومنهج واحد، وهدف واحد.. يعبدون ربًّا واحداً، يرجون رحمته ويخافون عذابه، فليخسأ عندئذ الشيطان وأولياؤه، وليعتز كل مسلم بدينه، ذاك الدين الذي يعلو؛ إذ إن الله مولاه وأعداؤه لا مولى لهم..!!
وفي ذات الوقت الذي يثج فيه الحجيج دماء هديهم.. وينهر المضحون دماء أضاحيهم يوم النحر وتعلو في الآفاق أصوات التكبير.. يقدم الشهداء الصالحون في كل ربوع الأرض دماءهم ونفوسهم طيبة رخيصة لوجه الله ربهم، فتبتسم شفاههم عند آخر أثر للروح، ويستقبلون الآخرة يثج منهم الدم.. اللون لون الدم.. والريح ريح المسك..
تعد أيام العشر من ذي الحجة فرصة تربوية يستطيع كل مرب أن يستغلها في التوجيه إلى معالي الفضائل والأخلاق، كما يستطيع أن يجعلها منطلقاً صحيحاً لتجديد نفسي سنوي
المربون والأيام العشر
تعد أيام العشر من ذي الحجة فرصة تربوية يستطيع كل مرب أن يستغلها في التوجيه إلى معالي الفضائل والأخلاق، كما يستطيع أن يجعلها منطلقاً صحيحاً لتجديد نفسي سنوي لمتربيه ومتعلميه على مستوى الإيمان والتوبة والعمل الصالح.
وفي هذا السياق فإننا نقترح أن يكون ذلك من خلال بعض المحاور الأساسية مثل:
أولا: صناعة البيئة الإيمانية:
فالمنهج الإسلامي يساعد المربي في تلك الأيام على تهيئة البيئة الإيمانية وصناعة الجو الإيماني العام المؤثر على الأفراد المراد توجيههم.
فالصيام والتكبير والذكر وعدم الأخذ من الشعر أو الأظفار للمضحين وارتفاع أصوات التلبية من الحجيج في شتى الأماكن تنقلها الإذاعات ووسائل الإعلام وشراء الأضاحي والاستعداد ليوم النحر، كل ذلك يساعد المربي على إكمال الجو الإيماني المطلوب.
ودور المربي هنا هو استغلال ذلك بأعمال دعوية تكون ذلك الجو الإيماني الصالح، فيدعو متربيه إلى لزوم المساجد لأوقات قد تطول بعض لشيء وينتظرون من خلالها الصلاة بعد الصلاة، ويتلون من خلالها القرآن، ويتحينون الفرصة عند الإفطار في كل يوم للدعاء الصالح والمناجاة.
كما يمكن المشاركة في بعض الأعمال الجماعية التي تنشئ روح التضحية والبذل كالاجتماع على صناعة طعام للصائمين، ودعوة الفقراء لذلك الطعام الذي قد أعدوه بأنفسهم وتعبوا في إعداده وتعاونوا على الإنفاق عليه من أموالهم الخاصة.
كما يمكنه أن يجتمع بهم فيتلوا عليهم آيات وأحاديث تأمر بالصدقة والبذل والعطاء وسير الصالحين في التصدق في سبيل الله ثم يأمرهم بالخروج للتصدق (كل على حدة) ويذكرهم باستحضار النية الصالحة وإخفاء الصدقة.
كما يمكنه أن يذكرهم بحديث أبي بكر الصحيح يوم أن قام بأربعة أعمال صالحات، هي: الصيام، واتباع الجنائز، وعيادة المريض، والتصدق بصدقة، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال عنه لما عرف ذلك منه: "ما اجتمعن في رجل في يوم إلا غفر الله له"، فيتشبهون بفعل أبي بكر في جمع تلك الأعمال الصالحات الأربع في يوم... وغير ذلك.
ثانياً: الدعوة لتغيير النفس:
تناسب هذه الأيام أن يجدد المربي دعوته لمتربيه أن يقوموا بعملية تغيرية لأنفسهم وأخلاقهم السيئة أو السلبية وعاداتهم المرفوضة إلى نفوس نقية للخلق جميعاً، وأخلاق تتشبه بأخلاق نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، وعادات إيمانية طيبة، خالعين أخلاق وعادات الجاهلية والنفعية وما يتعلق بحب النفس والرغبة في العلو على الآخرين.
وينبغي أن يوجه المربي توجيهه نحو ذم خلق الكبر والعجب مذكرا إياهم كيف أمر الشرع أن يستوي الناس في الحج في ثيابهم وسلوكهم وكلامهم وأهدافهم، وأن يتركوا الدنيا والعلو فيها.
وكيف يستوون في الرغبة فيما عند الله يوم عرفة فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح، كما يوجههم نحو السيطرة على النفس وعلى شهواتها ورغباتها وترك الترفه والتنعم ما استطاعوا إلى ذلك والاخشوشان عملاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "البذاذة من الإيمان"، وتشبهاً بالمحرمين الذين لا يجوز لهم الترفه بحال ولا التنعم بشيء من المتاع الممنوع منه المحرم، بل ضبط للنفس ورباطة للجأش وبعد عن شهوات الفرج والجنوح نحو المعاصي "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال".
ثالثاً: التوجيه نحو التعاون والاعتصام:
ففي العشر من ذي الحجة تبين معاني الاعتصام بحبل الله -تعالى- وعدم التفرق، فالمسلمون جميعهم كل عام يرغبون في حج بيت الله _تعالى_، والحجيج يمثلون أعظم الصور الواقعية من التعاون والاعتصام بذات المنهج وذات الهدف في مشارق الأرض ومغاربها، والذين لم يقدر الله لهم الحج لهذا العام فهو يشارك الحجيج مشاعرهم القلبية وترفرف روحه من حولهم داعيا ربه أن يلحقه بهم في قابل.
والمربي ههنا يدعو متربيه لنبذ الخلاف والتفرق والسعي للوحدة وعدم استحقار العمل الصالح من أحد أيًّا كان، ورؤية العاملين لله جميعهم على ثغور مستهدفة، فيدعو لهم، ويرجو لهم النصرة، ولا يخذلهم ولا يسلمهم، بل يدعو لهم وينصرهم بما استطاع، ويناصحهم فيما رآه خطأ منهم ويوجههم بالحسنى فيما خفي عنهم.
إنها أيام صالحات مباركات، ينتظرها المؤمنون الصالحون؛ ليخلعوا ربقة الارتباط بالدنيا عنهم ويتحرروا من قيد الشهوة وقيد الأماني البالية، ويسطروا سجلاً من نور، فلا مادية تكسر حاجز الشفافية ولا معصية تدنس الطاعة بل ذكر وخشوع وتوبة وبكاء، فيرون الكون كله حبور وشفافية، ويمتزج النور بالسعادة، والأمل بمعنى الصدق، وتصبح الجنة هي المطلب والإخلاص هو المرتجى، وحسن الظن بالله هو كهف الأمنيات.

*******************

مشعل العصباني
03-07-2008, 02:51 PM
جزاك الله خيرا