المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن الدين عند الله الإسلام



بلي العزيزة
03-13-2008, 01:16 PM
إن الدين عند الله الإسلام http://www5.0zz0.com/2008/03/13/10/973654518.jpg



الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[1] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)[2] ( يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[3] .

أما بعد:

فإن الله عز وجل الذي نزه نفسه عن كل عيب ، وعبث ، ونقصان ، ولعب ، كما قال جل جلاله : ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)[4] .

( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[5] ( أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً)[6] ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ، لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)[7] ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)[8] ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)[9] ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ )[10] .

( فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)[11] ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[12] ( فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[13] ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[14] ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)[15] (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[16].

قد اقتضت حكمته أن يخلق هذا الإنسان لغاية ، حددها بقوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[17] ولم يكل الله سبحانه الإنسان إلى عجزه في معرفة طرق الهداية والرشاد، بل أرسل الرسل ، وأنزل الكتب ، واختار لعباده دينه الإسلام ، الدين هو دين جميع الرسل ، والدين الذي لا يقبل من أحد غيره ، كما قال جل وعلا: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[18].

وقال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[19] ولذلك كانت أصول الدين واحدةٌ عند جميع الرسل ، كما قال سبحانه: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)[20] ولذلك أخبر الله عز وجل في كتابه الكريم أن دين الرسل جميعاً هو الإسلام، وذلك في مثل قوله سبحانه عن نوح عليه السلام: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[21] .

وعن إبراهيم عليه السلام: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[22] وعن لوط وأهل بيته المؤمنين : (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[23] وعن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ)[24] وعن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وبنيه عليهم السلام: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[25] وعن يوسف عليه السلام: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)[26] وعن أنبياء بني إسرائيل : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا )[27] . وعن بني إسرائيل: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ)[28] .

وعن ملكة سبأ: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[29] وعن الحواريين من أصحاب عيسى عليه السلام: (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)[30] وعن الجن: (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً)[31] وعن خاتم النبيين محمد وعليهم أجمعين: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[32] (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[33] (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[34] وعن أمة محمد صلى الله عليه وسلم : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)[35] ومع أنَّ دين الأنبياء واحد هو الإسلام ، وأصول دينهم واحدة أيضاً ، إلا إن الله سبحانه جعل فروع الشرائع متفاوتة حسب ما تقتضيه حكمته لكل زمان ، ولكل أمة ، قال جل وعلا: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)[36] وقال صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء أخوة أولاد علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد) رواه الشيخان عن أبي هريرة .

وهذا من كمال رحمة الله سبحانه بالأمم ، فإن أوضاعهم وأحوالهم وحوائجهم ومشكلاتهم تختلف باختلاف البيئات والأزمان والعلاقات وغيرها، لذلك لم يضيق الله على عباده ، بل شرع لهم في كل عصر ما يتناسب مع أحوالهم وظروفهم وطبائعهم ، بما تستقيم به شئون دينهم ودنياهم ، وتتحقق به مصالحهم العامة والخاصة ، وكانت شرائع الأمم مرهونة بكل أمة ، غير صالحة للخلود ، كما كانت رسالات الرسل من قبل.

ولما كانت شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي خاتمة الشرائع ، لأن الله عز وجل ختم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم الرسالات ، وجعل رسالته عامة شاملة خالدة ، كما قال عز وجل: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)[37] (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)[38] (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً)[39] وفي الحديث ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهم ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الكل أحمر وأسود ، وأحلّت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة وطهوراً ومسجداً ، فأيما رجل أدركته الصلاة ، صلى حيث كان ، ونصرت بالرعب على العدو بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة) رواه البخاري ومسلم.

ولكي يستوعب الإسلام كل القضايا المستجدة في حياة الناس إلى يوم القيامة ، فقد جعل الله سبحانه في نصوص الشريعة من الأصول والقواعد العامة ، ما يمكن الرجوع إليها لاستنباط الأحكام الشرعية للقضايا الجزائية ، التي تتوافق مع نصوص الشريعة وأهدافها ومقاصدها، وجعل هذه المهمة منوطة بأهل العلم ، العارفين بطرائق الاستنباط ، الذين منحهم الله الفقه في دينه، وإليهم يرجع الناس فيما أشكل عليهم من أمر دينهم ، كما قال عز وجل: (فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)[40] (يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)[41] .

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر) رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن العاص.

وبهذا أصبح الإسلام في غنى عن القوانين الوضعية الجائرة التي لا تستند إلى دليل شرعي ، بل تقوم على الأهواء والشهوات وعلى محض الآراء البشرية القاصرة التي لا تكسب منها البشرية إلا الدمار والفساد ، كما هو مشاهد اليوم في كل بلد أعرض عن شرع الله سبحانه ، وفرض على الأمة قوانين بشرية فإنها تعج بالفساد والتمزق والاضطراب في جانب الأمن، والانهيار في الاقتصاد، والانحطاط في الأخلاق، وصدق الله القائل: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)[42] .

بلي العزيزة
03-13-2008, 01:17 PM
الخطبة الثانية :

الحمد لله الذي أختار محمداً صلى الله عليه وسلم واصطفاه ليختم به الرسالات ، وفرض على الثقلين الإيمان به وإتباعه ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، الذي لا نجاة ولا فوز ولا فلاح لأحد بعد مبعثه إلا بالإهتداء بهديه ، وإتباع منهجه، والإعتصام بسنته صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والذي نفس محمدٍ بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقد جعل الله عز وجل القرآن المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكما ومهيمناً على سائر الكتب المنزلة على الرسل السابقين ، قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ[43]) .

وبذلك صار الدين الذي بعث الله تعالى به نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم هو الدين الذي لا يقبل الله من أحد سواه ، ولا طريق توصل إلى الله عز وجل إلا عن طريق خاتم رسل الله عليه وعليهم الصلاة والسلام، إضافة إلى أنّ الكتب السماوية السابقة دخلها الكثير من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان ، كما أخبر الله عز وجل بذلك في كتابه بقوله: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)[44]. (قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً)[45] . (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[46] .

أما كتاب الله المنزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد نال من العناية الربانية ما لم ينله كتاب قبله ، فصانه الله عز وجل عن أي تبديل أو تحريف أو زيادة أو نقصان، حتى تقوم به الحجة على الناس إلى يوم القيامة، وذلك مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[47] .

وما يدسه أهل الأهواء والشهوات وأصحاب الملل المنحرفة عن الجادّه وأعداء الإسلام ، الذين يعمدون إلى تشويه حقائق الإسلام ، لا يخفى بطلانها وزيفها ، ومصادمتها للحق عند أهل المعرفة ، ومن آتاهم الله تعالى نوراً في بصائرهم.

والواجب على كل مسلم حريص على سلامة معتقده وعبادته وسلوكه أن يكون شديد الحذر من كل ما ينشره ضد الإسلام بأساليب ماكرة، بلغت الغاية في الكيد والدس والتشويه ، وأن يسأل دائماً فيما يعرض له من يثق بدينه وعلمه وأمانته وسلامة عقيدته، وإذا علم الله سبحانه صدق التوجه عند العبد وشدة حرصه على إيمانه ، وبحثه عن الحق ، وعدم اتباعه للأهواء ، فإن الله عز وجل يجعل له فرقاناً ، ونوراً في بصيرته،ويحفظه من الزيغ والضلال: (وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)[48] (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[49].

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ) سورة آل عمران الآية : :102
[2] ) سورة النساء الآية : :1
[3] ) سورة الأحزاب الآية :70 -71
[4] ) سورة الإسراء الآية : :110
[5] ) سورة الاعراف الآية : 180
[6] ) سورة القيامة الآية : 26
[7] )سورة الأنبياء الآية : 16-18
[8] ) سورة الدخان الآية : 38-39
[9] ) سورة المؤمنون الآية : 115
[10] ) سورة ابراهيم الآية : 42
[11] ) سورة ابراهيم الآية : 47
[12] ) سورة الزخرف الآية : 80
[13] ) سورة يس الآية : 83
[14] ) سورة الصافات الآية : 180-1182
[15] ) سورة الاسراء الآية : 111
[16] ) سورة القصص الآية : 70
[17] ) سورة الذاريات الآية : 56

مشعل العصباني
03-13-2008, 02:29 PM
جزاك الله خيرا

سلمان العرادي
03-13-2008, 07:28 PM
بارك الله فيك وجزيت خير الجزاء

بلي العزيزة
03-13-2008, 11:09 PM
اسال الله لكم التوفيق