المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما حُكم تَمنّي الموت



القصير
05-24-2008, 11:49 PM
العنوان 825 - ما حُكم تَمنّي الموت ؟
الشيخ عبد الرحمن السحيم
السؤال
ما حُكم تَمنّي الموت ؟

مع التفصيل في هذه المسألة

الجواب
الجواب :



بارك الله فيك

في المسالة تفصيل :

إن كان تمنِّي الموت لأجل مرض أو ضِيق حال أو ضرر فلا يَجوز ، وعليه يُحمَل النهي .

روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يتمنين أحدكم الموت من ضُـرِّ أصابه ، فإن كان لا بُـدّ فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي .



وهذا كما يظهر من لفظه يدل على النهي عن تمنِّي الموت من أجل وُجود الضر من مرض ونحوه .

وقد بوّب عليه الإمام البخاري : باب نهي تمني المريض الموت .



ويدل عليه فعل الصحابة رضي الله عنهم ، فقد روى البخاري ومسلم من طريق قيس بن أبي حازم قال : دخلنا على خباب نعوده ، وقد اكتوى سبع كيات ، فقال : إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا ، وإنا أصبنا ما لا نَجِد له موضعا إلا التراب ، ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به .



قال سهل بن عبد الله التستري : لا يتمنى الموت إلا ثلاثة : رجل جاهل بما بعد الموت ، أو رجل يفرّ من أقدار الله تعالى عليه ، أو مشتاق محب للقاء الله عز وجل .



قال الإمام القرطبي :

يجوز تمني الموت والدعاء به عند ظهور الفتن وغلبتها وخوف ذهاب الدين . اهـ .



وقال الحافظ ابن حجر :

وقوله : " مِنْ ضُـرِّ أصابه " حَمَلَه جماعة من السلف على الضُّـرّ الدنيوي ، فإن وُجِد الضُّرّ الأخروي بأن خَشِيَ فتنة في دينه لم يدخل في النهي ، ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن حبان : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا " على أن ( في ) في هذا الحديث سببية ، أي بسبب أمر من الدنيا ، وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة ، ففي الموطأ عن عمر أنه قال : اللهم كبرت سني ، وضعفت قوتي ، وانتشرت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مُضَيِّع ولا مُفَرِّط . وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن عمر ، وأخرج أحمد وغيره من طريق عبس - ويُقال : عابس الغفاري - أنه قال : يا طاعون خذني ، فقال له عليم الكندي : لِمَ تقول هذا ؟ ألم يَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنين أحدكم الموت ؟ فقال : أني سمعته يقول : بادروا بالموت سِـتّـاً : إمرة السفهاء ، وكثرة الشرط ، وبيع الحكم ... الحديث . وأخرج أحمد أيضا من حديث عوف بن مالك نحوه ، وأنه قيل له : ألَم يَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما عُمِّرَ المسلم كان خيرا له ؟ الحديث ، وفيه الجواب نحوه ، وأصرح منه في ذلك حديث معاذ الذي أخرجه أبو داود وصححه الحاكم في القول في دبر كل صلاة ، وفيه : وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون . اهـ .



وتمنّي الموت فِرارا بالدِّين وخشية من الفِتنة له أصل في قوله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يَمُرّ الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه . رواه البخاري ومسلم .



وفي رواية لمسلم : والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يَمُرّ الرجل على القبر فيتمرّغ عليه ، ويقول : يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر ، وليس به الدَّيْن إلا البلاء .



قال الإمام القرطبي : تمنت مريم عليها السلام الموت من جهة الدِّين لوجهين :

أحدهما : أنها خافت أن يُظن بها الشر في دينها ، وتعير فيفتنها ذلك .

الثاني : لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والنسبة إلى الزنى ، وذلك مهلك ، وعلى هذا الحدّ يكون تمنى الموت جائزا . اهـ .

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ) :

فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة ، فإنها عَرَفَتْ أنها ستُبتلي وتُمتحن بهذا المولود الذي لا يَحْمِل الناس أمرها فيه على السداد ، ولا يُصدقونها في خبرها ، وبعد ما كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية ، فقالت : ( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا ) أي قبل هذا الحال ( وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ) أي لم أخلق ولم أك شيئا . اهـ .



والخلاصة :

أنه لا يجوز تمنّي الموت لفقر أو مرض أو ضرر أو ضِيق حال .

ويجوز إذا كان الإنسان يَخاف على نفسه الفتنة ، أو يَخشى أن يُفَتن في دِينه .

وكذلك إذا تمنى لقاء ربِّـه تبارك وتعالى ، أو تمنّى لقاء نبيِّه صلى الله عليه وسلم .

وعلى هذا يُحمَل قوله صلى الله عليه وسلم : مِن أشدّ أمتي لي حُـبّـا ناس يكونون بعدي يَودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله . رواه مسلم .

وعليه يُحمَل أيضا قول أبي الدرداء رضي الله عنه قال : أحب الفقر تواضعا لِرَبِّي ، وأحب الموت اشتياقا إلى ربي ، وأحب المرض كفارة لخطيئتي .



أو كان لتمنِّي الشهادة .

ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ، ثم أغزو فأقتل ، ثم أغزو فأقتل . رواه البخاري ومسلم .



والطاعون شهادة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم أجعل فناء أمتي في سبيلك بالطَّعْن والطاعون . رواه الإمام أحمد .

ولذا فقد تمنّى بعض الصحابة الطاعون لنيل الشهادة به .

روى البيهقي في الشُّعَب من طريق عن عورة بن الزبير أن وجع عمواس كان مُعافىً منه أبو عبيدة بن الجراح وأهله ، فقال : اللهم نصيبك في آل أبي عبيدة . قال فخرجت بأبي عبيدة في خنصره بثره ، فجعل ينظر إليها ، فقيل : إنها ليست بشيء ، فقال : إني أرجو أن يبارك الله فيها ، فإنه إذا بارك في القليل كان كثيرا .



والله تعالى أعلم .

المصدر شبكة المشكاة الإسلامية
http://www.almeshkat.net/index.php?pg=qa&cat=22&ref=825

محمد العصباني
05-25-2008, 12:49 AM
سؤال وفتوى شيّقة .

إستفدت كثيرًا منها واطلعنا على معلومات جدًا جميلة .

كتب الله لك الأجر ووفقك لكل خير .

والسلام عليكم .

نواف النجيدي
05-25-2008, 03:06 AM
كتب الله لك الأجر ووفقك لكل خير .

ماجد دويهيس
05-26-2008, 09:15 AM
الله ينور لك القيصر

وجزاك الله كل خير ياارب

السلطان
05-26-2008, 10:58 AM
القصير


جزاك الله خير وجعله في موازين حسناتك


ولكن تمني الموت عند ضر او مرض اوغيرها من الأسباب الدنيوية فهذا ضعف بقضاء الله
وقدرة والمؤمن يؤمن بقدرة الله خير وشره



وهذا والله يحفظك ويرعاك


تقبل تحياتي


السلطــــــــــــــــــان

عوده مطلق بن رفاده
05-26-2008, 10:57 PM
جزاك الله خير الجزاء

على هذه المعلومه لتى كنا نقف امها بسكوت عندما نسمعها ......

القصير
05-26-2008, 11:39 PM
جزاكم الله حيراً

المرور
05-27-2008, 05:45 PM
الف شكر على الطرح الرائع

وبارك الله فيكم