المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يوم أن بكت { شجـــرة الياسمين }



عاصفة الشمال
07-29-2008, 03:47 AM
http://albluwe.com/~uploaded/1926/1217294238.jpg


{ الجزء الأول }



حيث ظلال أوراق شجرة الياسمين الباسقة المُتراقصة على نسمات الهواء

العليل وقفت ( أم خالد ) تطيل القراءة في جنبات المنزل من حولها و كأنّها تراه

لأول مرة و العصافير من حولها تُغرد على أغصان الشجر احتفالية بيومٍ جديد...

و بينما هي على هذا الحـال في ساحة بيتها الرَحبة تسأل نفسها قائلة

( يا إلهي كيف لي أن اترك هذا البيت العظيم... قضيت به أجمل أيام عمري

بِرفقة ( أبو خالد ) رحمه الله ..يا الله و كأن سنوات عمري ممزوجة في

أحجار هذا البيت الكبير منذ أحضرني ( أبو خالد ) إليه .... في ساحة هذا

المنزل ترعرعت أحلامنا سويًا أنجبتُ خالد ثم عمر ثم هيفاء تزوجوا جميعهم

و بقيت هنا لوحدي رغم ذلك لم ينتابني الشعور بالوحدة ..

أشعر أن زوجي و أولادي حين كانوا صغار لا زالت أصواتهم و شقاوتهم

تسكن معي ...زهيرات شجرة الياسمين و عبق الريحان تتدلى عليّ بحكاياتها

صباحًا و مساء .. تنام على صوت مذياعي و تستيقظ معي .. هنا جيراني

و معارفي و كأننا جسد واحد لا تعزلنا إلا الجدران هنا تنامت أفراحنا

و توارت أتراحنا ..



و الآن حكموا عليّ بمفارقة هذا المنزل ... لا لا مستحيل و هي مستندة برأسها

على شجرة الياسمين سرعان مااهتزت أغصانها بقوة و كأنها شعرت بمرارة

ما تُعانيه هذه الأم....)



تنبهت من شرودها مع نفسها على صوت ابنها ( خالد ) و هو ينادي /

أين أنتِ يا أمّي ... بصوتٍ مغموس بالحُزن / ماذا هناك يا خالد ..

و هي تحاول إخفاء ملامح الحزن بابتسامة هزيلة... فورًا أجابها /

هيّا يا أمي لم يبقَ إلاّ وقت قصير على استلام المشتري للمنزل ...

كفاكِ يا أمّي البيت قديم و لا يستحق منكِ كل هذا التفكير .. سأخذكِ حيث

قصرنا الجديد و سيكون لكِ حجرتكِ و ملحقاتها الخاصة بها اطمئني

يا والدتي العزيزة ..... لم تأبه بحديث ابنها كانت الساعة تشير إلى الحادية

عشر و النصف صباحًا... ... لملمت حاجياتها على مضض و كان

من بينها صندوقٍ خشبي يحوي سجادة صلاة وأشرطة قرآن و محاضرات دينية

و مذياع بمسجِّل كانت ( أم خالد ) تشغل وقتها بـِسماعهما فكثيرًا ما كان

زوجها رحمه الله حريصًا على هذا الأمر ..

فكانت تدعو جاراتها لـِمشاركتها الاستماع لمحاضرة أو برنامج أو مسلسل

يبثه الراديو يتسامرن عليه كل ليلة ..


فارقت هذه السيدة بيتها.. مملكتها بِخطواتٍ ثقيلة و كأنها فارقت روحها ...

أدار ابنها محرك السيارة فكانت دقات قلبها تتزايد كلما بعدت المسافة عن

حارتها البسيطة.. لم تشأ أن تُبين لابنها ما تُعانيه من فضاضة ألم الفراق..

فكما قالت لجارتِها ذات مرة و يالــَ قلب الأم و تضحيتها

( يكفيني أن أرى ابني البكر مرتاحًا فحُزني لا يهم مهما بلغ قسوته عليّ سأتحمل..

ابني خالد معذور ربما دراسته الطويلة في الخارج أثرت عليه فأصبح هذا

المنزل لا يليق بمستواه الاجتماعي ...).... ما أثقل مسافة الطريق..

و ما أثقلني على نفسي ..!


ـــــــ


و للقصة بقية ..!

عاصفة الشمال
07-29-2008, 04:04 AM
{ الجزء الثاني }



حال وصولهم إلى القصر أخذ خالد أمُّه ممسكًا بيدها ليُريها سكنها الجديد

فإذ بها تدخل حجرة راقية أثاث و ديكور و دورة مياه و حجرة خاصة لضيوفها

و رغم هذا الجمال الباذخ إلا أن قلب ( أم خالد ) لم يتحرك له و كأنها

تقول / ما أحقر هذا الجمال في عيني!!

استأذنت ابنها في أداء صلاة الظهر فأخرجت سجادتها من الصندوق

الذي ما أن فتحته إلاَّ و رائحة الذكريات الجميلة تفوح منه .. هذه المرة

لم تستطع أن تصمد أمام سيل دموعها فبكت الأم مُرددة

( سامحك الله يا بني و رحِمك الله يا أبا خالد )...


مرت أيام و هي تُعاني من قيد هذا السكن الجديد فلم يكن الارتياح باديًا عليها

حتى جاء إليها حفيدها ذات يوم يسألها / ما بكِ يا جدتي ما عهدتكِ هكذا..!

أجابته مازحة / اشتقت إلى جدك..

أجابها / ولكن جدي مات منذ زمن !

ردت/ يا بُني اسأل الله أن يجمعني به في جناته و كأني به يناديني

تأخرت عليّ يا أم خالد يااااا الله ...

كم أشعر بـِغُربةٍ مُنْذُ فارقت منزلي في هذا البيت الجديد ماذا سيهون

عليّ ألم فراقك المؤلم!!


خرج حفيدها غير واعيًا لِما تقوله جدته مرت شهور و وضعها الصحي يزداد

سوءًا الأطباء لم يفيدوا ابنها بشيء ...


في صباح أحد الأيام استيقظ الجميع على خبر مُفجع و هو وفاة ( أم خالد )

اختطفها الموت قتلها حزنها الصامت على فُراق ذكرياتها الجميلة عنوّة حيث

تفاقم الألم عليها فلا أشد من مرض الحزن الصامت على كبير السن

راقدة ٌعلى سريرها و كأنها نائمة و حولها سجادتها و غير بعيد عنها

صندوقها الخشبي و صوت آيات الذكر الحكيم تتردد في زوايا حجرتها

من مذياعها الصغير .. كأنَّ روحها الطاهرة استأنست على تراتيله المؤثرة

في وقتٍ متأخر أدرك ( خالد ) غلطته المُشينة في حق أمه و كيف ضحت

من أجل سعادته!!




بل كيف طاوعه قلبه و أنانيته في أن ينتزعها من أعز ماتبقى لها !!

و خاصة عندما لا حظ كثرة المُعزِّين في وفاتها من سُكان الحارة

التي كانت تقطن بها راوده الحنين أن يرى ذلك المنزل العالق في قلب أمه

و من بعيد ألقى نظرة فوقعت عينه على شجرة الياسمين لكن الغريب

هنا أنها تحولت إلى ( هيكل شجرة ) بقاياها المُتهالكة زهورها الذابلة

و كأنها تبكي فِراق ( أم خالد ) !!..




( تمت القصة )




http://3yoonh.jeeran.com/fwasel/5.gif

وقفة


**ما أصعب أُلْـفَة الأشياء
و الأصعب من ذلك فِراقُها ..!



بِقلم / العَاصِفْة .

بلي في القلب
07-29-2008, 04:08 AM
قصه رائعه الف شكر

خالد علي فالح السحيمي
07-29-2008, 05:31 AM
أختي عاصفة الشمال
قصة رائعة


أختي الف شكر على هذا الإبداع المتواصل
ولكي مني فائق إحترامي وتقديري



أبو ريما

عاصفة الشمال
07-30-2008, 12:13 AM
قصه رائعه الف شكر


شـــــاكرة لكم الحضور و القراءة ..


مع بالغ التقدير .

موسى بن ربيع البلوي
07-30-2008, 04:17 AM
من طبيعة الإنسان أنه يرفض أي تغيير جديد يحصل له ، و كلما تقدم الإنسان في العمر زاد تمسكه في أشيائه القديمة و تعلقه في ذكرياته و هذا ما حصل لـ ( أم خالد ) ،
لأن في منزلها القديم الكثير من الذكريات الجميلة رغم أن ما قام به ولدها ليس خطأ بل العكس من ذلك .


الفاضلة / عاصفة الشمال :


قصة و سرد مميز حلقنا من خلالها بذكرياتنا .


.

عاصفة الشمال
07-31-2008, 01:48 AM
أختي عاصفة الشمال

قصة رائعة
أختي الف شكر على هذا الإبداع المتواصل
ولكي مني فائق إحترامي وتقديري







بارك الله فيكم أخي / خالد .. على الحضور و القراءة ..


و شكرًا لكم .

عاصفة الشمال
07-31-2008, 01:55 AM
من طبيعة الإنسان أنه يرفض أي تغيير جديد يحصل له ، و كلما تقدم الإنسان في العمر زاد تمسكه في أشيائه القديمة و تعلقه في ذكرياته و هذا ما حصل لـ ( أم خالد ) ،



لأن في منزلها القديم الكثير من الذكريات الجميلة رغم أن ما قام به ولدها ليس خطأ بل العكس من ذلك .
الفاضلة / عاصفة الشمال :
قصة و سرد مميز حلقنا من خلالها بذكرياتنا .


.



أخي ــــ موسى .. قراءة عـــميقة و مستوفاة وفقكم الله

مع أني أرى أخي الفاضل أنه على خطأ حين لم يُراعي شعور

والدته .. و لم يعِ مدى تعلقها الحميم بالذكريات التي تهمها

وحدها ..


و شكرًا لكم على حضوركم و إطلاعكم ..

الفايدي
08-04-2008, 09:28 AM
عندما دخلت كنت ادرك انني امام كاتبه وشاعره تهندس خطابها بصخب هادر وتزاوج رؤاها بليونة الطين في يد النحات المتمرس
شكرا /// لك على كل هذا البوح الذي نتعلم منه كلما ظمئنا

الشـ امبراطورـمال
08-04-2008, 11:13 PM
شكراً شكراً شكراً
على هذا الطرح الجميل
تقبلي مروري ولكي ازكى تحياتي والى الامام

عاصفة الشمال
09-02-2008, 01:02 PM
عندما دخلت كنت ادرك انني امام كاتبه وشاعره تهندس خطابها بصخب هادر وتزاوج رؤاها بليونة الطين في يد النحات المتمرس
شكرا /// لك على كل هذا البوح الذي نتعلم منه كلما ظمئنا




و الشكر الوافر لكم أخي الفاضــــل / الفايدي .. لـــِ حضوركم


شهادة أعتز بها من كاتب بحجمكم ... و دمتم بخير .

عاصفة الشمال
09-02-2008, 01:06 PM
شكراً شكراً شكراً

على هذا الطرح الجميل

تقبلي مروري ولكي ازكى تحياتي والى الامام



بارك الله فيكم أخي الكريم على الحضور و القراءة ..


و شكرًا لكم .

حروف السلطان
09-22-2008, 06:06 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحت ظلال شجرة الياسمين تساقطت أوراقها
معطرة بحروف نسجت بحكاية لها طابع الإبداع والإتقان
هنا تقراء وتتنظر كل ما هو جديد

أختي عاصفة الشمال إبداع متواصل على نسمات الهواء العليل

كم لها إبداع وجمال

تقبلي مروري

أخوك

:: (( ..حروف السلطان كان هنا ومضى .. )) ::

عبدالله سليمان شبيث الوحيشي
09-25-2008, 09:12 PM
أختي عاصفة الشمال
قصة رائعة

عاصفة الشمال
10-08-2008, 12:39 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تحت ظلال شجرة الياسمين تساقطت أوراقها
معطرة بحروف نسجت بحكاية لها طابع الإبداع والإتقان
هنا تقراء وتتنظر كل ما هو جديد

أختي عاصفة الشمال إبداع متواصل على نسمات الهواء العليل

كم لها إبداع وجمال

تقبلي مروري

أخوك


:: (( ..حروف السلطان كان هنا ومضى .. )) ::





حروف السلطان ـــــــــــ شاكرة لكم الحضور و القراءة ..


مع بالغ التقدير .

عاصفة الشمال
10-08-2008, 12:41 AM
أختي عاصفة الشمال


قصة رائعة



أشكركم أخي الكريم ..

مع كل التقدير .

سلطان الزين
09-27-2009, 07:32 AM
سيدتي المبجّلة




لك في كل بستااان وردة..




ولك في كل حديقة زهرة..




على ضفااااف القلووب تزرعين الورد..




.. لتسقيها لناا نبضا ..




ليتني أستطيع اختراع أبجدية أخرى لأصف بها روعتك...




بكل اللغات أنتي راااائعه




دمتي بتوهج00