نواف النجيدي
08-15-2008, 06:41 PM
أ.د. ناصر العمر | 6/7/1429
من الابتلاء والامتحان الذي جعله الله في هذه الدار أن جعل الحياة مليئة بكثير من المشاكل سواء منها ما كان يواجه الأفراد أو الجماعات أو الأمم، وحل هذه المشاكل يتطلب بذل شيء من الجهد قل أو كثر، وحجر الأساس في هذا الجهد هو التفكير للوصول إلى أفضل الحلول.
أمتنا الإسلامية تواجه في هذا الزمان كثيراً من المشاكل والتحديات التي تتهددها في هويتها بل في أصل وجودها، بعض هذه المشاكل من صنع أعدائها وبعضها بسبب تفريط أبنائها، وبعضها الآخر بسبب هذا وذاك، وبرغم أن التفكير -بعد التوكل على الله- هو مفتاح حل هذه المشكلات وسبيل مواجهة التحديات إلا أننا نجد تفريطاً كبيراً على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول في هذا الجانب.
يحصل هذا التفريط في واقع أمتنا رغم أن الدعوة للنظر منهج قرآني أصيل تكرر في العديد من الآيات الكريمة وتعددت صوره، فمن دعوة للتأمل في ملكوت الله ليوقن الإنسان أنه لا خالق إلا الله كما في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية/12، 13] وقوله سبحانه: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية/17-20] إلى دعوة للتفكر فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليوقن الناس أنه رسول الله حقاً وصدقاً {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ/46] إلى دعوة للتأمل في حال الأمم الغابرة التي كذبت رسلها لأخذ العظة والعبرة {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الأنعام/11]
يحصل هذا التفريط رغم أن التفكر والدعوة إليه منهج رباني سلكه أنبياء الله عز وجل ومن سار على دربهم للوصول إلى الحق، فها هو نوح عليه الصلاة والسلام يحاول تحريك الجمود المخيم على عقول المشركين {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا [نوح/15، 16]، ومن بعده يسلك إبراهيم الخليل عليه السلام نفس هذا المسلك مع عبدة النجوم والكواكب من قومه فيمر على ما يعبدونه منها، على كوكب وعلى القمر وعلى الشمس ثم يصدمهم في كل واحدة منها بأنها من الآفلين فلا تصلح أن تكون إلهاً من دون الله، وهكذا كل نبي من أنبياء الله كان يدعو قومه للتأمل والتفكر ويحاورهم بالحجة والبرهان.
ولم تختلف حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن حال إخوانه فها هو قبل البعثة يعتزل الناس الليالي ذوات العدد في غار حراء للتفكر، ثم ها هو بعد البعثة يلتزم أمر الله سبحانه وتعالى فيدعو الكفار للتفكر: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص/71، 72]، {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة/76].
وقد وعى سلفنا الصالح هذه المسألة، وآثارهم تدل على ذلك فقد كان أبو ذر رضي الله عنه يقضي نهاره أجمع في ناحية البيت يتفكر، وكان أفضل عمل أبي الدرداء رضي الله عنه التفكر والاعتبار كما قالت أم الدرداء، وكان يقول: تفكر ساعة خير من قيام ليلة، وبمثله قال الحسن البصري، وقال عمر بن عبد العزيز: الفكرة في نعم الله أفضل العبادة، وقيل لإبراهيم إنك تطيل الفكرة فقال: الفكرة مخ العقل، وكان سفيان بن عيينة كثيراً ما يتمثل بقول القائل: إذا المرء كانت له فكرة ... ففي كل شيء له عبرة، وكان يقول: الفكرة نور يدخل قلبك.
ولئن كان من المعيب أن تكون أمة {اقرأ} لا تقرأ، فإنه من المعيب كذلك أن تعطل ملكة العقل التي فضل الله بها بني آدم على سائر الحيوان، والتي أمر في غير آية كريمة بإعمالها، ونحن بتعطيل هذه الملكة نقدم خدمة عظيمة لأعدائنا الذين يريدون إغراقنا في الشهوات والشبهات وفي اللهث خلف لقمة العيش ولا يريدوننا أن نفكر بما يدور من حولنا لنرى أن كثيراً مما حاق بأمتنا إنما هو نتيجة مكرهم بنا كما مكر أسلافهم {ومكروا مكراً كباراً} {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وبرغم أنه { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر/43] إلا أن الأمة مطالبة بتغيير هذا الواقع المرير الذي تعيشه، وأولى خطوات التغيير تبدأ بالتفكير.
من جهة أخرى فإن استخدام ملكات العقل في التفكير ثم في التقرير والعمل بنتائجه مدخل مهم من مداخل الدعوة إلى الله عز وجل، وبخاصة في هذا العصر الذي عظمت فيه كثير من الأمم في الشرق والغرب مكانة العقل، ومع دخول عصر القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية فإن الفرصة متاحة أمام أهل الخير والصلاح لنشر ما من الله به عليهم من نور الهداية -من ديارهم- إلى كل مكان في العالم، بالحوار والإقناع والمجادلة بالتي هي أحسن وبدعوة الخلق للتأمل والتفكر في آيات الله الكونية المبثوثة في الآفاق، وفي آياته الشرعية المبثوثة في الكتاب العزيز.
من الابتلاء والامتحان الذي جعله الله في هذه الدار أن جعل الحياة مليئة بكثير من المشاكل سواء منها ما كان يواجه الأفراد أو الجماعات أو الأمم، وحل هذه المشاكل يتطلب بذل شيء من الجهد قل أو كثر، وحجر الأساس في هذا الجهد هو التفكير للوصول إلى أفضل الحلول.
أمتنا الإسلامية تواجه في هذا الزمان كثيراً من المشاكل والتحديات التي تتهددها في هويتها بل في أصل وجودها، بعض هذه المشاكل من صنع أعدائها وبعضها بسبب تفريط أبنائها، وبعضها الآخر بسبب هذا وذاك، وبرغم أن التفكير -بعد التوكل على الله- هو مفتاح حل هذه المشكلات وسبيل مواجهة التحديات إلا أننا نجد تفريطاً كبيراً على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول في هذا الجانب.
يحصل هذا التفريط في واقع أمتنا رغم أن الدعوة للنظر منهج قرآني أصيل تكرر في العديد من الآيات الكريمة وتعددت صوره، فمن دعوة للتأمل في ملكوت الله ليوقن الإنسان أنه لا خالق إلا الله كما في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية/12، 13] وقوله سبحانه: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية/17-20] إلى دعوة للتفكر فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليوقن الناس أنه رسول الله حقاً وصدقاً {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ/46] إلى دعوة للتأمل في حال الأمم الغابرة التي كذبت رسلها لأخذ العظة والعبرة {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الأنعام/11]
يحصل هذا التفريط رغم أن التفكر والدعوة إليه منهج رباني سلكه أنبياء الله عز وجل ومن سار على دربهم للوصول إلى الحق، فها هو نوح عليه الصلاة والسلام يحاول تحريك الجمود المخيم على عقول المشركين {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا [نوح/15، 16]، ومن بعده يسلك إبراهيم الخليل عليه السلام نفس هذا المسلك مع عبدة النجوم والكواكب من قومه فيمر على ما يعبدونه منها، على كوكب وعلى القمر وعلى الشمس ثم يصدمهم في كل واحدة منها بأنها من الآفلين فلا تصلح أن تكون إلهاً من دون الله، وهكذا كل نبي من أنبياء الله كان يدعو قومه للتأمل والتفكر ويحاورهم بالحجة والبرهان.
ولم تختلف حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن حال إخوانه فها هو قبل البعثة يعتزل الناس الليالي ذوات العدد في غار حراء للتفكر، ثم ها هو بعد البعثة يلتزم أمر الله سبحانه وتعالى فيدعو الكفار للتفكر: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص/71، 72]، {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة/76].
وقد وعى سلفنا الصالح هذه المسألة، وآثارهم تدل على ذلك فقد كان أبو ذر رضي الله عنه يقضي نهاره أجمع في ناحية البيت يتفكر، وكان أفضل عمل أبي الدرداء رضي الله عنه التفكر والاعتبار كما قالت أم الدرداء، وكان يقول: تفكر ساعة خير من قيام ليلة، وبمثله قال الحسن البصري، وقال عمر بن عبد العزيز: الفكرة في نعم الله أفضل العبادة، وقيل لإبراهيم إنك تطيل الفكرة فقال: الفكرة مخ العقل، وكان سفيان بن عيينة كثيراً ما يتمثل بقول القائل: إذا المرء كانت له فكرة ... ففي كل شيء له عبرة، وكان يقول: الفكرة نور يدخل قلبك.
ولئن كان من المعيب أن تكون أمة {اقرأ} لا تقرأ، فإنه من المعيب كذلك أن تعطل ملكة العقل التي فضل الله بها بني آدم على سائر الحيوان، والتي أمر في غير آية كريمة بإعمالها، ونحن بتعطيل هذه الملكة نقدم خدمة عظيمة لأعدائنا الذين يريدون إغراقنا في الشهوات والشبهات وفي اللهث خلف لقمة العيش ولا يريدوننا أن نفكر بما يدور من حولنا لنرى أن كثيراً مما حاق بأمتنا إنما هو نتيجة مكرهم بنا كما مكر أسلافهم {ومكروا مكراً كباراً} {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وبرغم أنه { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر/43] إلا أن الأمة مطالبة بتغيير هذا الواقع المرير الذي تعيشه، وأولى خطوات التغيير تبدأ بالتفكير.
من جهة أخرى فإن استخدام ملكات العقل في التفكير ثم في التقرير والعمل بنتائجه مدخل مهم من مداخل الدعوة إلى الله عز وجل، وبخاصة في هذا العصر الذي عظمت فيه كثير من الأمم في الشرق والغرب مكانة العقل، ومع دخول عصر القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية فإن الفرصة متاحة أمام أهل الخير والصلاح لنشر ما من الله به عليهم من نور الهداية -من ديارهم- إلى كل مكان في العالم، بالحوار والإقناع والمجادلة بالتي هي أحسن وبدعوة الخلق للتأمل والتفكر في آيات الله الكونية المبثوثة في الآفاق، وفي آياته الشرعية المبثوثة في الكتاب العزيز.