المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمة العشرين.. استكمال محاولات الإصلاح الاقتصادي



عواد سلامه الرموثي
04-03-2009, 09:15 PM
في لندن بدأت الجولة الثانية لقمة الإنقاذ المالي والاقتصادي للعالم، ولأن الهم مشترك فإن الحلول لا بد أن تكون مشتركة، فالمبادرات وبرامج التحفيز المالي في دول العشرين قاربت 2 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول المجموعة في العام الحالي، وهي النسبة التي حددها صندوق النقد الدولي لإنعاش الاقتصاد العالمي. وعلى الرغم من أن طموح أغلب القادة أن تكون قرارات القمة ذات سقف عال مقارنة بالقمة الأولى التي استضافتها واشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إلا أن هناك اتفاقا على أن الحلول لن يكون سهلاً تحقيقها، لأن بناء سوق مالية عالمية جديدة يتطلب تضحيات تتفادى جميع الأطراف المؤثرة في بناء هذه السوق أن تتحملها، لما لذلك من سلبيات، في حين يرى المحللون وبعض القادة ضرورة أن يكون للمتسببين دور رئيس في تقديم المبادرات الإيجابية بدلا من طلب تقديمها من الآخرين.
إن الإصلاحات بعيدة المدى ستفرض نفسها على القمة لأن تلك الإصلاحات هي الطريق المضمون للخروج من الأزمة والتعافي من آثارها، والأهم استعادة الثقة في المنظومتين الائتمانية والرقابية فالأموال لدى مانحي الائتمان هي ودائع وحقوق للغير سواء حكومات أو شركات أو أفراد، كما أن الجانب الرقابي له دور وقائي ما لم يؤد دوره المبكر وإلا فإن تصحيح آثاره لن يكون دون خسائر، كما أن آثاره لن تقف عند حدود سياسية، فالاقتصاد لم يعد يعترف بتلك الحدود الجغرافية أو السياسية والتي تحاول دول الآن استبدالها بخطوط حمائية رغم التحذيرات من أنها ستكون سلبية الأثر، ليس لأنها تتعارض مع مبادئ تحرير التجارة فقط ولكن لأنها ستحول دون تداول الثروات والإسهام في تنشيط الاقتصاد العالمي والتجارة بين الدول من خلال شركاتها ومؤسساتها وأفرادها.
ولن يستطيع أحد مهما خلق من وسائل وإجراءات أن يحول دون حركة الأموال بين الدول، فذهاب الأموال إلى الخارج وعودتها أمر يستحيل وضع قيود عليه إلا بالعودة إلى إدارة الاقتصاد بالطرق منتهية الصلاحية، والتي ستكون انتحارا ماليا ومجازفة ذات عواقب مدمرة، وهي لن تحمي بقدر ما تؤذي، لذا فإن حماية أي اقتصاد وطني جزء من حماية الاقتصاد العالمي الذي من الواضح أن قادته يطرحون هدفا واحدا، وهو استقرار الوضع المالي للبنوك وتنشيط دورها الخدمي والائتماني في الإقراض، ومعاودة النمو العالمي ومواجهة الركود ونقص السيولة، وتحريك تبادل السلع والبضائع وانسياب التجارة. أما الأهداف الخاصة لكل دولة فإن التباين واضح جدا، فهناك دول تسعى إلى تمكين منتجاتها من المنافسة، في حين تسعى دول أخرى لفرض ضرائب على الطاقة ومنتجاتها.
هناك تخوف حول الودائع وإلحاح بعدم التلويح باستخدام حقوق الآخرين لحل أزمة ليس لهم يد فيها، بل إن من طالبوا بعملة احتياطية للدولار خلطوا الأوراق في وقت بناء الثقة واستعادة الرغبة في التعاون، فالتردد في حل الأزمة يهدر الوقت والجهد في حلول تنقل تبعات الأزمة بدلا من مواجهة مسبباتها. ولأن تلك الحلول لن يكون لها نصيب مهما كان مستوى طرحها، فإن الواقع يعكس أنها مجرد جس نبض لمعرفة مدى جدية الأطراف في تقديم تنازلاتهم أو شيء من ثرواتهم لتخفيف وقع الأزمة.
إن موقف المملكة في غاية الوضوح، فهناك أزمة يجب التعاون في تجاوز آثارها والعمل على تفاديها مستقبلا، ذلك أن قمة واشنطن التي وسعت دائرة المشاركة الدولية في القرار وتجاوزت قمة الثماني التي أصبحت من الماضي واستبدلتها بقمة العشرين تريد شركاء في الإدارة الفاعلة للاقتصاد العالمي من خلال القادرين على معالجة أزمته التي أوقفت كثيراً من مشاريع التنمية في دول وخلقت أزمة ديون في دول أخرى وتسببت في أزمة ثقة بالأسواق المالية، ولم يعد أمام العالم سوى انتظار ما تسفر عنه جهود أهم 20 قيادة اقتصادية في العالم اليوم لإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.