المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحذير من توصيلات كهربائية مسربة قتلت 214 شخصا



لافي السرحاني
07-10-2009, 07:17 PM
التحذير من توصيلات كهربائية مسربة قتلت 214 شخصا

محمد الهتار ـ جدة ـــ (تصوير: محمد حبيب)
جاء الصيف، ومع مجيئه يزداد الطلب على الكهرباء، وتزداد الأحمال، مما يؤدي لانقطاع التيار، ووقوع بعض الحوادث المميتة.. وتتعدد الأسباب والموت واحد، لكن هناك موتا بسبب الإهمال، وهو ما يودي بالكثير من الضحايا خاصة إذا ما تعلق الأمر بالكهرباء!. في أسواقنا، أجهزة وتوصيلات كهربائية، سيئة الصنع، يلجأ إليها الناس لرخص أسعارها، وتكون الفاجعة أكبر، عندما يتعرض أحد الأشخاص لصعق كهربائي نتيجة تماس هنا وهناك! مما يستوجب أخذ الحيطة والحذر، عند اختيارنا لأجهزتنا الكهربائية المنزلية، وإبقاء الأطفال بصفة خاصة عن مواطن الخطر، ومفاتيح وأسلاك الكهرباء.. والحوادث التالية تعكس عمق المأساة. انتصف الليل والناس نيام، رن هاتف غرفة عمليات الدفاع المدني منذرا عن وقوع حادث
حريق في إحدى الشقق السكنية في شمال جدة، على الفور تحركت فرق الانقاذ والإطفاء والإسعاف، وباشرت الحادث، ووجدت النيران مشتعلة داخل الشقة التي كانت خالية من السكان، الذين ذهبوا في نزهة
وما أن أتوا حتى وجدوا معظم محتويات شقتهم قد أكلتها النيران، وبالتحقيق تبين لرجال الدفاع المدني أن الأسرة أوصلت بعض الأجهزة الكهربائية في توصيلة واحدة رديئة وضعيفة لا تحتمل قوة التيار الكهربائي.

في حادث آخر، تسبب مكيف شباك في احتراق منزل وطفل لا يتجاوز السادسة، كان نائما داخل الغرفة، فيما كانت والدته نائمة في غرفة أخرى، لم تستيقظ إلا بعد أن اشتمت رائحة دخان الحريق، وبدأت تحس بحرارة النيران داخل الشقة، ورغم محاولاتها إنقاذ طفلها، لكن النيران حالت بينها وبينه، وأخمد الدفاع المدني الحريق، وأوضحت تقاريرهم أن مكيف الهواء قديم، ولم تجر له أية صيانة منذ وقت طويل.
وفي حادث ثالث، تسببت توصيلة كهربائية موصل بها جهاز تلفاز، وكمبيوتر، وطابعة، وجهاز استقبال للقنوات الفضائية في احتراق منزل شعبي في جنوب جدة، وإصابة امرأة كانت نائمة، استيقظت على أصوات صراخ الجيران، وطرقهم للباب وحاولت الهرب من ألسنة النيران، لكنها أمسكت بثيابها وأحرقت بعض أجزاء من جسمها، وأدخلت إلى المستشفى لمعالجة حروقها، التي جعلتها تبقى داخل المستشفى 20 يوما، لتخرج حاملة في جسمها بعض آثار الحروق.
وهذه حادثة راح ضحيتها شاب، كان يعيش لوحده، داخل منزل في شرق جدة، استسلم للنوم، بعد أن فقد القدرة على مواصلة الجلوس خلف شاشة الكمبيوتر الذي تركه موصولا بالتيار الكهربائي مع بعض الأجهزة الأخرى، وحدث التماس كهربائي، وهو نائم فاحترق المنزل، وتبين للدفاع المدني، أن الشاب المتوفى، كان يستخدم أكثر من جهاز في توصيلة واحدة.
وتتنوع حوادث الحرائق والالتماسات، فهذه شابة احترقت ذراعها، بعدما أصيبت بالتماس كهربائي، فيما كانت ممسكة بجهاز «استشوار الشعر»، ونقلت إلى المستشفى مصابة ببعض الحروق في يدها اليسرى.
ولأن الجاني في هذه القضية هي الأجهزة الكهربائية، وإن تنوعت بين توصيلات ومكيفات ومراوح وغيرها، يطرح السؤال نفسه، كيف دخلت هذه الأجهزة إلى أسواقنا؟! وكيف سمح لبعض التجار في بيعها؟! وما دور الأجهزة الرقابية في هذا الخصوص؟! وأين هو وعي المستهلك من التفريق بين الجيد والرديء؟!
في داخل محل لبيع الأجهزة والأدوات الكهربائية في جنوب جدة، كان محمد الزهراني، يتنقل لشراء بعض الأدوات الكهربائية، فأبدى تذمره من وجود الكثير من الأدوات الكهربائية، التي لا ماركة لها أو وكيل، حتى انه قال، لم أعد أفرق بين سلعة ذات جودة، وأخرى تفتقد لها!.
ويقول سلطان الحارثي، مهما كان وعي المستهلك لابد أن تتحرك الأجهزة الرقابية لمنع أي سلعة كهربائية كانت أو غذائية، لا تتوفر فيها اشتراطات السلامة، فالمستهلك يهمه في المقام الأول أن يجد حاجته في أقرب محل، وأن يكون سعرها في متناول يده، لأنه يضع في حسابه أن الجهات الرقابية ستحميه من أي سلعة تخالف الاشتراطات المطلوبة.
ويضيف محمد محفوظ قائلا: لابد من تعاون المستهلك والأجهزة الرقابية في التصدي لأي مخالفات تكون نتائجها وخيمة، وبالذات فيما يتعلق بالأدوات والأجهزة الكهربائية، ويكفينا ما نراه يوميا من حوادث السيارات.
ويقول صالح الحرازي، الذي كان يحمل في يده أدوات كهربائية في أحد أسواق جنوب جدة، أنه حرص على شراء الماركات الأصلية، حتى وإن غلا سعرها لأنه يخشى حوادث الحريق.
ويلقي محمد باجعفر، وهو رجل أعمال متخصص في بيع الأدوات والأجهزة الكهربائية، اللائمة على المستهلك الذي أصبح لا يفكر سوى في السعر، دون النظر إلى الجودة، وكذا بعض التجار الذين لم يعد يهمهم سوى استيراد البضائع كيفما اتفق، وهذا يجعله يتساءل كيف لهذه البضائع وبالذات التي لا تحمل أي ماركات أو وكيل لها أن تتواجد داخل الأسواق السعودية؟.
ويقول نور العالم، وهو بائع في أحد محلات بيع الأجهزة والأدوات الكهربائية في جنوب جدة، أن الزبون عندما يرغب في شراء أي سلعة، أول ما يسأل عن قيمة السلعة، وليس عن جودتها أو ماركتها، وأعتقد أن هذا شجع بعض التجار على استيراد البضائع ذات الأسعار الرخيصة!.
لكن العم إبراهيم عبود، وهو بائع في أحد محلات بيع الأدوات الكهربائية في شمال جدة، قال: التاجر الحريص على استمراره في السوق، لا يمكن أن يستورد بضاعة رخيصة السعر وضعيفة الجودة، فالمستهلك يهمه أن تستمر معه سلعته زمنا طويلا، لا أن يشتريها اليوم وتخرب عليه في اليوم التالي.
ولأن الجاني في هذه القضية، أشار البعض إلى أنه يختبئ في أسواق الحراجات، تجولنا في حراج جدة ووجدنا عمالة آسيوية اتخذت من بعض المحلات مكانا لبيع بعض الأجهزة القديمة بعد أن تجري عليها بعض الصيانة، فأغلب العاملين الذين التقينا بهم في هذه المحلات، وجدنا أن لا علاقة لهم بمهن صيانة الأدوات والأجهزة الكهربائية، وأنهم يعملون فيها «بالسليقة» مثل وقار محمد، الذي يقول إن مهنته هي الميكانيكا! ولكنه تعلم صيانة الأجهزة الكهربائية وأصبح بارعا فيها.
ونفس الحال ينطبق على محمد حسن، الذي يؤكد أن مهنته ليس لها أي علاقة بصيانة الأجهزة الكهربائية، وأنه تعلم هذه المهنة قبل فترة خاصة، وأنها لا تحتاج سوى القليل من الجهد.
وفي السياق نفسه يقول بشير أحمد، أحد العاملين في بيع الأجهزة القديمة، أن الأجهزة التي يبيعونها في محلاتهم يحصل البائع على ضمان بجودتها بين خمسة إلى سبعة أيام، وأن أغلب زبائنهم من العزاب، أو ذوي الظروف الصعبة، وأن أسعارهم تمكن الكثير من أصحاب هذه الظروف من اقتناء ما يريدونه من أجهزة كهربائية.

ثغرة التعهدات
وبما أن الأستاذ الدكتور عبدالملك الجنيدي عميد معهد البحوث والاستشارات في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، أحد المهتمين بأمور الكهرباء ومشارك رئيسي في بعض تحقيقات الدفاع المدني في الكشف عن مسببات بعض حوادث الحريق، أكد أن أغلب حوادث الحرائق تكون أسبابها تمديدات خاطئة، أو تحميل للشبكة داخل الوحدة السكنية، أو المنشأة بأكثر من طاقتها، مع استخدام بعض الأدوات الرديئة الصنع، أو غير مطابقة للمواصفات السعودية، التي تراعي الظروف المناخية في البلاد، وقال: أعتقد أن اتفاق المملكة مع الصين - المصدر الرئيسي للتوصيلات الكهربائية - في بداية هذا العام على أن تكون جميع التوصيلات الواردة إلينا، مطابقة للمواصفات الصينية سيقضي على مشكلة وجود توصيلات كهربائية في الأسواق السعودية رديئة الصنع، على أن لا تسمح الجمارك لأي بضاعة أن تنزل إلى الأسواق السعـودية، ما لم تكن مطابقة للمواصفات السعودية، وان توقف تحايل بعض التجار في تحرير تعهدات مكتوبة لإخراج بضائعهم من المنافذ، لحين إحضار ما يثبت سلامة بضائعهم، وأنها مطابقة للمواصفات فبعض التجار يستغل هذه الثغرة ويتصرف في بضاعته دون الإيفاء بالتعهد المكتوب ويكتفي بدفع الغرامة المنصوص عليها في هذا الأمر.

بضائع مقلدة
ولأن خط الدفاع الأول في هذه القضية هو هيئة المواصفات والمقاييس السعودية، قال مطلق الطياري مدير الفرع في جدة بالنيابة، أن المستهلك يتحمل مسؤولية اقتناءه أي جهاز كهربائي، ولابد أن يحرص على اقتناء الجيد، وأن يتعامل مع الجهاز حسب مواصفات استخدامه، فهيئة المواصفات والمقاييس السعودية حريصة على أن تنطبق المواصفات السعودية على كل السلع الواردة للأسواق السعودية، وأي بضاعة مخالفة للمواصفات السعودية لا نسمح لها بالدخول.

أهم ملفاتنا القادمة
وفي نفس السياق، يقول الدكتور طارق فدعق رئيس المجلس البلدي في جدة، أن ملف البضائع المقلدة والبضائع الخطرة في الأسواق من أهم الملفات التي سيناقشها المجلس في القريب العاجل، وسيكون معنا في مناقشة هذا الملف الدفاع المدني، شريكنا الأساسي، في أغلب المواضيع التي ندرسها ونناقشها في المجلس البلدي في جدة، خاصة أننا بدأنا نلاحظ وجود بضائع كثيرة في الأسواق، وهي بضائع مقلدة لا تخضع للرقابة الكافية، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى حوادث حريق مؤلمة، وأحيانا يكون للمستهلك دور في عدم إدراكه لأهمية توحيد المعايير الكهربائية داخل مسكنه، أو منشأته، وقيامه بتنويع الأجهزة والأدوات الكهربائية، وبالذات الأفياش، إضافة إلى إحساسنا أن بعض الحوادث التي تقع في منطقة البلد سببها القوارض «الفئران» التي تقضم بعض الأسلاك الكهربائية، فيحدث الحريق لكني متفائل أن هذا الملف سيكون في الأيام القادمة محل اهتمام الكثير من الجهات وبتعاون وتضافر الجهود سنقضي على هذه المشكلة، لأنها تمس صحة وسلامة الإنسان.

بضائع مخالفة للمواصفات
ولأن وزارة التجارة هي الطرف الدائم في أي سلعة تباع في الأسواق، أكد أحمد معبر رئيس الرقابة التجارية في وزارة التجارة في جدة وجود أنواع كثيرة من التوصيلات الكهربائية المخالفة للمواصفات والمقاييس السعودية، وكثير منها يعتبر من مسببات الحريق، وسبب وجودها في الأسواق السعودية يعود إلى رخص سعرها وجشع بعض التجار في استيرادها، وسهولة استيرادها وضعف الرقابة في الماضي، وهذه الأجهزة رخيصة السعر مكاسبها كبيرة ولخطورتها تابعنا بعضها وضبطنا منها 2066 توصيلة كهربائية، وأتلفناها قبل انتشارها في الأسواق، وبتوجيه من وزارة التجارة والصناعة نفذنا بعض الجولات، صادرنا فيها ما يزيد عن 6000 توصيلة كهربائية مخالفة أرسلنا عينات منها إلى هيئة المواصفات للتأكد من مطابقتها للمواصفات السعودية، وجاءت النتائج أن أكثر من 50 نوعا من التوصيلات والأفياش الكهربائية والدفايات، مخالفة للمواصفات السعودية، موضحا أن أربع مجموعات من أعضاء هيئة الضبط بفرع وزارة التجارة في جدة ضبطت ما يزيد على أكثر من 18000 قطعة منوعة من الأجهزة الكهربائية المنزلية في الأسواق، وهي تحمل ماركات مقلدة ومخالفة للمواصفات والمقاييس السعودية.

تجربة المختبرات فاشلة
الدكتور عبدالرحمن الزامل رئيس المجلس التنفيذي لمركز تنمية الصادرات السعودية، طالما أننا نستورد البضائع دون اختبار ودون تطبيق للمواصفات وتفترش أسواقنا بضائع مهربة بالتأكيد سنكون ضحية هذه المنتجات، بدليل أن الصين حاليا تصدر إلينا منتجات رديئة الصنع وفيما تصدر إلى أمريكا وأوربا الجيد منها، وهذا يدعوني إلى المطالبة بتطوير مختبراتنا المحلية وبالذات مختبرات الأدوات الكهربائية، مع دعم فرق الجمارك بالأجهزة والمعدات والكوادر البشرية، وتطبيق أقصى العقوبات على المخالفين لاشتراطات المواصفات السعودية، والتصريح للمزيد من الشركات التي تعنى بحماية المستهلك للقضاء على ما يحدث حاليا في الأسواق من غش في صناعة بعض المنتجات أو غش في بيعها، وأطالب ضرورة تفعيل أدوار مختبرات وزارة التجارة الموجودة في الرياض وجدة فالتجارب والشواهد علمتني أن أثق فقط في نتائج مختبراتنا المحلية لأن تجربة الاستعانة بالمختبرات العالمية التي خضناها قبل سنوات لم تنجح.

دعموا المختبرات
ويطالب الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله المشيقح عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشورى، بزيادة أجهزة المختبرات والتفتيش وإدخال الأجهزة الحديثة في المنافذ، مع زيادة فرق التفتيش والمتابعة في الأسواق للتأكد من صلاحية أي سلعة لها علاقة بالأجهزة الكهربائية التي تشكل خطرا مميتا إذا كانت رديئة الصنع أو فيها أي عطل، موضحا أنه من خلال مواقعهم في مجلس الشورى يسعون جاهدين لإيجاد أي تشريعات فيها صالح مجتمعنا، ودائما يطالبون بدعم الفرق الميدانية وزيادة عددها والتركيز على المختبرات الحديثة، رغم إشارته إلى أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع من مستهلك وتاجر وأجهزة رقابة.

اهتمامنا كبير
وفي نفس الاتجاه قال صالح عيد الحصيني رئيس لجنة الـشـــؤون الاقتصادية والطــاقةــ في مجلس الشورى: إن المجلس ومن خلال لجنتهم سيوصي في جلسة يوم الإثنين المقبل في مجلس الشورى، الذي سيناقش أمورا تتعلق بوزارة التجارة، إلى أهمية استكمال الهياكل في وزارة التجارة ودعمها بالموارد البشرية وأن تدعم الإدارات المختصة في الغش التجارية وحماية المستهلك ماديا وبشريا حتى تؤدي دورها بفاعلية، مؤكدا اهتمامهم الكبير في مجلس الشورى في مراجعة أو تعديل أو سن الأنظمة التي تكون في صالح الوطن والمواطن وبالذات التي تمس حياة المواطن المعيشية والصحية، مشيرا إلى أنه سبق لهم أن درسوا بعض مواضيع الغش التجاري والعلامات التجارية وحاليا يراجعون الكثير من الأنظمة.
مازلنا في البداية
وأخيرا قال الدكتور محمد الحمد رئيس جمعية حماية المستهلك إنهم ما زالوا في بداية مشوارهم وإنه ينقصهم الكثير من الإمكانات أهمها الكوادر البشرية وإنه متى اكتملت سوف يظهر دورهم في المجتمع فقط ينتظرون الوقت.

عبدالله النبهان
07-10-2009, 07:18 PM
شكرا على التنويه

لافي السرحاني
07-10-2009, 07:23 PM
النبهان

حياك الله واسعدني مرورك