المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحالة في الجزيرة ...ومرافقه غضيان ابن رويحل الجزء الرابع



فايز ابن رويحل
06-10-2005, 01:07 AM
الخميس 20/3/1884 في كل صباح يسمع المرء هنا في الجبال أهازيج الرعاة التي تبدو من خلال الأذن الأوربية وكأنها رنين موسيقى، لدرجة أن المرء يشعر وكأنه في منطقة التيرول ، ولعل الطبيعة الجبلية للمنطقة هي التي تملي على سكانها مثل هذا النوع من الغناء. في الغالب تؤدي الأمطار التي تسقط على أطلال بلدة العلا القديمة التي تسمى الخريبة إلى إظهار بعض القطع الأثرية فوق سطح التربة، ونتيجة للأمطار التي هطلت هناك مؤخرا فقد أحضر لي في صباح هذا اليوم إناء من الفخار وجد هناك. تناولت اليوم طعام الإفطار في منزل شخص لا أعرفه، ثم شربت القهوة كالعادة في مرات عديدة عند القاضي موسى، بعد ذلك توجهت محاولا العثور على ملابس لذلك المسكين مرزوق الذي عمل معي يوم أمس بجد وإخلاص، فهو- على الأقل بالنسبة لي- يستحق المساعدة لكونه يسير وهو مرتدي قطعة قماش شفافة، لذلك قمت بشراء ثوب له كلفني مجيديا واحدا.

جاء بعد الظهر شخص بلوي أي من قبيلة بلي يحمل أخبار غزو انطلق في الأمس من الشمال إلى هذه الأنحاء، فورا تذكرت هوبر وحيلان، وتمنيت ألا يقعا في أيدي قطاع الطرق، وسرعان ما انتشرت الإشاعات المختلفة حول ذلك الغزو، ففي البداية قيل: إن حيلان ورفيقه المدعو شملاني تعرضا لهجوم من قبل أفراد قبيلة بلي، وسلبوا منهم إبلهم وكل أمتعتهم، بعد ذلك سمعنا أن شملانيا هذا هو الشيخ سليمان بن رفادة المنتمي لقبيلة بلي ويسكن في بلدة الوجه، ثم ظهرت إشاعة أخرى مفادها أن أولئك اللصوص ردوا على حيلان كل أمتعته ماعدا ناقته، لأنها تحمل وسما لقبيلة هتيم، وأخيرا قيل لنا: إن هذا الخبر الأخير غير صحيح. وفيما يتعلق بمصير هوبر فسنذكره أثناء حديثنا عن أحداث يوم الخامس والعشرين من شهر مارس. توجهت فيما بعد لأتجول في البلدة باحثا عن النقوش، حيث عثرت على ثمانية نقوش جديدة حصيلة لهذا اليوم، ولكن اثنين منها- يا للعنة- كتبا على حجرين مثبتين في أعلى الجدار، ولن أستطيع الوصول إليهما دون سلم.

انزلت أمتعتي خلال النهار مرة أخرى من سطح المنزل، لأنها لم تعد هناك في مأمن من اللصوص الذين يقفزون فوق السطوح، وحتى لا يكون مصيري مثل ذلك التاجر الذي قدم إلى هنا من دمشق قبل بضع سنوات، فسرقت منه حمولة جملين من الأسلحة كان قد وضعها فوق سطح المنزل. كانت ليلة البارحة تمر ثقيلة جدا على خلوة امرأة سعيد، فقد أنجبت قبل حوالي أربعة أو خمسة أسابيع طفلا، ومن جراء ذلك ظلت تعاني من ألم شديد في الجهة اليسرى من بطنها، وقبل أن يرحل هوبر من هنا بوقت قصير أعطاها علاجا لا يتناسب مع طبيعة مرضها، وبعد أن سمحت لي اليوم بأن أكشف عليها بدقة اتضح أنها ربما تعاني من التهاب في أرحامها. وقد وعدتني بأن تمنحني نصف مجيدي إن أنا تمكنت من مساعدتها في الشفاء من مرضها، وهنا عملت لها كمادة ونصحتها بأن تضعها فوق موضع الألم فترة من الوقت. وبعد ذلك حضرت إلي ديسة حماة الشيخ (أو ربما هي زوجه الأولى؟) ومنحتني سلة متسخة، فأهديتها مقابل ذلك نصف مجيدي.

كان العشاء يتكون اليوم من الرز مع بعض من قطع ضلوع الماعز، وبعض البيض والخبز وحليب مضاف إليه شيء من السكر.

الجمعة 21/3/1884 لم يشهد اليوم أحداثا كثيرة، لذلك وجدت الفرصة سانحة كي أتأمل في ذباب بلدة العلا وأوساخها وكذلك طبيعة الحياة في إحدى مدن وسط الجزيرة العربية. وفي صباح هذا اليوم حضر الكثير من الناس لشرب القهوة عند سعيد، وبدؤوا يتحدثون مع بعضهم البعض بصوت مرتفع كما هي العادة، ومن ثم ذهبت إلى منزل عبد الله مويس لأعمل بصمة لأحد النقوش الحميرية هناك، بعد ذلك سمعت خبرا يقول: إن هوبر رجع مرة أخرى إلى الحجر وسيغادرها اليوم. حقا لقد عانيت من شيء طالما أزعجني، وهو الاعتداء عمدا أو مصادفة على النقوش وتدميرها، ففي الأمس مثلا اكتشفت في أسفل مدخل يقع بالقرب من سور المدينة المجاور أيضا لملعب الأطفال نقشا جديدا، وبينما كنت واقفا مع مرزوق أنبهه على التأكد من موضع النقش كي نتمكن في يوم الغد من بصمه رآني مجموعة من الصبية فأسرعوا نحوي كي ينظروا ماذا أفعل، وحينما ذهبنا في اليوم التالي إلى موضع النقش حاملين معنا أدوات البصم وجدناه في حالة سيئة، حيث قام أولئك الأطفال الأغبياء برجمه بالحجارة، ولكنه ولحسن الطالع تبين لي أن الحجر كتب عليه نقش ليس بذي أهمية بالغة. والآن لنتحدث عن الذباب والوسخ، فالذباب هنا كثير جد ا لدرجة أنني نادرا ما عملت بصمة لأحد النقوش دون أن يعلق فيها ذبابتان أو ثلاث أو أربع بل عشر بين الورق المبلل والحجر المنقوش، كذلك في الأكل ولاسيما التمر، فلا يستطيع المرء وضع شيء في فمه إلا ويدخل معه بعض من الذبان، حتى دلة القهوة فإن لم تكن على الجمر مباشرة وجب عليهم تغطيتها بواسطة قطعة من القماش مع إحكام قفل غطائها وإغلاق ثعبتها بقطعة من خيشة. أما بخصوص الأوساخ والأتربة في بلدة العلا فليس بمقدور المرء تصورها إن لم يكن قد رآها، فالشوارع والأحواش مملوءة بالنفايات وروث الحيوانات وفضـلات البشر، لدرجة أن المرء بكل خطوة يخطوها إلى الأمام يكاد ينزلق فيها. كما أن الغبار المثقل بآلاف الملايين أو أكثر من الجراثيم يحيط بالمرء من كل ناحية داخلا عبر الفم والأنف والعين والأذن وأيضا مسامات الجلد ذاتها، فالمرء يراه ويحسه ويستنشقه ويعيش معه. عند المساء ذهبت مع عبد الله مويس إلى بستانه الذي يوجد فيه عين تصل درجة الحرارة فيها إلى 28.5 درجة، وينمو فيها عدد كثير من القواقع الشبيهة بتلك التي رأيناها في تيماء. بعد ذلك ذهبت معه إلى بيته لتناول طعام العشاء.

السبت 22/3/1884 تحتفل بلادي في مطلع هذا اليوم المنعش بعيد ميلاد القيصر، ولكن البسطاء هنا ليس لديهم تصور عن القيصر، وماذا عسى أن تكون ألمانيا؟ فمن المستحيل ومن غير المجدي أن أحدثهم حول هذا الموضوع، فلو كنت في حائل لربما وجد من يتفهم ماذا أقول. بعد الظهر بدأ مرزوق يعمل بصمات للنقوش التي عثرنا عليها مجددا، وقد كان واحد منها مرتفعا لدرجة أن جذع النخلة لا يصله مما جعلني أصرخ قائلا: أين السلم؟ فلو كان معي لتمكنت من الوصول إلى ذلك النقش، ولكنه محفوظ في قلعة مدائن صالح، يا هوبر، لقد سببت نصيحتك تلك عواقب وخيمة! وأنا أيضا كنت حمارا غبيا حين سمعت نصيحتك! عموما لقد تمكنت- معرضا نفسي للخطر- من الوصول إلى نقش آخر كان هو أيضا يقع في أعلى الجدار، وذلك من خلال الصعود عبر ساق شجرة غير متين كاد ينكسر من وسطه. في مساء هذا اليوم كان يجلس في القهوة ذلك الشخص الذي ذكرت آنفا أنه هرب من دفع الضرائب، فبعد أن أرسل إليه سعيد رسالة يؤكد له فيها عدم التعرض له بسوء قدم من منفاه في قلعة مدائن صالح. وقد كان يجلس بكل هدوء حول النار مع سعيد أبي علي الذي بدأ يحاوره من أجل أن يدفع الضريبة، وعاودا جلستهم تلك في صباح يوم الغد، حيث أدى الصراخ والارتعاش بمضيفي سعيد إلى نسيان إعداد القهوة. كان الجو حارا هنا، لذلك كانت سعادتي بالغة جدا حينما تمكنت بعد شرب القهوة من الصعود إلى السطح والجلوس هناك بعض الوقت.

الأحد 23/3/1884 كان الطقس صباح اليوم رطبا والسماء ملبدة بغيوم ثقيلة تنبئ عن قرب هطول المطر على المنطقة. في البداية قمت بشراء نقش نبطي مؤرخ من السنة الأولى لحكم حارثة ملك الأنباط دفعت لصاحبه مجيديا واحدا، وأعطيته نصف مجيدي لكي يقوم بتكسيرأجزاء من الحجر دون أن يتعرض للنقش كي يخف وزنه ويسهل حمله، كما قمت بمحاولة شراء حجرين آخرين كتب عليها بخط لحياني، ولأن صاحب النقش الأول رفض بيعه لي مقابل مجيدي واحد، أما الثاني والذي جلب في الأصل من مذبح أحد المعابد، فأتوقع الحصول عليه مقابل مجيدي واحد، وبالفعل تمكنت من الحصول عليه في مساء يوم الغد، وحيث إنه كان مثبتا في مكان عال من الجدار فقد اضطررت لبذل جهد كبيرمن أجل خلعه من مكانه. وصل اليوم مجموع ما حصلت عليه من النقوش في بلدة العلا إلى خمسين نقشا، إضافة إلى نقشين آخرين قيل لي: إنهما موجودان في بساتين النخيل، كما أن الخادم مرزوق - والذي أصبح بسبب الإكراميات المختلفة نشيطا- اكتشف نقشين جديدين، ومجموعة أخرى من النقوش العربية القليلة الأهمية، إضافة إلى ذلك فالناس هنا غالبا ما يطلبون حضوري إلى منازلهم التي يعتقدون أنه يوجد فيها نقوش، على الرغم من أن بعضها لا يتعدى كونه حجرا مهذبا، أو حجرا عليه آثار زخرفة غير واضحة المعالم، ولكن المرء في مثل هذه الحالة يجب عليه عدم تثبيط عزائمهم وسلب السعادة بسبب ذلك منهم، وحتى لا يضـطروا أيضا إلى عدم عرض أي شيء عليه. أضحى الذباب اليوم وكأنه أصيب بمس من الشيطان، وذلك بسبب قرب هطول المطر الذي انهمر مصحوبا بالرعد والرياح منذ الساعة الرابعة، لهذا السبب أيضا انتقلت اليوم من مكاني في السطح إلى البيت.

الاثنين 24/3/1884 حان الوقت الآن لكي أقف بنفسي على أطلال بلدة العلا القديمة، فمنذ أسبوع وأنا محبوس داخل أسوار هذه البلدة اللطيفة التي لو لم يكن فيها نقوش كثيرة تملأ علي وقت فراغي لما تمكنت من البقاء فيها. وفي الحقيقة كنت طوال هذه المدة أتطلع إلى القيام بجولة على الأقدام خارج أسوار البلدة، وكم كنت أتمنى أن تكون هذه الجولة على ظهر الجمل كي أتمكن من مشاهدة جميع الآثار القديمة هناك.

تجمع مع شروق شمس هذا اليوم في قهوة سعيد ثلاثة وعشرون شخصا كلهم مسلحون، وما هي إلا برهة من الوقت حتى وصل العديد من قطعان الماشية والحمير والنساء والأطفال كلهم يرغبون في استغلال هذه الفرصة النادرة ليصلوا إلى مواطن الأعشاب التي لا تبعد سوى ربع ساعة من المسير خارج أسوار بلدة العلا. وأخيرا خرج الجميع يتقدمهم مجموعة من الكشافة (المستطلعين، العيون) الذين كانوا يصعدون كل مرتفع من الأرض زاحفين على بطونهم كي يراقبوا كل مكان أمامهم. في هذه الأثناء رأينا بعضا من قطاع الطرق المنتمين لقبيلة بلي، . ولكنهم اضطروا للتراجع وهم يرون تلك الجموع الهائلة من الناس تتقدم نحو الأمام. تقع الأطلال الأثرية في مكان مرتفع من الأرض في بطن الوادي المحصور بين الجبال العالية، وهي عبارة عن أكوام متفرقة من قطع الأحجار الرملية الحمراء، والى اليمين واليسار من هذه الأطلال الأثرية ينمو العديد من أشجار الطلح والأعشاب، وفي وسط التلال الأثرية يبرز حوض منحوت من الحجر الرملي بحجم ضخم جدا بداخله ثلاث درجات متداعية، وهو ما يطلق عليه أبناء المنطقة حلاوية النبي صالح، لاعتقادهم أن ناقة النبي صالح (عليه السلام) ذات الحليب الوفير تشرب منه. علاوة على ذلك عثرت هناك على اثنتين من أرجل التماثيل، الأولى كبيرة وتفوق الحجم الطبيعي وعلى قدمها آثار النعال (صندل)، أما الثانية فهي صغيرة. شاهدت هناك على سطح الموقع العديد من بقايا الأواني الحجرية، كما أحضر لي الأطفال أيضا كسرة من تمثال صغير الحجم يصل ارتفاعه حوالي ثلاثين سنتمترا، ذي تسريحة شعر تشابه تلك التي نراها على التماثيل المصرية القديمة، وربما تكون تلك الرجل الصغيرة التي ذكرتها آنفا تابعة له. أما بالنسبة للمقابر فهي هنا بسيطة جدا ولا يزال يوجد داخلها بعض بقايا التوابيت الخشبية، وكسر من الأحجار، وبعض الأواني الفخارية، وقطع من الأكفان. وفي أحد المنحدرات عثرت على كميات كثيرة من خبث المعادن ذي اللون الأخضر والأسود، يلاحظ القارئ أماكن وجودها على المخطط المرفق لبلدة العلا.

إضافة إلى ذلك وجدت عددا كثيرا من النقوش، جميعها تنتمي إلى مجموعة الكتابات السامية الجنوبية (معينية، لحيانية)، ماعدا واحدا منها فهو نبطي، ويحتوي على علم لشخص متبوع باسم أبيه.

انطلقت بعد ذلك لمواصلة طريقي من الشمال باتجاه الجنوب نظرا لاعتقادي أنني سأجد هناك على صفحات الجبال آثارا من العصور القديمة، في هذه الأثناء ذكر لي رفاقي عدم وجود آثار في الجهة الجنوبية الغربية، ونصحوني بعدم الذهاب إلى هناك لخطورة تلك المنطقة، ولكنني لم أقع تحت تأثير تحذيرهم، بل واصلت طريقي يرافقني أربعة رجال مسلحين، وبينما كان رفاقي يسيرون بموازاتي في بطن الوادي إلى الأمام شاهدت هناك على صفحة الجبل أربع فتحات بداخلها أربعة تماثيل خرافية ذات أسنان بارزة إلى الأمام كل اثنين منها بجانب بعضهما البعض، وتذكر إلى حد كبير بأشكال المنحوتات المصرية والمكسيكية القديمة، وبين الاثنين الأولين نقش كتب بخط جيد. ولكنني بسبب علوه وصعوبة الطريق إليه لم أتمكن من مشاهدته بوضوح، كذلك الحال أيضا بالنسبة للنقوش الأخرى التي كتبت على ارتفاع يتراوح ما بين 10- 15 مترا.

حين بدأت أشعر بالتعب والإنهاك نزلت إلى مخيم رفاقي حيث أعدت هناك القهوة الحلوة والعادية. بعد ذلك بدأت مسيرة العودة، حيث ظهرت أمامنا بلدة العلا ببساتين نخيلها وأسوارها الطينية وهضبة أم ناصر التي تتوسطها، وبينما كنا على مقربة من البلدة لاحظت أن الأطراف العليا لأسوار البلدة مزينة بالزخارف، حقا لقد كانت مسيرة العودة أشبه ما تكون بموكب للنصر، فالجميع كانوا سعداء بنجاح الرحلة دون حدوث أي تصادم مع قطاع الطرق، نعم لقد ابتهج الجميع لمجرد خروجهم، والآن سعادتهم أكبر وهم عائدون سالمين إلى بلدتهم. كانت قطعان الماشية تتقدم الجميع إلى الأمام نحو البلدة، وخلفها أسير أنا ممتطيا ذلولي التي أثارتها كثرة الذباب، ومن خلفي يسير حاكم البلدة سعيد، ومن ورائه يسير الرماة في طابور مستقيم يتقدمهم شخص يرقص وهم يطلقون الواحد تلو الآخر نيران بنادقهم مما جعل واحدا منهم يسقط على الأرض من شدة إطلاق النار، وفي هذه الأثناء وبينما كنت أسمع صوت إطلاق النار كنت أعتقد في كل لحظة أن تستقر الطلقة القادمة في ظهري. بعد أن وصلنا إلى البلدة التقيت مع شخص اسمه غضيان سوف يرافقني خلال رحلتي القادمة إلى الوجه، وهو شقيق كبير شيوخ قبيلة بلي المدعو مرزوق بن رويحل، وبعد تباحث بسيط أعرب عن استعداده لمرافقتي مقابل 20 مجيديا، وقال إن الأمر يحتاج أيضا إلى بعض الرجال لتوفير الحماية الكافية. لقد كان الرجل شابا ويوحي بالثقة، وكان برفقته خادمه عبيد الذي كان يمتطي ذلولا أوضح (أبيض). وفي المساء أحضر إلي في المنزل ذلك المذبح الصغير الذي يعلوه نقش لحياني والذي حاولت اقتناءه يوم أمس. نعم لقد كنت راضيا تمام الرضا على اقتنائي إياه، كيف لا وقد أصبح خلال فترة طويلة بمثابة الدرة بين كافة مجموعاتي، إنه الآن موجود في مكتبة جامعة شتراسبرج. بعد ذلك وبينما كانت الأمطار تنهمر إلي الشمال والشرق من البلدة ذهبت إلى فراشي والسعادة تغمرني على نجاح مسعاي لهذا اليوم.

الثلاثاء 25/3/1884 من المقرر أن ننطلق اليوم نحو الحجر، ذلك الهدف الذي أشتاق إليه دوما، فهناك توجد النقوش الرائعة والكبيرة التي وصلت أولى المعلومات الدقيقة عنها إلى أوربا من خلال (داوتي)، تلك النقوش التي حفزت حماسي للقيام برحلتي إلى الجزيرة العربية، والتي آمل أن أخرج منها بنتائج كثيرة حول تاريخ العرب والأنباط.

قبل الرحيل إلى هناك قمت بنسخ ثلاثة نقوش سامية جنوبية كانت توجد في بستان للنخيل يقع على مسيرة نصف ساعة باتجاه الشمال. ثم أعددت كل شيء استعدادا للسفر الذي تأخر حتى الظهر، في هذه الأثناء وبينما كنت أنتظر اكتمال تجهيزات الرحلة رأيت غلاما يرتدي قطعتين رقيقتين من القماش، الأولى لفها على صلبه والثانية وضعها فوق رأسه، حيث تعرض قبل قليل لحالة سلب من قبل أفراد قبيلة بلي.

ماهر سالم العرادي
06-22-2005, 09:19 PM
الله يعطيك العافيه

علي محمد العقيص
03-23-2010, 02:22 AM
بارك الله فيك وبجهدك المبارك
جهد مشكور استاذ فايز الاهميه التاريخيه للفتره التي ذكرها هوبر من اهم فتراة التاريخ الخاص بلقبيله ولعله من المراجع القليله الموجوده
والخاصه بموروث قبيلة بلي
اشكرك استاذي

سعود السرحاني
03-23-2010, 10:54 AM
ابن رويـحـل

سلمت على طرحكـ لتاريخ

يسطر الكثير من المعاني الحقيقة

لعبق الماضي واحداثه ..

كل التقدير

طلال بن شليويح البلوي
03-23-2010, 07:43 PM
رحمهم الله جميعآ

كعادتهم المستشرقين جائوا بحثآ وراء الأثار

فايزيعطيك العافية على النقل الموفق