المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (مقال)» بمناسبة اليوم العالمي للطفل



عروق السحاب
11-23-2009, 04:21 PM
طفولتنا المسلوبة ... جملةٌ تكفي عن كل حرف آخر ؛ لكنها نُزهة الساخر التي لا ترحم احداً منذ أن وطِئت أناملي خليته الحسناء وهي تعزف ألحانها الخالدة


.. وفجأة نشاهد على الشاشات (يوم الطفل العالمي) وتحتفل به بلادنا .. بمعيّة شخصيات سامية وغير سامية تربح لقباً وتُـمجّد باسم ( سفير للطفولة) ومنظمات تحت سقف الطفولة تتربع على عرش القبور المترعه لأجساد البراءة وما تحتويها من طفولة


طــــفل : والطفل كل ما رقّ ونَعُمَ .. (( ثم نخرجكم طفلا...)) الأيه
لكننا معشر القبائل المتوارثة معاول الإثم / العار / العيب ... واسْـتَحْ / وأخواتها
كانت (طفل) جريمة لا تغتفر ؛ وكنا نشعر أن الطفل كائنٌ أخر غير البشر؛ جاء لوحده دون مساعدة أبويه كالحجر ..
... خلّك رجال ... منذ أن يبدأ اللُعَب يسيل دون إرادتنا نُصْفع وحين نبكي نصفع وكذلك حين نضحك نصفع
صفعات تتبعها صفعات لا مفر كأنها طقوس فنصفع بكل يد ونركل بكل قدم ونجلد بكل عصى حتى البغال كانت تُرحم أكثر منا ؛ نمشي لا ندرِ أين ؟ تغربُ شمسنا ولا نفيق إلا على أصوات الغنم يسوقنا الجوع إلى حيث الفجر فيسبقنا الغنم إلى الماء والشعير والدخن ونحن لا نأكل إلا صفعاً .. (انهج وراك ... يا وِرّع لا تجفل الغنم ..) وان لم نفهم صُفعنا ونواسى دائماً بها تلك الكلمة الملعونة حتى قيام الساعة (خلّك رجال)
ألعابُنا ترابنا .. وحلوانا أناملنا والغني منا من يحصل على بعض من الاقط ( المضير) يدلعونه الآن بـ (بسكوت البدو) و (بسكوت أبو بصمات ..) والاكثر غنى من يلوك تمره حتى المساء ويمضغ الفصم منها حتى الصباح ويلعب بها قبل النوم وتبقى بين فكيه حتى يصبح


على شرف المائدة وهي العادة العربية القبليه الاصيله تزهو كلما لاح ضيفٌ من بعيد تتجاذبه الايدي وتصرخ به الحناجر ( حلفت غداك عندنا) وتنحر لهذا القادم على مرمى اعيوننا خروف ابونا او معزى امنا .. نبقى نشاهد كل تفاصيل المائدة ونشتمها كعبير الازهار وننتظر مع المنتظرين حتى استوائها لكن حين تقدم وتفرش الموائد كنا نصفع أيضا .. ( رح وراك يا ورع ) وندور حول المائدة ولا نرَ الا ظهور القوم فلا نحصل إلا على بقايا ما كان يسمى مائدة .. وتصفعنا تلك الملعونه . (خلك رجال)


عندما كبرنا قليلاً.. اصبحنا نعرف الكلام المتواصل .. كانوا يختبروننا .. (من يلمس أذنه اليمين بيده اليسار من فوق راسه ) .. ستقذف بالجريمة العظماء إن لم تستطع .... (قِمّ يا وِرّع) .. للمعلومية (ورع) مسمى أخر لـ(طفل) لكن تأثيرها على السمع فتاكاً وأشد وطأه من طفل واخواتها (وررررررررررع) ربما البعض شعر بها الآن وبفتكها


حينما لا يكون هناك (سلق) لرد الغنم كانت مهمتنا مشابهه لهذه السلاق نطرد المعزى (حتى لا تغدي) كنا نلهو ونرمى بالحجر حين نبالغ بجهد يربك قطيع الضأن ويفر منا .. ونحصل على وسام اخر اشد من (ورع) السابقه باختها اللدوده ( انْثبر لا اتوطاك)


حين تلتم الصحبه .. كنا نحمل دلة رفعت للتو من على الجمر بيدنا اليسرى ونمسك الفناجيل باليمنى ونصب القهوة .. وقوفا و الويل لك ان ارتعشت يدياك او حركت اليد التي بها الدله من حرارة مقبضها فاما ان تصفع واما تركل وفي كلا الحالتين لن تسلم من ( خلك رجال ) الملعونه ايّها ,, نبقى هكذا وقوفا نقرب صحون التمر الى الجالسين ونسكب في الاقداح قهوة للاصحاب حتى يرتون . وعلامتها ان يهز لك الفنجال مع قول ( بسْ) بعدها تحلف ثلاثا ( واحد ) ( واااااااااااحد ) ( ووووووووواحد )


كنا على حين غرة .. نجلس في مجلسنا .. ونسحب المراكي . وان وجد رماد اخذناه ورسمنا شاربان عريضان من تحت الانف حتى الاذن ونمثل دور الرجولة .. ونفر كالفراش ان شاهدنا احداً


في المدرسة ! وكانت بعيدة عنا نذهب اليها يومان فقط بعد ان نسوق الحلال ( الغنم) ونسقي (المراوي) ونفك الشبك .. كنا نقبع في سجن يسمونه الان فصل دراسي كنا نجلد ونصفع ونحمل على الطاولات ونجلد على الارجل وفي المؤخِرة حسب نفسية معلمنا الفلسطيني او المصري او السوداني وكنا اذا بكينا صفعنا ونرمى بتلك الملعونه ( خلك رجال) بعد ان نجلد سوطا بالخيزرانه في الايدي حتى احمرت خطوطا حمراء


والقصة طويلة .. قد يتبع



وخلّك رجال .. وفجاءة نشاهد اليوم العالمي للطفل وفي بلادنا وبمعية شخصيات ساميه واخر غير سامية .... . الخ