ابو البندري
01-27-2010, 09:57 PM
كثرة التسول في المساجد أصبحت ظاهرة مزعجة مُذِهِبةً للخشوع ومُقززة للمشاعر وذلك بإظهار بعض العاهات والإصابات التي هي في حقيقة الأمر شكاية الله إلى خلقه .
ومما زاد الأمر سوءً سكوت بعض أئمة المساجد عنهم وتعاطف الناس مع هولاء المتسولين جهلاً منه بتحريم التسول في المساجد.
والتسول في المساجد إضافة إلى أنه مزعج ومُذهب للخشوع فهو أمر مُحْدَثٌ لم يعرف عند السلف الصالح رحمهم الله ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع أصلاً فريداً ومنهاجاً نيـراً يُقاس ويُنزل عليه كل أمر مُزعج في المسجد ، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( من سمع رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً في الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لارَدَّهَا الله عَلَيْكَ فإن الْمَسَاجِدَ لم تُبْنَ لِهَذَا). رواه الإمام مسلم ج1/ص397 ، حـديث رقم 568.
وعن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ في الْمَسْجِدِ فقال : من دَعَا إلى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لَا وَجَدْتَ إنما بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ له ) رواه الإمام مسلم ج1/ص397 ، حديث 569.
والأحكام كما قرر علما الأصول أنها معللة ، وقد علل عليه الصلاة والسلام النهي عن رفع الصوت والإزعاج بأن المساجد إنما بنيت لذكر لها وليس لشيء آخر.
قال في المرقاة : (فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا ) تعليل للحكم ، وقوله (لم تبن لهذا ) أي لنشدان الضالة ونحوه بل لذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والوعظ .مرقاة المفاتيح ج2/ص384.
فهذا الرجل دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عن شيء له فما بالك بالذي يسأل شيئا ليس له ، لا شك انه أولى بالزجر ، وهذا الذي يسميه العلماء بالقياس الأولوي.
ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك ). رواه البيهقي في الكبرى ج2/ص447.
ومشى على ذلك المنهج الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم في منع رفع الأصوات في المساجد وخروجها عن هدفها السامي وهو تهيئة الأجواء للذكر والصلاة ، فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال : كنت نائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت إليه فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : اذهب فأتني بهذين فجئته بهما ، فقال : ممن أنتما ، قالا : من أهل الطائف ، فقال :لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .رواه البخاري في صحيحه.
وفي سنن الدارمي ج1/ص379: عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال إذا رَأَيْتُمْ من يَبِيعُ أو يَبْتَاعُ في الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا أَرْبَحَ الله تِجَارَتَكَ وإذا رَأَيْتُمْ من يَنْشُدُ فيه الضَّالَّةَ فَقُولُوا لَا ردها الله عَلَيْكَ.
قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم :في هذين الحديثين فوائد منها النهي عن نشد الضالة في المسجد ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والاجارة ونحوها من العقود وكراهة رفع الصوت في المسجد قال القاضي قال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد . شرح النووي على صحيح مسلم ج5/ص55
ولذلك جعل عمر رضي الله عنه مكاناً خاصاً خارج المسجد لمن أردا بث حوائجه على إخوانه المسلمين وسماه البطيحاء وكل ذلك لصون المسجد عما لا يليق به ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البُطَيحاء -بضم الباء وفتح الطاء- وقال من كان يريد أن يَلغَط – يعني يتكلم بكلام فيه جلبة واختلاط -أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة) موطأ مالك ج1/، حديث 422
كل ذلك تعظيما للمسجد لأنه إنما وضعت المساجد للصلاة والذكر قال تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع )، ولم توضع للغو الكلام والتسول والشحاذة.
قال المناوي : قوله عليه الصلاة والسلام (لا ردها الله عليك) زجرا له عن ترك تعظيم المسجد معاقبة له بنقيض قصده وترهيبا وتنفيرا من مثل فعله ، فإذا منع صاحب الدابة التي ضلت فغيره من كل أمر دنيوي أولى. فيض القدير ج1/ص357.
قال في مرقاة المفاتيح ج2/ص410(لا ردها الله عليك) لقلة أدبك حيث رفعت صوتك في المسجد وشوّشت على المصلين أو المعتكفين ذكرهم أو حضورهم أو قالهم أو حالهم.
قال في شرح السنة ج2/ص375: قال أبو سليمان الخطابي ويدخل في هذا كل أمر لم يبن له المسجد من أمور معاملات الناس واقتضاء حقوقهم وقد كره بعض السلف المسألة في المسجد.
قال المناوي: دعاء عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الوجدان زجرا له عن ترك تعظيم المسجد والمساجد لم تبن لهذا . التيسير بشرح الجامع الصغير ج1/ص99.
وأما إذا كان المسكين السائلُ جالساً في المسجد ولم يطلب من الناس ولم يشوش عليهم فلا بأس بإعطائه.
فعن عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (هل مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا فقال أبو بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فإذا أنا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ في يَدِ عبد الرحمن فَأَخَذْتُهَا منه فَدَفَعْتُهَا إليه) سنن أبي داود ج2/27 ، حديث رقم 1670 ،سنن البيهقي الكبرى ج4/99.
قال في المرقاة : ولا بأس بإعطاء السائل فيه شيئاً للحديث الصحيح (هل أحد منكم أطعم اليوم مسكيناً ؟ فقال أبو بكر : دخلت المسجد فإذا أنا بسائل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه) وروى البيهقي .
وأنه عليه السلام أمر سليكاً الغطفاني بالصلاة يوم الجمعة في حال الخطبة ليراه الناس فيتصدقون عليه وأنه أمرهم بالصدقة وهو على المنبر.
قال المناوي : لا دلالة في الحديث على أنه كان سائلاً .
قال بعض السلف :جاء في بعض الآثار ينادي يوم القيامة ليقم بغيض الله فيقوم سؤّال المسجد .المرقاة المفاتيح ج2/ص385.
وإنا لنرجو من إخواننا أئمة المساجد التعاون في منع هذا الأمر المحدث سيما وقد تبين بالأدلة القاطعة أن أكثرهم مستكثرون محتالون وليسوا بفقراء ولا محتاجين ، وإنما يأتون إلى بلادنا لاستدرار عطف أهلها المعروفين بالطيبة والسخاء ، ومن كان محتاجاً فإنه ينبغي أن يأتي إلى الإمام ومعه ما يثبت حاجته وصدق كلامه والإمام بعد ذلك يحث المصلين على مساعدته.
إضاءة : أخي الكريم المبارك حاسب نفسك محاسبة الشريك الشحيح لشريكة عن الربح والخسارة 00
جعلك الله مُسدد القول والعمل ، موفقاً في الفعل والترك ، ترى بنور الله وتهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
كتبه
دكتور محمد بن مطر السهلي أمام وخطيب جامع الاميره شيخه بمكه
منقول 0 من احدى المواقع الاسلاميه00 باتفاق مسبق بيني وبين الشيخ حفظه الله وونفعنا بعلمه
والشيخ احد زوار منتدى بلي الرسمي بصفه شبه يوميه ودائما يثني على المنتدى
ويبارك بجهود الاخوان االقائمين على المنتدى
ومما زاد الأمر سوءً سكوت بعض أئمة المساجد عنهم وتعاطف الناس مع هولاء المتسولين جهلاً منه بتحريم التسول في المساجد.
والتسول في المساجد إضافة إلى أنه مزعج ومُذهب للخشوع فهو أمر مُحْدَثٌ لم يعرف عند السلف الصالح رحمهم الله ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع أصلاً فريداً ومنهاجاً نيـراً يُقاس ويُنزل عليه كل أمر مُزعج في المسجد ، من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( من سمع رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً في الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لارَدَّهَا الله عَلَيْكَ فإن الْمَسَاجِدَ لم تُبْنَ لِهَذَا). رواه الإمام مسلم ج1/ص397 ، حـديث رقم 568.
وعن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ في الْمَسْجِدِ فقال : من دَعَا إلى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لَا وَجَدْتَ إنما بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ له ) رواه الإمام مسلم ج1/ص397 ، حديث 569.
والأحكام كما قرر علما الأصول أنها معللة ، وقد علل عليه الصلاة والسلام النهي عن رفع الصوت والإزعاج بأن المساجد إنما بنيت لذكر لها وليس لشيء آخر.
قال في المرقاة : (فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا ) تعليل للحكم ، وقوله (لم تبن لهذا ) أي لنشدان الضالة ونحوه بل لذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والوعظ .مرقاة المفاتيح ج2/ص384.
فهذا الرجل دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عن شيء له فما بالك بالذي يسأل شيئا ليس له ، لا شك انه أولى بالزجر ، وهذا الذي يسميه العلماء بالقياس الأولوي.
ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك ). رواه البيهقي في الكبرى ج2/ص447.
ومشى على ذلك المنهج الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم في منع رفع الأصوات في المساجد وخروجها عن هدفها السامي وهو تهيئة الأجواء للذكر والصلاة ، فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال : كنت نائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت إليه فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : اذهب فأتني بهذين فجئته بهما ، فقال : ممن أنتما ، قالا : من أهل الطائف ، فقال :لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .رواه البخاري في صحيحه.
وفي سنن الدارمي ج1/ص379: عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال إذا رَأَيْتُمْ من يَبِيعُ أو يَبْتَاعُ في الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا أَرْبَحَ الله تِجَارَتَكَ وإذا رَأَيْتُمْ من يَنْشُدُ فيه الضَّالَّةَ فَقُولُوا لَا ردها الله عَلَيْكَ.
قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم :في هذين الحديثين فوائد منها النهي عن نشد الضالة في المسجد ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والاجارة ونحوها من العقود وكراهة رفع الصوت في المسجد قال القاضي قال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد . شرح النووي على صحيح مسلم ج5/ص55
ولذلك جعل عمر رضي الله عنه مكاناً خاصاً خارج المسجد لمن أردا بث حوائجه على إخوانه المسلمين وسماه البطيحاء وكل ذلك لصون المسجد عما لا يليق به ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البُطَيحاء -بضم الباء وفتح الطاء- وقال من كان يريد أن يَلغَط – يعني يتكلم بكلام فيه جلبة واختلاط -أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة) موطأ مالك ج1/، حديث 422
كل ذلك تعظيما للمسجد لأنه إنما وضعت المساجد للصلاة والذكر قال تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع )، ولم توضع للغو الكلام والتسول والشحاذة.
قال المناوي : قوله عليه الصلاة والسلام (لا ردها الله عليك) زجرا له عن ترك تعظيم المسجد معاقبة له بنقيض قصده وترهيبا وتنفيرا من مثل فعله ، فإذا منع صاحب الدابة التي ضلت فغيره من كل أمر دنيوي أولى. فيض القدير ج1/ص357.
قال في مرقاة المفاتيح ج2/ص410(لا ردها الله عليك) لقلة أدبك حيث رفعت صوتك في المسجد وشوّشت على المصلين أو المعتكفين ذكرهم أو حضورهم أو قالهم أو حالهم.
قال في شرح السنة ج2/ص375: قال أبو سليمان الخطابي ويدخل في هذا كل أمر لم يبن له المسجد من أمور معاملات الناس واقتضاء حقوقهم وقد كره بعض السلف المسألة في المسجد.
قال المناوي: دعاء عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الوجدان زجرا له عن ترك تعظيم المسجد والمساجد لم تبن لهذا . التيسير بشرح الجامع الصغير ج1/ص99.
وأما إذا كان المسكين السائلُ جالساً في المسجد ولم يطلب من الناس ولم يشوش عليهم فلا بأس بإعطائه.
فعن عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (هل مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا فقال أبو بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فإذا أنا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ في يَدِ عبد الرحمن فَأَخَذْتُهَا منه فَدَفَعْتُهَا إليه) سنن أبي داود ج2/27 ، حديث رقم 1670 ،سنن البيهقي الكبرى ج4/99.
قال في المرقاة : ولا بأس بإعطاء السائل فيه شيئاً للحديث الصحيح (هل أحد منكم أطعم اليوم مسكيناً ؟ فقال أبو بكر : دخلت المسجد فإذا أنا بسائل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه) وروى البيهقي .
وأنه عليه السلام أمر سليكاً الغطفاني بالصلاة يوم الجمعة في حال الخطبة ليراه الناس فيتصدقون عليه وأنه أمرهم بالصدقة وهو على المنبر.
قال المناوي : لا دلالة في الحديث على أنه كان سائلاً .
قال بعض السلف :جاء في بعض الآثار ينادي يوم القيامة ليقم بغيض الله فيقوم سؤّال المسجد .المرقاة المفاتيح ج2/ص385.
وإنا لنرجو من إخواننا أئمة المساجد التعاون في منع هذا الأمر المحدث سيما وقد تبين بالأدلة القاطعة أن أكثرهم مستكثرون محتالون وليسوا بفقراء ولا محتاجين ، وإنما يأتون إلى بلادنا لاستدرار عطف أهلها المعروفين بالطيبة والسخاء ، ومن كان محتاجاً فإنه ينبغي أن يأتي إلى الإمام ومعه ما يثبت حاجته وصدق كلامه والإمام بعد ذلك يحث المصلين على مساعدته.
إضاءة : أخي الكريم المبارك حاسب نفسك محاسبة الشريك الشحيح لشريكة عن الربح والخسارة 00
جعلك الله مُسدد القول والعمل ، موفقاً في الفعل والترك ، ترى بنور الله وتهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
كتبه
دكتور محمد بن مطر السهلي أمام وخطيب جامع الاميره شيخه بمكه
منقول 0 من احدى المواقع الاسلاميه00 باتفاق مسبق بيني وبين الشيخ حفظه الله وونفعنا بعلمه
والشيخ احد زوار منتدى بلي الرسمي بصفه شبه يوميه ودائما يثني على المنتدى
ويبارك بجهود الاخوان االقائمين على المنتدى