المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات و تأملات



موسى بن ربيع البلوي
03-31-2010, 06:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين




و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين




و بعد




هنا وقفة مع النفس ، تأملات ، أفكار ، تعليقات ، شذرات




لعل القارئ يجد بها متعة و منها منفعة




،


جعلتها في هذا المتصفح للقراءة فقط دون ردود لأنها إما خلجات نفس


أو إضاءات و ومضات





لن أطيل فقد تكون في الإطالة ملل للقارئ




أرجو من الله التوفيق




و أرجو من إخوتي و أخواتي العفو عن الزلل

موسى بن ربيع البلوي
03-31-2010, 07:44 PM
قال تعالى : (( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ . وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا .
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)))





يقول ابن كثير في تفسيره :
وَقَوْله " وَاصْبِرْ نَفْسك مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهه "
أَيْ اِجْلِسْ مَعَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّه وَيُهَلِّلُونَهُ وَيَحْمَدُونَهُ وَيُسَبِّحُونَهُ وَيُكَبِّرُونَهُ
وَيَسْأَلُونَهُ بُكْرَة وَعَشِيًّا مِنْ عِبَاد اللَّه سَوَاء كَانُوا فُقَرَاء أَوْ أَغْنِيَاء أَوْ أَقْوِيَاء أَوْ ضُعَفَاء .




وَقَوْله " وَلَا تَعْدُ عَيْنَاك عَنْهُمْ تُرِيد زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا "
قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَلَا تُجَاوِزهُمْ إِلَى غَيْرهمْ يَعْنِي تَطْلُب بَدَلهمْ أَصْحَاب الشَّرَف وَالثَّرْوَة .




" وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبه عَنْ ذِكْرنَا "
أَيْ شُغِلَ عَنْ الدِّين وَعِبَادَة رَبّه بِالدُّنْيَا .




" وَكَانَ أَمْره فُرُطًا "
أَيْ أَعْمَاله وَأَفْعَاله سَفَه وَتَفْرِيط وَضَيَاع
وَلَا تَكُنْ مُطِيعًا لَهُ وَلَا مُحِبًّا لِطَرِيقَتِهِ وَلَا تَغْبِطهُ بِمَا هُوَ فِيهِ .




انتهى




.


وقفة تأمل /




آيات بينات ، ذات دلائل و معاني عظيمة ،
فيها كما هو واضح الحث على مجالس الذكر و مجالس الخير

و ذم مجالس السوء التي كلها إما غيبة أو نميمة أو قيل و قال
و لا يخرج منها المسلم إلا بالذنوب و قسوة القلب .

و قد لا يحس الغافل بما تحدثه مجالس اللهو أو الغفلة من تغيير في النفس لأنه هو غافل بالأصل
ولكن من أمتن الله عليه بالاستقامة

فسوف يلاحظ تأثير مجالس الغفلة على نفسه
و كيف أن القلب يقسو و أن النفس تضيق .

و يا ليتنا جربنا حلاوة مجالس الذكر و ما تحدثه في النفس من طمأنينة و راحة و هدوء .


هذه الآيات فيها من العبر و التوجيه لو أخذنا به لتغيرنا في أمورٍ كثيرة ،
إنها دعوة لنا بأن نُعدل من منهج حياتنا
و نختار لأنفسنا من ننتفع بالجلوس معه

و من نتأثر به إيجابياً لا سلبياً .

إن جلسة هدوء مع النفس ،
جلسة محاسبة و تصحيح و توجيه
كفيلة بأن نعدل من مساراتنا الخاطئة لنكتشف كم أسرفنا على أنفسنا بكثرة مخالطتنا
لمن هو سبب في شقائنا



و قد يقول قائل بأن غالب مجالسنا هكذا ،
أقول له إذا كانت جلسة عابرة أو اضطررت لها كما يحدث في اجتماعاتنا العائلة
أو غيرها فهنا عليك المحاولة للتصحيح
و إن لم تستطع فلا تكثر الجلوس


و أشغل نفسك بالذكر حتى تنتهي من ذلك المجلس
و كلامي هنا لمن أدمن هذه المجالس و أختار الذهاب إليها يومياً بإرادته و اختياره .


نعم قد تجبرنا الظروف بمجالس يصعب علينا تركها
أو الاعتذار عنها و في هذه الحالة كما قلت سابقاً عليك بالصبر .


و كما هو معلوم بأن النفس أمارة بالسوء و تؤثر الدعة و اللهو
و لذا قال الله تعالى ( و اصبر نفسك ) أي أحملها بالقوة

و مع الوقت سنجد الراحة و السكينة


نسأل الله أن يجعل مجالسنا عامرة بذكره
وأن يصرف عن مجالس اللهو و السوء .




.

موسى بن ربيع البلوي
04-02-2010, 01:43 PM
وقفات تربوية و فوائد مع حديث


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كُنْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامِ! إنِّي أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك؛ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ [رقم:2516] وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.


وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ: "احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامك، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفك فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك، وَمَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".


بداية نقف مع شرح الحديث شرحه فضيلة الشيخ الدكتور


عبدالرحمن بن صالح الدهش عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود


( و قد اختصرت الشرح )


يقول الشارح :



كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما رديفا له ،( يا غلام ) لأن ابن عباس لم يكن كبيرا فقد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وابن عباس قد ناهز الاحتلام.


( إني أعلمك كلمات ) أخبره أولا بصيغة الإجمال ( أعلمك كلمات ) وإنما قال له ذلك بصيغة الإجمال حتى يشوقه إلى ما سوف يقوله له . ما هذه الكلمات ؟


قال : ( احفظ الله يحفظك ) احفظ الله ثواب ذلك أن الله يحفظك . لكن كيف تحفظ الله عز وجل رب العالمين . المعنى أنك تحفظ شرع الله عز وجل بتطبيقه وامتثاله ، فإذا حفظت شرع الله ودين الله وطبقته في نفسك والتزمته في سرك وعلانيتك فإن الله تعالى يحفظك ، يحفظك في أشياء كثيرة قد تخطر على بالك وقد لا تخطر .فهذا هو الثواب العاجل لمن حفظ الله عز وجل


( احفظ الله تجده تجاهك ) أعادها ثانية وتغير الثواب المرتب عليها . وفي الرواية الثانية التي ذكرها المؤلف ( تجده أمامك ) والمعنى أنك تجد توفيق الله عز وجل وتسديده ميسرا لك .


( أمامك ) لا يحتاج إلى كلفة فهي على حد قوله تبارك وتعالى : ( فسنيسره لليسرى )


أمامك تجد توفيق الله وتسديده أمامك متقدما عليك وأمورك كلها إلى خير ، وليس المعنى أنك تجد الله أمامك فإن الله بذاته فوق السماوات في العلو ولا يمكن ان يكون أمام أحد من خلقه بالمعنى الذي تريده المحرفة المؤله بل المعنى ما قلناه لك .


( إذا سألت فاسأل الله ) إذا كان لك مسألة فإنك تسأل الله عز وجل لأنه الذي يحب السائلين ويعطي عطاء لا ينفد . إذا إياك أن تتوجه بسؤال أحد من المخلوقين إذا سألت فاسأل الله عز وجل واطلبه الذي عنده وهذا عام ولكن يستثنى من ذلك ما جرت العادة بسؤاله فلا حرج أن الإنسان يسأل المخلوق مع اعتقاده أن الله هو المعطي حيث يصرف قلب هذا إليك فإذا سألت فاسأل الله .


( وإذا استعنت فاستعن بالله ) إذا طلبت المعونة فإنها تطلب المعونة الكاملة الحقيقية من الله عز وجل على حد قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ثم يستثنى من هذا ما جرت العادة أن يستعان به من المخلوق .


ثم قال : ( أعلم أن الأمة لو اجتمعوا ... ) هذه جملة من أعظم الجمل الأمة كلها من أولها إلى أخرها لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء ( بمال بجاه بعلم ) فإنه لا يمكن أن ينفعوك إلا بما كتبه الله لك .


( وإن اجتمعوا على أن يضروك ... ) هذه بالعكس اجتمع الناس كلهم على أن يصيبوك بفقر وأن تكون محتاجا إلى الناس فإنهم لا يمكن أن يفعلوا هذا إلا إذا كان الله كتب عليك هذا .


( رفعت الأقلام ...) أقلام القضاء والقدر، وأي صحف ؟ الصحف التي يكتب فيها المقادير إذا الأمور كلها مقضية والأقلام رفعت والصحف جفت بما كتب فيها .


وهذه الجملة بل الجملتان يراد بهما أن الأمر مقضي وأنه لا أحد يغير ما قدره الله عز وجل فهاتان الجملتان سيقتا لهذا الغرض أن الأمر مقضي وأن الأحوال والأشياء قد انتهت .


( تعرف على الله ) بطاعته ( في الرخاء ) في وقت الرخاء فإن الله تعالى (يعرفك في الشدة)


والمراد بالرخاء وقت الرخاء وقت الأمن ورغد العيش والفراغ والمراد بالتعرف إليه في الرخاء يعني بطاعته يعني انك تجتهد بطاعة الله في وقت الرخاء في وقت الأمن في وقت الغنى تجتهد في العبادة في الصلاة في قراءة القرآن فإنك تحتاج إلى هذه العبادة في زمن الشدة فربما كتب الله لك خلاصا وفرجا في الشدة بعبادة قمت بها في وقت الرخاء وفي وقت السعة وشاهد ذلك في قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة ما الذي أنجاهم ؟ عبادتهم وإخلاصهم في زمن الرخاء . لما كانوا مجتهدين مخلصين في زمن الرخاء كتب الله لهم فرجا في وقت الشدة .


( يعرفك في الشدة) الله يعرف خلقه وهو عالم بهم والعلماء يقولون : لا تضاف إلى الله المعرفة لأن المعرفة مسبوقة بجهل بخلاف العلم فيقال : الله عالم ولا يقال :الله عارف لأن المعرفة مسبوقة بجهل . لكن التي في الحديث ( يعرفك في الشدة ) هذه معرفة خاصة يراد بها التوفيق والنصر وما أشبه ذلك . وأما المعرفة التي هي إدراك الشيء فإن هذه منتفية ولا تنسب إلى الله عز وجل .


( أعلم أن ما أخطأك ) من قدر الله عز وجل فإنه لا يمكن أن يصيبك لأن الله ما قدره .


(أعلم أن النصر مع الصبر ) النصر الذي هو الغلبة على الأعداء والغلبة على النفس والغلبة على كل شيء يحتاج فيه إلى غلبة أن هذه مع الصبر .


( وأن الفرج مع الكرب ) فرج الله وتنفيسه مع الكرب الذي هو الضيق والشدة ، فليس هناك فرج إلا بعد الكرب ، لولا الكروب لما عرفنا الفرج .


( وأن مع العسر يسرا ) فإذا تعسرت الأمور فإنها سوف يعقبها يسر من الله عز وجل كما قال تعالى : ( إن مع العسر يسرا ) .


انتهى نقل الشرح مختصراً .



،


تأملات و فوائد :


هذا الحديث تكلم عليه العلماء كثيراً ، فهو يتضمن وصايا عظيمة و قواعد كلية من أمور الدين و يحتاج إلى تمعن و تدبر دائمين من كل مسلم ، لقد أوتي النبي عليه الصلاة و السلام جوامع الكلم و قد اختصر لنا في هذا الحديث المختصر و السهل قواعد في العقيدة و الفقه و التربية ، اختصر مؤلفات ووضع دروس للأمة و إن كان الكلام موجهاً لعبد الله بن عباس إلا أنه في الحقيقة هو لكل فرد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .



و هنا بعض الفوائد نسأل الله أن ينفعنا بما نقرأ و لا يمكن حصر الفوائد المستخلصة و إنما هي محاولات و قراءات و الحديث قد أؤلفت فيه مؤلفات من علماء الأمة :


1 – ضرورة تنشئة النشء و الأبناء على العقيدة الصحيحة .


2- أول ما يبدأ به في التوجيه و النصح هو العقيدة .


3- تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صغار السن و الشباب فقد قد كان عبد الله بن عباس رضي الله عنه صغيراً عند رواية هذا الحديث .


4 – بث الثقة في الأبناء و الشباب .


5 – اتخاذ الأساليب التربوية المناسبة عند التعامل مع الشباب و توجيههم و إرشادهم .


6 – استخدام صيغ التشويق عند التعليم و عند نقل المعلومة و ذلك للفت الانتباه و الاهتمام و التشويق لأهمية القادم من نصائح (إني أعلمك كلمات ) .


7 – تقوية الرقابة الذاتية في نفس الشاب المؤمن و أن حفظ الله للإنسان يأتي من الوقوف عند حدود الله و حفظ أوامره و نواهيه في السر و العلن .


8 – تعليق المسلم بخالقه و توكله على الله و اعتماده عليه و ترك التعلق بما سوى الله ، فالسؤال يكون لله و الاستعانة بالله ، إلا ما جرت عليه العادة من الاستعانة بالمخلوق بما يستطيعه المخلوق .


9 – عدم الاغترار بزينة الدنيا و زخرفها و أن المؤمن يكون تعلقه بالله في الرخاء كما هو في الشدة .


10 – عدم التجزع إذا أصاب المؤمن حادثة أو نائبة من نوائب الدهر و لن يصيبك أيه الإنسان إلا ما قدره الله لك و عليك .


11- تعليق الثقة بالله وحده و عدم الجزع و الخوف من الناس فإنهم لن يضروك أبداً مهما اجتمعوا مادام أن هذا الأمر الذي تخافه غير مقدر من الله و لن يصرفوه عنك إذا كان مقدراً عليك .


12 – الإيمان بالقضاء و القدر و أهمية تقويتها في نفوس الناشئة و الشباب و بقية الأمة .


13 – مدى الراحة النفسية عند تأمل هذا الحديث و عند التسليم لله سبحانه .


14 – أهمية الصبر و ما فيه من عواقب حميدة و منها الصبر على أذى الناس و الصبر على اجتناب المعاصي و الصبر على طاعة الله و الصبر على المحن و البلايا و آخر الصبر النصر و الظفر ، كما أن الفرج يأتي بعد الكرب و اليسر يأتي بعد العسر .


15 – النهي عن التشكي و مادام أن الإنسان متمسك بأصل الدين (احفظ الله يحفظك ) فأي مصيبة أخرى غير مصيبة الدين أمر سهل لأن هناك من يتشكى كل ما أصابته مصيبة في النفس أو الأهل أو المال أو الوظيفة أو فقد عزيز أو فقد حبيب .


16 – البشارات العظام لمن يتمسك بهذه الوصايا التي أوصى بها نبينا صلى الله عليه وسلم و هي وصايا جامعة لكل الأمة .


17 – الحث على مدارسة العلوم الشرعية و التفقه فيها مع الأبناء و الأهل و في سائر مجالسنا و اجتماعاتنا .


18 – الحث على التواصي بالخير بين أفراد الأمة .


19 – توجيه النصيحة لأي فرد من أفراد الأمة حتى لو كان صغيراً في السن و منحه الثقة بنشر هذه النصيحة و استغلال الفرص التي تتيح لنا ذلك بأي وقت و حال .


20 – أهمية حفظ الوقت و استغلاله بما فيه نفع و فائدة لنا .


21 – استخدام أساليب النداء و التكنية من المُربي للناشئة و الأبناء ( يا غلام ) ، ( يا أبا عمير ) و الأمثلة في السنة النبوية كثيرة و هذا مما يبعث على الثقة و يهيئ لقبول النصح و التوجيه و يورث المحبة .


22 – عدم استعجال النتائج فإن النصر قادم بإذن الله تعالى و الفرج يكون بعد الكرب و اليسر بعد العسر .


23 – الحث على احتساب الأجر في عمل الخير و الصبر على ذلك .



و بعد
هذا ما تيسر الوقوف عليه من فوائد و كل ما تأملنا أكثر خرجنا بفوائد أكثر .



نسأل الله لنا و لكم العلم النافع و العمل المتقبل و الإخلاص في القول والفعل و الفوز بالجنات و النجاة من النار .


و صلى الله وسلم على أشرف الأنبياء و المرسلين .

موسى بن ربيع البلوي
04-05-2010, 10:14 AM
< إدمان من نوع خاص >




بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين



و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين



.




( مدخـل )




قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : « من فوائد الذكر: أنه قوة القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته. وحضرتُ شيخ الإسلام ابن تيمية مرةً صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله ـ تعالى ـ إلى قريبٍ من انتصاف النهار، ثم التفت إليَّ، وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغدَّ الغداء سقطت قوتي. أو كلاماً قريباً من هذا. وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكرٍ آخر، أو كلاماً هذا معناه »




.



قال الإمام أحمد :



( الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه . )




.




قال الشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله : ( لو أحصيت معدّل الساعات التي كنت أطالع فيها لزادت على عشر في اليوم ... فلو جعلت لكل ساعة عشرين صفحة أقرأ من الكتب الدسمة نصفها ومن الكتب السهلة نصفها, لكان في كل يوم مئتا صفحة, أتنازل عن نصفها احتياطاً وهرباً من المبالغة وخوفاً من الكذب, وإن كنت لم أكذب ولم أقل إلا حقاً فهذه مئة صفحة في اليوم, فاحسبوا كم صفحة قرأت من يوم تعلمت النظر في الكتب وامتدت يدي إليها. سبعون سنة, في كل سنة اثنا عشر شهراً, في كل شهر ثلاثون يوماً, في كل يوم مئة صفحة... كنت ولا أزال اقرأ في كل علم: في التفسير, وفي الحديث وفي الفقه وفي التاريخ وفي الأدب: الأدب العربي , والأدب الفرنسي, وفي العلوم على تنوّعها وتعددها . )




انتهى




وقفة :



فيه هذه العجالة سأتحدث عن إدمان من نوع خاص ، لن أتحدث عن إدمان المخدرات المدمر للحياة و المال رغم أهمية معالجته ، كما أنني لن أتطرق إلى إدمان بعض العادات السيئة المدمرة للصحة أيضاً مثل التدخين و السهر غيرها .



و إنما سوف تكون وقفتنا مع النصوص الواردة في مدخل حديثنا و الخاصة بإدمان العادات الحسنة النافعة لنا في الدنيا و الآخرة و لو أردت أن أسهب و أضرب الأمثلة من السلف و الخلف عن مدى اهتمامهم بوقتهم بما ينفعهم لاحتجت إلى مجلدات و مجلدات و قد كانوا يحرصون على ما ينفعهم في أخراهم ثم دنياهم .



فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ==== إن التشبه بالكرام فلاح



أحبتي الأفاضل ما أجدرنا أن نتأمل أمثلة المبدعين من سلفنا و خلفنا و الذين كانوا يستغلون كل ثانية من وقتهم بالمفيد ، نحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس و نبدأ بحصر العادات السيئة التي أدمناها ثم نبدأ مباشرة بتصحيح وضعنا و نستبدل تلك العادات السيئة بأخرى نافعة ، من يدمن سماع المعازف يستبدلها بسماع المواد النافعة و التي تضيف لنا علماً نافعاً و من يقضي وقته بقراءة ما هو غير مفيد يبدله بقراءة المفيد .



من يدمن الجلوس على الشبكة العنكبوتية بالساعات الطوال يبدأ أولاً بالقضاء على هذه العادة السيئة ثم يوجه تواجده في الشبكة العنكبوتية بما ينفعه و يضيف إليه لا أن يأخذ منه .



نتخلص من إدمان السفريات الخارجة عن الحاجة و إدمان الألعاب الإلكترونية و القائمة تطول و تطول و العاقل من يحاسب نفسه و يوجهها التوجيه السليم ليفيد نفسه ثم يفيد مجتمعه مما أكتسبه من العلم النافع في شتى المجالات و هذا لا يتأتى إلا بالمثابرة في طلب العلم سواء انتظاماً أو تعلمياً ذاتياً بالبحث و المطالعة و القراءة .



و الآن أحبتي لنتأمل و نتمعن في قول ابن القيم عن شيخه ابن تيمية رحمهما الله في مدخل حديثنا حينما تحدث عن إحدى فوائد الذكر ثم تطرق إلى إدمان الشيخ ابن تيمية للجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر و بماذا كان يشغل نفسه إنه يشغل نفسه بغذاء الروح الذي هو أهم من أي غذاء آخر ، و ما أجمله من إدمان ، إدمان ذكر الله و ما أروعه من إدمان إنه يعطر اللسان و يزكي النفس و يطهر القلب و يجلب السعادة و الطمأنينة ، ثم لنقيس هذا على باقي العبادات التي نحتاج إلى إدمانها و لا أقصد العبادات المفروضة فهي واجبة و إنما أقصد النوافل مثل قيام الليل و السنن الرواتب و صيام التطوع و الصدقة و كل هذه الأعمال عندما ندمنها فإننا نحس بلذة لا تعادلها لذة كيف لا و هي غذاء الروح .




ثم تأتي مقولة الشيخ أحمد بن حنبل و الذي أوضح مدى حاجة الناس إلى العلم و المقصود به هنا العلم الشرعي و كم نحن بحاجة إلى إدمان طلب العلم .




ثم يأتي المثال الثالث الذي يشير إلى قراءة و مطالعة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله و هذه الجزئية ( أي القراءة ) تتحدث عن غذاء العقل و يدخل فيها أيضاً طلب العلم ، و قد كان الشيخ رحمه الله حريصاً على انتقاء ما يقرأ لينتفع و يترك ما يشوبه و قد ذكر ذلك الشيخ في ذكرياته فقال :



(( فانتبهوا - يا أيها القراء - لما تنظرون فيه من كتب ومجلات , وما تسمعونه من إذاعات ومحاضرات , وما تشاهدونه من مسلسلات ومسرحيات , ولا تظنوا أنّ أثر ذلك يذهب مع إكمال الكتاب أو انتهاء المحاضرة أو إسدال الستار على المسرحية .. بل إن بعضه يبقى ما بقيت الحياة !)) .




أقف هنا



و لعل في تدبرنا و تأملنا ووقفتنا هذه ما يفيدنا



و أترك لأحبتي ممن يقرأ الآن هذه السطور مشاركتي هذه الوقفة و أن تكون



وقفة مع النفس و نبدأ نعدل سلوكياتنا الخاطئة و إدماننا للعادات غير المفيدة



و نقرر البدء في التغيير و لا نريد أن نقرأ هذه السطور و نتحمس ثم نقف و إنما ننفذ التغيير الإيجابي الآن



و صلى الله وسلم على نبينا محمد و آله و صحبه الكرام



و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته