المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إليك أيها الميسور



اشراقة الدعوة
08-31-2010, 11:54 PM
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة بالحث على الجود والبذل والإنفاق في سبيل الله؛ يقول الله - عز وجل -: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}1، و يخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً؛ ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً))2، كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه: ((ما نقصت صدقة من مال))3.
ونحن نعيش أجواء شهر البذل والجود والإحسان؛ هذه دعوة نوجهها إلى كل ميسور، إلى كل من أنعم الله عليه؛ فأعطاه من فضله، ووسع عليه في رزقه، وأمدَّه من كرمه عليه؛ أن تكون يده سخية بالعطاء، كريمة بالبذل، فيعطي مما أعطاه الله، ومما استخلفه فيه، متذكراً حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول فيه: ((ما منكم من أحد إلا سيكلم الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان, فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه؛ فاتقوا النار ولو بشق تمرة, ولو بكلمة طيبة))4، وفي هذا الحديث: الحث على أن يحرص الإنسان على فعل كل ما يتقي به من عذاب الله، من ذلك الصدقة والإنفاق في وجوه الخير؛ فإن: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فُلوَّه حتى تكون مثل الجبل))5، وليعلم كل إنسان أنه ليس له من ماله إلا ما قدمه لآخرته، وبذله في سبيل الله؛ هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يسأل الصحابة فيقول: ((أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟)) قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه, فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما آخر))6.
فقدم - أخي - لآخرتك، وابذل من مالك، وكن كريماً جواداً بالذي تستطيع عليه ولو كان قليلاً، وعليك بالإخلاص؛ فرب درهم سبق ألف درهم، لتكن يدك سخية معطية باذلة فقد جاء في حديث مالك بن نضلة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الأَيْدِي ثَلاَثَةٌ: فَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِى التي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى، فَأَعْطِ الْفَضْلَ، وَلاَ تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ))7.
وتأمل - معي - أخي في الله إلى قدوتنا وأسوتنا - صلى الله عليه وسلم - حيث كان أجود الناس وأكرمهم وخاصة في شهر رمضان؛ فقد جاء في الحديث عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - "أن رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ، إِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ سَنَةٍ في رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَة"8.
ومن جوده وكرمه - عليه الصلاة والسلام - أنه كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر؛ فهذا رجل سَأَلَه - صلى الله عليه وسلم - "فَأَعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أي قَوْمِ أَسْلِمُوا فَوَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّداً لَيُعْطِى عَطَاءَ مَنْ لاَ يَخَافُ الْفَاقَةَ"9.
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: ((ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم))10.
وقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة اتباعاً لمنهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجود والبذل والعطاء؛ ففي أعظم مضمار سباق عرفه التاريخ؛ يقول عمر - رضي الله عنه - يوماً: لأسبقنَّ أبا بكر اليوم، فيخرج بنصف ماله، فيسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا عمر ما تركتَ لأهلك؟))، فيقول: تركتُ لهم مثله، فيجيء أبوبكر الصديق بماله كله، فيسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا بكر ما تركتَ لأهلك؟))، فيقول: تركتُ لهم الله ورسوله11.
وهذا علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: "من آتاه الله منكم مالاً فليصل به القرابة، وليُحسن فيه الضيافة، وليفك فيه العاني والأسير، وابن السبيل والمساكين، والفقراء والمجاهدين، وليصبر فيه على النائبة؛ فإن بهذه الخصال ينال كرم الدنيا، وشرف الآخرة"12، ويقول أيضاً - رضي الله عنه -: "سوِّسوا إيمانكم بالصدقة، وحصِّنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء"13، وقال أبو حاتم: "البخل شجرة في النار، أغصانها في الدنيا، من تعلق بغصن من أغصانها جرَّه إلى النار، كما أن الجود شجرة في الجنة؛ أغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها جرَّه إلى الجنة، والجنة دار الأسخياء"14.
ويقول الفضيل بن عياض عن الذين يتصدق الناس عليهم فيأخذون الصدقات: "يحملون أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله - عز وجل -"، وأما يحيي بن معاذ فيقول: "ما أعرف حبَّة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة"، ويقول عبد العزيز بن عمير: "الصلاة تبلغك نصف الطريق، والصوم يبلغك باب الملك، والصدقة تدخلك عليه"15.
فليت لنا أمثال هؤلاء؟
بهم نصر الله محمداً، وبهم يجب علينا أن نقتدي، وأن نتشبه


فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح16


نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أسرة تحرير موقع رمضانيات

ابو راشد البلوي
09-01-2010, 01:16 AM
ذكرى طيبة في هذا الشهر الفضيل

واسمحوا لي باضافة شئ بسيط من الم يسكن الجوف

فننا نرى من مجتمعاتنا في الوطن العربي او في عالم الاسلام كثيرن من ميسوري الحال لا بل حالهم (ما شاء الله) فوق الممتاز

ولو ان كل شخص من هؤلاء لا نريد احسانا ولكم لو اخرج زكاة ماله بحق علي المحتاجين
لما وجدنا فقيرا مسلم

جزاك الله كل خير اخوي على هذه التذكرة الطيبة

سلمان العرادي
09-01-2010, 03:10 AM
بارك الله فيك على هذا الطرح ورفع قدرك في عليين

سعود السحيمي
09-01-2010, 03:21 AM
بارك الله فيك ,

ثامر بن سويلم الفاضلي
09-01-2010, 03:56 AM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

سجى الليل
09-01-2010, 03:48 PM
من علو شأن الصدقة ومنزلتها بأن الله سبحانه وتعالى يربي الصدقات ويضاعف أجرها ويعلي بها الدرجات
(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ){البقرة: 245} قال الجصاص مبيناً علة تسمية الله للصدقة قرضاً: "سماه الله قرضاً تأكيداً لاستحقاق الثواب به؛ إذ لا يكون قرضاً إلا والعوض مستحق به"
وعلل ذلك ابن القيم بأن "الباذل متى علم أن عين ماله يعود إليه ولا بد؛ طوعت له نفسه، وسهل عليه إخراجه، فإن علم أن المستقرض مليء وفيّ محسن، كان أبلغ في طيب فعله وسماحة نفسه، فإن علم أن المستقرض يتجر له بما اقترضه، وينميه له ويثمره حتى يصير أضعاف ما بذله كان بالقرض أسمح وأسمح، فإن علم أنه مع ذلك كله يزيده بعطائه أجراً آخر من غير جنس القرض.. فإنه لا يتخلف عن قرضه إلا لآفة في نفسه من البخل أو الشح أو عدم الثقة بالضمان

بارك الله فيكِ أختي شراقة الدعوة و رفع قدرك في عليين

شمس المنتدى
09-01-2010, 11:32 PM
جزاك الله خير أختي إشراقه


اشراقة الدعوة
09-04-2010, 03:28 PM
جزاكم الله خير جميعا.