المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الشباب( 2)



اشراقة الدعوة
11-17-2010, 09:33 PM
عناية النبي صلى الله عليه وسلم في وصاياه وتوجيهاته بالناشئة


لقد رسم النبي صلى الله عليه وسلم فيما رسم منهجاً واضحاً في وصايا وجّهها لشباب الأمة المحمدية ، ممثلة في ابن عمه عبد الله بن عباس ، حيث قال له : (( يا غلام ، إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفّت الصحف )) .

إن أول لبنة في بناء الشباب لبنة العقيدة ورسوخ الإيمان ، وصدق التعلق بالله وحده والاعتماد عليه ، (( ولقد تتابعت فقرات الوصية لابن عباس في هذا الحديث وكلها في قضايا الإيمان من الاستعانة وغيرها )) .
ويوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وصية تدعم الإيمان وتزيده رسوخاً قائلاً له : (( اعبد الله كأنك تراه ، وأعدد نفسك في الموتى ، واذكر الله عند كل حجر وشجر وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة ، السرُّ بالسر ، والعلانية بالعلانية ))

بهذه الوصية جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل بين المراقبة والإخلاص والعلم والطهر ، وهي صلب العقيدة وغايتها وروحها ، ويوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن تكون حاله في الدنيا كحال الغريب الذي ليس له مسكن يأوي إليه ، أو كعابر السبيل القاصد البلد البعيد ، فعن عبد الله بن عمر قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال : (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) .


لقد جاءت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم للشباب ابن عمر عكس ما يوصي به الناس الناس الشباب في هذا الزمن من تأمين المستقبل ، والتفكير في متطلبات الحياة ، وبذل الجهد في أسباب الراحة والسعادة الدنيوية .
ويوصي النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وغيره من الصحابة إلى مراقبة الله سبحانه وتعالى في كل وقت ، وأن الله مطّلع عليهم في أي مكان كانوا : (( اتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن )) فالشباب معرّض أكثر من غيره للوقوع في المعصية لقوة دوافع الشهوة عنده ، فإذا ضعفت نفسه وزلّت قدمه فإنه يجد في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمحو ذنبه ويريح قلبه .

وفي إطار حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تأديب الشباب ، ولعلمه صلى الله عليه وسلم أن الشباب في هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى النصيحة والإرشاد فإنه يوصيهم ببعض الوصايا ، ومنها :
وصيته للشاب معاذ بن جبل بجملة من الأعمال ثم قال : (( ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ )) قال معاذ : بلى ، فأخذ بلسانه وقال : (( تكف عليك هذا )) قال معاذ : يانبي الله ، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به ! قال : (( ثكلتك أمك يا معاذ ، هل يكبُّ الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم )) .

وهذه إشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب إلى أن السلامة في كف اللسان ، فالكلام يخبر بمكنونات السرائر ، فحري بالعاقل أن يحذر من زلَلِه بالإمساك عن الكلام أو بالإقلال منه .
ويوصي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب بقوله : (( يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة )) . ولمّا سأل جرير بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة أمره صلى الله عليه وسلم أن يصرف بصره .
ما أحوج الشباب إلى مثل هذه النصيحة والتأكيد عليها لاجتماع شهواتهم وكثرة الفتن في هذا الزمان .

ولأن الشاب قد تغلبه نفسه ويغلبه هواه فيقع فيما حرّم الله ، فقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم في وصاياه الشباب من الوقوع في أمور كثيرة ، منها إسبال الثياب ، قال ابن عمر : مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء فقال : (( يا عبدالله ، ارفع إزارك )) فرفعته ثم قال : (( زد )) فزدت ، فما زلت اتحراها بعد ، فقال بعض القوم : إلى أين ؟ فقال : أنصاف الساقين )) .

فلابدّ أن يدرك الشباب جيداً خطر هذا الجُرم ، وما يترتب عليه من الإثم ، ومن ذلك أن الله لا ينظر إلى من جرّ إزاره بطراً ، وأنه معرّض لأن يخسف الله به الأرض .


وكان صلى الله عليه وسلم يوصي الشباب با ستغلال شبابهم في العمل الصالح الذي يقربهم من الله سبحانه وتعالى ؛ لأنه يجتمع لهم من النشاط والقوة وصفاء الذهن والصحة والفراغ ما لا يجتمع لغيرهم .




عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته بوضوئه وحاجته فقال : (( سل )) فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، قال : (( أوغير ذالك ؟ )) قلت : هو ذاك . قال : (( فأعني على نفسك بكثرة السجود )) .

كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان أيضاً بكثرة السجود قائلاً : (( عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة إلأا رفعك الله بها درجة ، وحط عنك بها خطيئة )) .
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا عبدالله ، لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل )) .

وسائل استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الناشئة وتعليمهم :



لقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم إمام المربين معيناً لا ينضب من الطرق والوسائل الناجحة لإيصال المعاني إلى الأذهان وتأصيلها في النفوس ، وتحويلها إلى حقائق حيّة تسعى بين الناس . فالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي وضع المنهج السليم في التربية وهو أن يحسن المربي كيف يأخذ المتعلم من أقصر طريق إلى موقع الحق في أية قضية من القضايا.. وسوف نقتصر في مقامنا هذا على بعض الوسائل التي استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الناشئة وتعليمهم .

التعليم بضرب الأمثال:

كثيراً ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعلم الأول يضرب الأمثال في أحاديثه وأقواله ؛ لعلمه صلى الله عليه وسلم ما في الأمثال من قدرة على تقريب المعنى وبيان المقصود ومن ذلك :
أ‌- عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بالسوق داخلاً من بعض العالية والناس كنفتيه ، فمرّ بجدي أسكّ ميت ، فتناوله فأخذ بأذنه ثم قال : (( أيكم يحب أنّ هذا له بدرهم ؟ )) فقالوا : ما نحبُّ أنه لنا بشيء ، وما نصنع به ؟ قال : (( أتحبون أنه لكــم ؟ )) قالوا : والله لو كان حيّاً كان عيباً فيه ؛ لأنه أسك فكيف وهو ميت ؟ فقال : (( فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم )) .. في هذا الحديث بيّن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حقارة وهوان الدنيا عندما مثّل الجدي الميت بها .

ب‌- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة ، إن عاهد عليها أمسكها ، وإن أطلقها ذهبت )) ]متفق عليه [ في هذا الحديث مثّل النبي صلى الله عليه وسلم الشخص الذي يحفظ القرآن بصاحب الإبل المعقلة المربوطة – إن جعلها مربوطة استطاع أن يمسكها ، وإن أطلق رباطها صعب عليه مسكها .

ج- وعن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مرُّ ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مرٌّ )) ]مسلم [



د- وعن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مثل العائد في صدقته كمثل الكلب يعود في قيئه )) ]مسلم [ ففي هذا الحديث تنفير من الرجوع في الهبة والصدقة .
هـ- وعن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) ]مسلم [ ففي هذا الحديث حثّ على التراحم والملاطفة والمعاضدة وأن يكونوا كالجسد الواحد .

يتبين مما سبق أهمية أسلوب ضرب الأمثال ، وأنه أحد أساليب التربية الناجحة والمؤثرة في تربية الناشئة .


أسلوب التدرج



استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلوب التدرج في التربية والتعليم إذا أراد أن يوصل بعض المعلومات إلى أصحابه ، ولم يقفز بهم الرسول صلى الله عليه وسلم قفزة واحدة لتعليم الإسلام جملة واحدة ، فقد كانت تربية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لأصحابه تربية متدرجة .. فعن عائشة قالت : (( إنما أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا أثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر ، لقالوا : لا ندع الخمر أبداً . ولو نزل لا تزنوا ، لقالوا : لا ندع الزنا أبداً )) . ]فتح الباري (9/38) برقم 4993[.




وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب التدرج عندما بعث معاذاً إلى اليمن فقال له : (( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله أفترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة من أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتردُ على فقرائهم )) .]مسلم [




وقد جاء في القرآن الكريم تحريم الخمر بصورة تدريجية ، مرّت بأربع مراحل :




الأولى : لفت نظر الناس إلى أضرار الخمر .

الثانية : ذكر بعض أضراره وأن فيه إثماً كبيراً .

الثالثة : نُهي عنه أثناء الصلاة .

الرابعة : تحريم الخمر وأنه من عمل الشيطان .

ويستطيع المربون استخدام أسلوب التدرج في تربية الناشئة ، بأن يبدأ المربي تعليم الطفل من الشيء المحسوس إلى المجرد ، ومن السهل إلى الصعب .
أسلوب القصة ( التعليم عن طريق القصص )


القصة لها قدرة عظيمة في جذب النفوس ، وحشد الحواس كلها للقاص ، وهي أحدى الوسائل الناجحة لعرض المادة العلمية سهلة وواضحة ، تجذب النفوس ، وتؤثر في القلوب ولذا اعتنى القرآن الكريم بذكر القصص لِما فيها من تسلية النفس ، وتقوية العزائم ، وأخذ العِبر والاتعاظ .

ولقد ورد في القرآن قصة آدم مع إبليس ، وقصة هابيل وقابيل ، وقصة موسى مع فرعون وقصة إبراهيم مع أبيه ، وقصة الثلاثة الذين خُلفوا .. وغيرها .. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على صحابته القصص ليثبتهم ، وليعلمهم ، وليربيهم ، وكان ذلك في أول الدعوة بمكة ، يقول خباب : شكونا إلى سول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد ببردة له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو لنا . فقال : (( لقد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط من الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصده ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون )) . ]البخاري [.

فهذه القصة فيها من الحِكم والعبر الكثير ، من ذلك : أن الابتلاء لأهل التوحيد سنة ماضية وفيها بيان فضيلة الصبر وذم الاستعجال وغير ذلك .. والقصص في السنة كثيرة منها :


- قصة الأعمى والأبرص والأقرع

- قصة الثلاثة الين لجئوا إلى الغار
- قصة موسى مع الخضر

الحوار والمناقشة والإقناع :



(( تختلف عقول الناس ومداركهم من حيث الفهم وسرعة الاستجابة ، ويختلف الناس من حيث الانقياد والتسليم لشرع الله ، أمره ونهيه ، فمنهم من لا يأخذ بالدليل إلا إذا ظهرت له الحكمة من ذلك ، ومنهم من يكفيه الدليل ويقف عنده )) .




والحوار والإقناع استخدمه الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ، من ذلك :

ما رواه أنس قال : قال أُناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ما أفاء من أموال هوازن ، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً المائة ناقة فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم قال أنس : فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم ، فلما اجتمعوا قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ما حديث بلغني عنكم ؟ )) فقال فقهاء الأنصار : أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئاً ، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( فإني أعطي رجالاً حديثي عهدٍ بكفر أتألفهم ، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي إلى رحالكم ، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به )) قالوا : يارسول الله ، قد رضينا )) . ]البخـاري [ .

وفي هذا الأسلوب تبرز قوة النبي صلى الله عليه وسلم في الحوار ، وإثارة العواطف ، والتأنيب والا سترضاء ، فا قتنع الصحابة أيما اقتناع مما جعلهم يبكون ويرضون برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً .. كما جاءت به بعض روايات الحديث .
ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ، وُلِد لي غلام أسود ، فقال : (( هل لك من إبل ؟ )) قال : نعم . قال : (( ما لونها ؟ )) قال : حمر . قال : (( هل فيها اورق ؟ )) قال : نعم . قال : (( فأنى ذلك ؟ )) قال : نزعة عرق . قال : (( فلعل ابنك نزعة )) .


فالرسول صلى الله عليه وسلم بيّن للرجل بأسلوب عقلي سهل وميسور ، وحاوره وضرب له مثالاً من بعض ما يملكه هذا الرجل ليكون أقرب إلى فهمه .
وعن ابن عباس أن أمراءة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها ؟ قال : (( نعم ، حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته ؟ )) قالت : نعم . قال : (( فاقضوا الذي له ، فإن الله أحق بالقضاء )) ]مسلم [ .

فالرسول صلى الله عليه وسلم استخدم أسلوب المحاورة مع هذه المرأة ليضمن وصول المعلومة إلى ذهنها ، وكان بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجيب بكلمة نعم وينتهي الامر ، ولكنه أراد صلى الله عليه وسلم من هذه السائلة الاستجابة المبنية على الفهم والا قتناع التام .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أتدرون من المفلس ؟ )) قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : (( المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أٌخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طُرح في النار )) .]مسلم [
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يستخدم هذا المنهج إيقاظاً لانتباه صحابته ، وتحريكاً لعقولهم ، حتى يستقبلوا هديه وتعاليمه بنفوس عطاش ، وقلوب ظماء ، فيستقر فيها أثبت استقرار ويعلق بها علوق الروح بالأجسام ))

وفي قصة الشاب الذي استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزنا يتجلى لنا الأسلوب النبوي العظيم في محاورة الشاب ومناقشته وإقناعه ، وسوف نوردها في مبحث قادم حول أسلوب الرسول في معالجة أخطاء الناشئة إن شاء الله .

وبعد ، فإن هذه الطريقة تدريب للمتلقي على التفكير وتشجيعه على المناقشة ، وتعويده على العطاء والمشاركة وإبداء الرأي .

قال الدكتور أحمد بن نافع المورعي : (( وإن أي تربية بدون استخدام هذه الوسيلة قد تعتبر فاشلة ؛ لأنها تكوّن شخصاً ضعيف الشخصية ، عديم التأثير )) .


التعليم بالتكرار :


من الأساليب التربوية الناجحة التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم تكرار الكلمة أكثر من مرة ليفهم السامع ويدرك تلك الكلمة فهماً واستيعاباً ، والتكرار قد يكون في الجُمل ، وقد يكون في الأسماء ، وقد يكون في غيرها ، ومما جاء في تكرار الكلمات ما رواه أنس بن مالك (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاُ حتى تُفهم عنه ، وإذا أتى على قوم فسلّم عليهم سلّم عليهم ثلاثاُ )) ]رواه البخاري [
وعند الترمذي من حديث أنس : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لتُعقل عنه )) .

قال المباركفوري : (( والمراد أنه كان صلى الله عليه وسلم يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضى المقام ذلك ، لصعوبة المعنى ، أو غرابته ، أو كثرة السامعين ، لا دائماً فإن تكرير الكلام من غير حاجة ليس من البلاغة ))


وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( رغم أنف ، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة )) ]مسلــم [ فالرسول صلى الله عليه وسلم كرر كلمة رغم أنف ثلاث مرات ليجذب الانتباه ويهيئ النفوس للكلمة التي بعدها توكيداً لأهميتها .

ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري : (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر – ثلاثاً - )) قالوا : بلى يارسول الله . قال : (( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين )) وكان متكئاً فجلس فقال : (( ألا وقول الزور )) قال : فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت )) ]البخاري [.




(( وقد كرر الرسول صلى الله عليه وسلم قول الزور ؛ لأن قول الزور وشهادة الزور يقع ضررها على الفرد نفسه وعلى المجتمع مما قد يسبب ضياع حقوق الناس مما ينتج عنه الحقد والبغضاء ، وبالتالي يؤدي إلى تفكك المجتمع )) .

ومما ورد في تكراره صلى لله عليه وسلم للأسم ما رواه أنس بن مالك من قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا معاذ ابن جبل )) قال : لبيك يارسول الله وسعديك – ثلاثاً )) قال : (( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صادقاً من قلبه إلا حرّمه الله على النار .. )) الحديث ..

وقد كرر الرسول صلى الله عليه وسلم نداءه لمعاذ بن جبل تهيئة للخبر العظيم الذي سوف يحمله ، والتكرار من أهم الطرائق التي يجب أن يتبعها المعلم والمربي ، فإن السامع قد يفوته بعض الكلام أو يعجز عن فهمه للمرة الأولى ، وقد يشرد ذهنه أو يسترعي انتباهه بعض ما حوله ، فيصرفه عن إدراك ما يسمع ، فيأتي التكرار إسعافاً له ومعونة ترده إلى المعنى ، وتوصل المعنى إليه .


يتبع بإذن الله لبقية الأساليب

البتول الوابصي
02-12-2011, 05:13 AM
وفقك الله
اللهم صل وسلم على حبيبنا وسيدنا محمد

اشراقة الدعوة
03-28-2011, 01:57 AM
بارك الله فيك أختي على المرور.

عبدالله سليمان شبيث الوحيشي
08-17-2011, 05:11 AM
اللهم صل وسلم على نبينا محمد
جزاكم الله خير