المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جهنم..وما أدراك ما جهنم!



ماجد سليمان البلوي
12-15-2010, 06:38 PM
جهنم..وما أدراك ما جهنم! عندهم ..؟؟



من الوساوس القديمة للأنسان الأول عن وجود عالم آخر غير عالمنا الذي نحيا فيه ، نشأت فكرته عن جهنم الرهيبة حيث تتعذب كل روح مخطئة و تلقى جزائها ، و المادة التي يتكون منها هذا الجحيم هي بالطبع المادة التي تمثل خلاصة الاحقاد و الأخطاء على الارض :النار.
و فكرة وجود جهنم قديمة قدم الأنسان نفسه و بدأت مع اكتمال وعيه بتناقضات الأخلاق و الطباع و التصرفات التي تحكم التعاملات بين المخلوقات العاقلة ، و مع ادراكه لعجزه امام تجبر من هو اقوى منه.
و كان طبيعيا ان تكون جهنم في وصفها هي الضد لكل ما تمثله الجنة من نعيم و بهجة و سعادة مستديمة، و هي في ابسط معانيها بعد الخلاص من جدال عما اذا كانت لها علاقة بفكرة العقاب و حسابات يوم القيامة و سلطة الاله؛ و عما اذا كان عذابها مقيما او مؤقتا ؛فهي تمثل الأنعكاس الواضح لاخفاق المجموع الأنساني في تسوية نزاعاته الداخلية و وضع حلول مرضية لمشكلاته الأجتماعية.و الحقيقة القابعة في اعماق الأنسان انه مادام لم يسبر كنه نفسه ، فسوف يظل الجحيم شاخصا امامه ، ملغزا عسيرا على التفسير.
في (الفردوس المفقود) كتب املتون يقول ان الأنسان يفكر بأستمرار في جهنم و منها ينتقل الي التفكير في الجنة ، ثم يفكر في الجنة لينتقل منها الي التفكير في الجحيم من جديد ، و هكذا يظل مرتبطا باليقين بوجود هذين المصيرين النقيضين الذين يمثلان قدره الخاص و امله و مخاوفه.



و في كتاب )جورج مينوا) -(تاريخ جهنم)- يعرض المؤلف في تسعة فصول تتطور فكرة الأنسان عن الجحيم منذ نشأته على وجه البسيطة و حتى العهود المعاصرة ، متنقلا بين تصوّراته عن جهنم من افكاره البدائية إلى مناقشاته المعقدة الناتجة عن تراكمات مفهوم العذاب الأسطوري منذ الثقافة الدينية الأولى للحضارات الشفهية وحتى النظريات الملحدة الحديثة لمفكري عالم اليوم.
إن فكرة جهنم عند حضارات الزولو و الانكا و المايا و الازتك و المصريين القدماء الموغلة في القدم و التي تفصل بينهم مساحات هائلة و ازمان مختلفة و تتباين فيما بينها في النمط الاجتماعي و اساليب الحياة و الاجواء العامة و الظروف الاقتصادية، تحمل ملامح متشابهة إلى درجة كبيرة .
و لكل من هذه الحضارات جهنمها الخاص ، لكنها في النهاية تتفق في مفهوم واحد تقريبا عن مكان شنيع تحدث فيه الاهوال في عالم تحت الارض يقود اليه طريق مضلم كئيب تتعلق فيه الاشباح. هذا العالم هو مصير المخطئين و العصاة و المذنبين في حق انفسهم و ذويهم ؛ فيحكم عليهم بالتشرد و النفي الي هذا العالم السفلي المقبض.و في المجتمعات المتدينة ينضم الي قائمة المحكوم عليهم بجهنم هؤلاء التاركين لفروضهم و للمارسات الشعائرية الخاصة بمجتمعهم ، فلدى الديانات الشرقية الرئيسية مثل الآشورية و السومرية و الهندوسية و الفرعونية فكرة شبه عامة عن الجحيم المؤقت الخاص باولئك المقصرين في اداء طقوسهم الخاصة بالدين.
و ربما يكون اول ظهور للجحيم في عالم الادب في ملحمتي الإلياذة والأوديسا لهوميروس ، ثم بدأ نقاشها بشكل اكثر عمقا في فلسفات ارسطو و سقراط و فيثاغورث و كان هناك شبه اجماع عن ان مثل هذا المصير اللعين لا وجود له من الاصل لانه يرتبط بوجود الآلهة التي تعتبر بدورها فكرة عبثية غير منطقية!

و اثناء تربع السيطرة اليونانية الرومانية على عرش العالم في فترة ما قبل المسيح انتشرت فكرة الجحيم بمفاهيم ثلاثة: جهنم الارضية الممثلة في عذاب الانسان علي سطح الارض . و جهنم الفلسفية التي يرى فيها المفكرين انعكاسا للألم الانساني و هي تمثل النقيض ليوتوبيا افلاطون، و جهنم التي تقترب من مفهومنا المعاصر التي خلقتها القوة العليا.

و مع ظهور عهد الأديان يمكن للحديث عن جهنم ان يأخذ منحنى منطقي بعض الشيء . و يلاحظ ان العهد القديم لم يتحدث كثيرا عنها و ربما لم يرد ذكرها فيه على الاطلاق ، اما في العهد الجديد فقد بدأ الكلام عنها يتضح نوعا؛ و لكن بشكل غير مشبع ايضا تم اقتناصه من التقاليد الرؤيوية و من فكرة جهنم الارضية الرومانية و من كارثة سقوط أورشليم .
و لعله الادق هو اعتماد (رسالة الرسل) المؤلفة بين عامي 140 و 160, في مصر او اسيا الصغرى و التي تصر على وجود مواجهة مباشرة بين المسيح و الشيطان، و في عصر اباء الكنيسة كان ثمة مفهومان :جهنم شعبية تعتمد على الرؤىو جهنم اللاهوتيين التي ظلت محل تفكير و بحث. مع ظهور فكرة المطهر و تخليص الذنوب بالنار و ذلك لتقوية سلطة الكنيسة الراعوية الترهيبية التي اربكت سياسات الكنيسة المعاصرة.
و شهد القرن التاسع عشر نشوء طفرات فكرية عديدة انكر بعضها جهنم المسيحية ، و رأى بعض الشعراء و الادباء في جهنم عالما ساحرا ملهما: يمكنك قراءة ديوان ازهار الشر لتشارلز بودلير و كتابات كيركيجارد و نظريات نيتشه و بالطبع؛ الكوميديا الألهية لدانتي الليجيري التي تذكرنا برسالة الغفران لابي العلاء المعري.
و في النهاية تظل الفكرة الأكثر واقعية بين كل تلك المناقشات هي جهنم كما يراها الاسلام و التي تعتمد اساسا على كلمات الكتاب الكريم (القرآن) التي يصفها في اكثر من موضع و يعتبرها النقيض التام للفردوس و نعيمه،و هي جزاء الآثمين و العصاة .و هي خالدة و اهلها خالدون ، صدقت كلمات الله سبحانه و تعالى.
"تم بحمد الله"

تحيات/ماجد البلوي

مشاري البدر
12-15-2010, 06:51 PM
يعطيك العافيه موضوع يستحق الطرح

ومعلومات ثقافيه مهمه عن تاريخ تسلسل

ذكر جهنم عبر صفحات التاريخ وخوف الانسان

منها اعاذنا الله منها برحمته

تقبل تحياتي

ماجد سليمان البلوي
12-15-2010, 07:02 PM
يعطيك العافيه موضوع يستحق الطرح



ومعلومات ثقافيه مهمه عن تاريخ تسلسل


ذكر جهنم عبر صفحات التاريخ وخوف الانسان


منها اعاذنا الله منها برحمته



تقبل تحياتي


الف شكر اخي مشاري
بارك الله فيك
اجمل التحيات

اشراقة الدعوة
12-16-2010, 11:21 PM
جزاكم الله خيرا.