المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (ما لكم لا ترجون لله وقاراً)



سجى الليل
02-21-2011, 02:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

(.."ما لكــــــــــــم لا ترجون لله وقــــــــــارا"؟!!..ً)




بهذه الكلمات التي تقطع نياط قلوب الموحدين وكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد خاطب نوح عليه السلام قومه بعد أن بذل معهم كل ما في وسعه طيلة ألف سنة إلا خمسين عاماً من الدعوة؛ (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا*وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُواأَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواوَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا*ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا*ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا) ، ألف سنة لم يألوا فيها جهداً لهدايتهم ولم يجد منهم في المقابل إلا الصدود والإعراض والاستهزاء، إلا قليلاًمنهـــــــــــم.



http://www.majalisna.com/gallery/3300/3300_55262_1262294710.gif



إن المرء يكاد يجزم بأن هذه الكلمات إنما خرجت منه عليه السلام والألم يعتصر قلبه، والدهشة والاستغراب يملآن جوانحه؛ أن يقابَل رب الأرض والسماء الذي أنعم على خلقه بكل ما يتمتعون به من نعم ظاهرة وباطنة بكل هذا الجحود والنكران،فخيره سبحانه وتعالى إلى الخلق نازل وشرهم إليه صاعد، يتحبب إليهم بالنعم ويتبغضون إليه بالكفر والمعاصي!



أراد نوح عليه الصلاة والسلام بهذه العبارة أن يلين القلوب القاسية ويحرك العقول المتحجرة ويذيب الأحاسيس المتبلدة، كيف لا تعظمون الله وتوقرونه (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَار)اً؟ فلو نظر الإنسان لأطواره المتعاقبة وكيف أنه كما قال بعض السلف:"مبدؤه نطفــــــــة مذرة، وآخرهجيفـــة قذرة، وبينهما يحمل العذرة" لاستصغر نفسه في جنب هذا الكون متراميالأطراف (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا* وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا)، فكيف في جنب مبدع هذا الكون ومنشئه على غير مثال، ومدبر أمره بلاظهير!



http://www.majalisna.com/gallery/3300/3300_55262_1262294710.gif


إن أمر الله سبحانه أعظم مما يتصوره البشر، ولهذا لما أتى الحبرُ النبيَّ _صلى الله عليه وسلم -كما في البخاري ومسلم- وقال: "يا محمد إنا نجدأن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرىعلى إصبع، وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك، فضحك النبي _صلى الله عليه وسلم_ حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاًقَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، ولهذا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً آخر على المنبر فجعل "يقول هكذا بيــــــــده ويحركها، يقبل بها و يدبر يمجــــــد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريـــــــــم فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به" كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الصحيح، وما هذا إلا من شدة تعظيم أعرف الخلق بربهم -صلوات الله وسلامه عليه- لربه عز وجل.



http://www.majalisna.com/gallery/3300/3300_55262_1262294710.gif


التعظيم أصل الانقياد والطاعة لكل مطاع، فارجع البصر فيما حولك شرقاً وغرباً وقلب صفحات التاريخ تجد البشر قد انساقوا خلف من يعظمون وانقادوا لهم بالطاعة، وتعظيم الله عز وجل وتوقيره هو مبدأ الانقياد له سبحانه وتعالى، وتحقيق هذا التعظيم والتوقير في القلوبهو الموصل لرتبة الإحسان.

لكن الحال اليوم كما بالأمس كما في الغد إلى ما شاء الله، فكثير من الناس لا يرجون لله وقاراً، ولئن كان هذا ينطبق بالكلية على كل من كفر بالله عز وجل إلا أن لكل من عصاه أو أعرض عن شيء من شرعه منه نصيب بحسبه.


http://www.majalisna.com/gallery/3300/3300_55262_1262294710.gif



فمن أسلم وجهه لله ثم هو مع ذلك يشق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقد ولاه الله عز وجل شيئاًمن أمرهم فقد نقص توقيره لله بقدر ما عصاه بذلك ..

ومن أسلم وجهه لله ثم هو مع ذلك يعق والديه فقد نقص توقيره لله عز وجل بحسبه ..
ومن أسلم وجهه لله ثم هو يواقع المحرمات ولا يلتزم بالواجبات فقد نقص توقيره لله كذلك ..

وشر من ذلك أن يستقيم أمام الناس حياء منهم ثم يعصي ربه في السر، ولهذا يجعل الله أعمال هذا -ولو كانت كجبال تهامة- هباء منثوراً يوم القيامة، فلكل هؤلاء نقول(مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً) ؟


ونقول لمن يثيرالشبهات حول شرع الله المطهر، وحول السنة الشريفة، أو من يدخل في شرع الله ما ليس منه(مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارا)ً؟

ونقول لمن يقعون في لحوم العلماء -وقد صارت صيحة هذه الأيام وعلامة التنوير"التزوير" فيها (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارا)ً؟



http://www.majalisna.com/gallery/3300/3300_55262_1262294710.gif


إن توقير الله عزوجل وتعظيمه في النفوس فرض عين على كل مسلم، وهو مما ينبغي أن نعلّمه أولادنا حتى يخالط لحمهم ودمهم وعظمهم،وليس المقصود أن نعلمهم أسماء الله عز وجل الحسنى وصفاته العلى فيحفظونها فحسب، ولا أن يثبتوا لله عز وجل ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه عليه السلام وينفوا عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه نبيه عليه السلام فحسب، بل لابد مع ذلك من زرع آثار وأحكام هذه الأسماء والصفات في النفوس كي تتشربها وتعيشبها،
كما قال شيخ الإسلام رحمه الله:"فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذي أريد منه"، أما أن يعلم المرء أن الله عز وجل هوالرزاق ثم يخشى أن يقول كلمة الحق كي لا يُقطع رزقه ..

وأماأن يعلم أن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية ثم هو يعصيه سراً خشية أن يطلع عليه الناس..

وأما أن يلتزم بالقانون خشية العقوبة ثم هو لا يخشى أن يقع في المعاصي فليس هذا من تمام توقير الله سبحانه وتعالى في شيء..

http://www.majalisna.com/gallery/3300/3300_55262_1262294710.gif


فتوقير الله عزوجل وتعظيمه ليست كلمات مجردة تتحرك بها الألسن بلا وعي أو فهم، وليست حركات مجردة يؤديها المرء في عباداته الظاهرة بلا روح، بل ملاك الأمر ما يقوم في القلب تجاه هذاالرب العظيم ويصدقه اللسان وباقي الأركان، فمن تحقق ذلك في نفسه فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه،ونحن لا نملك إلا أن نعيد عليه تلك الصيحة النبوية المدوية المترددة عبر القرون، عساه يفيق من سكرته:


(مَا لَكُـــــــــمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقـــَارا)ً







"من أروع ما قــــرأت"
للشيخ: ناصر العمـــــــــــــــر ..

ايمن المسيعري
02-21-2011, 02:56 AM
جزآآكي الله خير
وبارك الله فيك

ولك مني كل الود والاحترام

ودمتي بحفظ الرحمن

عبدالرحمن عياد الوابصي
02-21-2011, 06:49 AM
سطــور مؤثره جـــدآ
لمــن كـــآن له قلب
أسأل الله أن يفغــر لكِ ولوالـــديكِ
على ماقدمتِ من تـــذكــره وموعظه,,,

عبدالكريم مطلق البلوي
02-21-2011, 10:55 PM
كالعادة ابداع رائع
وطرح يستحق المتابعة
بارك الله فيك
وجزاك الله خير

عبدالعزيز سعد العرادي
02-21-2011, 11:16 PM
جزاكي الله خير

اشراقة الدعوة
02-27-2011, 06:10 PM
جزاك الله الفردوس الأعلى من الجنة

وقفات إيمانية عظيمة تضمنتها تلك الآيه

فجزى الله شيخنا ناصر العمر خيرا.