صديقي (قصة قصيرة )
بواسطة
, 02-06-2010 عند 10:54 PM (3542 المشاهدات)
" صديقي "
السلام عليكم و رحمة الله السلام عليكم و رحمة الله
أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله
اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام
جلس صالح يتأمل محراب المسجد حمداً و شكراً لله أن أنعم عليه بنعمة الإسلام ، بعد أن أدى ركعتي الإشراق في مصلاه بعد صلاة الفجر
أخذ يفكر في أحواله و أحوال إخوانه
" رب اغفر لي و لوالدي ، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري اللهم أصلح لي ذريتي و بارك لي فيما رزقتني اللهم اجمعني بإخواني في جنتك "
يهمس لنفسه : أيام و شهور و سنوات تمر على الإنسان و هو يكد و يكدح في هذه الحياة
آه آه آه
زفر صالح زفرة فيها حسرة على بعض شباب المسلمين و هم في غفلة معرضون لاهين في ملذات هذه الدنيا ليت قومي يعلمون اللهم اهدي شباب المسلمين و ردهم إليك رداً جميلاً ، يا حي يا قيوم
هاجس غريب بدأ يهاجم تفكير صالح لا يعلم مصدره انقباض غريب لا يعلم سببه بدأ يطوف في مخيلة صالح كثير من أحبته و إخوانه
يتوقف قليلاً حمد أخي و صديقي العزيز آه يا أخي الغالي كم أنا في شوق للقائك
يغمض صالح عينيه و يسند ظهره إلى الخلف حيث ( المسند ) المخصص للمصلين في الصف الأول من المسجد
- حمد صديق الطفولة أذكر أول يوم التقينا فيه في الابتدائية و كنت ترشدني إلى مكاني المخصص في الطابور الصباحي
- لن أنس ذلك اليوم عندما كنا عائدين من المدرسة و قد أنعطب ( حذائي ) ثم مشيت أنت حافياً و أعطيتني ( حذائك ) لألبسه كم كنت شهماً و ذو إيثار نادر
- لقد كانت أحوالنا المادية متقاربة إلا أن أبا حمد أفضل من والدي وظيفياً ، لم أنس ذلك الموقف في أحد الأعياد عندما كنت تعطيني بعض الريالات لأتمكن من الذهاب ( للملاهي ) فقد كانت حال والدي المادية لا تسمح بذلك ، لقد كنت يا حمد تدخل السرور إلى قلب أخيك و صديقك دائماً
- حمد لم أنس و لن أنس ذلك اليوم عندما نسيت ( فسحتي ) و عندما رأيتني لا آكل اقتسمت معي ( فسحتك ) و قلت لي : يا صالح مرة أخرى إذا نسيت ( فسحتك ) أخبرني حتى نتقاسم فسحتنا معاً فنحن مثل الإخوان مثل الإخوان يا حمد بل نحن أكثر من الإخوة قالها صالحاً متنهداً
- حتى في الدراسة كنا نتعاون معاً في المذاكرة و التلخيص ، دائماً اذكر ذلك اليوم الذي غبت فيه اضطراراً عن المدرسة ، فأجهدت نفسك ذهاباً و إياباً بين الإدارة و رائد الفصل حتى لا يفوتني ذلك الاختبار الفصلي و حتى تثبت لهم أن غيابي بسبب مرضي ثم تزورني في منزلي عصراً و معك ملخصات دروس ذلك اليوم و كي تطمئنني أن الإدارة وافقت أن تعيد لي الاختبار ، و كنت تضحك و تمزح لكي تروح عني
- و بعد الثانوية افترقنا فقد أكملتُ دراستي الجامعية أما أنت فبعد وفاة والدك اتجهت للوظيفة كي تعول أسرتك كم أنت شهم تضحي بمستقبلك الدراسي – رغم تفوقك - من أجل أسرتك
- خلال هذه المدة لم تنقطع بيننا أواصر الأخوة و الصداقة بل زادت حتى يظن الناس أننا شقيقين
- مرت سنوات خلالها أنهيت دراستي و عينت مهندساً في إحدى الشركات الكبرى و أنت تسأل عني و تتابع أحوالي فقد أفرحك جداً خبر تخرجي و تعييني
- ثم بعد شهور تزوجت أنا خلالها ثم اتصلت عليّ و دعوتني إلى مشاركتك مشروعك التجاري ووافقت و ليتني لم أوافق لقد نجح ذلك المشروع نجاحاً باهراً و لكن أعداء النجاح دخلوا بيننا إلى أن أنفضت شراكتنا و كانت سبباً في فتور علاقتنا و قل التواصل بيننا رغم أنك أفضل مني فقد كنت تتواصل برسائل الجوال و بعض الاتصالات
- و قبل شهر من الآن اتصلت بي و دعوتني إلى منزلك و بشرتني بخطبتك و قلت لي : يا أخي ما يحدث بيننا لا يرضي أحداً ، نعم نحن لازلنا إخوة و لكن بجفوة و بعد هذا اللقاء سافرت لمتابعة تجارتك ، و قد كان لقاء ممتعاً أعاد النفوس إلى طبيعتها و الضحكات ارتسمت على الشفاه و من خلال لقائنا هذا زاد حبي و تقديري لك يا أخي
****
يعتدل صالح في جلسته ,, يطالع ساعته إنها الثامنة الآن و أتوقع أن أخي حمد قد أنهى حلقته في المسجد حسناً سأتصل به الآن لأجدد العهد و الود اووووه سأدعوه إلى الإفطار في المكان الذي يحبه
الآن سأتصل به قبل أن يذهب إلى مكان ما
- أووف الجوال لا يمكن الاتصال به لا بد من معاودة الاتصال مره أخرى
- ( إن الرقم الذي طلبته لا يمكن الاتصال به الآن ) ليس من عادة حمد إغلاق جواله ، لقد كان دائماً يتركه في الوضع الصامت في حال انشغاله
- سوف أتصل على منزله
- مرحباً السلام عليكم
- و عليكم السلام ( كان في الجانب الآخر عبدالله – الأخ الأوسط لحمد )
- هل لي أن أتحدث إلى حمد أنا صديقه صالح
- سكون و وجوم للحظات
- هل تسمعني مرحباً هل تسمعني
- نعم نعم أهلا بك يا صالح ( صوت متحشرج و متقطع )
- ما الذي حدث ؟!! أين حمد ؟ !!! هل لي أن أهاتفه ؟ !!!!
- حمد حمد ادع لحمد بالرحمة يا صالح ، فقد تُوفي البارح في حادث سيارة
- نهض صالح واقفاً ثم سقط الجوال من يده على سجادة المسجد جثا بجواره على ركبتيه
- إنا لله و إنا إليه راجعون ، اللهم أجرنا في مصيبتنا و اخلف لنا خيراً
( صالح لا يتمالك نفسه بكاءً حاداً و دموع منهمرة )
- من خلال سماعة الجوال صالح صالح ستكون الصلاة على حمد اليوم بعد الظهر في جامع ( أغلق عبدالله السماعة مترجعاً )
- حمد مات حمد مات رحمك الله يا حمد رحمك الله يا حمد لم يمهلنا الموت أن نلتقي مره أخرى بعد ذلك اللقاء كأنه لقاء مودع بابتسامتك المشرقة رحمك الله يا صديقي