كتاب الشمائل المحمدية ( سلسلة )
ب1
الشمائل المحمدية
للإمام
أبي عيسى محمد بن سورة الترمذي صاحب "سنن الترمذي"
"المولود بترمذ سنة 209هـ والمتوفى فيها سنة 279هـ"
القسم الأول ـ صفة الرسول صلى الله عليه و سلم و خاتم النبوة
باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال الشيخ الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي : الحمد لله و سلام على عباده الذين اصطفى .
أخبرنا أبو رجاء قتيبة بن سعد عن مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس بالطويل البائن ، و لا بالقصير ، و لا بالأبيض الأمهق ، و لا بالآدم ، و لا بالجعد القطط ، و لا بالسبط ، بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة ، فأقام بمكة عشر سنين ، و بالمدينة عشر سنين ، فتوفاه الله تعالى على رأس ستين سنة ، ليس في رأسه و لحيته عشرون شعرة بيضاء .
حدثنا حميد بن مسعدة البصري قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن حميد ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ربعة و ليس بالطويل و لا بالقصير ، حسن الجسم ، و كان شعره ليس بجعد و لا سبط ، أسمر اللون ، إذا مشى يتكفأ .
حدثنا محمد بن بشار [ يعني العبدي ] حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب [ قال ] كان رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلاً مربوعاً ، بعيد ما بين المنكبين ، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه ، عليه حلة حمراء ، ما رأيت شيئاً قط أحسن منه .
حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب قال : : رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، له شعر يضرب منكبيه ، بعيداً ما بين المنكبين ، لم يكن بالقصير و لا بالطويل .
حدثنا محمد بن إسماعيل [ أبو نعيم ] حدثنا المسعودي ، عن عثمان مسلم بن هرمز عن نافع بن جبير بن مطعم عن علي بن أبي طالب قال : لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم بالطويل و لا بالقصير ، شثن الكفين و القدمين ، ضخم الرأس ، ضخم الكراديس ، طويل المسربة ، إذا مشى تكفأ تكفؤاً كأنما ينحط من صبب ، لم أر قبله و لا بعده مثله . حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن المسعودي بهذا الإسناد نحوه بمعناه حدثنا أحمد بن عبدة الضبي البصري و علي بن حجر و أبو جعفر محمد بن الحسين و هو ابن أبي حليمة و المعنى واحد قالوا : حدثنا عيسى بن يونس ، عن عمر بن عبد الله مولى عفرة قال : حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب قال : كان علي إذا وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالطويل الممغط و لا بالقصير المتردد ، و كان ربعة من القوم ، لم يكن بالجعد القطط و لا بالسبط ، كان جعداً رجلاً ، و لم يكن بالمطهم و لا المكلثم ، و كان في وجهه تدوير ، أبيض مشرب ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار جليل المشاش و الكتد ، أجرد ذو مسربة ، شثن الكفين و القدمين ، إذا مشى تقلع كأنما ينحط في صبب ، و إذا التفت التفت معاً ، بين كتفيه خاتم النبوة ، و هو خاتم النبوة ، أجود الناس صدراً ، و أصدق الناس لهجة ، والينهم عريكة ، و أكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، و من خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله و لا بعده مثله .
قال أبو عيسى : سمعت أبا جعفر محمد بن الحسين يقول : سمعت الأصمعي يقول في تفسير صفة رسول الله صلى الله عليه و سلم : الممغط الذاهب طولاً ، قال : و سمعت أعرابياً يقول في كلامه : تمغط في نشابته ، أي مدهاً مداً شديداً ، و المتردد الداخل بعضه في بعضه قصراً ، و أما القطط فالشديد الجعودة ، و الرجل الذي في شعره حجونة أي تثن قليلاً ، و أما المطهم فالبادن الكثير اللحم ، و المكلثم المدور الوجه و المشرب الذي في بياضه حمرة ، و الأدعج الشديد سواد العين ، و الأهدب الطويل الأشفار ، و الكتد مجتمع الكتفين و هو الكاهل ، و المسربة هو الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب من الصدر إلى السرة ، و الشثن الغليظ الأصابع من الكتفين و القدمين ، و التقلع أن يمشي بقوة و الصبب الحدور ، تقول : انحدرنا في صبوب و صبب ، جليل المشاش : يريد رؤوس المناكب ، و العشرة الصحبة ، و العشير الصاحب ، و البديهة المفاجأة يقال : بدهته بأمر أي فجئته .
حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا جميع ابن عمر بن عبد الرحمن العجلي إملاء علينا من كتابه قال : حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا عبد الله عن ابن لأبي هالة عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : سألت خالد هند بن أبي هالة ، و كان وصافاً عن حلية النبي صلى الله عليه و سلم و أنا أشتهي أن يصف لي منها شيئاً أتعلق به فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم فخماً مفخماً ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ، أطول من المربوع و أقص من المشذب ، عظيم الهامة ، رجل الشعر ، إن انفرقت عقيقته و إلا فلا ، يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن ، بينهما عرق يدره الغضب ، أقنى العرينين ، له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله فيه أشم ، كث اللحية ، سهل الخدين ، ضليع الفم ، مفلج الأسنان ، دقيق المسربة ، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ، معتدل الخلق ، سواء البطن و الصدر ، عريض الصدر ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة و السرة بشعر يجري كالخط ، عار الثديين و البطن مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين و المنكبين و أعالي الصدر ، طويل الزندين ، رحب الراحة ، شثن الكفين و القدمين ، سائل الأطراف أو قال : شائل الأطراف ، خمصان الأخمصين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعاً ، يخطو تكفياً ، و يمشي هوناً ، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، و إذا التفت التفت جميعاً ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه ، و يبدر من لقيه بالسلام .
حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة بن سماك بن حرب قال : سمعت جابر بن سمرة يقول : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقب ، قال شعبة لسماك : ما ضليع الفم ؟ قال : عظيم الفم ، قلت : ما أشكل العينين ؟ قال : طويل شق العينين ، قلت : ما منهوس العقب ؟ قال : قليل اللحم .
ثنا هناد بن السري ، حدثنا عبثر بن القاسم ، عن أشعث [ يعني ابن سوار ] عن أبي إسحاق عن جابر بن سمرة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في ليلة أضحيات و عليه حلة حمراء ، فجعلت أنظر إليه و إلى القمر ، فلهو عندي أحسن من القمر .
حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤآسي ، عن زهير ، عن أبي إسحاق قال : سأل رجل البراء بن عازب : أكان وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل السيف ؟ قال : لا ، بل مثل القمر .
حدثنا أبو داود المصاحفي سليمان بن سلم ، حدثنا النضر بن شميل ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أبيض كأنما صيغ من فضة ، رجل الشعر .
" حدثنا قتيبة بن سعيد قال : أخبرنا الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عرض على الأنبياء ، فإذا موسى عليه السلام ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ، و رأيت عيسى بن مريم عليه السلام ، فإذا أقرب من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود ، و رأيت إبراهيم عليه السلام ، فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم [ يعني نفسه ] و رأيت جبريل ، فإذا أقرب من رأيت به شبهاً دحية " .
حدثنا سفيان بن وكيع و محمد بن بشار [ المعنى واحد ] قالا : أخبرنا يزيد هارون ، عن سعيد الجريري قال : سمعت أبا الطفيل يقول : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم و ما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري ، قلت : صفه لي ؟ قال : كان أبيض مليحاً مقصداً ، صلوات الله عليه .
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، أخبرنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، أخبرنا عبد العزيز بن ثابت الزهري ، حدثني إسماعيل بن إبراهيم ابن أخي موسى بن عقبة ، عن كريب عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أفلج الثنيتين ، إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه .
( ثنا = حدثنا )
يتبع ...