الابتزاز العاطفي بين القيد والحرية

الابتزاز العاطفي بين القيد والحرية

سلوى سلمان البلوي
حين تتفتح الأزهار في فصل الربيع وتكثر الفراشات بزهو ألوانها المختلفة، كنا نستغرب إقبال بعض هذه الفراشات الجميلة على مصادر النور ليلاً، بما في ذلك النار؟ -التي هي مصدر هلاكها-، ونسأل أنفسنا كيف تقبل بأجنحتها المفتوحة وبملء إرادتها على الهلاك؟ فهذا الكائن الجميل –الفراشة- لم يستطع تمييز الخطر! ولم يفرق بين اللهب والزهور؟! ولذلك مازال استغرابي مستمر لمشاهدتي الفراشات البشرية ونفوسها النقية تُقبل على تقيد عاطفتها من قبل المبتزين.

الابتزاز العاطفي: وهو أحد أشكال التلاعب النفسي، يحدث خلاله استخدام منظومة من التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب، يوقعها شخص ما على آخر قريب منه مثل (أحد أفراد العائلة، الأصدقاء، الزملاء)، في محاولة للسيطرة على سلوكه، ويوضح (باودريلارد) الابتزاز العاطفي بقوله: إذا لم تقدم لي كذا، فأنت المسئول عن انهياري، بينما يعرفه (فوروارد): هو أحد أشكال التلاعب القوية يقوم خلالها المبتز الذي تربطه صلة قوية بالضحية بتهديده، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بالعقاب إذا لم يحصل على ما يرغب، حيث يكون على علم بنقاط ضعف ضحاياه وأدق أسرارهم، وبطريقة أكثر تبسيطاً لتعريف الابتزاز العاطفي هو أن تفعل أمر لا تريد فعله ولكن تفعله للحفاظ على علاقتك بالآخر، وهو الذي هو بدوره يعلم بذلك ولا يهتم لسعادتك بقدر اهتمامه بالحصول على ما يريده.

ومن سلوكيات الابتزاز العاطفي: التهديد وتصعيب الأمور إذا لم تتوافق معه بما في ذلك التهديد بإنهاء علاقته بك، التلميح بأن ما يعاني منه من بؤس نتيجة لعدم موافقتك مع ما يريده، تقديمه وعوداً كبيرة ولكنها لا تتحقق أبداً، وقد يُعتبر الابتزاز العاطفي سلوكا عاديا في العلاقات الإنسانية، فهو يمارس بأشكال كثيرة داخل بيوتنا ووظائفنا ومجتمعاتنا، إلا أنه في حقيقة الأمر جرم من قبل المبتز وإذعان من قبل الضحية، ولكن للأسف لا يعتبره القانون جريمة أو جنحة يحاسب عليها، ومن الأمثلة التي نشاهدها في حياتنا اليومية (أن يقول صديق لصديقه أنه كان يعتمد عليه فخذله وسبب له الألم، أو يقول أذا أردت أن تستمر علاقتنا لا ترافق فلان، أو يقول الزوج لزوجته سأهجرك أن لم تفعلي كذا)، وحتى الكائن الرقيق الرؤم –المرأة- يستطيع ممارسة الابتزاز العاطفي مثل: (أن تقول امرأة لزوجها أو ابنها أنها لن تنام حتى يعود من سهرته، أو إذا كنت تحبني أفعل كذا، أو إذا ما أعطيتني كذا أفضحك عند الأهل، أو تقول لابنها أذا بدك رضاي تزوج فلانة)، ومن الأمثلة التي ينبذها المجتمع وتقع كجرم هو: (الابتزاز العاطفي بين العاشق ومعشوقته -الحب الوهمي- والذي يؤدي إلى أخطاء لا يمكن تداركها لاحقاً)، فرغم أننا قد نتميز بالمهارة والنجاح في مجالات متعددة في حياتنا، إلا أننا قد نشعر بانعدام القوة أمام من يقيدونا بحبنا لهم، فنصبح كالدمى يحركونا حيثما شاءوا.

والأثر العاطفي الذي يتركه الابتزاز العاطفي في مثل هذه الحالات على الضحية أكبر كثيرا من الأثر الذي يمكن أن تتركه مقاومة الضحية للشخص الذي يبتزها عاطفيا، فالضحية تعتبر أن من التضحية أن تمتنع عن ممارسة ما ترغبه لكي لا تضايق من تحبه، فهؤلاء الناس يسيئون أساسا لفكرة التضحية بعجزهم وبخضوعهم للقيود التي يفرضها عليهم أشخاص مقربون لهم، وبدلا من الاستمتاع بحريتهم وتقديم تضحيات حرة ومسئولة، تصبح كلمة التضحية مجرد علاقة يعلقون عليها خوفهم وضعف شخصيتهم، ولذلك يبدأ التحرر من الابتزاز العاطفي من إدراك الإنسان لحقيقة حريته.

وأرجو أن لا يفهم من مقالي هذا أنه محاولة للتحريض على تفكيك العلاقات مع من نحبهم ولكنها دعوة لحصول التوازن بعلاقتنا مع من نحب يكون فيها تبادل العطاء والأخذ، ولتكون حراً لا تسمح لأحد أن يبتزك عاطفياً.

مقال جداً رائع والتوازن في كل امور حياتنا مطلب اساسي ،،،،وعواطفنا شي جميل ورائع نمتلكه ،فلا نسمح لغيرنا بتلاعب به سواء قريب او بعيد .
سلمتي

مقال قيم وثري بالنصائح
جزيل الشكر لكم
وبارك الله فيكم

مقال رائع ذو فوائد جمه
بارك الله فيك

شكراً لك
موضوع جميل
ينم عن المخزون الثقافي لدى كاتبه

شكرا وننتظر المزيد من الابداعات من اخت سلوى