وكأن هذي البيوت والدروب، والعناوين والسماء والأرض والاشجار والشهداء والأسماء والصور القديمة والحكايا وكل ما كان من أمرنا ومن عمرنا، وكل هذه المقابر والعظام المنثورة في التراب، والذكريات.. كأنها جميعاً ليست لنا..
وكأننا خلقنا لندفع الثمن بالدم والدمار والمنفى.. لندفع ثمن كل شيء، الحروب الخاسرة، والمنتصرة، ثمن الكبرياء والذل، العزة والمهانة، البقاء والرحيل، الخوف والجرأة.. نعم كأننا خلقنا لندفع الفاتورة عن الجميع في كل الولائم والعزائم.
وكأننا خلقنا لنبقى الفرجة الافضل لمتابعي الأخبار، والموضوع الاكثر حماساً للمفكرين والمنظرين، والايحاء المغري للشعراء والمغنين ومؤلفي الاوبريهات والملاحم والمسارح والافلام وسخرية الكاريكاتيور الدنماركي والنرويجي وبلاد لايعلمها الا الله تنتظر وتنظر لنا هل نتذكر رسولنا وحبيبنا وننتصر له هل نتذكره، وننسى بعد حين، على موعد مع المجزرة الجديدة.. ليغني الجميع لنا، وليكتب الجميع عنا، وليحمل الجميع شعاراتنا، ولتضرب الطاولات في المقاهي والمطاعم حزنا على دمنا المسفوك ولحمنا المسبي.ونبينا نعم نبينا اه ياحبيبي يارسول الله لسنا ابنائك ياابي, بابي انت وامي يارسول الله ..
وكأننا خلقنا لنكون هكذا..
مرميون للصدفة، وانتظار الساسة ان يفرغوا من اسفارهم واجتماعاتهم وخطبهم، ومواعيدهم وجولاتهم الى أن تطمئنهم المطبقة على رقبة العالم انهم في مأمن، علينا ان ننتظر هذا العالم المتبلد ان يدرك اننا لم نعد نريد الاكرامة كانت لنا , ورسول وحبيب ونبي كان لنا ,و وطنا مسروقا كان لنا، وعمرا مفجوعا كان لنا، واحلاما كانت لنا، واولادا كانوا لنا قبل ان تزرع في احشائهم رصاصات الخيبة.
وكأننا خلقنا لنكون هكذا ..
محكومون بالبقاء على حواف الاشياء والحياة والوطن والبقاء والوجود، وعلى حواف الحقيقة الملساء المغبرة الخادعة.
وكأننا خلقنا لنكون هكذا ..
عالقون في حلق التاريخ والافكار والحلول ومن حولنا الف خيانة وخيانة، وألف مؤامرة ومؤامرة، وامنيات فاشلة سلفا بالسقوط.
أيها الأخوة التاريخ لم يعد يكتبه الاقوياء على مايبدو، بل الاوغاد والمرتزقة ولصوص الحكمة .. التاريخ على مايبدو لم يعد يتسع لأمثالنا من الضالعين في الاسى والكبرياء، التاريخ لم يعد الا فسحة لعبور القتلة دون ادنى اعتراض او استياء، التاريخ لم يعد الا نفقا يفضي الى الفضائح المنسوجة بهدوء لتلبسها البشرية في اعيادها ومناسباتها الرسمية.
أيها الأخوة .. لم يعد امام عبدالقادر الا ان يدفن رأسه في التراب كالنعامة .. وان يحفر لنفسه قبرا يتسع لكل الاحلام المؤجلة.
ايها الاخوة .. لم يعد امامنا الا عبور النفق نحو نهايته المظلمة، وابتلاع الخنجر والمرارة .. والصمت .. نعم الصمت الى ان تنفجر ارواحنا العابقة بالأسى..
ايها الاخوة .. لن تنتهي مخازينا ..ولن تنتهي احقادهم .. انها الحقيقة ..لن ينتصر الحقد علينا ولن يطول الزمان بنا لنستعيد كرامتنا
فلنقاطع ..
فلتقاطع
فلتقاطع ..
فلتقاطع ..
كأني بهم يقولون من معكم ايها الرعاع
كأني بيوم الفيل وابرهة يقول ليس معهم احد ..
وكأني بجد حبيبي رسول الله عبدالمطلب يقول ( للبيت رب يحميه )
رب البيت المعمور معنا ..
كأني بهم يقولون لن تنتصرو ونحن اسياد هذا العصر نحن الحلفاء اينما كنا وانتم الضعفاء
وكأني بيوم الخندق اسمع ربي يقول ..
سينهزم الجمع ويولون الدبر ..
وكاني بيوم احد وابى سفيان يقول اعل هبل
وكأني برسول الله حبيبي يقول
الله اعز واجل ..
وكأني بهم رغم كل العصور واختلاف الازمان يجتمعون على صعيد واحد وعلى قلب رجل واحد في العداوة ضد رسوالله المصطفى المختار محمد الصادق الامين صلى الله عليه وسلم ..
وكأني بحبيبي رسول الله يقول
الله مولنا ولا مولى لهم
عفوك سيدي عفوك حبيبي عفوا رسول الله ..
لك الله ياامة الاسلام
