بسم الله الرحمن الرحيمالحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين سيدنا محمد وعلى آله بيته الطاهرين وصحابته أجمعين .. وبعد :
إن أمراض الأمة الإسلامية في عصرنا هذا قد تعددت وتشبعت وفشت حتى شملت جوانب متعددة من شؤون الدنيا والدين ومما يعجب له ويسغترب أن الأمة لاتزال على قيد الحياة لم تصب منها تلك الأدواء والعلل ـ بحمد الله ـ مقتلا على كثرتها وخطورتها وبعضها كان كفيلا لابادة امم وشعوب ولعل مرد نجاة هذه الى هذا اليوم ـ رغم ضعفها وهرمها ـ هو كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم واستغفار الصالحين من أبنائها ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) سورة الأنفال : 33
ولعل أخطر الأمراض هو ( الإختلاف ) و ( المخالفة ) هذا الداء الذي ضم في دائرته البغيضة النكدة الفكر والعقيدة والتصور والرأي والذوق والتصرف والسلوك والخلق والنمط الحياتي وطرائق التعامل وأساليب الكلام والآمال والأهداف والغايات البعيدة والقريبة حتى خيم شبحه الأسود على نفوس الناس فتلبد الجو بغيوم أوهام أمطرت وابلها على القلوب المجدبة فأنبتت لفيفا من الأقوام المتصارعة المتدابرة وكأن كل مالدى هذه الأمة من أوامر ونواه وتعاليم يحثها على الاختلاف ويرغب بالتدابر والتناحر !! والأمر عكس ذلك تماما فإن الكتاب والسنة ما حرصا على شيء حرصهما على وحدة الأمة ومعالجة ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقة بين المسلمين أو يخدش أخوة المؤمنين ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) ولكن الأسف أن بعض الناس أخلوا كلمة التوحيد وزهدوا بتوحيد الكلمة .
إن المشكلة التي نعانيها هي ضعف فهمنا لمرامي مانعلم وقصور إدراكنا لغاياته ومقاصده لقد اكتسبنا المعرفة وضيعنا خلقها وامتلكنا الوسيلة وضيعنا الهدف والغاية .
إن الاختلاف في وجهات النظر وتقدير الأشياء والحكم عليها أمر فطري طبيعي ذلك أنه من طبيعة الأعمال الذهنية والعملية اقتضاء مهارات ودرات متفاوتة ومتباينة وهذه حكمة الله في خلقه ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين )
ومما يؤسف له أن تحول الاختلاف بوجهات النظر عند مسلمي عصرنا إلى مرض عضال وسم زعاف أدى إلى التآكل والتفتت والتشتت والتدابر والتناحر .
فلماذا يا أمـــة محمد صلى الله عليه وآله وسلم
