صنم القبيلة / د.عائض القرني
*****
أكثركم شاهد مهرجان الشعراء وافتخارهم بقبائلهم وأنهم ذبَّاحة القوم وأنهم يصبِّحون الأعداء بالبارود وأنهم لطّامة الخشوم، والمقصود طبعاً القبائل المجاورة من المسلمين المحرّمة دماؤهم وأموالهم وترويعهم؛ لأن القبيلة لم تقاتل إسرائيل ولا روسيا ولا الصين، وافهموا الرسالة ومعناها: أن قبيلتنا هي أفضل القبائل وأشجعها وأكرمها وأنها كانت قبل توحيد السعودية تهزم القبائل المجاورة وتحتل أراضيها وتنهب إبلها، وافهموا الرسالة: أن القبيلة صاحبة المهرجان لا بد من أن يحسب لها ألف حساب، فهل كانت الحروب هذه في سبيل الله؟ علماً بأن هذه القبائل لم يحضر منها أحد في معركة بدر ولا أحد ولا القادسية ولا اليرموك وإنما المقصود الغارات والنهب والسلب الذي كان قائماً قبل مشروع الوحدة، ويستمر التأجيج والتصعيد والتحريض وته ميش القبائل الأخرى مع سكوت من المسؤولين والعلماء ورجال الإعلام والفكر، وأول النار شرارة كما قال نصر بن سيّار:
أفيقوا أيها الناس وتذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام وتوحيد الكلمة وجمع الصف تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وابتعدوا عن تمزيق البلاد وإضعاف الوحدة وإيغار الصدور وزرع بذور الفرقة والفتنة (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ(، واقترح أن يكون هناك (مزاين للعقول المبدعة) يُكرم فيه الموهوبون والمتميزون في العلم والأدب والعلم والإنتاج والوظيفة وحسن الخُلُق، فتكريم الإنسان أعظم من تكريم الحيوان، وبعض الأمم سافر أبناؤها في المركبات الفضائية يكتشفون الفضاء إلى عطارد والمريخ وما زال بعض شعرائنا يمدح قبيلته بأنها كسرت خشوماً، ولطمت وجوهاً، وأذلّت قوماً، وهزمت آخرين، وفرضت احترامها على القبائل، وكل الناس يهابونها، بينما ثلاثة أرباع القبيلة في الضمان الاجتماعي، والعقل نعمة لكنه لا يرتقي إلا بعلم، وأعوذ بالله من هذه النعرات كيف حقّرت ما عظّم الله، وعظّمت ما حقّر الله، فالله حقّر العصبية الجاهلية والفخر بالأنساب والطعن في الأحساب، وعظمّ سبحانه دينه وكتابه وسنة رسوله ؟ وأخوة الإيمان وجمع الكلمة، فعكس هؤلاء أمر الله بجهلهم واتباعهم أهواءهم (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) .